الفدائيون يكتبون التاريخ في الدوحة ويفرضون التعادل على نسور قرطاج    تاريخ تسريح اللاعبين ل "كان 2025" يتغير.. فيفا يصدر قرارا جديدا يخدم الأندية    "المستشارين" يقر مشروع قانون المالية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    إيطاليا ماريتيما تطلق خطا بحريا مباشرا بين المغرب وإسبانيا    عام 2024 هو الأشد حرارة على الإطلاق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    مجلس المستشارين يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2026    التامني: غلاء أسعار السكن و"النوار" يفرغان الدعم المباشر من أهدافه وعلى الوزارة التدخل    أشادت إسبانيا بالإصلاحات التي قام بها المغرب بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وكذا بالمبادرات الملكية من أجل إفريقيا    المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج يجدد التأكيد على مغربية الصحراء ويرحب بقرار مجلس الأمن 2797    أخنوش وسانشيز يشيدان بالدينامية الإيجابية في التعاون المغربي-الإسباني    العنف النفسي يتصدر حالات العنف المسجلة ضد النساء    شهادة في حق الفنانة خلود البطيوي بمناسبة تكريمها في الدورة 14 للجامعة السينمائية بمكناس    شهادة في حق الأستاذ حفيظ العيساوي الرئيس الأسبق للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب    حميد بناني: شاعر الصورة وفيلسوف الوجود    مفاجآت في ملف "إسكوبار الصحراء"    المحكمة الإدارية بطنجة تؤجّل النظر في ملف عزل رئيس جماعة تزروت بسبب "اختلالات تدبيرية"    المغرب وإسبانيا يطلقان حقبة جديدة من الشراكة الاقتصادية بدعم المشاريع ذات الأولوية    سانشيز يشيد بالروابط القوية مع المغرب    مبادرة "Be Proactive" تعزّز الوقاية من حساسية الأسنان في عيادات المغرب            اعتقال المعارض التونسي أحمد نجيب الشابي    حملة إنسانية لسلطات العرائش لإيواء أشخاص في وضعية الشارع    وزير الخارجية الإسباني يستقبل بوريطة ويؤكد: العلاقات مع المغرب تعيش لحظة تاريخية    مونديال 2026 .. أنظار العالم تتجه صوب واشنطن لمتابعة سحب قرعة مرتقب بشدة    بين الراي والراب الميلودي... Wrapped 2025 يرصد التحولات الموسيقية بالمغرب    المغرب وإسبانيا يُعززان تعاونهما القضائي عبر مذكرة تفاهم جديدة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة        مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    تعزيز التعاون المائي محور مباحثات مغربية–صينية في المؤتمر العالمي التاسع عشر للمياه بمراكش        قافلة نحتافلوا كاملين تحط الرحال ببرشيد    البنك الإفريقي للتنمية يمنح ضمانة 450 مليون أورو لدعم "الاستثمار الأخضر" ل"أو سي بي"    ماكرون قلق بعد سجن صحافي بالجزائر    تقرير يكشف ضغط ترامب على نتنياهو بشأن غزة وسوريا    كورتوا: محظوظ لأن مبابي يلعب معي وليس ضدي    "فيفا" يعلن عن منع الزمالك من التعاقدات لثلاث فترات    "حبيبتي الدولة".. من تكون؟!: في زمن التشظي وغياب اليقين    قرار قضائي يهزّ جامعة الكراطي... والصباري يعيد الاعتبار لجهات الجنوب    "قمة دول الخليج" تشيد بجهود الملك    إصابتان في معسكر "المنتخب الوطني" بقطر..    مشاهير عالميون يطالبون إسرائيل بإطلاق سراح القيادي الفلسطيني البارز مروان البرغوثي    وقفة احتجاجية في المحمدية للتنديد بانتهاك إسرائيل لاتفاق وقف النار بغزة    الصين: مدينة ايوو تسجل رقما قياسيا في حجم التجارة يتجاوز 99 مليار دولار    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    من الكروج إلى داحا.. أربعة عمال تعاقبوا ومحطة الطرقية الجديدة ما تزال مغلقة    الشرفي يلقي خطاب عضوية "أكاديمية المملكة" ويرصد "غزو علمنة المجتمع"    مهرجان مراكش يكرم راوية ويمنحها "النجمة الذهبية" اعترافا بمسار حافل    نصائح صحية: هذه الأغذية تهددك ب"النقرس"!    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفضاء الإنتاجي بالمغرب والبحث عن التوازن
نشر في المساء يوم 27 - 05 - 2009

لا يمكن للفضاء الإنتاجي أن يأخذ صبغة أخرى غير التي يتميز بها قطاعه الإنتاجي. إنه يظهر، أحيانا، كأحد المعوقات الرئيسية الحائلة دون تطور هذا القطاع. فعدم وجود فضاءات مهيأة للإنتاج والحالة المزرية التي وجد عليها مجموع الفضاءات الإنتاجية، يساهمان في رسم صورة سلبية عن سياسة إعداد المجال الصناعي في بلادنا. هل استطاع المغرب الحفاظ على التوازن بين مختلف الجهات؟ الجواب عن هذا السؤال يقودنا إلى دراسة فضاء القطاع الإنتاجي ببلادنا وانتشاره بين المدن والجهات.
يجدر بنا في هذا المجال أن نتطرق إلى الحالة الراهنة للفضاء الإنتاجي، من خلال فكرتين محوريتين؛ الأولى تتعلق بمختلف المتدخلين في مجال إعداد التراب الصناعي، والثانية تهم الخاصيات الرئيسية لفضاءات الإنتاج. ومن أجل تقييم شمولي لما تحقق، سيكون من الأجدر القيام بدراسة تحليلية لوضعية القطاع الحالية. ذلك أن الخصائص الرئيسية للمناطق الصناعية الوطنية في مجملها سلبية وتتخلص في أربعة خصائص رئيسية، وهي: كثرة المتدخلين في قطاع تهيئة المناطق الصناعية وندرة الموارد المالية والاستنزاف التدريجي للوعاء العقاري، وأخيرا عدم ملاءمة البنيات التجهيزية.
في ما يتعلق بتعدد المتدخلين في قطاع تهيئة المناطق الصناعية، نذكّر بأنه حينما تم وضع اللمسات الأخيرة على البرنامج الوطني لتهيئة المناطق الصناعية تم اختيار منعش عقاري وحيد، هو صندوق الإيداع والتدبير، لخبرته الطويلة في مجال العقار والسياحة. وبخصوص الشطر الأول من البرنامج، كلف الصندوق بتهيئة أربع عشرة منطقة صناعية، على مساحة 360 هكتارا وبغلاف مالي يقدر ب26 مليون درهم، خلق سداد مستحقات الدولة للصندوق، وقتها، عجزا ماليا كبيرا حال دون إتمام الشطر الأول. وعليه، تقلص عدد المناطق الصناعية المجهزة من قبل الصندوق إلى سبع. وفي سنة 1986، رسمت السلطات العمومية توجهات جديدة، حيث عادت مهمة تهيئة المناطق الصناعية إلى الجماعات المحلية، واقتصر دور صندوق الإيداع والتدبير على تصريف وبيع هذه المناطق والاستمرار في تهيئة ست عشرة منها. وقد أدى عدم خبرتها إلى تميز تهيئة مناطقها بضعف الجودة وضعف البنيات التحتية وعدم استكمال التجهيزات اللازمة. كذلك الأمر بالنسبة إلى المؤسسات الجهوية للتهيئة والبناء، التي تقع تحت وصاية وزارة السكنى. هناك أيضا هيئات أخرى لها علاقات شبه منعدمة مع التهيئة الصناعية، ومع ذلك، قامت بتهييء فضاءات صناعية، كالمكتب الوطني للمطارات، والوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق.
إن الهدف من استعراضنا مختلف المتدخلين في ميدان التهيئة الصناعية هو التدليل على أن التنوع الشديد للوظائف الأصلية لهؤلاء المتدخلين، والتي قد تكون بعيدة عن مجال التهيئة الصناعية، يؤدي إلى التضحية بقواعد التهيئة الصناعية، لصالح التجربة الخاصة بقطاع كل متدخل، حيث يأتي المتدخلون من قطاعات مختلفة، كالسياحة والعقار والأشغال العمومية أو السكنى، مسلحين بتجربة كبيرة في ميدانهم الأصلي ويجدون أنفسهم أمام قطاع جديد، عليهم الامتثال لقواعده الخاصة.
بالإضافة إلى هذا، يعد نقص الخبرة الكافية وانعدام الموارد المالية، بالنسبة إلى الجماعات المحلية، عائقا بنيويا أمام تطور أية تهيئة صناعية حقيقية. ويظهر هذا من خلال درجة استغلال المناطق الصناعية، حيث البحث الأعمى عن إقامة مناطق صناعية خاصة بالوسط الحضري تتحكم فيها اختيارات المنعشين المحليين، أكثر من الجدوى الاقتصادية.
إن اختيار المدن، التي يجب أن تقوم عليها مناطق صناعية، يجب أن يخضع للشروط التي تتحكم في تدفق الاستثمار في هذه المناطق. وعليه، فإن المدن في المغرب تختلف عن بعضها البعض في القدرة على جذب الاستثمار. من هذا المنطلق، يعتبر تعدد المتدخلين في المجال عائقا مهما أمام تطويره، حيث احترام القواعد المتعلقة بدفتر التحملات يبقى ضعيفا. وأمام ضعف الدولة في خلق هيئة متخصصة في المجال، فإن المخرج بقي بالنسبة إليها هو مسطرة عقود الامتياز، لإنجاز وتسيير المناطق الصناعية.
أما في ما يتعلق بندرة الموارد المالية، فنشير إلى أن تتبع البرنامج الوطني للتهيئة الصناعية يتطلب موارد مالية مهمة. وبما أن المغرب وضع في إطار سياسته الليبرالية العديد من المؤسسات، التي كانت تعمل في القطاع، من أجل الخوصصة، بالإضافة إلى ندرة الموارد المالية للخزينة العامة، والناتجة عن دخول المغرب في مسلسل لتصفية تعريفته الجمركية، من أجل خلق مناطق للتبادل الحر، زد على هذا، خدمة الدين الداخلي والخارجي، والمجهود المالي الذي يصرف على تسيير الإدارات، فإن ما يتبقى للتجهيز والاستثمار ضعيف جدا وهامشي. ومن أجل إيجاد الموارد اللازمة لاستمرار البرنامج، لجأت السلطات العمومية إلى موردين اثنين: التمويل الدولي، وتشجيع المبادرات الخاصة.
أما بالنسبة إلى الاستنزاف التدريجي للرصيد العقاري، فإن اللجوء المستمر إلى الرصيد العقاري للدولة وللجماعات المحلية جعل أمر استنزافه وشيكا. هذا الاستنزاف المنهجي، والذي يضاف إلى تقاعس الدولة والجماعات المحلية عن خلق احتياطيات عقارية جديدة وعنف المضاربة العقارية وكذا تعدد وتعقد الأنظمة العقارية (كيش، حبوس، جماعي، سلالي، عسكري...)، أدى إلى ندرة الأراضي الممكن تخصيصها للتهيئة الصناعية. هذه الوضعية تشجع بعض الصناعيين على اختيار أماكن نشاطهم الصناعي بمحض رغبتهم، دون اللجوء إلى الاستقرار داخل منطقة صناعية مهيأة، مما يخلق الفوضى ويعقد عملية تنظيم المجال الإنتاجي بالأماكن الحضرية. وإذا كان العقار هو المعوق الرئيسي بالنسبة إلى السلطات العمومية، فإن تلاشي البنيات والتجهيزات الخاصة بالمناطق الصناعية يعد معوقا كبيرا أمام استقرار النشاط الإنتاجي، داخل المناطق المجهزة. وباعتبار أن معظم هذه المناطق قامت بشكل عشوائي، فإنها تعاني من نقص واضح في التجهيزات اللازمة للسير العادي للأنشطة الإنتاجية. وهكذا، وبدون احترام لتهيئة عامة وشاملة للمجال ودون اللجوء إلى منعش عقاري متخصص، تبقى هذه المناطق دون الحد الأدنى من التجهيزات اللازمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.