وزارة الداخلية تلتزم باتخاذ جميع التدابير اللازمة من أجل إنجاح الاستحقاقات الانتخابية المقبلة    هيئات سياسية تنتقد تسييج شاطئ الفنيدق وتنبه للوضعية الاقتصادية والاجتماعية المقلقة بالمدينة    تقرير: الدار البيضاء تصعد إلى المرتبة 431 ضمن المدن العالمية.. ومراكش تسجل أدنى تقييم وطني في رأس المال البشري    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    خبراء "نخرجو ليها ديريكت": الخطاب الملكي يعكس الرؤية الملكية الحكيمة    صحيفة صينية: المغرب نفّذ إصلاحات منهجية موجهة نحو المستقبل بقيادة الملك محمد السادس    أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي: المغرب الحليف العريق والشريك "الأساسي" للولايات المتحدة    بوغطاط المغربي | حرب الوعي السيادي.. حرب كل المغاربة (حلقة تمهيدية)    فضيحة أخلاقية تهز جماعة أركمان والناظور بعد تداول فيديو صادم    المغرب يعزز الأمن السيبراني لمواجهة التهديدات الرقمية المتصاعدة    شاطئ ميايمي ببني أنصار يلفظ جثة شاب كان يحاول العبور إلى مليلية    بعد أشهر من الانتظار.. انطلاق أشغال الطريق المنهار بين الحسيمة وتطوان    كأس أمم إفريقيا للاعبين المحليين 2024.. الملاعب الخمسة المحتضنة للمنافسة    سون هيونغ مين يعلن رسميا رحيله عن توتنهام    مجلة أجنبية تشيد بجمال وتنوع المغرب السياحي    بورصة البيضاء .. أقوى ارتفاعات وانخفاضات هذا الأسبوع    جلالة الملك يتوصل ببرقية تهنئة من رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان بمناسبة عيد العرش المجيد    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    الدار البيضاء .. نجوم العيطة يلهبون حماس عشاق الفن الشعبي    النيابة الفرنسية تطالب بمحاكمة أشرف حكيمي بتهمة الاغتصاب        بوريل: قادة الاتحاد الأوروبي متواطئون مع إبادة إسرائيل للفلسطينيين    برعاية الصين.. منظمة دولية للذكاء الاصطناعي قيد الإنشاء في شنغهاي والدعوة مفتوحة للدول الراغبة في الانضمام    وثائق سرية تستعد للخروج إلى النور.. صحراء المغرب في قلب أرشيف إسبانيا    مجلس المنافسة ينهي هيمنة "غلوفو"    مصرع شاب في حادثة سير مميتة ضواحي سطات        المغربي حمزة الناصيري ضمن طاقم حكام مباراة افتتاح "الشان" بين تنزانيا وبوركينا فاسو    اعتقال صانعتي محتوى لنشر مقاطع فيديو خادشة للحياء في مصر    جامعات أمريكا تواجه ضغوطات ترامب    مبابي مدافعا عن حكيمي: أشرف يحترم النساء حتى وهو "سكران"    كيوسك السبت | استثمار إسباني كبير لتحلية المياه والطاقة الريحية بالمغرب    نجم البحر يهدد الشعاب المرجانية في جزر كوك    نيوزيلندا تفرض رسوما على زيارة الأجانب للمواقع السياحية الأكثر شعبية    الوداد ينهزم أمام كوجالي سبور في أولى مبارياته الودية بتركيا    المغرب، بقيادة جلالة الملك، نف ذ إصلاحات منهجية موجهة نحو المستقبل (صحيفة صينية)    سباق الذكاء الاصطناعي يدفع عمالقة التكنولوجيا إلى إنفاق 344 مليار دولار    في رحيل زياد الرّحْباني (1956-2025) سيرةُ الابْن الذي كَسَّر النَّاي .. ومَشَى    نيابة نانتير الفرنسية تطالب بإحالة حكيمي على المحكمة الجنائية بتهمة الاغتصاب    بلجيكا.. اطلاق نار على مراهق في مولنبيك    دراجة نارية مسرعة تصدم شخصين بطريق طنجة البالية وإصابة أحدهما خطيرة    المنتخب المغربي يدخل "الشان" بخبرة البطولات وطموح التتويج    تتناول قضية الصحراء المغربية.. الكاتب الطنجاوي عبد الواحد استيتو يطلق أول رواية هجينة في العالم        المهرجان المتوسطي للناظور يختتم نسخته الحادية عشرة وسط حضور جماهيري غير مسبوق    عبد العلي النكاع فنان مغربي يبدع بإلهام في فن التصوير الفوتوغرافي الضوئي    رشيد الوالي: فيلم «الطابع» تكريم للعمال المغاربة في مناجم فرنسا    دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    رئيس البنك الإفريقي للتنمية: المغرب بقيادة الملك محمد السادس يرسخ مكانته كقوة صاعدة في إفريقيا    الشيخات وجامعة ابن طفيل.. أين يكمن الخلل؟    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    بعد فصيلة "الريف" اكتشاف فصيلة دم جديدة تُسجّل لأول مرة في العالم        ما مدة صلاحية المستحضرات الخاصة بالتجميل؟    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«كاروشي»… حينما يكون الموت خلاصا
نشر في المساء يوم 31 - 03 - 2015

بدأت معالم «بروفايل» آندرياس لوبنتز تتشكل تدريجيا بعد أن عثر المحققون على قرائن تثبت أنه تعمد إسقاط طائرة الركاب الألمانية يوم الثلاثاء 24 مارس 2015؛ فآندرياس، البالغ من العمر 27 عاما، كان يعاني من إرهاق نفسي شديد، وما كان ليطير في ذلك اليوم المشؤوم لو أنه امتثل لنصيحة الطبيب.
صديقة سابقة لمساعد الطيار الألماني المنتحر أبلغت وسائل إعلام ألمانية أن آندرياس أسر لها يوما بأنه سيقوم بعمل «مدو»؛ فهل كان قصده إبلاغ العالم بمرض «الاستنزاف النفسي» الذي يتجاهله الكثيرون، وخاصة أرباب العمل؟ أم إنه كان يخطط فقط لعمل إجرامي صرف؟ أميل إلى الفرضية الأولى، خاصة وأن حالات الانتحار نتيجة لضغط العمل ليست جديدة.
في اليابان حيث السبق في كل شيء، ابتدع الأطباء هناك مصطلحا جديدا يستخدمونه في مثل هذه الحالات: «كاروشي» وترجمته التقريبية «الوفاة نتيجة لضغط العمل»، و»إذا عُرف السبب بطل العجب»، كما يقال. ومعنى هذا أن المسؤولين، سياسيين وأرباب عمل، يعترفون بعلة الوفاة هذه، وبالتالي يعملون على تفاديها أو، على الأقل، التقليل من مخاطرها، شأنها شأن العلل والأمراض الأخرى.
قبل أسبوع، شاهدت برنامجا تلفزيونيا من إنتاج قناة «بي بي سي» عن ظروف العمل داخل مصانع شركة «فوكس كون» الصينية، والمتخصصة في صنع وتركيب أجهزة شركة آبل الأمريكية العملاقة. وأظهر التحقيق، الذي استعان بكاميرات مخفية، كيف يستغل العمال الصينيون استغلالا فظيعا، ليس من حيث تدني الأجور فحسب، وإنما أيضا من حيث ارتفاع ساعات العمل في اليوم والتي تصل في بعض الأحيان إلى 16 ساعة.. عمال مستهلكون، مرهقون ينامون في أماكن عملهم، قاصرون يستغلون استغلالا بشعا لا يقل عن استغلال العبيد في الأزمنة الغابرة. كما التقى معد البرنامج بعد ذلك بذوي ضحايا الشركة المذكورة من الذين وضعوا حدا لحياتهم خلاصا من معاناتهم اليومية.
نفس هذه الحالة عرفتها، كذلك، شركة «فرانس تيلكوم» خلال السنتين الأخيرتين حينما انتحر 5 عمال في غضون أسبوعين. وفي هولندا، سجل المكتب المركزي للإحصاء أكثر من 14 ألف حالة انتحار عام 2008، منها منتحرون لأسباب تتعلق بضغط العمل والخوف من فقدان الوظيفة، خاصة بعد موجة إعادة هيكلة المؤسسات والشركات، استعدادا لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
في المغرب، لا توجد إحصائيات يمكن الاطمئنان إليها حول حوادث الانتحار الناتج عن ظروف العمل، إلا أن هذا لا ينفي أن تكون هناك حالات شبيهة بالتي مر بها آندرياس لوبينتز أو عمال شركة «فوكس كون» في مدينة «شينزن» الصينية أو عمال «فرانس تيليكوم». في إحدى أيام مارس من سنة 2010، كنت أستعد لرحلة العودة من مطار محمد الخامس نحو مطار أمستردام. تأخرت الطائرة لساعات، وحينما «أفرج» عنا وتوجهنا، أخيرا، إلى الطائرة وأخذنا أماكننا، تناهى إلى مسامعنا صوت قائد الطائرة وهو يخبرنا باسمه ويزودنا بمعطيات عن الرحلة. بدا لي صوته غريبا ولم يطمئن قلبي، خاصة وأن صورة ربان مغربي آخر، سبق وأن اكتشفته كاميرات المراقبة في مطار سخيبهول في أمستردام وهو يترنح سكرانا بداية عام 2000، عادت لتشغل بالي. وحينما أقلعت الطائرة واستوت في الجو، توجهت إلى رئيس المضيفين وقدمت إليه نفسي معبرا عن رغبتي في زيارة قمرة القيادة والتعرف على الربان ومساعده. قال لي: هل تريد أن تسلم على «الحاج»؟ أوضح لي رئيس المضيفين أن الأطفال فقط هم من يسمح لهم بمشاهدة قمرة القيادة، ومع ذلك سمح لي بالسلام على «الحاج» ومساعده، ثم خرجت لأواصل الحديث معه في الممر. كان «سكرانا» تماما. استفسرته عن السبب وما إذا كان سكره يؤثر على أدائه المهني، وإلى اليوم ما أزال أتذكر جوابه: «أشرب حتى أنسى»، ثم راح يشرح لي ظروف العمل والضغط الذي يتعرض له مع زملائه، موضحا أن قائد الطائرة «الحاج» لم يجد متنفسا من الوقت للراحة من رحلة أخرى.. كان عليه أن يعوض زميلا له تأخرت طائرته في لندن. سألته: هل تبلغون شكاواكم إلى المسؤولين؟ نعم، أجابني قبل أن يضيف: ولكن «على من تقرأ زبورك يا داوود»!
أندرياس قاتل وضحية، فهل يصل «دوي» فعلته إلى من يهمه الأمر؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.