رئيس الحكومة يترأس اجتماعا للجنة الوطنية لمتابعة ملف التقاعد    ولد الرشيد يستقبل الرئيس السابق لجنوب إفريقيا وزعيم حزب "أومكونتو وي سيزوي" جاكوب زوما    رئيس الفيفا ينعي بأسى وفاة أسطورة الكرة المغربية الراحل أحمد فرس    فيلدا: لبؤات الأطلس عازمات على حسم بطاقة التأهل إلى نصف نهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات                    تعزية ملكية في وفاة عبد الله أزماني    حصيلة دامية في السويداء: 500 قتيل    بلاوي: "دقة المرحلة" في المغرب تستدعي رفع نجاعة النيابات العامة    مجلس الحكومة يمرر مشاريع قوانين    لطيفة رأفت تحضر المحاكمة .. وشاهد يكشف رقص الناصري ليلة الطلاق    الاتحاد الإفريقي يشيد بمساهمة المغرب في تكوين ملاحظي الانتخابات في إفريقيا    الشغف الموسيقي يصدح من كورنيش ابي رقراق    محمد رضا يطلق "كشكول شعبي" يحتفي بالتراث بروح عصرية مدعومة بالذكاء الاصطناعي    طنجة.. توقيف رجل تنكّر في هيئة امرأة لمحاولة إصدار بطاقة هوية وتسجيل رضيع    توري باتشيكو...حين تحولت حادثة معزولة الى وقود حرب لليمين المتطرف على المهاجرين وبيدروسانشيز    مؤسسة الرعاية الاجتماعية مركز الأمل الجديدة تحتفي بتلاميذها المتفوقين    افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية    السلطات السويسرية تدعو مواطنيها إلى أخذ الحيطة من الكلاب الضالة في المغرب    مؤسسة وسيط المملكة تلقت أزيد من 13 ألف شكاية وتظلم وطلب تسوية ومبادرة تلقائية خلال سنتي 2022 و2023    وداعا أحمد فرس    تدشين توسعة مصنع «ستيلانتيس» بالقنيطرة    القضاء الفرنسي يأمر بالإفراج عن اللبناني جورج عبدالله بعد 40 عاما في السجن    الجيش الفرنسي يغادر السنغال مُنهيا وجوده الدائم في غرب إفريقيا    الأهلي يتعاقد مع اللاعب المغربي أيوب عمراوي ل 3 مواسم    بيلينغهام يغيب حوالي ثلاثة أشهر عن ريال مدريد بعد جراحة ناجحة في الكتف    النفط يستعيد توازنه بدعم من انتعاش الاقتصاد الأمريكي        رئيس الحكومة وسؤال السنة المرجعية وصدقية الحصيلة الاقتصادية والاجتماعية (12)    موقع "الأول" يتوج بجائزة الصحافة البرلمانية لسنة 2025    بورصة الدار البيضاء تغلق على وقع الارتفاع    إقليم زاكورة يستعد لاحتضان الدورة ال4 للملتقى السنوي للجالية المغربية بالخارج    الرجاء يحصّن عرينه بخالد أكبيري علوي    تزنيت تحتضن ندوة وطنية حول المجوهرات المغربية: تثمين التراث ومواكبة تحديات التحديث والتسويق الدولي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    المغرب، بقيادة جلالة الملك، يؤكد مكانته كقوة اقتصادية صاعدة (رئيس البنك الإفريقي للتنمية)    وفاة صالح الباشا تحزن الأوساط الفنية    رئيس سوريا يكشف عن وساطات أوقفت ضربات إسرائيل على بلاده    دراسة تكشف أكبر فجوات الأجور في تسع دول غربية متقدمة    من حضن جدّته إلى قميص ميسي .. لامين يامال يبدأ رحلته الذهبية مع برشلونة    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    لفضحها الإبادة.. منظمة مغربية تدعم ترشيح ألبانيز لجائزة نوبل للسلام    مسؤول فلسطيني يشيد بالدعم الدائم للمغرب بقيادة جلالة الملك للقضية الفلسطينية    وفاة أربعيني غرقاً بشاطئ غير محروس نواحي الحسيمة    بينما تحتفل الجزائر بالتوقيع .. آسيان تشيد بحكمة جلالة الملك    تهنئة : سكينة القريشي تحصل على شهادة الدكتوراه في الإقتصاد والتدبير بميزة مشرف جدا    ماذا لو كان للشعب قادة؟؟؟    غزلان الشباك ضمن فريق دور المجموعات في "كان" السيدات المغرب 2024    المساعدات الدولية للبلدان الفقيرة في مجال الصحة قد تسجل أدنى مستوياتها منذ 15 عاما    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المسيرة السوداء».. هكذا طردت الجزائر 350 ألف مغربي ردا على المسيرة الخضراء
«النكبة» كما يرويها الضحايا: طردوا حفاة عراة، وزج بهم في السجون وفرق الأزواج عن الزوجات
نشر في المساء يوم 12 - 02 - 2016

مرت ما يقرب من 40 سنة تقريبا على الحدث، لكن التفاصيل المرعبة ل»النكبة» لا زالت عالقة في أذهان ما يقرب من 350 ألف مغربي. أغلبهم لا يستطيع التغلب عن دموعه وهو يبدأ في سرد ما حدث له إبان «الهزة». عدد منهم لم يتمكن حتى من جمع زاده استعدادا للرحيل القسري، وجزء من الضحايا ترك أمواله وتجارته وفلاحته وممتلكاته، والآن يحلم بالعودة لاسترجاع ما تم تأميمه من قبل السلطات الجزائرية، في غيابه. والبعض ودع الأبناء والزوجة لأن السلطات قررت فصل الأبناء والزوجات عن الآباء والأزواج المغاربة في فترة «حمق سياسي» حاول فيه الرئيس الجزائري الراحل الهواري بومدين، ووزير خارجيته آنذاك الرئيس الحالي للجزائر عبد العزيز بوتفليقة، أن يخلقا «فتنة» اجتماعية للنظام المغربي عبر ترحيل هذا العدد الكبير من المغاربة. في الحدود الشرقية، تصرفت السلطات المغربية ب»نضج» أكبر، حيث نصبت المئات من الخيام في الحدود وهي تستقبل كل هذه الأفواج البشرية التي رحلت على حين غرة، قبل أن يقرر الملك الراحل الحسن الثاني توزيع الأسر على جل جهات المغرب، وتكلفت السلطات المحلية بتوظيف الآلاف منهم في السلالم الدنيا في مختلف أسلاك الوظيفة العمومية، كما منحت لعدد من الأسر السكن الوظيفي للتغلب على خطر التشرد. لم تندلع في المغرب أي انتفاضة اجتماعية بسبب ترحيل ما يقرب من 45 ألف أسرة من الجزائر، في إطار ما أصبح الضحايا يسمونه ب»المسيرة الكحلة»، ومرت عشرات السنين على «النكبة»، قبل أن تظهر في المغرب جمعيات تطالب بإعادة فتح ملف القضية، ومن أبرزها جمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر، حيث طرقت أبواب مكاتب الفرق البرلمانية، ودخلت المقرات المركزية للأحزاب السياسية الأساسية، ووجهت مراسلات إلى هيئة الأمم المتحدة، ونظمت حتى وقفات احتجاجية أمام السفارة الجزائرية في المغرب. وتطالب هذه الجمعيات بفتح تحقيق دولي في قضية الترحيل التعسفي من الجزائر، كما تطالب بجبر الأضرار التي خلفتها «المسيرة السوداء» في صفوف الضحايا، وتتحدث عن شكوك تحوم حول وجود مقبرة جماعية دفن فيها العشرات من المغاربة الذين توفوا إبان «النكبة» في ظروف لا زالت غامضة. وفي الجانب الرسمي، لم تعبر الدبلوماسية المغربية عن أي حزم في التعامل مع هذه القضية، بحيث ظلت مقاربتها للملف لا تتحدث سوى «لغة الخشب»، كما يقول نشطاء مهتمون بالملف.
بوعيدة: القضية مشروعة والمشكل سياسي أكثر مما هو إداري
في محاولة لإعادة إحياء القضية تحت قبة البرلمان، وبينما كان محمد يتيم، أحد أبرز قيادات حزب العدالة والتنمية وذراعه النقابي، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، يترأس الجلسة، تدخل البرلماني أحمد جنفي باسم فريق حزب الاستقلال يوم 12 يناير الجاري، ليطرح سؤالا حول الإجراءات التي قامت بها حكومة بنكيران في هذا السياق، وتدخلت امباركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية، حيث أكدت دون مواربة بأن هذا الموضوع سياسي أكثر مما هو إداري. وأقرت مع ذلك، بأن المشكل يمس فئة كبيرة من المغاربة، وقالت إنه لا داعي للتذكير بالظروف السياسية لتلك المرحلة، قبل أن تضيف بأن الحل ينبغي أن يكون ثنائيا بين المغرب والجزائر. وأوردت بأن هذا الملف يعتبر من بين نقط الخلاف بين البلدين الجارين، وبأنه تم خلق لجنة مشتركة للنظر في القضية، لكن المثير أن الوزيرة بوعيدة صرحت بأن هذه اللجنةلم يسبق لها أن عقدت أي اجتماع. وفي المغرب، بحسب الوزيرة، فإن السلطات تشتغل على واجهتين، الواجهة الأولى هي حماية حقوق هذه الفئة، وإدماجهم في المجتمع، عن طريق توفير السكن اللائق وفرص الشغل، وتوفير ظروف عيش ملائمة، أما النقطة الثانية التي تشتغل عليها الحكومة بشكل كبير، حسب تصريح الوزيرة، فهي لها ارتباط بما هو دولي، بحيث أوردت بأن الحكومة تدافع عن حقوق هذه الفئة في هيئة الأمم المتحدة، وفي المجلس الدولي لحقوق الإنسان. وفي هذا الصدد، تطرقت إلى مبادرات قام بها المغرب لإخراج توصيات حول الملف. النائب البرلماني الاستقلالي، وهو يعقب على دفوعات الوزيرة، قال إن الملف لا ينبغي السكوت عنه، مطالبا بفتح حوار بهدف واحد هو جبر ضرر الضحايا، وفي حال امتناع الجزائر، اقترح البرلماني الاستقلالي اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وانتقد سياسة الحكومة في هذا المجال، بالرغم من أن الحق يوجد إلى جانب المغرب، وإلى جانب الضحايا، وتحدث عن مشكل تأميم عقارات المغاربة في الجزائر، وهي عقارات محفظة، وذلك إلى جانب المنقولات، في إشارة إلى قانون مالية صدر في الجزائر سنة 2010، ونص على التشطيب على جميع أملاك المغاربة وتأميمها. الوزيرة لم تعقب على هذه الانتقادات، ومرت الجلسة المفتوحة التي بثت على الهواء مباشرة إلى أسئلة أخرى، وتم طي ملف الضحايا في البرلمان من جديد إلى أجل لاحق، في وقت أثارت تصريحات الوزيرة بوعيدة انتقادات شديدة اللهجة من قبل فعاليات جمعوية مهتمة بالملف، وقال حميد عاطي الله، أحد النشطاء البارزين في جمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر، إن تصريح الوزيرة كان «مستفزا» ويمس بمشاعر هذه الفئة.
هل يحرك وزير العدل المغربي شكاية للضحايا ضد الرئيس الجزائري؟
في أرشيف وزارة العدل، توجد شكاية ظلت مجمدة تحمل رقم 3399 ومسجلة من قبل جمعية للضحايا ضد عدد من المسؤولين الجزائريين المتورطين في قضية الترحيل التعسفي للمغاربة، وفي المرتبة الثالثة من المشتكى بهم، يظهر اسم عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الحالي للجزائر، ووزير خارجيتها في عهد «النكبة»، وتضمنت اللائحة أيضا اسم وزير الداخلية آنذاك، ووزير العدل، وعدد من الوزراء في تلك المرحلة، وإلى جانبهم الرئيس الأسبق للجزائر، الشادلي بنجديد والذي كان حينها يشغل منصب قائد المنطقة العسكرية لولاية الغرب. وطلبت الشكاية من وزير العدل فتح تحقيق بشأن اعتقال المغاربة القاطنين في الجزائر والزج بهم في المعتقلات وفي السجون في سنة 1975 لمدة تصل إلى شهر كامل قبل أن تلقي بهم إلى الحدود المغربية، حفاة عراة، ونتجت عن هذه العملية، يقول المشتكون، تعذيب وتنكيل، وحالات اغتصاب وسلب للأموال والممتلكات وتشتيت للعائلات، وقالوا إن ذلك يعتبر جريمة في حق الإنسانية. لم تتحرك وزارة العدل، ولم تفتح أي تحقيق، ولم تباشر أي إجراء للرد على المشتكين، وإخبارهم بأنه تم حفظ الملف، أو إقباره، أو بأن المسطرة تم تحريكها. الملف سياسي أكثر مما هو إداري، تقول الوزيرة بوعيدة تحت قبة البرلمان.
نجوم في وسط الضحايا
فتيحة السعيدي: صوت الضحايا في البرلمان البلجيكي
اشتهرت البرلمانية البلجيكية فتيحة السعيدي بكونها مغربية مهاجرة ناجحة، من أصل ريفي، لكن الكثير من المتتبعين لا يعرفون بأنها من ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر. كانت ستركب الشاحنة، وستجتاز «عبور الصحراء» كما اجتازه آلاف المغاربة الذين رحلوا، لكن الصدفة لعبت لفائدتها، فقد كانت حينها في بلجيكا رفقة والدها. كان عمرها أثناء النكبة لا يتجاوز 14 سنة. ظلت فتيحة السعيدي التي تتحدر من منطقة بني سعيد بنواحي إقليم الناظور تدافع عن قضايا المظلومين والمهمشين في كل بقاع الدنيا في البرلمان البلجيكي، لكنها لم تتعرف عن المحنة إلا في سنة 2007، وهي السنة التي التقى فيها والدها مع جمعويين مهتمين بالقضية. عندما تذكر والدها النكبة وكيف رحلت جدتها وجدها كالأكباش، في أيام العيد، دون سابق إشعار، بدأ الأب، دون أن يستطيع التغلب على أحاسيسه، يذرف الدموع بحرقة، أحست البرلمانية السعيدي بالصدمة، ومنذ تلك الفترة قررت أن تفتح ملفا للقضية في مكتبها، وأن تخدم القضية، وفاء لأسرتها، ولوالدها الذي فقد ممتلكاته، ولجميع الضحايا.
المختار الإدريس: الضحية خبير في وكالة للاتصالات ب«بلاد العام سام»
كان هو وأسرته من سكان مدينة مستغانم، المجاورة لمدينة وهران، وكان عمره لا يتجاوز 18 سنة. شمله قرار الترحيل القسري حينها، لكنه واصل دراسته في مدينة وجدة، قبل أن يقرر السفر في اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية. وفي «بلاد العام سام»، تابع التحصيل والاجتهاد، وهو الآن يشتغل مديرا عاما لوكالة كبيرة للاتصال، تتعاون مع عدد من كبرى القنوات التلفزية، ك»السي إن إن»، و»فوكس نيوز».
محمد الشرفاوي: مطرود في الوكالة الدولية للطاقة النووية
كان محمد الشرفاوي، حينها يدرس الفيزياء في جامعة الجزائر العاصمة، كان كل طموحه هو أن يصبح عالما من علماء الفيزياء، وتم من تحقيق حلمه دون أن تثبط «النكبة» من عزيمته. المصادر قالت إن الشرفاوي كان لحظة «المأساة» يحمل حقيبتين من الكتب، وبعد التحقيق معه من قبل الشرطة والدرك، اقترحوا عليه أن يبقى في الجزائر ليواصل دراسته، لكنه رفض هو ووالده، وفضل أن يحشر مع بقية أفراد الأسرة في اتجاه المغرب. واجه صعوبات كبيرة بعد الترحيل، لأن الجامعات المغربية كانت حينها تفتقر إلى تخصصه، ما دفعه إلى مواصلة المعركة من أجل متابعة دراسته في الخارج. توجه نحو فرنسا، وحصل على دكتوراه في الفيزياء، حاليا يشتغل أستاذا جامعيا، ويحمل صفة خبير لدى الوكالة الدولية للطاقة النووية.
قائمة بلعوشي: صحفية المطرودين في القناة الأولى
الكثير من المتتبعين يعرفون أن قائمة بلعوشي صحفية تعمل في القناة العمومية الأولى في قطاع الرياضة، لكن جل المتتبعين يجهلون بأن هذه الصحفية التي تعتبر من أولى النساء اللواتي اقتحمن عالم صحافة الرياضة والتي ظلت حكرا على الذكور إلى وقت قريب، تنتمي إلى أسرة المطرودين من الجزائر. كان عمرها أثناء «النكبة» لا يتجاوز 11 سنة، تعرضت لمعاناة شديدة لا زالت تعاني من تبعاتها، حد أنها منعت من ولوج المرحاض، حسب ما يحكي أحد المتتبعين للملف. هجرت رفقة أسرتها من نواحي مدينة وهران، وعاشت ذكرى «المخيم» في منطقة وجدة، قبل أن تعمل على تجاوز ألم الفاجعة بالتحصيل والتدريس وتمكنت من أن تصنع لنفسها اسما معروفا في عالم الإعلام الرياضي.
هل ستتدخل الأمم المتحدة لفتح تحقيق في شأن مقبرة جماعية للمغاربة ?
في رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، مؤرخة ب18 دجنبر 2008، طالبت جمعية الدفاع عن المرحلين تعسفيا من الجزائر، بالتدخل لحماية أممية لمقابر جماعية لمغاربة الجزائر. وقالت الجمعية إنها سبق لها أن راسلت الأمم المتحدة بشأن المطالبة بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في شأن «جريمة» ارتكبت «في حق الإنسانية»، واتهمت مسؤولين جزائريين بالوقوف وراءها، بينما المغاربة هم من ضحاياها، وتطرقت إلى وجود مقابر جماعية توجد فوق التراب الجزائري، و»بالضبط في مكان يسمى «السبخة»، قرب مدينة وهران. وأوضحت بأن هذا المكان هو عبارة عن مستنقع لضحايا مغاربة وفرنسيين وإسبان وإيطاليين، ارتكبت في حقهم مذابح سنة 1962 بالنسبة للفرنسيين والإسبان والإيطاليين طيلة سنوات 1963 و1965 و1968 و1975 بالنسبة للمغاربة. ودعت إلى تدخل أممي لتشكيل لجنة دولية لحقوق الإنسان، وجعل منطقة «السبخة» تحت الحماية الدولية «مخافة أن تعمد السلطات الجزائرية إلى القيام بعملية طمس لمعالم الجريمة»، قبل أن تضيف بأن كل تقصير في اتخاذ الإجراءات المطلوبة يعتبر تقصيرا من الأمم المتحدة واستهانة بأرواح الضحايا تتحمل المنظمة كامل المسؤولية عما ينتج عنه. لكن الأمم المتحدة لم تتدخل، ولم تفتح أي تحقيق، ولم تقم بأي إجراء لمعرفة ما إذا كان الأمر يتعلق باتهامات لها جانب من الصحة، أم أن الأمر يتعلق بادعاءات، بالرغم من أن ثقل الملف يستدعي فتح تحقيق.
المرحلون يواجهون شبح الطرد من «السكن الوظيفي» وسوء الأوضاع الاجتماعية
في وثيقة موجهة إلى عدد من المؤسسات ذات الاهتمام بحقوق الإنسان (وزارة العدل، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وزارة الخارجية…)، دعا المرحلون قسرا من الجزائر إلى اتخاذ التدابير الضرورية لحماية حقوق الضحايا، وذلك بتسهيل إعادة إدماج هذه الفئة من خلال تحسين وضعيتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وطالبوا السلطات بإدراج قضيتهم ضمن الأولويات الوطنية، مذكرين باقتران هذا الترحيل التعسفي بملف وحدتنا الترابية حيث أرادت السلطات الجزائرية في حينه الضغط على الحكومة المغربية عقب نجاح المسيرة الخضراء المظفرة في استرجاع الأقاليم الجنوبية، مما دفع النظام الجزائري إلى تنظيم «مسيرة سوداء» استعمل فيها أساليب غير قانونية وغير إنسانية في التهجير القسري محاولة منها إرباك المغرب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. ويتمسك الضحايا بحقهم في استرجاع ممتلكاتهم التي سلبتها منهم السلطات الجزائرية وتعويض الضحايا عن أجورهم ومعاشاتهم التي انقطعت، وعن الأضرار، المادية والمعنوية، التي لحقتهم وذويهم جراء هذا «التهجير» الذي يتنافى مع القوانين والاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة، فضلاً عن تنافيه مع أبسط حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دولياً، يورد الضحايا. مؤكدين على أنهم يطالبون في السياق ذاته باعتذار علني رسمي للجزائر، وفي انتظار ذلك، فإن الضحايا يطالبون بالتدخل لدى السلطات المحلية والمصالح الخارجية للوزارات، لاتخاذ ما يلزم من تدابير لتجنب طرد الضحايا من سكنيات وضعت رهن إشارتهم مباشرة بعد ترحيلهم، وذكرت المصادر بأن بعض الضحايا واجهوا خطر الضياع والتشرد بسبب بعض من هذه الإجراءات «التعسفية» التي تزيد من معاناة هذه الفئة.
الهرواشي: قررنا رفع دعوى قضائية ضد السلطات المغربية لتذكيرها بالدور الذي كان عليها أن تقوم به
– تخلدون هذه السنة الذكرى الأربعين للترحيل التسعفي لعشرات الآلاف من المغاربة من الجزائر. ماذا عن ملابسات هذا الترحيل؟
ملابسات الترحيل كانت لها عدة أسباب. فإن كان أغلبية المراقبين يردونها إلى تنظيم المغرب للمسيرة الخضراء اعتبارا لتوقيتها مع انطلاق المسيرة، فإن النظام الجزائري كان «يبيتها» منذ سنين عديدة. فمباشرة بعد استقلال الجزائر سنة 1962 أطلق النظام حملة دعائية ضد المغرب سيما وأن المغرب كان يطالب حكام الجزائر الجدد بتسوية ملف الحدود وإرجاع الأقاليم التي اقتطعتها فرنسا من المغرب وألحقتها بالجزائر. ومن أجل التملص من تعهداتهم، أقدموا على مهاجمة المغرب وتقديمه للشعب الجزائري كعدو يتربص بالثورة الفتية ساردين محاربة سلطان المغرب للأمير عبد القادر متناسين محاربة المغرب والمغاربة للاستعمار الفرنسي، وتنازل المغرب عن حقوقه التاريخية واسترجاع أقاليمه الشرقية من يد فرنسا معولا على إخوة الكفاح والدم. فكان أن وجدوا في إثارة المشاكل مع المغرب حلا لمشاكلهم الداخلية. وفي هذا الإطار، نذكر مثلا حرب 1963 التي سميت بحرب الرمال. هذه الحرب لم تكن بسبب أن المغرب أراد استرجاع أقاليمه الشرقية بالسلاح بعد أن عجز عن استردادها بالمفاوضات كما يتوهم كثير من المحللين ومنهم بعض المغاربة للأسف، في حين أن الأمر يتعلق بصراع داخلي جزائري محض. فبعد أن استولت ما سمي بمجموعة وجدة عن الحكم وقع انشقاق في صفوف الثوار بسبب استيلاء بومدين على مقاليد الحكم مستعينا بضباط الجيش الذين كانوا في الجيش الفرنسي والتحقوا بالثورة في أواخر حربها مع المستعمر، حيث عقدوا حلفا مع هواري بومدين في مواجهة المجاهدين الحقيقيين منهم محمد بوضياف والحسين أيت احمد والحسين لحول ولخضر بورقعة وعدد كبير من رجال القبائل. استحواذ بومدين وجماعته على السلطة دفعت الحسين أيت احمد وجماعته إلى تأسيس حزب جبهة القوى الاشتراكية سنة 1963. فكان رد فعل بن بلة وبومدين هو تصفية المعارضة. هذه المعارضة كانت تملك السلاح بدورها والشعب الجزائري انحاز إلى الحزب الجديد لأن مؤسسيه هم من الرجال المشهود لهم بالإخلاص لمبادئ الثورة المقدسة ولا يوجد في صفوفها ضباط الاستعمار أو ضباط فرنسا. وكانت الجزائر مقبلة على حرب أهلية تأتي على الأخضر واليابس. فما كان من بومدين وبن بلة إلا اختراع عدو خارجي يتربص بالجزائر الثورة. وانطلت الحيلة على أصحاب الحزب الجديد ووضعوا يدهم في يدي خصومهم وحاربوا إلى جانبهم وفشل مشروعهم. من هنا كانت بداية التفكير في التخلص من المغاربة وكان ذالك على فترات 1963و1965و1968 و1975 حيث كانت الحلقة الأخيرة في سلسلة تهجير المغاربة، حقا إنها أتت مباشرة بعد المسيرة الخضراء، إنما كانت عملية مدروسة ومخطط لها من قبل.
– قررتم في وقت سابق نقل القضية إلى هيئة الأمم المتحدة للمطالبة بفتح تحقيق في هذه القضية. ماذا كانت النتيجة؟
النتيجة التي وصلنا إليها هي أن العالم الحقوقي أصبح اليوم على علم ودراية بمأساة المغاربة المرحلين من الجزائر، فمراسلتنا للأمين العام للأمم المتحدة في 7 مارس 2007 لم تكون بدون جدوى، وما التوصيات التي صدرت عن لجنة حماية حقوق العمال المهاجرين التابعة للمجلس الأممي لحقوق الإنسان وتقديم توصية للبرلمان البلجيكي وإدانة البرلمان الأوربي لكل أشكال الترحيل التعسفي في العالم إلا ثمرة للعمل الجاد الذي قامت به الجمعية، أضف إلى ذلك التشطيب على اسم عبد العزيز بوتفليقة من لائحة المرشحين لنيل جائزة نوبل للسلام سنة 2008 بعد أن راسلنا اللجنة المانحة للجائزة وأطلعناها على مسار السيد عبد العزيز بوتفليقة في مجال حقوق الإنسان. كل هذا إنجاز لم يكن يحلم به أي حالم. فقبل تأسيسنا للجمعية في يوليوز 2005 لم يكن أحد تصور أن جزائر الثورة وجزائر مغرب الشعوب ارتكبت جريمة لم يسبق لها أحد في التاريخ سواء القديم أو المعاصر.
– مع ذلك، فقد اعتبرت وسائل إعلام جزائرية أن الجمعية التي تترأسونها تخدم أجندة السلطات المغربية، وبأن تحركاتها ترمي إلى تشويه صورة الجزائر. بماذا تردون؟
وسائل الإعلام الجزائرية اعتادت على تزييف الحقائق إلا أنها فشلت في لعب الأدوار المسنودة لها لسبب بسيط هو أنها لم ولن تتمكن من خداع الشعب الجزائري، فكيف لها أن تقنع جزائريا فقد أمه لأنها مغربية، وتقنع جزائرية فقدت أولادها وزوجها لأنهم مغاربة وأن البوليس انتزع ابنها من يديها وتركها مذهولة مما وقع. الإعلام الجزائري أطلق علينا عدة ألقاب وأوصاف. وشخصيا تشرفني تلك الألقاب من نظام حاقد وظالم.
– لكن لماذا تحركاتكم لم تأت بأي نتيجة، ولم تقنع الجهات الرسمية بأهمية دعم ومساندة قضية المطرودين والاهتمام بأوضاعهم في المغرب؟
الدوام يثقب الرخام كما يقولون. تحركاتنا أتت بقليل من النتائج والشيء أحسن من لا شيء، ولكننا اليوم نتلمس المستقبل بفضل استمرارنا في نضالنا واتكالنا على إمكانياتنا الذاتية. والمهم في هذا أن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان أصبحت تتبنى ملفنا بشكل رسمي وعلني، وهذا ما يفتح أبوابا عديدة في وجه قضيتنا.كما أن عدة مؤسسات أصبحت تنظر إلينا بعين التقدير والاحترام. وأعضاء المكتب الوطني يشتغلون بدون كلل ولا ملل سواء كنت أنا في الناظور أو كان الإخوة في الرباط مثل حميد العاطي الله والأستاذ الحافظ بن رشيد والأستاذ علال مهنين والمهندس الحاج الخياطي والآنسة أمينة تنوري. س: هددتم أيضا باللجوء إلى رفع دعوى قضائية ضد السلطات المغربية. ما دخل المغرب في محنة عاشها الضحايا في الجزائر؟
ج: رفع دعوى قضائية ضد السلطات المغربية هو إجراء شكلي قصد إثارة انتباهها وتذكيرها بالدور الذي كان عليها أن تقوم بها ولم تفعل لعدة أسباب. فنحن لسنا ضد المغرب ولا حتى الجزائر. فالجزائر أمنا والمغرب أبونا فتقديم دعوى لدى المحكمة الإدارية أو حتى الدستورية لا يعني أننا ضد وطننا. فقد أوانا وأطعمنا وأسكننا وأمننا في حين تنكرت لنا من ساهمنا في نيل حريتها وبناء اقتصادها وإثراء ثقافتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.