ثقة المغاربة في المؤسسات تنهار: 87% غير راضين عن الحكومة و89% عن البرلمان    المغرب والصين يوقعان على مذكرة تفاهم لإرساء آلية للحوار الاستراتيجي بين الخارجيتين    وزارة التربية الوطنية تمنح أكثر من 250 تفرغا نقابيا استفادت منها زوجات مسؤولين    عجز ميزانية المغرب يقفز إلى 59.8 مليار درهم في نهاية غشت 2025    وزارة التربية الوطنية تدعو أساتذة الريادة إلى دورات تكوينية استدراكية عقب تأخر الحركات الانتقالية    جمعيات نسائية مغربية تنفي مشاركتها في منتدى الصويرة وتؤكد رفضها لكل أشكال التطبيع        ثماني تنظيمات نسائية حزبية تتحد لإصلاح النظام الانتخابي وتعزيز مشاركة النساء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    كانت متوجهة إلى طنجة.. إحباط تهريب 22 سيارة فاخرة بميناء الجزيرة الخضراء    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية        ملف الصحراء.. دي ميستورا يجري مباحثات مع روسيا حول تطورات القضية    حركة ضمير تدعو إلى الشفافية وتدين الحملات الإعلامية الأجنبية ضد مؤسسات الدولة    بعثة نهضة بركان تشد الرحال صوب الطوغو لملاقاة أسكو دي كارا في عصبة الأبطال    رسميا.. المنتخب المغربي يواجه الفراعنة وديا استعدادا لكأس العرب    المغرب والصين يطلقان شراكة استراتيجية لإنشاء أكبر مجمع صناعي للألمنيوم الأخضر في إفريقيا    الحكومة تصادق على قانون "يستبق" إفلاس الأبناك والمؤسسات المالية    شركة عالمية أخرى تعتزم إلغاء 680 منصب شغل بجنوب إفريقيا    ظهور جزيرة جديدة بفعل ذوبان نهر جليدي في ألاسكا    غرفة جرائم الأموال بفاس تفصل في ملف "البرنامج الاستعجالي" الذي كلّف الدولة 44 مليار درهم    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية    المغرب يرسخ حضوره البحري بمشاركته في أعرق المناورات الدولية "يونيتاس 2025"...    السجن المؤبد لزوج قتل زوجته بالزيت المغلي بطنجة        الفيفا تفتح تحقيقا بشأن إشراك فريق جنوب إفريقيا للاعب موقوف في تصفيات المونديال    تمرين مشترك بين القوات المسلحة الملكية والحرس الوطني الأمريكي لمواجهة الكوارث    فرنسا تجمد التعاون مع مالي في مجال مكافحة الإرهاب وتطرد دبلوماسيين    دوري الأبطال.. برشلونة يهزم نيوكاسل ومانشستر سيتي يتجاوز نابولي        أسعار النفط دون تغير يذكر وسط مخاوف بشأن الطلب    سطاد المغربي يعين الصحافي الرياضي جلول التويجر ناطقا رسميا    الدّوخة في قمة الدّوحة !    زلزال بقوة 7.8 درجات يضرب شبه جزيرة كامتشاتكا شرقي روسيا    حديث البقالي يفتح ملف الجامعات المغربية وتصنيفها العالمي    إشهار الفيتو الأمريكي للمرة السادسة خلال عامين ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة يزيد عزلة واشنطن وإسرائيل دوليًا    "لا موسيقى للإبادة".. 400 فنان عالمي يقاطعون إسرائيل ثقافيا    الجزائر تهتز بهروب "ناصر الجن" وحلقة جديدة في صراع الأجنحة داخل الجيش و المخابرات.            الحضري يتوقع نهائي المغرب ومصر    المغرب في المهرجانات العالمية    تدشينات ملكية تؤجل لقاء وزير الداخلية بقادة الأحزاب الممثلة في البرلمان    أزولاي: الدينامية الثقافية في المغرب تجسد غناه وقدرته على الانفتاح على العالمية    شيرين وحسام حبيب يقضيان عطلة في "ماربيا"    الفنان مولود موملال: جمالية الغناء الأمازيغي وفاعليته التوعوية    إسرائيل تجمد تمويل مكافآتها السينمائية الرئيسية بسبب فيلم «مؤيد للفلسطينيين»    فيلم «مورا يشكاد» لخالد الزايري يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان وزان    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الكشف عن لوحة جديدة لبيكاسو في باريس    350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن رواية «متاع الأبكم» لمحمد غرناط
نشر في المساء يوم 12 - 03 - 2008

يواصل القاص والروائي المغربي محمد غرناط مسيرته السردية انطلاقا من أول مؤلفه القصصي المعنون ب«سفر في أودية ملغومة»، مرورا ب«الصابة والجراد» و«داء الذئب» إلى رواية «متاع الأبكم» (الصادرة عن دار الأمان بالرباط ) والتي يسعى من خلالها الكاتب إلى أن يلج عالم الرواية المتعدد الصوغ والحكي. ويغلب ظني، أن محمد غرناط حافظ في هذا المؤلف، على نفس نثريته السردية المفتوحة بأكثر من إحالة على اليومي وتشعباته الممتدة من القرية المغربية الباذخة بشفويتها ودهاليز لغتها المقعرة إلى المدينة كمجتمع إسمنتي ومسالك ضياع وسقف غير واق.
تحكي رواية «متاع الأبكم» عن فصل من حياة مروان الذي يشتغل ضمن شركة تأمين بالدار البيضاء، لكن راتبه لايحيط بمتطلبات العيش رفقة زوجته، فأجل الكثير من الأحلام، مراهنا على قطعة أرض كإرث عن أمه. وهو ما دفعه إلى العودة لبلدته الأصل (العامرية في الرواية). في البلدة سيقضي فترة من الزمن صحبة أقربائه وأصدقائه بين ذاكرة المكان وتمظهره الراهن، يطالب فيها بأرضه المعرضة لسطو الخال الذي ساومه بمقابل مالي ؛ لكن مروان رفض ذلك وعاد إلى مدينة الدار البيضاء دون أرض. هناك سيتخلى عن زوجته (الخائنة) ويتيه طاويا على ذاته وخيبته. تقول الرواية في ص 8: «تنهد وانقبض ملتصقا بطنه بفخذيه كما لو أن بردا عاتيا هب عليه، فدنت منه وهمست في أذنه:
لا تقلق، ستبيع الأرض بدون صعوبة، ومن ثمنها تسدد كل الديون وتشتري شقة وتصير حياتنا أجمل».
تقدم رواية «متاع الأبكم» لوحات مشهدية بين مدينتين، مدينة الدار البيضاء مقر العمل ومدينته الأصل، لوحات متعلقة بمروان كشخصية إشكالية لها حمولتها النفسية والاجتماعية المبنية على أنقاض اليومي انطلاقا من إكراهات العمل بمعيشه، والأحلام المؤجلة، وكذا فصل الإرث العالق. وبقدر ما يعلن مروان عن قيمة أرديته عبر سارد بمثابة ظل له، تتمظهر حالات ومظاهر اجتماعية، مليئة بالمفارقات الجزئية والتي هي جماع امتداد بشري، تبدو ملامحه واضحة في مرايا ذات تائهة بين اليومي المكتظ والحنين لخلاءات العامرية (مسقط الرأس).
تم بناء حكاية هذه الرواية بشكل خطي، اعتمادا على تصعيد في حبكتها (عقدة الأرض الصغيرة)، فبرزت لحظات مفصلية تشكل عماد هذا الأثر السردي (لحظة الدار البيضاء، لحظة الحافلة، لحظة العامرية)، كل لحظة مشحونة بالواقعي -أو الإيهام به- والإ ستيهامات، فكان الحلم بمثابة وقود هذه الحكاية، فامتلاك الأرض (الإرث) بإمكانه تغيير واقع وآفاق أسرة (شراء شقة وزرع أولاد). وهي لحظات متعالقة، ممتلئة بدفء الشخوص وحفريات المكان .
ولعل الذي يمكن أن يستوقف القارئ في هذا الأثر، هو الاقتصار في هذه الرواية على أسرة واحدة وعلائقها، بل أكثر من ذلك تبئير شخصية واحدة، وعبر طلقاتها الداخلية وتحركاتها المظهرية نستطيع التعرف على شخوص وأمكنة مغلقة بلغة باشلار كخزانات نفسية مشحونة إلى حد الانفجار (حجرة السكن، الحافلة، فضاءات ضيقة...). ولعل هذا ما جعل الرواية قريبة في نفسها السردي من القصة القصيرة حيث التكثيف والمشهد واللقطة..ولا غرو في ذلك لأن الكاتب محمد غرناط كتب القصة ويكتبها متمرسا بها ومعها.
عودة للأبكم، وهو الشخصية المركزية في هذا العمل الروائي، أبكم لأنه لا يتأفف ..حتى يشك الناس في آدميته، وكبر صامتا، حائرا، متسائلا... تقول رواية «متاع الأبكم» في ص 46: «كنت لا تتكلم يا مروان ،صامت ،عابس، بملامح شاردة طوال الوقت. وقد بقيت خلال سنواتك الأربع الأولى شبه أبكم...». ويغلب ظني، أنها سيرة حياة تفيض عن حدود الحكاية، لتحيل على أمكنة غاصة بلا صوت، تنمو كتفاصيل على هامش التاريخ. ومن جهة أخرى، فهذا الأبكم يقترب في صفته من خاصية الكاتب الأصيل الذي لا يتكلم إلا بالكتابة وفيها، لأن الكاتب دائما يقيم في جانب ما من سرده. وعليه يبدو القاص محمد غرناط مختفيا وراء شخصية مروان كقناع، فحضر السير ذاتي متعالقا بالرواية دون تدخل فج في سير الحكاية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.