أستشعر كل يوم من مروري الخاص بالصحافة الإيفوارية، وكأن مباراة الكوت ديفوار والمغرب في منظور الإعلاميين الإيفواريين موجهة نحو أقوى المعارك المحمولة بالسلاح، فلا هم هدأوا من الصاعقة ولا هم سكتوا عن سطوة الأسود ولا هم تعقلوا بالعودة التحليلية لمنتخب بلادهم كيف سقط وأضاع نقاط الرعب قبل أن يوضع اليوم في خندق المواجهة العنيفة، وما أجده إخباريا وتحليليا ينبع من النفسية التي يشعر بها الإيفواريون لإمتصاص الغضب إما بالتصريحات وإما بالتحليلات الجانبية، وإما برصد الحدث فقط من وجهته الحاسمة، فقط شدتني واحدة من الصحف الإيفوارية عندما توصلت إلى نقطة هامة للدفع بمنتخبها الوطني في مباراة الخلاص ألا وهي التحكم في الجانب النفسي للاعبين الذين افتقدوا ذلك في المباريات الأخيرة، دونما التهليل بالمقارنات الخاصة بين اللاعبين والنفخ فيهم من قبيل تسمية جيرفينيو بميسي، وجوناتان كودجيا بالهداف دروغبا، كما عزت هذه الصحيفة أن أفضل طريقة لفوز الفيلة على الأسود هي تغيير طريقة اللعب في إشارة واضحة إلى انتقاد الناخب الإفواري فيلموت الذي لم يقدم للكوت ديفوار أي جديد طيلة الأشهر الستة دون أن يحصل ولو على فوز داخل الميدان، وهذه المعطيات الجديدة التي صاحبت الرعب الكلامي للصحف، إنما هي نابعة من الضغط الرهيب الذي يعيشه حتى الإعلام الإيفواري في كتاباته مع شحن اللاعبين بالإفراط الذي قد يشكل في المنحى الواقعي رعشة كبرى للدوليين وبخاصة في المنحنى التقني الذي وضعهم أمام الغابون طيلة نصف ساعة الأولى في مقصلة الخسارة بهدفين، ما يعني أن الكوت ديفوار إذا تلقى الضغط داخل الرقعة وسجل عليه بضعف الأهداف يتنازل كليا، وأعتقد أن درس الغابون عندما سجل هدفين في الجولة الأولى بالكوت ديفوار عن الجولة الرابعة قدم الفيلة تحت وطأة العذاب وصعوبة استرداد الأهداف وحتى النصر، وهذا هو عيب الفيلة أصلا لأنهم يعتمدون على الفرديات أكثر من أسلوب الجماعة، ويعتمدون على الإضافة الدولية لنجومه، ولو تأتى لهم العودة كما هو الحال لعودة وبلفريد زاها إلى التباري الأنجليزي وكودجيا وجيرفينيو وسالمون كالو يؤكدون أن الشخصية الإيفوارية ستتغير هجوميا، وفي هذا المعطى يتبين أن الناخب فيلموت سيقرأ تفاصيل الفوز من هذا الجانب الهجومي إذا اصطفت أسماؤه في اللائحة موازاة مع خط الوسط الذي يقودة سيري دي وكيسي ودومبيا سيدو وآخرون، ما يعني أن ويلموت المتعاقد مع الجامعة الإيفوارية من أجل التأهل إلى مونديال 2018 وكأس إفريقيا 2019، وتهييئ منتخب جديد، مطالب في مباراة المغرب أن يكون أولا يكون كناخب للفيلة قياسا مع أحلام الكوت ديفوار بانتزاع ورقة العبور والأحلام التي ينتظرها الشعب كرابع مشاركة تاريخية. وما يهمنا بالدرجة الأولى، أن ما يحضره الإيفواريون لهذه الملحمة هو بمثابة معركة شرسة أولا في الإستفزاز الإعلامي والحرب النفسية المعتادة دائما في صحف الدنيا، ولكن أمر ذلك يختلف مع طبيعة هذه المباراة التي ننتظرها نحن المغاربة بلون آخر لا يمكن أن يعتاد عليه المغاربة في المشاهدة مثلما كان الحال في مباراة الغابون، أي أن ظروف اللعب بإفريقيا وبخاصة في مباراة فاصلة يجب أن يقرأها رونار على درجة عالية من التخصص المناخي ولو أنه أصلا محيط بالكرة الإيفوارية ويعرف كيف كان يفوز مع الكوت ديفوار وهو اليوم خصمهم اللذوذ، وأيضا التخصص الإستراتيجي لكل لاعب إيفواري من الدفاع حتى الهجوم وكيفية تعامل الجمهور مع منتخبهم، وأوراق أخرى ربما يراها رونار على درجة من القوة لدى الإيفواريين لأنه سبق وأن صرح في البدايات الأولى أن الكوت ديفوار أفضل من المغرب في المهارة والقيمة الأوروبية والنضج التكتيكي، وقد يختلف الأمر اليوم لكون المنتخب المغربي أصبح معه عادلا في ميزان المقاربات، وأكثر هذه الأمور ستكون مع الناخب رونار لأنه كما قلت في أكثر من مرة أن المونديال بيده كأكبر حلم في أرشيفه الفارغ، وسيكون أكبر خاسر لو خسر المعركة قياسا مع الرعونة والصيحات التي أبداها في مباراة الغابون، وهي من وضعته اليوم أمام 90 دقيقة لتحقيق حلمه وحلم شعب كامل ظل لعشرين سنة ينتظر هذا الإعجاز . ولذلك فرونار يلعب على ثلاث واجهات شخصية، أولها تحقيق رغبة الشعب المغربي، وثانيها إسقاط شخصية إيفوارية بالقراءة الجدية ، وثالثها وصوله الشخصي إلى المونديال ، ولذلك أقول أن ملاعبة الكوت ديفوار بأرضهم يجب أن تكون بقدر من الإحاطة الإستراتيجية للعب الصارم دون السقوط في مشاكل الإنذارات والطرد ، والتحضير الذهني والنفسي للدوليين ، ومطاردة غول الفرص المتاحة قدر الإمكان، ومصاقرة جبهات الوسط والأطراف التي يعبر منها عادة جيرفينيو والمدافع سيرج أوريير وسالمون كالو وأسماء آخرون حسب المرتكزات، وأعتقد أن النزال بصولته العاتية يضع الأسود في معبر الرجال الهلاميين ولا اخاف من المعركة مطلقا لأاني أحلم مثلكم أننا «غا نجيبوها» إن شاء الله.