عرض أمني مهيب بالجديدة احتفالاً بالذكرى 69 لتأسيس المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    اعتقال مقاتل "داعشي" مطلوب للمغرب في اسبانيا    المغرب يتصدر السياحة الإفريقية في 2024: قصة نجاح مستمرة وجذب عالمي متزايد    المغرب يعلن إعادة فتح سفارته في سوريا    الأمن الوطني وتحوّل العلاقة مع المواطن: من عين عليه إلى عين له    بالتفاصيل.. اتساع دائرة المتورطين في بيع شهادات الماستر بأكادير    إعلان قمة بغداد يشيد بدور الملك    المالكي يدعو لتقييم الوضع السياسي    وهبي يؤكد جاهزية "أشبال الأطلس" لخوض نهائي كأس إفريقيا في مصر    أمين بنهاشم مدربا رسميا للوداد استعدادا لكأس العالم للأندية    منعوت يغيب عن لقاء بركان وسيمبا    ريال مدريد يتعاقد مع المدافع هويسن    الهيئة العليا للاتصال تنذر "ميد راديو"    أوجار مخاطبا أخنوش: المغاربة وضعوا ثقتهم فيكم.. وما تقومون به يدعو للفخر    تنسيق إسباني مغربي يطيح ب"داعشي"    السينما المغربية تراكم الإشادة الدولية    نقاط بيع جديدة للسمك تُعزز تنظيم النشاط التجاري بميناء الحسيمة    إشبيلية الإسباني يعلن مواجهة فريق مغربي في مباراة ودية    شركة "نيسان" تعتزم غلق مصانع بالمكسيك واليابان    طنجة تحتضن أول ملتقى وطني للهيئات المهنية لدعم المقاولات الصغرى بالمغرب    بسبب الأوضاع المتوترة.. وزارة الخارجية توجه نداء للجالية المغربية المتواجدة بليبيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    توقيف ثلاثة أشخاص متورطين في ترويج الكوكايين والسرقات بإمزورن    شاب يضع حدًا لحياته شنقًا ب "طنجة البالية"    جلالة الملك يدعو إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية بالضفة الغربية وقطاع غزة والعودة إلى طاولة المفاوضات    "استئنافية طنجة" تؤيد إدانة رئيس جماعة تازروت في قضية اقتحام وتوقيف شعيرة دينية    مزبار: المثقف الحقيقي هو من يُعلم الفكر النقدي ويتحمل مخاطرة المواجهة الفكرية    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    مجموعة مدارس إحسان بالجديدة تنظم مهرجانا ثقافيا تحت شعار: ''تراث الأجداد بيد الأحفاد'    فيلم بين الجرأة والاعتبارات الأخلاقية يعرض بمشرع بلقصيري    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    جلالة الملك يهنئ عاهلي النرويج بمناسبة العيد الوطني    الناخبون البرتغاليون يدلون بأصواتهم غدا لانتخاب ممثليهم بالجمعية الوطنية    عباس في قمة بغداد: ندعو إلى إلزام حماس بتسليم السلاح للسلطة    الأميرة للا حسناء تترأس حفل افتتاح الدورة ال28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة    وكالات روسية: بوتين يستضيف أول قمة روسية عربية في أكتوبر المقبل    إفران تعتمد على الذكاء الاصطناعي للوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها    الفيفا تكشف توقعاتها لمداخيل كأس العالم 2030.. إيرادات غير مسبوقة    محمد صلاح مهاجم ليفربول يحدد موعد اعتزاله    مغرب الحضارة: أولائك لعنهم الله لأنهم سرطان خبيث الدولة تبني وهم يخربون.. ويخونون    "السينتينليون".. قبيلة معزولة تواجه خطر الانقراض بسبب تطفل الغرباء    المغرب أثبت قدرته على مواجهة التحديات الأمنية وترسيخ الأمن والاستقرار (رئيس الإنتربول)    ورشة تكوينية حول التحول الرقمي والتوقيع الإلكتروني بكلية العرائش    سميرة فرجي تنثر أزهار شعرها في رحاب جامعة محمد الأول بوجدة    افتتاح المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي عند الدخول الجامعي 2025-2026    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    معاناة المعشرين الأفارقة في ميناء طنجة المتوسطي من سياسة الجمارك المغربية وتحديات العبور…    الزيارة لكنوز العرب زائرة 2من3    الدرهم يرتفع بنسبة 0,4 في الماي ة مقابل اليورو خلال الفترة من 08 إلى 14 ماي(بنك المغرب)    منظمة: حصيلة الحصبة ثقيلة.. وعفيف: المغرب يخرج من الحالة الوبائية    أبرز تعديلات النظام الأساسي ل"الباطرونا"    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    دراسة: الاحترار المناخي يهدد أوروبا بانتشار وبائي لحمى الضنك وشيكونغونيا    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموقع الجيواستراتيجي للمغرب إقليميا ودوليا

هل تحسن وضع المغرب الجيواستراتيجي اليوم بالمقارنة مع الأمس القريب؟ هل وضعية المغرب الحالية إقليميا ودوليا تمنحه خيارات أكثر للتعامل في قضايا عدة، وخاصة القضية الوطنية؟ هل يمكن تلمس توجهات جديدة في سياستنا الخارجية؟
على المستوى الإقليمي نكاد نجزم بأن الوضع في المنطقة الجيوسياسية التي يتموقع فيها المغرب تتسم بقدر كبير من الهشاشة بحكم متغيرات الربيع العربي وبحكم إكراهات وتحولات داخلية وخارجية بالنسبة لأقطار المنطقة. فعلى حدودنا الشرقية توجد دولة هشة على الأقل راهنيا، وخصوصا على المستوى السياسي. دولة يحكمها ظاهريا رئيس ميّت أو شبه ميت أو يحتضر لا ندري بالضبط، وفي المشهد توجد طبقة سياسية صورية لا تملك من أمرها شيئا ونخبة عسكرية في حيص بيص بعد أن عجزت عن تدبير مرحلة مرض الرئيس وإيجاد الخلف المناسب. صحيح أن للجزائريين ثوابت تجاه المغرب تقوم صراحة على العداء مهما كانت المستجدات، غير أن فشل المخاض الذي تعيشه الجزائر اليوم على مستوى أعلى منصب في البلاد شيء يهم المغرب لأنه قد يسفر عن متغيرات لا نعرف شكلها وحدودها. وفي القطر الليبي تزداد الأوضاع الهشاشة أكثر مع تفاقم خلافات الفرقاء. حاول المغرب بتعاون مع أطراف دولية ومع الأمم المتحدة مباشرة الملف الليبي والحصول على دور ما في حل المسألة الليبية، وهو ما أفضى إلى اتفاق الصخيرات، وفي الأثناء كانت أطراف إقليمية أخرى تسعى بما أوتيت من قوة لسحب البساط من تحت أقدام المغرب وإبعاده عن التأثير في مسارات حل الأزمة هناك. انبرت الجزائر ومصر لمحاولة وأد اتفاق الصخيرات وإعادة فتح مسار آخر بين الأطراف الليبية، وبينما انساقت العديد من الأطراف الليبية مع توجهات الجزائر ومصر، فإن جهات ليبية عدة لا تزال تؤمن باتفاق الصخيرات وبدور المغرب في حل الأزمة الليبية ولما لا إطلاق نسخة جديدة من مفاوضات الصخيرات. في القطر التونسي لا شيء ينبأ بأن الأمور تجري بسلاسة، وأن قطار الديمقراطية قد وضع على سكته النهائية ليشق طريقه وفق مبتغى التونسيين، أو أن البلاد قد تجاوزت عثرات البداية ومخاضات الربيع التونسي. نعم هناك حكومة منتخبة، غير أن الأمور قابلة للرجوع إلى نقطة الصفر في أي لحظة، خاصة مع التشتت الحزبي وتنامي المطالب الفئوية وعجز الحكومات المتوالية عن السيطرة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. أما في الجارة الجنوبية، فإن الأوضاع ليست بأفضل حال من الأقطار الأخرى. هناك غليان اليوم في البلاد جراء رغبة الرئيس ولد عبد العزيز في إجراء تعديل في الدستور بشكل يخوله ضمان ولاية رئاسية جديدة، الشي الذي لا يسمح به الدستور الحالي. وحتى إذا تمكن ولد عبد العزيز من الحصول على مبتغاه بتعديل الدستور، فإن وضعه لن يكون كما كان بحكم الرفض الواسع لأي تعديل في الدستور الموريتاني من طرف معظم الأحزاب الموريتانية.
هذه الأوضاع التي يتسم به المحيط الإقليمي تعطي للمغرب متنفسا وخيارات متعددة، وهو الإشارات التي التقطها جلالة الملك بفتحه لمسارات مختلفة في تحركات الديبلوماسية المغربية. وتجسد ذلك في التحركات التي قام بها جلالته في عدة قارات، وهي تحركات لم تأت صدفة، ونحسب أن لها حسابات دقيقة وغايات محددة. ففي إفريقيا كانت الجزائر وجنوب إفريقيا قد فرضتا في واقع الأمر طوقا حقيقا على المغرب وقطعت الكثير من حبال الود مع العديد من الدول الإفريقية، وفتحت مجالا كبيرا لسوء الفهم بين المغرب وحكومات تلك البلدان، الأمر الذي تم استغلاله ضد بلادنا وضد قضيتها الأولى. كما أن الأطراف المعادية للمغرب في إفريقيا قد بدأت في توظيف منظمة الوحدة الإفريقية ضد قضيتنا الوطنية، وسعت للحصول من الأمم المتحدة على دور في تسوية قضية الصحراء، الشيء الذي تفطن له المغرب وقرر على عجل العودة إلى المنظمة الإفريقية للدفاع عن حقوقه من داخل بنيات المنظمة وقطع الطريق على المتربصين الذين باتوا يوظفون مواقف المنظمة الإفريقية للطعن في مصداقية المملكة ومكانتها الدولية.
وفي الجانب الاقتصادي بدرجة أولى والسياسي بدرجة ثانية، استشعر المغرب في علاقته بدول الاتحاد الأوربي طبيعة اللعبة التي أصبحت تلعبها الدول الأوربية مع المغرب والقائمة على المزايدة بين العلاقات الاقتصادية والموقف السياسي من قضية الصحراء. هذا الخلط المتعمد الذي ساهمت في إذكائه أطراف غير أوربية من بينها دعايات الجزائر وصنيعتها في أوربا سواء في البرلمان الأوربي أو لدى الأحزاب الأوربية اليسارية أو في صفوف الجمعيات الحقوقية والمنظمات المدنية الأوربية. المغرب أدرك أخيرا بأن الرهان على شريك اقتصادي أساسي ووحيد هو الاتحاد الأوربي هو رهان خاسر، وهو الأمر الذي تطلب من المغرب البحث عن شركاء آخرين حتى ولو كانوا في أقصى شرق آسيا، وهو ما يفسر الزيارات التي قام بها جلالة الملك إلى الهند والصين، فضلا عن الشركات الاقتصادية مع بلدان إفريقية، وهو ما سيجنب بلادنا المخاطر التي يمكن أن يسفر عنها الاعتماد الكلي على الشريك الأوربي، ومن شأنه التقليل من تبعات المزايدات الأوربية على بلادنا.
وفي المحيط العربي، وإذا كانت بلادنا تنتهج مسلكا حسنا وصائبا في تقوية علاقات اقتصادية وشراكات حقيقة مع دول الخليح العربي، فضلا عن التعاون في المواقف السياسية وفي النواحي العسكرية، فإن سياسة بلادنا أصبحت تنحو منحى الحذر في التعامل مع مشاكل المنطقة العربية بحكم تداعياتها على جبهات أخرى، ولا سيما العلاقة مع القوى الدولية الفاعلة ومع شركاء إقليميين في الشرق الأوسط والخليج العربي. فبينما كان المغرب سباقا بتنسيق مع الخليجيين ومع الأوربيين والأمريكيين لتأسيس جبهة أصدقاء سوريا كهيكل لدعم الثورة السورية واحتضن إحدى اجتماعاتها، فإننا نرى كيف أنه كان فطنا للغاية ونفض يده من الموضوع السوري مثلما فعلت القوى الدولية التي أسست ذلك الهيكل، واتجهت بلادنا نحو اللوذ بالصمت إزاء ما يحدث في سوريا. فلم تبد بلادنا فيما بعد موقفا لصالح الثورة السورية رغم الدعم الخليجي لها، مثلما لم تعد تبد أي موقف من النظام السوري، كما أحجمت عن اتخاذ أي موقف من التدخل العسكري الروسي في سوريا. لقد حرص المغرب على الحفاظ على علاقات ودية مع روسيا وهذا ما يفسر موقفه من تطورات الملف السوري. وروسيا هي دولة أساسية في العالم، فضلا عن كونها داعم قوي للنظام الجزائري ما يتطلب من المغرب ضرورة التقرب إلى الدب الروسي وبناء علاقات مستقرة معها، وهذا ما قام به جلالة الملك من خلال زيارته لروسيا وتوقيع اتفاقيات اقتصادية وعسكرية. هذه العلاقات الجيدة ستفوت على الجزائر توظيف المواقف الروسية في الأمم المتحدة ضد المغرب. وفي الأثناء لا نعرف طبيعة العلاقات والاتصالات التي أجراها المغرب مع الإدارة الجمهورية الجديدة في الولايات المتحدة، وهي خطوة ضرورية لتلافي تدخل أي طرف ثالث في العلاقة مع أمريكا، والحرص على الأقل على ضمان توازن في موقف الإدارة الجديدة من المغرب والجزائر.
نستطيع القول بأن مبادرات جلالة الملك قد حركت الكثير من المياه الراكدة في بحيرة السياسة الخارجية للمغرب، ويمكن القول بأن عملا جبارا وغير مسبوق قد تم إنجازه من خلال زيارات ماراطونية للعديد من البلدان حول العالم. هذا المسارات الجديدة التي فتحها الملك تعطي لبلادنا خيارات متعددة في علاقاته الخارجية، وتترك له المزيد من الوقت للتصرف في العديد من القضايا، كما تمنحه جرعة من الانتعاشة الوقتية على الأقل في مواجهة ما يعتمل على حدود بلادنا من تحولات متسارعة. إن هذه النجاحات الديبلوماسية التي يراقبها الخصوم هي العامل الأساسي المفسر للسعار الذي أصاب أعداء الوحدة الترابية لبلادنا من خلال قيادة تحرشات ميدانية وهجومات ديبلوماسية مضادة على الكثير من الجبهات. ولعل المناعة التي أصبح يتمتع بها المغرب وتقوية موقفه الدولي وعلاقاته الثنائية وعدم التعويل على دعم ومساندة دول بعينها، هو ما أهّل المغرب للنجاح في التعامل مع السعار الذي حدث مؤخرا، والذي تقف خلفه بشكل أكيد نفس الأطراف التي تعاكس المغرب في مختلف المحافل الجهوية والدولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.