نعتذر، نطلب الصفح والغفران، بكل وسيلة نعتذر. نعتذر لأننا نقض مضاجعكم، ونؤرق لياليكم، ونضيف على كاهلكم ثقلا جديدا، لستم في حاجة إليه أصلا، مع كل تلك المعارك التي تخوضنها في سبيل استعبادنا، فمن أين سيأتيكم الوقت لوافد جديد في قوافل الحرية. نعتذر لأنكم مضطرون لتسرقوا منا مالا إضافيا، لتستطيعوا تغطية مصاريف "البراح" و "النباح"، ولتبقوا صوت الاستعباد والتبعية أعلى من صوت الحرية والانعتاق. نعتذر لأنكم أغبياء جدا، بلداء جداً، تكررون نفس أساليبكم في كل مرة، وتعيدون نفس الكسالى والفاشلين إلى حلبة الصراع، فالفاشلون يستنزفون أموالكم التي هي أموالنا، دون أن تجنوا من ورائهم شيئا ينفعكم، ولا شيء ينفعكم. نشكركم لأنكم أغبياء جداً، تحاربون نسيم الحرية بنعيق الغربان، وتحاولون إخراس صوتنا بهرجكم ومرجكم، وضجيج محتاليكم المحتالين عليكم قبل غيركم. نعتذر لأنكم أغبياء، تنفقون أموالكم على أغبياء مثلكم، أنفقوها، ثم تكون حسرة عليكم، ثم تغلبون. تضخون ملاييركم التي هي ملاييرنا في بوق "براح" يسمع نعيقه في أسبوع أقل ممن يستنشقون نسيم حريتنا في يوم، تلك إذن قسمة ضيزى، تلك حتما تجارة خاسرة. وفروا أموالكم وغباءكم من أجل غباء آخر، أو من أجل معركة أخرى، فنحن ما اخترنا السير في هذا السبيل إلا حين عرفنا أن أشواككم مزروعة فيه، وخضناه لننزع بعضا منها بأقدامنا الحافية، فداء لوطن نحبه، وشعب نؤمن به، أنتم به كافرون. شكرًا لأنكم أغبياء، أنتم وخدامكم أغبياء، توقظون بغبائكم شعبا من غفوته، وتفتحون عينيه على بشاعتكم المقززة، وأنفه على روائح فسادكم العفنة، وأذنيه على صدى الحرية الموعودة، ومخيلته على موعد قصاص يراه رأي العين أو يكاد. إن موعدكم الصبح، أليس الصبح بقريب؟ لم تهزوا فينا شعرة واحدة، ولن تهزوا، واصلوا غباءكم، وموتوا بغيظكم. نعتذر حقاً على الإزعاج، ونعدكم بأن نستمر في إزعاجكم، فما هاته إلا البداية، فاستمروا في غبائكم، وواصلوا اجترار مراراتكم. نحن موعد للناس مع الحرية، أما أنتم، فنحن موعدكم مع الأرق والقلق، لنذكركم في كل يوم، كم أنتم أغبياء. أدري بأن الرسالة وصلتكم، وسيصلكم المزيد، قريبا.