تحوّلت حياة “عمر زهري”، البالغ من العمر 58 سنة، إلى جحيم، ومعاناة ثم الموت، عندمَا قرر قضاء إجازته في المغرب، قادمًا إليه من بريطانيا، حيث يعيش رفقة عائلته الصغيرة، ويعمل، إذ استطاعت قطة ضالة، مُصابة بداء “السُّعار” أنّ تتسبب في وفاته في بريطانيا بعد عودته إليها، ووفاة طفل آخر في المغرب. وبسبب القطة الضالة قادت شرطة منطقة “ستوك ماندفيل” في بريطانيا، وهيأة المحققين تحقيقات واسعة لكشف أصل الداء، الذي أدى إلى وفاة “عمر زهري” وشمل التحقيق أطباء، وممرضين. ووصل “اليوم24” في معرض هذا البحث إلى خلاصات تحقيق أجراه فريق البحث، المكلف من طرف الشرطة في بريطانيا، وذلك وفقًا لما نشرته الصحيفة البريطانية “ميترو”، إذ كشفت أنّ القطة المسعورة في شوارع إحدى مدن المغرب (التحقيق لم يُحدد في أيّ مدينة مغربية حصلت الواقعة)، تسببت في إصابة عدد من الأشخاص، وخلصَ تحقيق الشرطة إلى أنّ القطة المذكورة مصابة ب”داء السُّعار”، أو “داء الكلب الجَهْل”. وتُشير المعطيات ذاتها إلى أنّ “عمر زهري”، الذي أصيب في المغرب، فور عودته إلى بريطانيا شعر بحكة كثيفة على مستوى إصبعه، وعالجَ الأطباء عضة القطة، باستخدام “كريم مضاد للحكة”، ونتيجة لذلك، ومع مرور حوالي شهرين من المرض، تُوفي عمر. وتُفيد خلاصة التحقيق، الذي أجرته الشرطة البريطانية، أنه في شهر أكتوبر من العام الماضي، بدأت تظهر على “عمر زهري” أعراض داء ” السُّعار”، مما يُبين أنّ الفيروس قد دخل إلى نظامه العصبي المركزي، إذ أنهى ذلك مصيره. سوء التشخيص البريطاني ذهب عمر، قيد حياته، في 28 من أكتوبر عام 2018 إلى مستشفى ستوك ماندفيل، ويقول التحقيق، إنه حضر في أوقات خارج العمل، أو ما يُطلق عليها ببريطانيا ،” out-of-hours GP servic” واشتكى من الألم، والحكة في إصبعه، لكنه طُمأنَ إلى أنّ أعراضه لم تكن بسبب داء الكلب، ونُصحَ بتجربة كريم مضاد للحكة، حسبما أفاد به عدد من الأطباء، والممرضين، الذين أُجريَ معهم التحقيق أمام محكمة أوكسفوردشاير كورونرز، كمَا عرفت لجنة التحقيق أن مصيره كان معروفًا بحلول الوقت، الذي بدأ فيه العلاج (بشكل خاطئ نظرًا إلى عدم دقة التشخيص). ووفقًا لنفس التقرير، فإن عمر أجرى اتصالا بعد يومين من زيارته المستشفى بطبيبه للإبلاغ عن ألم “يشع” ذراعه من اللقمة الموجودة في إصبعه، والتي تلتئم تمامًا ثم أخبر طبيبه عن ارتعاش العضلات بشكل عشوائي. وحضر “زهري” إلى مستشفى “ستوك ماندفيل” مرة أخرى في 31 أكتوبر، حيث كشفَ عنه طبيب آخر، وقال هذا الأخير لفريق المحققين: “لقد بدا عمر مرتبكًا وغير قادر على الإجابة عن أسئلتي بوضوح، سألت ابنه عما إذا كان هنا للترجمة، لكنه أخبرني أن والده يتحدث الإنجليزية بشكل جيّد عندما كان في صحة جيدة – كان هذا أمرًا غير مألوف”، يقول الدكتور “ش.ب”. طفل مغربي لقي حتفه بسبب نفس القطة.. والإهمال في مستشفى في المغرب تفاصيل هذه القصة المثيرة للذهول لم تنته بعد، إذ تفيد المعطيات، التي وصل إليها “اليوم24” من خلال نتائج تحقيق الشرطة البريطانية، وتقرير صحيفة “الميترو” البريطانية، أنّ وزارة الصحة كانت هي الأخرى موضوع نتائج تحقيق السلطات البريطانية، بعدمَا تناهى إلى علمها، أنّ صبيا مغربيا تُوفي بسبب القطة نفسها، إذ أصيبَ بداء “السُّعار”. وكان عمر، والصبي الصغير قد أصابتهما القطة نفسها، فتوجها نحو مستشفى محلي، فطلبا منهما الدفع قبل العلاج، وهي النقطة التي وقف عندها تحقيق الشرطة البريطانية، ومع ذلك، يقول التحقيق، فإن عمر دفع لصالحه، ولصالح الصبي، الذي رافقه، وقدمت لهما حقنة ضد عدوى ” التيتانوس” وهي عدوى تُكتسب نتيجة “تلوث منطقة معينة في الجسد”، أو إصابة بجرثومة محددة، ولكن لم يتم تشخيص داء “السعار” نتيجة لعضة القطة. ومع ذلك، يؤكد التقرير، فإن عمر قيد حياته، تقدم بشكاية لاحقًا، إلى مركز شرطة محلي للشكوى من مدى عدم مساعدة المسعفين الطبيين، ولم يعطوه العلاج المناسب لداء الكلب (السعار)، وتؤكد نتائج التحقيق، إنهم لو أعطوه حقنة ضد “السعار” كان الأمر سيكون أكثر فعالية، إذ يتم إعطاء هذه الحقنة في غضون 24 ساعة من التعرض لداء الكلب، وطُلبت منه الشرطة الحضور للاستماع إليه، بعدما علمت أن الطفل الصغير قد تُوفي بسبب الداء. ومن جانب آخر، اعترفت إحدى الممرضات، التي شخصت حالة “عمر” في مستشفى في بريطانيا “مينشي.م” لهيأة التحقيق بأنها ليست على دراية بالمبادئ التوجيهية، التي تنص على أنه ينبغي الإبلاغ عن الشخص، الذي عضه حيوان مسعور على وجه السرعة، وتم إجراء تقييم للمخاطر، والاتصال بهيأة الأحياء المجهرية. وبدلاً من ذلك، يؤكد التحقيق، وجهته إلى جراح تجميل “د. ماري سونغ”، الذي أفترضَ: “يمكن الإصابة بداء الكلب من طرف كلب، وليس قط” (يتحدث عن داء السُّعار). وقال المحقق “دارين سالتر” في ملاحظاته الختامية لتقريره: “يبدو أن ظهور أعراض داء الكلب الإكلينيكي كان في 28 أكتوبر.” لقد سمعنا عبارة “كانَ يُمكن أن لا يموت”، ولكن من المهم أيضًا أن نفهم، كيفَ أنتقل ذلك الفيروس بالفعل من موقع اللقمة إلى الجهاز العصبي المركزي ل”عمر زهري” قبل 28 أكتوبر، وتابع موضحًا “كان هناك فشل في إجراء تقييم للمخاطر، إذا تم تنفيذه، فمن شبه المؤكد أن يؤدي إلى التعرف على السيد زهري كحالة عالية الخطورة، تتطلب لقاح داء الكلب، ومن ثمة يُمكن أن يحصل على لقاح خاص بالداء، إذ كان ذلك سيجنبه الموت على الأقل”.