في العام الأخير من ولاية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وفي الوقت الذي يستمرّ فيه منصب سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية شاغرا منذ مغادرة سفير باراك أوباما، دوايت بوش؛ حلّ أخيرا بالمغرب مسؤول أمريكي من مستوى وزير الخارجية، في شخص مايك بومبيو. هذه الزيارة التي يبدو أنها تطلّبت مجهودا مضنيا من الدبلوماسية و«لوبيينغ» وتفاوضا، باءت في النهاية بالفشل. معيار الحكم هنا لا ينطلق من فراغ، بل مما سبق الزيارة من تصريحات وبيانات، وبالتالي، انتظارات، خاصة ما يرتبط بمصالح المغرب الحيوية ووحدته الترابية. وتحمل التطورات، التي حدثت في الساعات الأخيرة قبل موعد الزيارة، على الاطمئنان والتوجّس في الوقت نفسه. الاطمئنان لأن المؤسسة الملكية برهنت من جديد على أن أبواب قصورها ليست مشرعة أمام «العادي والبادي»، وأنه وإن لم يكن هناك تنازل مؤلم بشأن القضية الفلسطينية مطروح على بلادنا، فإن الرسالة التي كان سيعنيها استقبال بومبيو، بعدما «نقّز» نتنياهو إلى البرتغال لاعتراض سبيله، هي أنه حامل لرسالة إسرائيلية إلى المغرب، وهو بكل تأكيد أمر ثقيل على قلوب المغاربة. أما التوجّس، فمصدره الخطر الذي يمثله التسرّع الذي يستبدّ بالبعض، واعتقادهم أن أمورا استراتيجية وحيوية تدبّر بمنطق الحسابات الصغيرة. فالمغرب يواجه تحديات مرتبطة بأمنه ووحدته الترابية منذ عقود طويلة، ولا يعجزه الدفاع عن حقوقه المشروعة قرونا أخرى، دون أن يفرّط في مبادئه ووفائه لقضاياه وحساباته «الكبيرة»، ودون السقوط في المقامرة.