وزارة الاقتصاد: عدد المشتركين في الهاتف يناهز 56 مليون سنة 2023    وزيرة : عدد المسجلين في السجل الوطني للصناعة التقليدية بلغ 395 ألفا من الصناع التقليديين    ثمن المازوط غاينزل شوية ابتداء من غدا    ستة قتلى في هجوم على مسجد في هرات بأفغانستان    مساء اليوم في البرنامج الأدبي "مدارات" : المفكر المغربي طه عبد الرحمان.. بين روح الدين وفلسفة الاخلاق    عندما يرد رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا على البرلمان الأوروبي بإنصاف المغرب!    نشرة إنذارية: أمطار قوية غدا الأربعاء بعدد من أقاليم الشمال    هزيمة جديدة للنظام الجزائري في مواجهة المغرب: «الطاس» ترفض طعن اتحاد الجزائر وتزكي موقف نهضة بركان    أول تعليق لعادل رمزي بعد تعيينه مدربا للمنتخب الهولندي    دل بوسكي يشرف على الاتحاد الإسباني    توقيف نائب رئيس جماعة تطوان بمطار الرباط في ملف "المال مقابل التوظيف"    فاتح ماي.. نقابة ميارة تدعو لطي ملف الأساتذة الموقوفين وتسريع تفعيل رفع الأجور    "أسترازينيكا" تقر بخطورة لقاح كورونا وتسببه في مضاعفات جانبية مميتة    مورو يبحث في بكين عن جذب استثمارات صناعية لجهة طنجة    مساعد الذكاء الاصطناعي (كوبيلوت) يدعم 16 لغة جديدة منها العربية    تعبئة متواصلة وشراكة فاعلة لتعزيز تلقيح الأطفال بعمالة طنجة أصيلة    لندن.. إصابة عدة أشخاص في هجوم بالسيف واعتقال مشتبه به    الدورة ال17 من المهرجان الدولي مسرح وثقافات تحتفي بالكوميديا الموسيقية من 15 إلى 25 ماي بالدار البيضاء    مقاييس الأمطار بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    نشرة إنذارية | أمطار رعدية قوية تضرب أقاليم شمال المملكة غدًا الأربعاء    توقيت واحد فماتشات البطولة هو لحل ديال العصبة لضمان تكافؤ الفرص فالدورات الأخيرة من البطولة    ماتش جديد بين المغرب والجزائر.. واش الكابرانات غاينساحبو تاني؟    "الظاهرة" رونالدو باع الفريق ديالو الأم كروزيرو    الريال يخشى "الوحش الأسود" بايرن في ال"كلاسيكو الأوروبي"    ثمن الإنتاج يزيد في الصناعة التحويلية    نتانياهو: بالهدنة وللا بلاش الجيش غيدخل لرفح    صور تلسكوب "جيمس ويب" تقدم تفاصيل سديم رأس الحصان    تم إنقاذهم فظروف مناخية خايبة بزاف.. البحرية الملكية قدمات المساعدة لأزيد من 80 حراك كانوا باغيين يمشيو لجزر الكناري    صفرو.. أنسبكتور استعمل سلاحو الوظيفي باش يوقف مشرمل جبد جنوية وهدد بها الناس    أعداد الضحايا تواصل الارتفاع في غزة    سياحة الأعمال.. المغرب يسعى لاستقطاب مليون ونصف سائح سنة 2026    "أفاذار".. قراءة في مسلسل أمازيغي    أفلام بنسعيدي تتلقى الإشادة في تطوان    الملك محمد السادس يهنئ عاهل السويد    ألباريس دخل طول وعرض فالحزب الشعبي: فين تقرير المصير ديال الصحرا اللي كدافعو عليه فبرنامجكم الانتخابي وفيناهو فلقاءات زعيمكم راخوي مع المغرب؟    دراسة علمية: الوجبات المتوازنة تحافظ على الأدمغة البشرية    العثور على رفاة شخص بين أنقاض سوق المتلاشيات المحترق بإنزكان    التنسيق الوطني بقطاع الصحة يشل حركة المستشفيات ويتوعد الحكومة بانزال قوي بالرباط    الدار البيضاء.. مناظرة حول محاولات "السطو" على الزليج والقفطان المغربيين    فرنسا تعزز أمن مباني العبادة المسيحية    "النهج" ينتقد نتائج الحوار الاجتماعي ويعتبر أن الزيادات الهزيلة في الأجور ستتبخر مع ارتفاع الأسعار    عرض فيلم "الصيف الجميل" للمخرجة الإيطالية لورا لوتشيتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    فيلم من "عبدول إلى ليلى" للمخرجة ليلى البياتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    ثلاث وفيات وعشرون حالة تسمم بأحد محلات بيع المأكولات بمراكش    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    توقعات طقس اليوم الثلاثاء في المغرب    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    معاقبة جامعة فرنسية بسبب تضامن طلابها مع فلسطين    الصين تتخذ تدابير لتعزيز تجارتها الرقمية    مواهب كروية .. 200 طفل يظهرون مواهبهم من أجل تحقيق حلمهم    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فسحة رمضان على “أخبار اليوم”.. ابن تيمية.. نظام عالمي على أنقاض الخلافة هولاكو ونصير الدين الطوسي –الحلقة 4
نشر في اليوم 24 يوم 29 - 04 - 2020

يعد ابن تيمية واحدا من الفقهاء والعلماء في تاريخ الإسلام الذين شغلوا مساحة واسعة من الجدل الديني والفكري والسياسي منذ قرون طويلة وإلى اليوم، سواء في العالم العربي والإسلامي أو في الثقافة الغربية، بل ربما كان الوحيد الذي ملأ الدنيا وشغل الناس أكثر من غيره، وأثيرت حوله الانقسامات، بل صار في فترات معينة عنوانا لما ليس هو، وتهمة كافية توجه إلى كل من دافع عنه أو تحدث عنه بغير اللغة التي يراد أن يُخاض بها في فكره وحياته وشخصه. بعيدا عن القراءة الإيديولوجية التي وضعت ابن تيمية خلال العصر الحديث في هذا الصف أو الصف المقابل، وجعلته إما فقيه السلطة، وإما منظرا للعنف، يحاول الدكتور إدريس الكنبوري تقديم قراءة ثالثة تسعى إلى تخليصه من الصورة النمطية، من خلال إعادة دراسته في واقعه، ووضع فكره وإنتاجه الفقهي ضمن التراكم التاريخي للفكر العربي الإسلامي (تنويه من التحرير: نظرا إلى كثرة الإحالات والهوامش نعتذر إلى القراء عن عدم نشرها).

لكن هذه القبائل المشتتة التي لم يكن أحد يقيم لها وزنا في الماضي، انبثقت فجأة من تحت الأرض تحت قيادة جنكيز خان، واندفعت من غابات سيبيريا كالسيل الجارف لتسحق كل شيء في طريقها. ففي العام 1220، زحفت هذه القبائل المتوحشة نحو كوريا والصين وجنوب شرق آسيا وهضاب أوراسيا، مرورا بالشرق الأوسط وصولا إلى أوروبا الشرقية. ولم يفاجئ الزحف التتاري المسلمين أو شعوب البلدان الآسيوية فحسب، بل أصاب أوروبا المسيحية ذاتها بالدوار، لأن لا أحد كان يتوقع أن تخرج من أقاصي آسيا الجائعة المتخلفة إمبراطورية عظمى من هذا النوع. ولم يجد هؤلاء تعبيرا أكثر يليق بهذه القبائل التي ليس وراءها تاريخ أو حضارة أفضل من كلمة «المغامرة»، وقد وصف المؤرخ الفرنسي الذي تخصص في دراسة تلك الشعوب بول بيليو (1878-1945) ذلك الزحف العنيف بأنه «المغامرة الأكثر إبهارا في التاريخ».
واجهت جيوش التتار مقاومة عنيفة من لدن المسلمين في العراق والشام طيلة سنوات، وكان القتل كرا وفرا بين الجانبين، حيث حاول التتار مرات عدة محاصرة بعض المدن لاحتلالها دون جدوى. ويقول ابن كثير إنه في سنة 634 للهجرة «حاصرت التتار إربل بالمجانيق، ونقبوا الأسوار حتى فتحوها عنوة، فقتلوا أهلها وسبوا ذراريهم، وامتنعت عليهم القلعة، وفيها النائب من جهة الخليفة، فدخل فصل الشتاء فأقلعوا عنها، وانشمروا إلى بلادهم، وقيل: إن الخليفة جهز لهم جيشا فانهزم التتار».
ولم ييأس جنكيز خان من احتلال العراق والشام وغيرها من الأقاليم الإسلامية، وفي عام 638 للهجرة، وجه رسالة إلى الحكام المسلمين يدعوهم فيها إلى الدخول في طاعته، ويأمرهم بتخريب أسوار مدنهم، إذ يبدو أن أسوار المدن كانت الحصن المنيع الذي حال دون الغزو التتاري في السنوات الماضية. ومما جاء في تلك الرسالة، حسب ما يذكر ابن كثير: «من نائب رب السماء، ماسح وجه الأرض، ملك الشرق والغرب».
وفي عام 1255، جرى تكليف هولاكو بقيادة الجيش المغولي بغزو وتدمير ما تبقى من المناطق الإسلامية في جنوب غرب آسيا، فزحف هذا الأخير على الفُرس في إيران ودمر قلاعهم. وبينما كان يتذوق طعم انتصاره، أرسل وفدا إلى الخليفة العباسي المستعصم بالله في بغداد، يلومه بسبب نكث وعده بتقديم إمدادات عسكرية له في حملاته، ويهدده إذا لم يتخل عن عناده. وكان المستعصم بالله قد ولي الخلافة في العام 1242 خلفا للمستنصر، لكنه كان ضعيف الشخصية، فثارت في عهده الخلافات والخصومات الداخلية بين طبقات وشرائح المجتمع، والصراعات المذهبية على نحو ما حصل بين الحنفية والحنابلة وبين السنة والشيعة، ويقال إنه أمر بهدم الكرخ، وهي المنطقة التي كان يتركز فيها الشيعة في بغداد، وتقابل الرصافة التي كان يتركز فيها أهل السنة، الأمر الذي أثار حنق وزيره الشيعي مؤيد الدين بن العلقمي؛ ومما زاد في تعقيد موقف الخليفة أنه عمل على تسريح الكثير من الجند ووجههم إلى الاشتغال بالتجارة والزراعة.
وما إن وصلت رسالة هولاكو إلى المستعصم بالله حتى غضب هذا الأخير، ورد على الوفد بطريقة لم ترق الزعيم المغولي الذي استشاط غضبا. وتروي المصادر التاريخية الإسلامية أن الوزير ابن العلقمي هو من دبر المكيدة، حيث وجه رسالة إلى هولاكو يحرضه فيها على غزو بغداد، انتقاما منه لما جرى مع الشيعة الروافض، واعتقادا منه بأن النفوذ سينتقل إليه، وبأنه يمكنه أن يضع على كرسي الخلافة شخصا من العلويين. لكن ابن الوردي ينفرد بحكاية عجيبة تصور لنا مدى الكيد الذي دبره ابن العلقمي ومن معه من الروافض، فما إن أطل هولاكو على بغداد حتى خرج إليه ابن العلقمي «فتوثق منه لنفسه»، ثم عاد إلى الخليفة وقال له إن هولاكو يريد أن يبقيك في الحكم كما أبقى سلطان الروم، ويريد أن يزوج بنته من ابنك أبي بكر «وحسن إليه الخروج إلى هولاكو، فخرج إليه المستعصم في جمع من أكابر أصحابه، فأُنزل في خيمة، ثم استدعى ابن العلقمي الفقهاء والأماثل، فاجتمع هناك جميع سادات بغداد والمدرسين، ومنهم ملك الأمراء ركن الدين الدوايدار والمستنصري أحد الشجعان، وأستاذ دار الخلافة العلامة محيي الدين بن الجوزي وأولاده»، وأشاع في الناس خبر الزواج الكاذب، فأخذ الناس يخرجون جماعة بعد أخرى وقد قرؤوا الأمان، «فلما تكاملوا قتلهم التتار عن آخرهم»، واستمر القتل أربعين يوما.
وفي ما يظهر، كان هولاكو مترددا في غزو بغداد في بداية الأمر، ولعل ذلك راجع إلى ما كان يصله من أخبار المسلمين، ومن المعلومات التي كان يتوفر عليها عن مقاومتهم الباسلة للصليبيين والتتار قبله، وعن أعداد الجنود المسلمين وتضاريس بغداد. وكان التتار يؤمنون بالأرواح وفعل السحر والتنجيم، لذلك، طلب هولاكو استطلاع رأي الفلكيين لاتخاذ قرار نهائي بالغزو أو العودة أدراجه وتأجيل الأمر. ويروي لنا المؤرخ الفارسي رشيد الدين فضل الله الهمذاني، الذي عاش في القرن الرابع عشر للميلاد، في كتابه »جامع التواريخ»، قصة طريفة. فقد استدعى هولاكو أحد الفلكيين من المسلمين السنة، يدعى حسام الدين المنجم، وقال له: «بين كل ما يبدو لك في النجوم دون مداهنة»، فما كان من حسام الدين، الذي كان داهية وجريئا، إلا أن قدم له نبوءة كاذبة لثنيه عن جريمته، فقال له: «إن كل ملك حتى زماننا هذا قصد بغداد والعباسيين، لم يستمتع بالملك والعمر. وإذا لم يصغ الملك إلى كلامي وذهب إلى هناك، فستظهر ستة أنواع من الفساد: أولها أن تنفق الخيول كلها ويمرض الجنود، ثانيها أن الشمس لا تطلع، ثالثها أن المطر لا ينزل، رابعها تهب ريح صرصر وينهار العالم بالزلزال، خامسها لا ينبت النبات في الأرض، سادسها أن الملك الأعظم يموت في تلك السنة»؛ وكان حسام الدين يعرف جيدا التقاليد الوثنية للتتار، وهذا ما جعله يخوف هولاكو بعدم طلوع الشمس في حال غزوه بغداد.
غير أن هولاكو كان برفقته من يقدم له ما يريد، وذلك هو نصير الدين الطوسي، فقد استدعاه وطلب مشورته. وبعد تمحيص وتفكير طويلين، جاءت نبوءة الطوسي على خلاف نبوءة حسام الدين المنجم، إذ قال له: «إن هولاكو خان سيحل محل الخليفة». ولكي يخرج هولاكو من حالة التردد، استدعى الاثنين معا وأجرى بينهما مناظرة قصيرة، رد فيها الطوسي على حسام الدين قائلا: «لقد استشهد جمع كثير من الصحابة باتفاق آراء الجمهور وأهل الإسلام، ولم يحدث فساد قط، ولو قيل إن للعباسيين مكرمة خاصة بهم، فإن طاهرا جاء من خراسان بأمر المأمون، وقتل أخاه محمد الأمين، وقتل الموكلَ ابنُه بالاتفاق مع الأمراء، كذلك قتل الأمراء والغلمان المنتصر والمعتز، وقُتل عدد من الخلفاء على يد جملة أشخاص، فلم تختل الأمور».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.