يعد استخدام مكيفات الهواء من الوسائل المنتشرة لتخفيف حدة الحرارة خاصة في الأيام القليلة السابقة التي عرفت إرتفاعا مفرطا للحرارة جعلت المواطنين يقتانون مكيفات الهواء هربا من لهيب الشمس الحارقة، غير أن هذا الاستخدام قد يخفي وراءه آثارا صحية غير محمودة، خاصة عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض تنفسية أو حساسية مزمنة. في هذا السياق، أكد البروفيسور عبد العزيز عيشان، أخصائي أمراض الجهاز التنفسي والحساسية، أن الاستعمال المفرط وغير المدروس للمكيف قد يتحول إلى عامل خطر مباشر على صحة الجهاز التنفسي. يشير البروفيسور إلى أن أولى التأثيرات الشائعة لاستخدام المكيفات تتجلى في التهابات القصبة الهوائية، والتي تزداد حدتها ليلا. ويحدث هذا غالبا بسبب استنشاق هواء غير نقي يمر عبر فلاتر قديمة أو ملوثة مما يسمح بمرور الغبار والجراثيم التي تخلق بيئة مثالية لتعفنات والتهابات متكررة في الجهاز التنفسي العلوي والسفلي. يحذر الطبيب من أن الأشخاص المصابين بالحساسية، خاصة حساسية الأنف أو الربو، يكونون أكثر عرضة لتفاقم الأعراض عند التعرض لهواء المكيف لفترات طويلة. ويؤدي ذلك إلى ظهور مشكلات صحية إضافية مثل الحكة في العينين واحتقان الأنف، وقد تتطور الحالة إلى نوبات ربو حادة عند بعض المرضى، مما يتطلب حرصا مضاعفا عند تشغيل أجهزة التكييف داخل البيوت أو أماكن العمل. ينبه البروفيسور إلى أهمية الاعتدال في تشغيل المكيفات، موضحا أن درجة الحرارة المثلى لا يجب أن تقل عن اثنتين وعشرين أو ثلاث وعشرين درجة مئوية. كما يوصي بعدم تجاوز مدة تشغيل المكيف لأكثر من ساعة أو ساعة ونصف صباحا أو مساء، تفاديا لأي آثار جانبية ناتجة عن البرودة المستمرة التي تضر بالشعب الهوائية والحنجرة. يدعو الطبيب أيضا إلى اعتماد حلول بديلة للتبريد، مثل أخذ حمام دافئ صباحا ومساء، بدل الركون الدائم إلى المكيف، مع ضرورة تهوية الغرف بانتظام. ويشدد على أن تكييف الهواء المستمر على مدار اليوم يجعل الغرفة بيئة غير صحية، ويضاعف من مخاطر الإصابة بالتهابات مزمنة على مستوى الأنف والحنجرة والشعب الهوائية. يحذر كذلك من التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة، إذ يرى أن الانتقال السريع من بيئة ساخنة إلى أخرى باردة، أو العكس، قد يؤدي إلى اضطرابات واضحة في وظائف الرئة. ويؤكد أن هذه التغيرات تؤثر سلبا على الشعب الهوائية العلوية والسفلية، وقد تؤدي إلى تهيج الحنجرة وتفاقم التهابات القصبة الهوائية ما يجعل التنفس صعبا ومؤلما في بعض الحالات. وفي الختام، يشدد البروفيسور عبد العزيز عيشان على ضرورة التوازن في استخدام مكيفات الهواء، وعدم اعتبارها وسيلة تبريد آمنة بشكل مطلق. فالصحة التنفسية تتطلب الوعي والاحتياط، خصوصا لدى من يعانون من أمراض مزمنة أو حساسية مفرطة. والاعتدال في استعمال التكييف، مع الحرص على النظافة والتهوية، يظل أفضل سبيل للحفاظ على راحة الجسد وسلامته.