يبدو أن هناك إصرارا رسميا غريبا على جعل موضوع المغاربة الذين علقوا مشتتين بين أنحاء العالم، بعد توقف الرحلات الجوية وإغلاق حدود جل دول العالم بسبب جائحة كورونا، أكثر صفحات التدبير المغربي لهذا الملف سوادا. في البداية، جرى التعامل مع مأساة عشرات الآلاف من المواطنين الذين تقطعت بهم السبل في دول أجنبية بتجاهل وتنكر لا مثيل لهما في العالم، حيث بذلت جميع حكومات العالم ما تستطيع وما لا تستطيع لإعادة مواطنيها العالقين في الخارج، ويكفي أن نلتفت إلى جوارنا القريب لنشاهد الأمثلة الحية على ذلك. بعد ذلك، جرى الشروع في إعادة جزء من هؤلاء العالقين، وصُوِّر الأمر على أنه سيتطوّر تدريجيا، على أن يشمل في البداية الفئات الهشة والتي تتطلب عناية صحية خاصة أو المسنين أو الأطفال الرضع... ثم بدأ التلويح بتحميل البقية كلفة رحلات إعادتهم إلى بلادهم، لكن أحدا لم يكن يتوقع أن يكون الأمر على الشكل الذي يبدو عليه حاليا. فالحكومة لم تكتفِ بمطالبة المغاربة العالقين بتدبر كلفة تذاكر الطائرة وإجراء الفحص الخاص بكورونا... بل جرى تطبيق قاعدة احتكارية لم يسبق لها مثيل، حين حُصرت عملية إعادة هؤلاء المواطنين في شركتين اثنتين فقط، ما يعني فرض عقود إذعان على آلاف المغاربة الذين قضوا أصلا شهورا من التشرد والإهمال. من حق الدولة أن تفكر في كيفية تزويد الشركة الوطنية للنقل الجوي بجرعة من الأوكسجين، لكن ذلك لا يمكن أن يكون عبر استغلال وضع مواطنين عزّل ومشردين، وإرغامهم على الاستدانة وجمع الصدقات من أجل شراء تذكرة بسعر مضاعف مقارنة بالوضع الطبيعي للمنافسة.