الخط : إستمع للمقال اختُتمت اليوم الأربعاء فعاليات المناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي، حيث تميزت بحضور لافت، تجاوز عتبة الألفي مشارك، من مسؤولين حكوميين وخبراء دوليين وأكاديميين وممثلين عن القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، ما منح لهذا الحدث صدى خاصا كونه جمع أطيافا متعددة حول موضوع استراتيجي يهم مستقبل المغرب. ولضمان ترجمة مضامين النقاشات إلى خطوات عملية، أسفرت أشغال المناظرة عن مجموعة من التوصيات التي تشكّل نواة خارطة طريق وطنية طموحة في مجال الذكاء الاصطناعي. في هذا الإطار، تم التأكيد على ضرورة صياغة خطة وطنية شاملة تحدد الأهداف والمبادئ الأخلاقية، وفقا للمعايير الدولية، من أجل تعزيز الاستخدام المسؤول والمنصف لهذه التكنولوجيا، كما تم اقتراح إعداد منظومة قانونية متكاملة تراعي مبادئ الشفافية واحترام الحياة الخاصة، وتضع أسسًا واضحة للمساءلة في كل ما يتعلق بتطوير الذكاء الاصطناعي واستعمالاته. وعلى المستوى العملي، شددت التوصيات على أهمية توجيه الاستثمار نحو البحث والتطوير، ودعم التعاون بين القطاعين العام والخاص في إنتاج حلول ذكية تخدم الاقتصاد الوطني. كما تمت الدعوة إلى إحداث منصات وطنية للبيانات المؤمنة، وتشييد مراكز بيانات حديثة، وتقوية قدرات المغرب في الأمن السيبراني عبر حلول استباقية تضمن حماية البنيات الرقمية من التهديدات المتزايدة. وفي ما يتعلق بالقطاعات الاجتماعية، أجمعت الآراء على ضرورة تعميم استعمال الذكاء الاصطناعي في التشخيص المبكر للأمراض، بما يسهم في تجويد الخدمات الصحية وتقليص الفوارق الترابية، إلى جانب توظيفه في تقييم أداء التلاميذ، وتصميم محتويات تعليمية ذكية تراعي خصوصيات كل متعلم وتستجيب لحاجياته. أما في مجال البنيات التحتية، فقد برزت توصيات مهمة بخصوص استخدام الذكاء الاصطناعي في مراقبة وصيانة المنشآت الحيوية، وتحسين تدبير حركة المرور، وتطوير خدمات النقل العمومي، كما تم التأكيد على أهمية دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في تصميم وتدبير المنشآت الرياضية الكبرى وفق مقاربات مستدامة وذكية، خاصة في أفق احتضان المغرب لتظاهرات رياضية عالمية. في السياق ذاته، تطرقت المناظرة إلى أهمية تطوير حلول ذكية لتدبير الموارد الحيوية، بما يعزز الأمن المائي والغذائي والطاقي، عبر أنظمة للرصد الاستباقي، وآليات ذكية للتنبؤ بالطلب وتحسين تدبير الشبكات الحيوية. ولم تغفل التوصيات الجانب المتعلق بتحديث الإدارة العمومية، حيث تم التشديد على ضرورة تعميم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات، وتبسيط الإجراءات، وتعزيز الشفافية. كما طُرحت أفكار لتوظيف الذكاء الاصطناعي في تحليل المعطيات الضخمة، ودعم اتخاذ القرار على أسس علمية، وتطوير منصات تواصلية تفاعلية موجهة للمواطنين. من جهة أخرى، اعتُبر الذكاء الاصطناعي أداة واعدة لحماية التراث الثقافي واللغوي، وتطوير المحتوى الرقمي الوطني، بما يتيح إبراز الغنى والتنوع الثقافي المغربي على الساحة الدولية، وتثمين مقومات الهوية في العصر الرقمي. وفي ما يخص دعم ريادة الأعمال والمقاولات الناشئة، تم التأكيد على ضرورة تمكين هذه الفئة من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، سواء عبر تحفيزها على إدماجه في عملياتها أو عبر مواكبتها بحاضنات ومراكز ابتكار متخصصة، كما تم التطرق إلى أهمية توفير بيئة محفزة تُشجع على تطوير حلول مغربية مبتكرة وقابلة للتسويق إقليميا ودوليا. وأخيرا، لم تُغفل المناظرة البعد الدولي، حيث أوصى المشاركون بتعزيز التعاون جنوب – جنوب، وتطوير شراكات استراتيجية مع مراكز أبحاث عالمية وشركات رائدة، إلى جانب إنشاء بنيات بحثية مشتركة تُعنى بقضايا إفريقية ومحلية مثل الزراعة، والصحة، والصناعة، والمدن الذكية. كما طُرحت فكرة جعل المغرب منصة لاحتضان فعاليات دولية كبرى في مجال الذكاء الاصطناعي، لتعزيز إشعاعه الدولي وجذب الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي. الوسوم الذكاء الاصطناعي المناظرة الوطنية مشاركة