يستمر المؤرخ والأكاديمي زكي مبارك في كشف بعض تفاصيل علاقته بالشيخ عبد السلام ياسين، مؤسس العدل والأحسان، وبعض أسرار الجماعة، متحدثا عن الخلاف القوي الذي وقع بين ياسين ومحمد البشيري، أحد أبرز المنشقين عن ياسين وأحد أشهر مؤسس الجماعة الذين غادروها من بداياتها الأولى. مبارك، في حواره مع "المساء"، قال أن علاقة عبد السلام ياسين بالبشيري كانت قوية جدا، "وكان يحترمه لأنه مثقف عميق، لكن العلاقة تسرب إليها نوع من البرود بعد أن رحل البشيري لمتابعة دروسه بلندن"، مضيفا أن الخلاف بين الرجلين كان فكريا وسياسيا بحتا، ولم يكن أبدا شخصيا كما يعتقد البعض، "وبيان ذلك أنه في إحدى اجتماعات أعضاء الجماعة داخل متزلي حضره عبد السلام ياسين والبشيري وإبراهيم المعتصم الشرقاوي، مرافق الشيخ، كان النقاش محتدما بين البشيري وياسين حول مآل الجماعة، ففي الوقت الذي كان فيه البشيري يدافع بقوة عن تأسيس حزب سياسي، كان ياسين منافحا شرسا عن اتجاه الجماعة نحو العمل الدعوي، ومازلت أتذكر أني كنت مؤيدا لطرح البشيري، واقترحت تسمية الحزب بحزب العمل الإسلامي، ووقتها أخرجت من مكتبتي القانون الأساسي لجماعة الإخوان المسلمين بمصر كي يطلع عليها الحاضرون في اللقاء بيد أن الكفة مالت لصالح عبد السلام ياسين في نهاية المطاف". وبخصوص تفسير موقف الراحل ياسين من تأسيس الحزب، أكد أن هناك أسبابا كثيرة قد تفسر دفاع ياسين عن جماعة دعوية، أبرزها أنه "لم يكن يريد ساعتئذ الانخراط في مشهد حزبي مؤمن بالمواضعات القائمة، ولم يكن يريد أن يكون مجرد رقم في لعبة سياسية كان يسميها هو نفسه لعبة تافهة". وكشف المتحدث أن الشيخ ياسين كان متأثرا جدا بتجربة الإخوان المسلمين، وكان يأمل أن يؤسس نفس التجربة في المغرب، ولم يكن يخف إعجابه بكتابات المولودي والبنا. "أما البشيري فقد كان أكثر تفتحا من ياسين وأرسلان. لقد حرصت كثيرا على أن لاأحضر اجتماعات الجماعة وكانت علاقتي بياسين مبنية بالأساس على تقديم تحليلات للمشهد السياسي وعن تفاعلاته، وكان يطلب مني دائما أن أعطي رأيي في أمور سياسية وغالبا ما يقول إن تحليلاتي رصينة". وختم مبارك كلامه بأن القيادات الأخرى، مثل أرسلان والعبادي، كانوا متأثرين جدا بالشيخ ياسين، وكانوا دائما يدافعون عن رأيه، "وأعتقد أن هذا النقاش بالتحديد هو الذي أحدث شرخا داخل الجماعة وقتها".