فيدرالية اليسار الديمقراطي تدين "قمع الاحتجاجات السلمية" وتعلن فتح مشاورات مع قوى ديمقراطية    الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب تدين "العنف" ضد مسيرات "جيل Z" وتدعو إلى الحوار    الاقتصاد الوطني ينتعش محققا معدل نمو 5.5% في 2025 عوض 3% في 2024    أمن مراكش يوقف أجنبيا يشكل موضوع أمر دولي بإلقاء القبض    اعتقالات جديدة أمام محكمة الرباط تزامنا مع تقديم شباب "جيل Z" للنيابة العامة    تجميد مشروع شعبة الإعلام والاتصال بجامعة ابن طفيل يثير خيبة أمل الطلبة والأساتذة    "أسطول الصمود" يقترب من منطقة خطر الاعتراض الإسرائيلي    مصرع طفل في حادثة سير ضواحي الخميسات    الأداء السلبي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مارسيل خليفة يهدي تكريم مهرجان وجدة السينمائي إلى غزة    مولاي الحسن يترأس افتتاح الدورة ال16 لمعرض الفرس بالجديدة    "فيفا" يعاقب جنوب إفريقيا ويعتبره خاسراً أمام ليسوتو بسبب إشراك لاعب غير مؤهل    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. النرويج تفوز على نيجيريا وفرنسا تهزم جنوب إفريقيا    وزارة ‬الخارجية ‬الأمريكية ‬تبرز ‬مؤهلات ‬المغرب ‬ك»قطب ‬استراتيجي‮»‬ ‬للأعمال ‬والصناعة    نيكول كيدمان وكيث أوربان يصلان إلى الانفصال    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق    "جيل Z" الجزائري يهدد بإعادة الشارع إلى الواجهة... والنظام العسكري في حالة استنفار    المغرب والولايات المتحدة يختتمان مناورات "ماروك مانتليت 2025" لمواجهة الكوارث    ترامب يعلن خطة لإنهاء حرب غزة وسط تشكيك محللين في جدواها    تصعيد ‬عسكري ‬جزائري ‬ضد ‬المغرب    حين يسأل الملك... وتصمت الدولة    الصحراء المغربية.. هلال يرد "دون جدال أو عدائية" على تصريح وزير الخارجية الجزائري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة    مباراة المغرب والبحرين.. بيع أزيد من 42 ألف تذكرة إلى غاية السادسة مساء    شباب المحمدية يفصح عن نواياه مبكرا بثلاثية في مرمى أمل تزنيت    بلدية ميلانو تمنح الضوء الأخضر لبيع سان سيرو لميلان وإنتر    "كولومبيا U20" تفوز على السعودية    القوات العمومية تتدخل لمنع تجمهرات مجهولة المصدر دون تسجيل أي إصابات أو خسائر    جيل زد المغربي.. احتجاجات تعيد رسم المخيلة السياسية    اتفاق جديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي لتعزيز تسويق منتجات الأقاليم الجنوبية    إيقاف شخص يحرض على الخروج للشارع من أجل الاحتجاج    طقس الثلاثاء ممطر في بعض مناطق المملكة    كيوسك الثلاثاء | المغرب الأول بشمال إفريقيا في الحد الأدنى للأجور    وكالة "فيتش" تؤكد تصنيف المغرب عند "بي بي+" مع نظرة مستقبلية مستقرة    أسعار الذهب تسجل ذروة قياسية جديدة    الدبلوماسية ‬المغربية ‬تطوي ‬المرحلة ‬الأخيرة ‬بدينامية ‬فائقة ‬السرعة    ممثلة مطورة بالذكاء الاصطناعي تغضب هوليوود    رشاوى ‬واختلاسات ‬لمسؤولين ‬جزائريين ‬كبار ‬أمام ‬القضاء ‬الإسباني ‬    المجلس الجماعي للجديدة يعقد دورة أكتوبر في جلستين    فريال الزياري: العيون.. مدينة الكرم والجمال الصحراوي الأصيل    طنجة.. السلطة تُنهي جدل تسعيرة "الطاكسي الصغير" وتُحدد الحد الأدنى في 7 دراهم    المغرب يحذر "الإيكاو" من خطورة المناطيد الهوائية على سلامة الطائرات                        القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    علماء روس يبتكرون أدوية "ذكية" يتحول شكلها داخل الجسم    بنسعيد: الراحل سعيد الجديدي أغنى المكتبة الوطنية بإنتاجات أدبية وصحفية قيمة        "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين    عرض "نشرب إذن" ينافس في بغداد    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باسكال بلانشار: هذا ما تدين به فرنسا للعرب
نشر في اليوم 24 يوم 25 - 11 - 2013

بعد ثلاثين سنة من مسيرة المهاجرين العرب المناهضة للعنصرية والتمييز في فرنسا، يروي باسكال بلانشار، المؤرخ الفرنسي المتخصص في التاريخ الستعماري الفرنسي، في هذا الحوار مه مجلة le nouvel observateur الفرنسية صفحات من تاريخ فرنسا العربية – الشرقية ...
الى متى تعود بداية حضور العرب في فرنسا؟
يعود ذلك إلى بداية القرن الثامن ميلادي، حوالي 718-719، بعد بداية اولى الغزوات للأندلس. في تلك الفترة، بدأت المعرفة بوجود شعب فاتح على الضفة الأخرى للبحر المتوسط بدين مغاير. محاربة الفاتحين العرب، ودفع العرب وراء جبال البرانس، كان يعني البدء في صناعة فرنسا، أو بالأحرى البدء في بناء فضاء الملكية الفرنسية.
كان العرب يحتلون الجنوب الغربي والجنوب الشرقي، واملوا مسيرتهم باتجاه مدينة ليون، وهو شيء عارضه شارل مارتيل ومن خلفوه لمدة زادت عن القرن.
اذن عكس ماتقول الاسطورة فإن معركة بواتيي لسنة 732 لم تكن النهاية ؟
ليس صحيحا، العرب بقوا تقريبا حتى العام الف، وبالضبط حتى سنة 973. في بيربينغو ، في منطوبان ، و سان تروبيز، استمر وجودهم لثمانين سنة، وهو حضور ترك أثره على هذه المناطق . المؤرخ هنري بيغين قال عن تلك الفترة هذه المقولة المليئة بالدلالات، "charlmangne بدون محمد لم يكن ليكون مقنعا أو يتم تصديقه." ظهرت آنذاك الديبلوماسية وأصبح عدد من العرب حلفاء لنا. كنا في نفس الوقت نحارب الشرق ونمارس التجارة معه.

بعد زمن التجارة جاء زمن الحروب الصليبية...
سنة 1095، النداء للحملة الصليبية الثانية كان منعطفا مهما. جيوشنا لم تكن وصلت بعد إلى القدس، ورغم ذلك كانت "الايقونية" تصور الحرب. بذلك، دخل الشرق مجدد إلى مخيالنا. تاريخنا الامبريالي بدأ في تلك اللحظة مع ملك القدس، في هذه السيرورة نفهم الاتحاد بين فرونسوا الاول وسليمان القانوني، وإعجاب لويس الخامس عشر بكل ماهو تركي، وحملة بونابارت على مصر، وهو نفس السبب الذي يجعل فرنسا مشغولة بالشأن السوري اليوم، نظرا لان نابوليون الثالث أرسل لها جيشا في سنة 1860 في حملة دامت مدة ستة اشهر والتي أسفرت عن ميلاد لبنان.
الا نستطيع القول أن الرابط الذي يجمع فرنسا بالعرب ليس له دائما علاقة بالحرب؟
هي علاقة مواجهة وعلاقة متينة في نفس الوقت، مثلا فرنسا وقعت سنة 1543 الاتحاد مع الرابطة الصليبية و مع ليز و مع جيوش "بارباروس" (بما فيها جيوش العثمانيين المتمركزة في الجزائر) التي استقرت في تولون لمساعدتنا على محاربة شارل كوينت وحصون الايطاليين. نحن الامة الوحيدة في الغرب التي اتحدت مع العثمانيين، وفي نفس الوقت كنا نندد بالفاتحين المسلمين الذين كانوا على ابواب فيينا! في نفس الوقت، السفراء الذي جاؤوا من البلدان العربية استقبلوا بأبهة كبيرة وأصبحت فرنسا عاصمة الشرق والغرب. اضافة الى ذلك، ترجمة "ألف ليللة وليلة" كا من أكثر الكتب مبيعا في القرن الثامن عشر. هناك تقارب وبعد وصراع لم تعرفه دولة أروبية أخرى.
هل ينطوي احتلال الجزائر على نفس الغموض؟
ثلاثين سنة قبل فتح الجزائر، وبالوصول إلى مصر، بونابارت قال للمصريين " وحدنا نحن الفرنسيون القادرون على فهم حضارتكم. لقد خلقنا لنحكمكم، لأننا أكثر عدلا من المماليك الذين يحكمونكم." فرنسا هي الدولة الوحيدة التي غزت شعبابطمأنته بحبها. وهذا ادعاء لا يصدق! حل الفرنسيون بالجزائر باعتماد نفس أسطورة الشعب المحرر. فرنسا قالت للعرب "سنحرركم من الظلمات لندخلكم في الأمة الكبيرة: فرنسا." وابتداء من 1848، أصبحت الجزائر قسما من فرنسا. وهو وضع استثناء تم بسرعة قياسية ليس لها مثيل في التاريخ الاستعماري. في 1863، شكل المحاربون الجزائريون الحرس الامبراطوري الذي يرابض أمام حديقة قصر تويرلي، بعد المشاركة في في حملات الامبراطورية الثانية، في ايطاليا، المكسيك وفي شبه جزيرة القرم. سنة 1870، حارب الآلاف من المقاتلين الجزائريين مع فرنسا في مواجهة الألمان. في تلك الفترة، كان كبار الجمهوريين يحثون فرنسا لخلق قوات متجددة في مستعمراتها.
حرب الجزائر إذن هي السبب في تبديد هذا الخيال؟
لقد نقلت الى الأرض الفرنسية توترا تواجد لأكثر من مائة وثلاثين سنة في الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط. لكن الرابط يبقى متناقضا لكون فرنسا تدخل أكثر من مائة ألف عامل سنويا للبلاد. فسنوات الازدهار الاقتصادي التي عرفتها فرنسا ما بين 1945 و 1973 ، ستعتمد كثيرا على هؤلاء العمال الذين تم استقدامهم، في نفس الوقت الذي كانت تتم فيه محاربة مواطنيهم في الجزائر. التغيير الحقيقي، هو التجمع العائلي، انطلاقا من سنة 1973، وذلك بوصول "الأمهات". حينئذ بدأ الفرنسيون يفهمون أن "العرب" سيبقون في البلد. لتندلع بعد ذلك سلسلة من الجرائم العنصرية، في الفترة الممتدة بين سنوات 1971 و 1983، خلفت عشرات الضحايا في الجنوب الفرنسي على الخصوص.
كردة فعل على ذلك، شهدت فرنسا ميلاد حركة قوية مناهضة للعنصرية سنة 1980؟
بداية ذلك كانت ب "la marche des beurs" الشهيرة، وهي مسيرة طالبت بالمساواة ومواجهة العنصرية، والتي نحتفل هذه الأيام بذكراها الثلاثين. قبل هذه المسيرة، كانت مطالب الجيل الاول من المهاجرين تتمحور حول تحسين ظروف العمل. لكن انطلاقا من بداية الثمانينيات، خرج الجيل الثاني من الأبناء للقول "لا، لن نعود إلى "البلاد""،. مسيرة سنة 1983، هي أيضا استمرار لثورة المقاتلين الجزائريين لسنة 1975، وشكل جديد للمطالب السياسية لأبناء المهاجرين، في ظل المسيرة والنضال من أجل الحقوق المدنية للأفرو-أمريكيين التي انطلقت في سنة 1963، في الولايات المتحدة الأمريكية. منذ ذلك الحين، أصبح "العرب" الأوائل "مرئيين" بشكل من الأشكال. ليستمدوا بعد ذلك القوة الإعلامية للخروج من حالة اللامبالاة التي كانوا يواجهونها.
لماذا يبدو أن الجيل الجديد من المهاجرين ينطوي على الدين؟
بدون شك أن هؤلاء الشباب الذين يعتبرون فرنسيين لازديادهم في فرنسا، يحسون في نفس الوقت أنهم مواطنون ومهاجرون. فهم يشكلون هوية معقدة، نتجت عن ما بعد الاستعمار. الانطواء على الدين، بالنسبة للكثيرين منهم، هو طريقة للرد على بلد لا يرغب بهم. هؤلاء الشباب تم استخدام أجدادهم وآبائهم في حفر الخنادق وبعد ذلك في ورشات البناء، ويقال لهم في نفس الوقت أنهم ليسوا فرنسيين. في الواقع، المخاوف التي تتركز على الإسلام اليوم ليست سوى شكلا جديدا لرفض العرب.
هل يتخذ هذا الرفض حدة غير مسبوقة؟
خلال سنوات 1892-1998 ، كان هناك العشرات من الجرائد المعادية للسامية في الأكشاك الفرنسية، كما كان كتاب "فرنسا اليهودية" لدرومونت واسع الانتشار. وهنا أيضا كان الأمر يتعلق بالعنصرية أكثر منه بالدين. وعرفت فرنسا نفس الأمر بالنسبة للعرب. إلى ذلك، 12 أو 13 مليون فرنسي، من يهود ومسيحيين ومسلمين، يتموقع جزء من تاريخهم في الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط. فرنسا هي أيضا قوة كبرى عربية -شرقية، وهو أمر يجب الحديث عنه والوعي به. سنة 1945، كان التكهن بوجود كتاب تاريخ ألماني-فرنسي مشترك وحكم فرنسا من طرف رئيس ألماني ، ضربا من الأحلام الخيالية...لكن هذا أمر عشناه. يوما ما، سنكتب كتاب تاريخ مدرسي كبير كهذا في داكار، الجزائر، وغيرها. سنكون اذن قادرين على توجيه هذا التاريخ معا. وكتابي "فرنسا العربية-الشرقية" ، هو طريقة لبدء كتابة هذا التاريخ المشترك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.