يتذكر المغاربة البوليميك السياسي والإيديولوجي الذي صنعته بعض الأسماء الأمازيغية، رفضت الدولة تسجيلها بالسجلات الرسمية للحالة المدنية بدعوى عدم ملاءمتها لما تنص عليه المادة 21 من قانون الحالة المدنية. صراع وصلت شرارته إلى ردهات محاكم المملكة، التي أصدرت أحكاما وقرارات تتراوح بين القبول والرفض، الشيء الذي خلق ضبابية في مشروعية المعايير التي ينبغي اعتمادها في اختيار أسماء المواليد، خاصة عندما يتعلق الأمر بمجتمع أمازيغي يعتبر الإسم جزء لا يتجزء من الهوية والانتماء، وشرطا أساسيا يحكم ثقافة القبيلة والأجداد. "اليوم24" يعيد استحضار هذا السجال، لتنوير الرأي العام، ولنفض غبار قضية ساهم تعصب الأطراف لها في تأجيج واقع العلاقات بين عرقين تجمعهما أشياء كثيرة ولا يفرقهما إلا القليل. أسر لم تفلح في تسجيل مواليدها بأسماء أمازيغية ملفات عديدة تداولها الرأي العام الوطني وحركت سكون المنظمات الحقوقية والأمازيغية خلال السنة الفارطة، وتخص المنع الذي طال مجموعة من الأسماء الأمازيغية التي اختارها الآباء لأبنائهم، ومن ذلك قضية المولود "ماسين" الذي رفضت مصلحة شؤون الحالة المدنية بالمقاطعة الأولى لمدينة الخميسات، تسجيل اسمه بدفاتر الحالة المدنية، ومن ذلك أيضا "زيري" المولود الذكر الذي احتجت أسرته بأكاديرعلى عدم السماح لها بتسجيل مولودها بهذا الإسم. وبأوطاط الحاج رفضت مصالح الحالة المدنية تسجيل مولود ذكر بإسم أيور والذي يعني الهلال، ثم بمنطقة الريف منعت مصالح الحالة المدنية من تسمية مولود بسيفاو.
أسر انتصرت على المنع.. رفض تسجيل بعض المواليد بأسماء أمازيغية يقابله تساهل لمصالح الحالة المدنية ببعض الجهات والأقاليم، وهذا ما يؤكده موظف بقسم الحالة المدنية لجماعة عين اللوح بضواحي مدينة أزرو، في تصريح سابق، حيث قال بأنه لم يعد هناك أي منع فيما يتعلق باختيار بعض الأسر لأسماء أمازيغية تطلقها على مواليدها، فقط يتم تنبيه المصرح بالإزدياد لمضامين المادة 21 من قانون الحالة المدنية، وما عدا ذلك فكل الأسماء تلقى التجاوب والقبول كاسم تثريت مثلا. في ذات السياق، أكد مصدر من المجلس البلدي لخنيفرة أنه ناذرا ما تحصل اصطدامات بسبب الأسماء الأمازيغية أو أسماء أخرى غير معروفة وتستوجب الاستفسار، وذلك لسببين اثنين، أولهما تفهم الدولة لموقع الأمازيغية وخصوصيتها خاصة بعد الدستور الجديد الذي أقر الأمازيغية لغة رسمية للبلاد بالإظافة إلى العربية. وثانيا لكون الفاعل الأمازيغي لا يعطي اهتماما كثيرا لمسألة التمييز بين الإسم الأمازيغي والعربي، ومع قانون الحالة المدنية الجديد والمعدل تم تجاوز الخلاف الذي تسبب فيه القانون الذي أصدرته وزارة الداخلية سنة 1995 والذي يمنع تسجيل المواليد بأسماء أمازيغية، يؤكد نفس المصدر. المادة 21 من قانون الحالة المدنية .. قبل 3 سنوات، حل الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، امحند العنصر، باعتباره وزيرا للداخلية، بمجلس المستشارين من أجل توضيح سبب المنع الذي تتعرض لها الأسماء الأمازيغية، فجاء رد وزير الداخلية. وهو أعلم بالأمازيغية من غيره بحكم انتمائه لبلدة إموزار مرموشة ببولمان، نافيا ما يتردد بشأن منع السلطات المحلية من تسجيل أسماء بعينها لأنها أمازيغية. وأكد في نفس اللقاء أن لائحة الأسماء الممنوعة أو المسموح بها قد تم إلغاؤها سنة 2003، كما تم إصدار منشور في سنة 2010 يؤكد على عدم منع أي إسم إلا مايخالف المادة 21 من قانون الحالة المدنية. وبالرجوع إلى مضمون المادة 21 من قانون الحالة المدنية، نجدها تحدد شروط اختيار الإسم من خلال تنصيصها على ما يلي "يجب أن يكتسب الإسم الشخصي الذي اختاره من يقدم التصريح بالولادة طابعا مغربيا وألا يكون إسما عائليا أو إسما مركبا من أكثر من إسمين أو قرية أو قبيلة وألا يكون من شأنه أن يمس بالاخلاق أو النظام العام، كما لا ينبغي أن يكون مشفوعا بأي كنية أو صفة مثل "مولاي" أو "سيدي" أو "لالة". المجتمع المدني فاعل أساسي في صناعة الوحدة والتوافق إن تأكيد الارتباط بين الانتماء الأمازيغيي ومحدداته، يمر بالأساس عبر مراكمة لأشكال من الوعي الكاشف لحقيقة البنية الكلية لهذا الأصل. وهذا ما أسهم في إنتاج شبكة من الجمعيات والمنضمات الأمازيغية، هدفها الأساسي الدفاع عن الهوية الأمازيغية والعمل على تقعيد شروط مأسستها، لا من منطلق الجانب الثقافي والفلكلوري وحسب، وإنما عبر إنعاش الجانب الفكري والسياسي والعلمي، وبسط شروط الفهم الحقيقي للمكون الأمازيغي الضارب في عمق التاريخ، لذلك ليس من باب العبث القول بحرية اختيار الإسم كوثيقة دالة على الهوية. لكن ما يتم تسجيله في هذا الإطار، الارتباط الذي نشأ بين المكون الثقافي الأمازيغي والمكون الثقافي العربي، والذي يجد ترجمته في التعايش المستمر، حيث يخلق هذا التعايش توليفة خاصة تتحدى العصبية والتطرف، وكل أشكال التمييز التي يراهن عليها "أعداء" الوحدة والانسجام. الأسماء الأمازيغية والعربية بخنيفرة وحدة متطابقة مع ذاتها بمدينة خنيفرة، تمتزج الأسماء الامازيغية بالعربية، ويصنعان معا توليفة خاصة تنأى بنفسها عن إيديولوجية العصبية والتشدد التي يسعى البعض إلى تكريسها. سؤال الانتماء يذوب بشوارع ودروب عاصمة زيان، ويصير معطى الوطن قاسما مشتركا تلتئم تحته مختلف الأعراق والاجناس والألوان، فلا فرق بين عقى وحمو وتودة ومحمد وعلي والقائمة تطول، وليس هناك إحساس بعزلة المكان وغربة الوجود بالنظر إلى جهل البعض للسان العربي أو جهل البعض الآخر من الوافدين على المجتمع الاطلسي للسان الأمازيغي، بل اختلاف الأسماء واللغات يدفع نحو تعزيز الشعور بالتضامن والالتحام.