المناظرة الوطنية الأولى للذكاء الاصطناعي تستقطب أزيد من ألفي مشارك وتُرسي دعائم رؤية وطنية طموحة    وزير الداخلية يترأس حفل تخرج الفوج الستين للسلك العادي لرجال السلطة        "الصحة العالمية": انقطاع الوقود 120 يوما يهدد بتوقف كامل للنظام الصحي في غزة    كأس العالم للأندية.. بونو وحكيمي ضمن التشكيلة المثالية للدور ثمن النهائي        المهدي بنسعيد : صناعة الألعاب ال0لكترونية قطاع واعد يساهم في تعزيز الإقتصاد الرقمي والتنمية المستدامة    النقاش الحي.. في واقع السياسة وأفق الدستور! -3-    المنتخب المغربي النسوي يرفع وتيرة التحضيرات قبل افتتاح "كان السيدات 2025"    الهلال السعودي يعزز هجومه بعبد الرزاق حمد الله قبل مواجهة فلومينينسي في المونديال    تطوان.. تفكيك خلية إرهابية موالية لتنظيم "الدولة الإسلامية" تنشط بين تطوان وشفشاون    وفاة سجين معتقل على خلفية قانون مكافحة الإرهاب بالسجن المحلي بالعرائش    الوقاية المدنية بطنجة تسيطر على حريق أعشاب سوق درادب    تمديد أجل إيداع ملفات طلبات الدعم العمومي للصحافة والنشر والطباعة والتوزيع إلى غاية 30 شتنبر المقبل    اعتقال اللاعب الجزائري يوسف بلايلي في مطار باريس    ألا يحق لنا أن نشك في وطنية مغاربة إيران؟    تعزيز التحالف الدفاعي بين المغرب والولايات المتحدة يُمهّد لشراكة استراتيجية أعمق    مطار الحسيمة ينتعش مجددا.. ارتفاع ب12 في المئة وعدد الرحلات في تصاعد    تفكيك شبكة نصب واحتيال خطيرة استهدفت ضحايا بهويات وهمية بجرسيف    نشرة إنذارية.. موجة حر مع الشركي وزخات قوية مرتقبة بالمملكة    كلمة .. الإثراء غير المشروع جريمة في حق الوطن    بالصدى .. «مرسوم بنكي» لتدبير الصحة    بحث يرصد الأثر الإيجابي لبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر على الأسر المغربية    مع اعتدالها قرب السواحل وفي السهول الداخلية .. يوعابد ل «الاتحاد الاشتراكي»: درجات الحرارة في الوسط والجنوب ستعرف انخفاضا انطلاقا من غد الجمعة    5 أعوام سجنا للرئيس السابق للرجاء محمد بودريقة مع المنع من إصدار الشيكات    تجاذب المسرحي والسرد الواقعي في رواية «حين يزهر اللوز» للكاتب المغربي محمد أبو العلا    في لقاء عرف تكريم جريدة الاتحاد الاشتراكي والتنويه بمعالجتها لقضايا الصحة .. أطباء وفاعلون وصحافيون يرفعون تحدي دعم صحة الرضع والأطفال مغربيا وإفريقيا    نتائج بورصة البيضاء اليوم الأربعاء    "المنافسة": سلسلة التوزيع ترفع أسعار الأغذية وتتجاهل انخفاضات الموردين    "تلك القبضة المباركة".. أسطورة بونو تتجذر من مونديال لآخر    موجة الحرارة تبدأ التراجع في أوروبا    تفكيك خلية "داعشية" بين تطوان وشفشاون شرعت في التحضير لمشروع إرهابي    إيران تعلق التعاون مع الطاقة الذرية    تيزنيت تستعد لاحتضان الدورة الجديدة من «الكرنفال الدولي للمسرح»    ندوة توصي بالعناية بالدقة المراكشية    ‬بعد جدل "موازين".. نقابة تكرم شيرين        سعر النفط يستقر وسط هدوء مؤقت    أنغام تخرج عن صمتها: لا علاقة لي بأزمة شيرين وكفى مقارنات وظلم    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    عائلة برلوسكوني تبيع نادي مونزا الإيطالي لصندوق أمريكي    اعتراف دولي متزايد بكونفدرالية دول الساحل.. مايغا يدعو إلى تمويل عادل وتنمية ذات سيادة    التنسيقية المهنية للجهة الشمالية الوسطى للصيد التقليدي ترفع مقترحاتها بخصوص '' السويلة '' للوزارة الوصية    الرعاية الملكية السامية شرف ومسؤولية و إلتزام.        دورتموند يعبر مونتيري ويضرب موعدا مع الريال في ربع نهائي كأس العالم للأندية    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع المدافع الإيطالي رودجيري قادما من أتالانتا    ترامب يحث حماس على قبول "المقترح النهائي" لهدنة 60 يوما في غزة    نيوكاسل الإنجليزي يعتذر عن مشهد مسيء في فيديو الإعلان عن القميص الثالث    ملتقى فني وثقافي في مرتيل يستكشف أفق البحر كفضاء للإبداع والتفكير    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    أكادير تحتضن أول مركز حضاري لإيواء الكلاب والقطط الضالة: المغرب يجسّد التزامه بالرفق بالحيوان    وقت الظهيرة في الصيف ليس للعب .. نصائح لحماية الأطفال    حرارة الصيف قد تُفسد الأدوية وتحوّلها إلى خطر صامت على الصحة        ضجة الاستدلال على الاستبدال    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترسيم الأمازيغية في المغرب لم يحل مشكلة الأسماء
نشر في هسبريس يوم 27 - 10 - 2011

أنعش التنصيص على الأمازيغية في الدستور المغربي الآمال بإنهاء مشكلة منع تسجيل الأسماء الأمازيغية في مكاتب الحالة المدنية. لكن التطبيق العملي ما يزال يصطدم بصعوبات. دويتشه فيله حاولت تقصي الأسباب.
أنير، أيور، تيتريت، تيليلا، سيفاو... كلمات أمازيغية تعني بالعربية: نجم ساطع، قمر، نجمة، نجاة، منير. هذه الكلمات اختارها مغاربة أمازيغ أسماء لمواليدهم، بيد أن السلطات المغربية ترفض أحيانا تسجيلها في دفاتر الحالة المدنية. وتعلل ذلك بأنها غير موجودة ضمن لائحة الأسماء التي تسمح بها اللجنة العليا للحالة المدنية المسؤولة عن تحديد الأسماء أو لأنها تعتبرها أسماء "أجنبية" أو "مخلة بالحياء".
هذا الوضع دفع الكثير من الآباء إلى تغيير الاسم الذي اختاروه لمولودهم باسم آخر موضوع في اللائحة المذكورة، بينما جعل كثيرين آخرين يصرون على الاسم الذي اختاروه، ومقاضاة الجهات المسؤولة عن رفضه. إدريس بولجاوي واحد من هؤلاء، فالسلطات المغربية في مكناس (وسط المغرب) كانت قد رفضت قبل سنتين تسجيل ابنه في الحالة المدنية باسم "سيفاو"، الذي يعني بالعربية مشع أو مضيء، بدعوى أن هذا الاسم ليس موجودا في قائمة الأسماء المسموح بها.
لكن بولجاوي لم يستسلم للأمر بل رفع دعوى قضائية ضد وزارة الداخلية أمام المحكمة الإدارية. وأتى حكم المحكمة في صالحه، فالمحكمة طعنت في قرار الرفض واعتبرته "شططا في استعمال السلطة". ويعتبر هذا أول حكم من نوعه في المغرب فيما يخص موضوع الأسماء الأمازيغية.
وعندما يحكي إدريس بولجاوي ل دويتشه فيله قصته يقول: "ساورني إحساس أبشع من التمييز العنصري عندما رفض ضابط الحالة المدنية تسجيل الاسم الذي اخترته لابني.أحسست وكأنني لا أنتمي إلى هذا الوطن أو أن هؤلاء لا ينتمون إلى الأرض التي نشأت فيها."
شروط اختيار الاسم في المغرب
وتنص المادة 21 من قانون الحالة المدنية المغربي على أن "الاسم الشخصي المختار عند التصريح بالولادة يجب أن يكتسي طابعا مغربيا، و ألا يكون اسما عائليا أو اسما مركبا من أكثر من اسمين أو اسم مدينة أو قرية أو قبيلة، وأن لا يكون ما من شأنه أن يمس بالأخلاق أو النظام العام". ورغم أن هذا القانون لا ينص صراحة على ما يمنع إطلاق الأسماء الأمازيغية إلا أن بعض ضباط الحالة المدنية يتذرعون به في رفضهم لهذه الأسماء. لهذا تحدث حالات أغرب بكثير من من قصة سيفاو مثل قصة الطفل "أيور" أو "قمر".
لقد ولد "أيور" في سنة 2004 بمدينة ميسور وسط المغرب، وسجل بهذا الاسم في مكتب الحالة المدنية. وبعد مضي ست سنوات أراد والده تسجيله في المدرسة. وعندما طلب من ضابط الحالة المدنية عقد ازدياد (شهادة ميلاد) لهذا الغرض رفض الضابط ذلك. فاسم الطفل "مرفوض بدعوى أنه يعني كلمة مخلة بالحياء في اللغة العربية الكلاسيكية.".
والغريب في هذه القصة أن هذا الضابط كان هو نفسه الذي سجل "أيور" عند ولادته. ومن حسن حظ الطفل أن المدرسة تساهلت معه وقبلت دخوله إليها باسمه العائلي فقط، فلولا ذلك لربما حرم من التعلم لهذا السبب.
اختلاف التعامل مع الأسماء الأمازيغية
ادريس الذي ربح الدعوى التي رفعها ضد ضابط الحالة المدنية، يقف اليوم إلى جانب عائلة "أيور" التي هي بصدد رفع دعوى قضائية لتسجيل ابنها. ويقول بولجاوي إن السبب في رفض اسم أيور "لا يرجع إلى سياسة الدولة بل إلى عقليات فردية ترسخت فيها العنصرية." ويضيف في حديثه ل دويتشه فيله "الاسم اعتبر حسب السلطات مخلا بالحياء في العربية لكن لا يجوز الانطلاق من لغة ما للحكم على لغات أخرى، وإلا لبطل الكثير من الأسماء العربية التي لها معان مخلة بالحياء في الأمازيغية."
وفي شهر أغسطس/ آب الماضي، أي بعد مضي شهر واحد على ترسيم الأمازيغية، رفض أحد ضباط الحالة المدنية بمدينة ورزازات جنوب المغرب تسجيل طفلة باسم "إيلي" وتعني ابنتي. وعلل الضابط رفضه هذا بكون الاسم غير مدرج على لائحة الأسماء المعتمدة، لكن بعد أن توسط موظف آخر بنفس المصلحة للأب لدى الضابط، قبل الأخير وسجل الاسم.
يتساءل الكثيرون في المغرب وخاصة النشطاء الأمازيغ عن السبب في منع الأسماء الأمازيغية رغم أن الدولة عبرت في مناسبات عدة عن عدم رفضها لهذه الأسماء. وآخر موقف رسمي بهذا الخصوص صدر في مذكرة لوزارة الداخلية في شهر أبريل/ نيسان من العام الماضي تقول "إن لائحة الأسماء الشخصية المقبولة والمرفوضة التي وضعتها اللجنة العليا للحالة المدنية في وقت سابق كانت فقط على سبيل الإستئناس ليس إلا. كما أنه لم يعد معمولا بها منذ صدور قانون الحالة المدنية الجديد حيز التنفيذ عام 2003".
وتضيف المذكرة أن الأسماء المغربية تضم الأسماء الأمازيغية التي قد يختلف معناها من منطقة إلى أخرى دون أن تحدد هذه الأسماء. لكن رغم ذلك فإن بعض ضباط الحالة المدنية مازالوا يصرون على اعتماد هذه اللوائح ورفض تسجيل أسماء معينة مثل سيفاو مثلا رغم صدور حكم قضائي لصالحه.
تعسفات فردية على الرغم من وضوح القانون
ويرجع أحمد عصيد عضو المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات والباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مشكلة الأسماء الأمازيغية في المغرب إلى "مزاج" بعض ضباط الحالة المدنية الذين لا يريدون تسوية المشكلة رغم إرادة الدولة بهذا الخصوص. ويقول عصيد في حوار مع دويتشه فيله إن "الدليل على أن هذا المنع غير قانوني هو أن بعض هؤلاء الضباط يتراجعون عن قرار المنع بمجرد تدخل من شخص آخر." ويضيف الناشط الأمازيغي أن "اسم سيفاو مثلا تم منعه لأكثر من مرة رغم صدور حكم قضائي بتسجيله. هذه تعسفات فردية متأثرة بالسياسات العنصرية السابقة ضد الأمازيغ".
من جهته يرى محمد الخليفة العضو القيادي في حزب الاستقلال الذي يقود الائتلاف الحكومي أن لكل فرد الحق في تسمية أبنائه بالأسماء التي يريدها والتي تعبر عن هويته وانتمائه. وقال الخليفة ل دويتشه فيله: "منذ أول يوم ظهرت فيه لائحة الأسماء المسموحة والمرفوضة، كنت شخصيا ضدها وقاومت هذا الأمر". ويشدد الخليفة على أنه "من الظلم أن تمنع تسمية شخص باسم يدل على ثقافته"، مضيفا أن حزبه لا يؤيد رفض تسجيل الأسماء الأمازيغية، داعيا المتضررين من هذا المنع إلى "تشكيل ائتلاف للدفاع عن هذا الحق".
ترسيم الأمازيغية يساعد على حل المشكلة
ويعتقد عصيد أن مشكلة الأسماء الأمازيغية ستعرف تراجعا بعدما نص الدستور الجديد على الأمازيغية كلغة رسمية ويضيف الناشط الأمازيغي "المنع تراجع أصلا منذ مذكرة وزارة الداخلية الأخيرة وسيتراجع بشكل أكبر بعدما أصبحت الأمازيغية لغة رسمية للبلاد." ويعرب عصيد عن اعتقاده أن المشكلة الرئيسية تكمن أساسا في بعض العقليات التي لا تتقبل الأمازيغية، ولولا ذلك لحلت المشكلة حتى قبل ترسيم الأمازيغية.
أما عبد الرحيم منار السليمي الخبير السياسي المغربي وأستاذ القانون الدستوري فيعتقد أن المشكلة تكمن في غياب التواصل بين هياكل السلطة والأعوان المحليين. أي أن هناك قرارات تتخذ من طرف السلطة، لكن المصالح المحلية تشتغل بالاعتماد على السياسات القديمة. ويضيف السليمي في مقابلة مع دويتشه فيله أن "مشكلة غياب التواصل هذه تجعل مسألة منع الأسماء بمثابة سلطة تقديرية غير قانونية يمارسها بعض الأعوان المحليين حيث أن بعضهم يقدم منعا شفويا فيما المنع القانوني يجب أن يكون مكتوبا بالضرورة."
ويضيف السليمي القول: "الدولة تغير فوقيا قوانينها لكن هذه الأخيرة لا يكون لها نفاذ على المستوى المحلي." ويرى أستاذ القانون الدستوري أن الأمازيغية معترف بها الآن دستوريا لكن نفاذ القاعدة الدستورية واستقرارها يحتاج لمدة زمنية قد تصل إلى عام حيث يحتاج الأمر إلى قانون تنظيمي ليصل إلى الأعوان والمصالح المحلية في البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.