ورشة عسكرية مشتركة بين المغرب وموريتانيا لتعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب وأمن الحدود    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمكناس تدق ناقوس الخطر بشأن تردي أوضاع الحقوق والحريات    أطباء القطاع الحر يعقدون مجلساً وطنياً موسعاً بالدار البيضاء احتجاجاً على تأجيل الانتخابات وإقصائهم من مراجعة القانون 08.12    روبيو في إسرائيل للإعراب عن دعم أمريكا لها وسط غضب عربي وإسلامي في قمة الدوحة بعد العدوان على قطر    طقس الأحد.. جو حار نسبيا بعدد من مناطق المملكة    القانون المسطرة الجنائية.. محطة مفصلية في ورش الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة    أوكرانيا تقول إنها تحتاج 120 مليار دولار للدفاع    بحضور لشكر.. برلماني: الناس وخا منديرو لهم والو غيصوتو علينا والمقعد مضمون غي تهناو!    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    موريتانيا وإسبانيا.. نحو شراكات اقتصادية واعدة    الجزائر والبوليساريو في مرمى الاتهامات: تقارير تكشف ممارسات "عبودية معاصرة" داخل مخيمات تندوف    إسرائيل تواصل حرب الإبادة على غزة: عشرات القتلى وتدمير أبراج ومدارس وسط موجات نزوح وتجويع    العدالة والتنمية بتطوان يطلق مجموعة من الأوراش السياسية وعلى رأسها ملف الانتخابات    تحضيرا للمونديال.. المغرب يطمح لاقتناء نحو 7000 حافلة صينية جديدة بحلول عام 2030، نصفها يعمل بالطاقة الكهربائية    الداخلة.. حجز 6,8 طن من الأسماك واعتقال 12 شخصاً: ملف جديد يسلّط الضوء على التهريب البحري    أمين حارث يواصل مشواره الأوروبي مع باشاك شهير التركي    الجيش الملكي يبدأ موسمه بانتصار على اتحاد يعقوب المنصور    انفجار في مطعم يخلف 25 جريحا بمدريد    "السكك الحديدية": موسم صيفي ناجح    منتدى عائلات الرهائن الإسرائيليين: نتانياهو "عقبة" أمام إنهاء حرب غزة    توقيف شاب بالقنيطرة بعد ظهوره في فيديوهات سياقة استعراضية تهدد سلامة المواطنين    قضية خيانة زوجية.. محكمة تستبدل الحبس ب 180 ساعة خدمة للمجتمع    مدرب جزر القمر يتحدث عن مواجهة فريقه المرتقبة ضد المغرب            آلاف النازحين من غزة مع استمرار الهجمات الإسرائيلية وتدمير المباني        ميناء الناظور .. انخفاض ب10 في المائة للكميات المفرغة من منتجات الصيد البحري    آلية جديدة لمراقبة مواظبة التلاميذ والأساتذة مع بداية السنة الدراسية    حياة الكلاب..حياة الماعز    المطبخ المغربي يتألق في القرية الدولية لفنون الطهي بباريس    منظمة الصحة العالمية تسجل ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بالكوليرا    دراسة : التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري    كأس ديفيز.. المغرب يتقدم على جنوب إفريقيا بنتيجة(2-0)    "باراماونت" تنتقد تعهد فنانين بمقاطعة مؤسسات سينمائية إسرائيلية    بنهاشم: الوداد سيواجه اتحاد يعقوب المنصور دون تغييرات كبيرة    ابن الحسيمة الباحث عبد الجليل حمدي ينال شهادة الدكتوراه في الكيمياء العضوية    المغرب يستقبل 723 حافلة صينية استعدادًا لكأس أمم إفريقيا    شفشاون.. البحرية المغربية تنتشل جثة شخص قبالة شاطئ الجبهة    ارتفاع حالات الكوليرا حول العالم    كأس إفريقيا للأمم 'المغرب 2025': الكاف ولجنة التنظيم المحلية يحددان موعد انطلاق بيع تذاكر المباريات    الجامعة المغربية لحقوق المستهلك مستاءة من الاختلالات في العلاقة التعاقدية بين الأبناك والمستهلكين    ازدواجية الجزائر تتكشف.. تصويت نيويورك يكذب خطابها عن فلسطين: صوتت على قرار يطالب بإنهاء حكم حماس لغزة وتسليم أسلحتها            أمريكا تؤكد مطابقة المصايد المغربية لمقتضيات القانون الأمريكي الخاص بحماية الثدييات البحرية (MMPA)    زلزال بقوة 7,4 درجات يضرب سواحل كامتشاتكا الروسية وتحذيرات من تسونامي    سفير المغرب يفتتح معرض الفن العربي بواشنطن بدعم مغربي    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    حجز 260 وحدة من الشهب الاصطناعية المحظورة            إسبانيا تتحرك لاحتواء بؤر إنفلونزا الطيور.. إعدام طيور وإغلاق حدائق    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إقالة وليست استقالة
نشر في اليوم 24 يوم 09 - 08 - 2017

كما نزل فؤاد عالي الهمة من جرار البام تحت ضغط الشارع سنة 2011، وقبل أن يبلغ مراده من تأسيس حزب الدولة، نزل العماري من حزب الأصالة والمعاصرة تحت ضغط الدولة، الراعي الرسمي لهذا الكيان السياسي، بعدما ظهر لها أن ابن الريف لم يعد رجل المرحلة.
لم يعثر الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة على «تخريجة» ذكية أو مناسبة للنزول من على الجرار، وجاء في الندوة الصحافية يوم أمس ليقول للصحافة كلاما لا يصدقه حتى الأطفال.. قال: «لم أكن أنوي تقديم استقالتي في بداية اجتماع المكتب السياسي للحزب حتى استمعت إلى تقارير عن الأداء البرلماني والجماعي لمندوبي الحزب. عندها قررت أن أتحمل مسؤولية اختيار هؤلاء، وتقديم استقالتي من قيادة الحزب لكي أقدم الحساب».
عندما يبالغ شخص في إخفاء الحقائق لا يعمل إلا على إظهارها (من شدة الخفاء الظهور)، وإلياس العماري لم يفلح في تغطية قرار سياسي نزل من الأعلى، وطلب منه أن يتنحى عن قيادة حزب الإدارة الجديد لأسباب لا علاقة لها بأداء برلمانييه، ولا بمستوى تدبير رؤساء المجالس الجماعية والقروية التابعين له… هل كان عاقل ينتظر من خليط من الأعيان، والتجار، والشناقة، ويساريين متقاعدين، وسياسيين جربوا جل ألوان الانتماء الحزبي قبل أن يركبوا موجة البام.. هل كان أحد ينتظر من هؤلاء تدبيرا «ذكيا» للشأن العام، وأداء مميزا في برلمان دخله جلهم من أجل الوجاهة أو الراتب أو خدمة مصالحه، أما الحزب فرشحهم دون تدقيق في هوياتهم السياسية والاجتماعية والمهنية والأخلاقية، فقط لأنه يريد أن يشغل مقاعد في البرلمان لا تريد الدولة أن يجلس عليها من يستحقها.
لا أحد ممن تحدثت إليهم يوم أمس صدق أن إلياس العماري غادر قيادة البام لأن الخطاب الملكي أيقظ داخله ضميرا كان نائما، ونبهه إلى ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، ولأحد صدق، حتى من رفاقه، أن قائد الجرار نزل طواعية من غرفة القيادة. الجميع مقتنعون بأن وراء الأمر ما وراءه، وأنه لا يخرج عن احتمالات أربعة لهذا الخروج المفاجئ من الباب الصغير للسياسة:
الاحتمال الأول يقول إن الدولة أزاحت إلياس العماري من رئاسة الحزب لتمهد للتراكتور الطريق لدخول حكومة ائتلاف وطني مع العدالة والتنمية، فمادام هذا الأخير كان يعتبر إلياس العماري خطا أحمر، فإن الحل هو إبعاد الأخير عن الحزب لتسهيل إدماجه في الحكومة، واستخراج شهادة ميلاد جديدة له. أنا شخصيا لا أرى أن هذا احتمال راجح لأن حكومة العثماني شبه حكومة وحدة وطنية، تشارك فيها ستة أحزاب، ويساندها حزب الاستقلال، ومن بقي خارجها فلا يمثل شيئا من الناحية السياسية والاجتماعية، اللهم إلا إذا أرادت الدولة أن تقضي على البقية الباقية من حزب العدالة والتنمية بعد إزاحة زعيمه وتقسيم صفوفه.
الاحتمال الثاني أن وراء إبعاد العماري عن قيادة البام أن الدولة تريد عقابه، من جهة، لأنه لم يحقق النتائج المطلوبة في السابع من أكتوبر، رغم كل الدعم الذي استفاد منه، وترك المجال مفتوحا للعدالة والتنمية ليحقق نصرا كبيرا في انتخابات 2015 وفي انتخابات 2016، كما أن العماري لم يلتزم بأصول الخدمة في كنف المخزن الذي لا يقبل من «خدامه» أن يناوشوا، أو يتمردوا، أو يهددوا بإخراج أسرار الليل أو النهار، أو يجترحوا لأنفسهم مساحة للعب الحر… منذ إعلان نتائج الاقتراع، ولجوء الدولة إلى قطعة غيار جديدة/قديمة (حزب الأحرار بقيادة أخنوش)، أصيب العماري بالجنون، ولجأ إلى إطلاق نار عشوائي في كل الاتجاهات، والآن جاء وقت الحساب.
أما الاحتمال الثالث فهو أن استقالة العماري من قيادة البام كانت بإيعاز من الدولة، لتعطي المثال لباقي زعماء الأحزاب الذين لم يفهموا خطاب الملك، ولم يتنحوا عن قيادة أحزابهم. الدولة تقول لهم ‘‘إننا بدأنا بحزبنا، وأطحنا برأسه من أجل تطهير قيادات الأحزاب غير الملائمة للمرحلة، وما عليكم إلا أن تحلقوا رؤوسكم بأنفسكم إذا رأيتم رأس البام يحلق'' (إذا رأيتهم يحلقون رأس جارك فبلل رأسك). الدولة تريد خلخلة مشهد حزبي راكد، لا يخدم إلا العدالة والتنمية الذي يحرث الأرض لوحده، ويحصد لوحده، ويبيع الغلة في الانتخابات لوحده.
أما الاحتمال الرابع فهو أن الدولة تريد أن تنزع الغلاف القديم للبام الذي أصبح مكلفا لها ولصورتها، باعتبار الجرار رمزا للتحكم، وأن هناك خطة لإدماج البام في الأحرار على مراحل، تبدأ بالتنسيق ثم التحالف ثم الاندماج، وذلك لتحقيق هدفين؛ أولا أخراج العدالة والتنمية من الحكومة، إذا حصل بنكيران على ولاية ثالثة على رأس حزبه في المؤتمر المقبل، حتى لا يعود الزعيم إلى الواجهة أكثر قوة مما كان. وثانيا، للتخلص من البام في صيغته القديمة، وحل إشكالية أزمة القيادة داخله، وإرجاعه إلى حزب عادي مثل الاتحاد الدستوري الذي مر من المسار نفسه.
الاحتمالات الأربعة غير متناقضة، وقد تتداخل عناصرها لتعطي تفسيرا لهذا الحدث الذي سيكون له ما بعده داخل الحقل السياسي، الذي قررت الدولة من الأعلى إعادة هيكلته وفق منظورها الخاص للمرحلة، وباستحقاقاتها، لكن المغاربة يقولون في مثلهم الدارج: «اللي كيحسب بوحدو كيشيط ليه».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.