في التفاصيل، كشفت مصادر أن وزارة الداخلية عمّمت تعليمات صارمة على كافة مصالحها الإقليمية والمحلية، تدعو إلى الالتزام بمجموعة من الإجراءات التنظيمية والتنفيذية، بهدف إنجاح القرار الملكي الداعي إلى عدم ذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى هذه السنة، وذلك نظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وفي مقدمتها تداعيات الجفاف وارتفاع كلفة تربية الماشية وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين. وتنص التعليمات الوزارية على إغلاق المسالخ البلدية خلال يوم العيد، ومنع فتح الكراجات وأماكن البيع الموسمية الخاصة بالمواشي داخل المدن والقرى والمراكز التجارية، إلى جانب منع بعض الأنشطة الموسمية المرتبطة بالعيد مثل "المبراة"، وبيع الأعلاف على الأرصفة، و"تشواط" رؤوس الأغنام في الفضاءات العمومية. كما شددت وزارة الداخلية على ضرورة مراقبة أسواق المواشي، للتأكد من اشتغالها في إطار اعتيادي بعيدًا عن المظاهر المرتبطة بعيد الأضحى. وفي حال تسجيل مخالفات أو تحركات مشبوهة، أو ارتفاع غير مبرر في الطلب، يتعين على السلطات المحلية اتخاذ قرار الإغلاق المؤقت للأسواق المعنية. وفي السياق ذاته، دعت الوزارة إلى تشديد المراقبة على وسائل نقل المواشي، بتنسيق مباشر مع عناصر الدرك الملكي، لرصد أي نشاط غير قانوني أو حركة غير مبررة في أرجاء البلاد، واتخاذ الإجراءات اللازمة فوراً عند الحاجة. هذه التحركات تأتي استجابة للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي وجه خطاباً مباشراً إلى الشعب المغربي، دعا فيه إلى تعليق شعيرة ذبح الأضاحي لهذه السنة، بالنظر إلى الظرفية الاستثنائية التي تعرفها المملكة، خصوصاً على مستوى تأثر القطيع الوطني وتدهور القدرة الشرائية لفئات واسعة من المواطنين. غير أن الملاحظ، على الرغم من هذا النداء الملكي الصريح، أن بعض الفئات المجتمعية تحاول الالتفاف على القرار بطرق غير مباشرة، من خلال اختلاق مسميات بديلة مثل "العقيقة" أو "الدوارة"، في محاولة لتبرير شراء الأضاحي والتشجيع على تسويقها. وقد عمد البعض إلى ابتداع أعذار تُجيز الذبح قبل عيد الأضحى أو بعده بأيام، في تجاوز واضح للروح التضامنية التي دعا إليها جلالة الملك. ونتيجة لذلك، شهدت أسعار اللحوم و"الدوارة" ارتفاعاً حادًا في بعض المناطق، بفعل الطلب المفاجئ وتكالب بعض المضاربين على السوق، مما يعكس استمرار ثقافة الاستهلاك الرمزي رغم خطورة الظرف الاقتصادي، ويؤكد الحاجة إلى وعي جماعي يُعلي من مصلحة الوطن على حساب العادات الموسمية.