ضابط مخابرات عسكرية أمريكي سابق: أمريكا لا تملك حلفاء بل دول تابعة لها وخاضعة لهيمنتها (فيديو)    ناصر بوريطة يؤكد موقف الملك الثابت ضد ترحيل الفلسطينيين واحتلال غزة    بوفال يفند مزاعم وفاة والدته    ناصر الزفزافي يشكر المشاركين في جنازة والده: دَيٍٍِْنٌكٌم لا يرد ودٌموعكم لا ثمن لها    جائزة تكرّم الباحثين في تراث العلَم الفكري المغربي الراحل عبد الله كنون    الهجوم الإسرائيلي.. مجلس الأمن الدولي يؤكد دعمه لسيادة قطر    رصاص الأمن ينهي حياة شخص عرض المواطنين والشرطة لاعتداء خطير    طنجة.. الأمن يفتح تحقيقاً في زيادات غير قانونية بسيارات الأجرة مستندة إلى وثيقة مزورة        تقرير: المغرب يستورد سلعا إسرائيلية تتجاوز قيمتها 177 مليون دولار خلال عام واحد    أمن أصيلة يوقف مروجا لمخدر الكوكايين في حالة تلبس        استئنافية طنجة تؤجل من جديد النظر في قضية جريمة قتل الطالب الجامعي "أنوار العثماني"    لاعبة كرة قدم من الفنيدق تعبر سباحة نحو سبتة المحتلة        تيزنيت تستعد للإحتفاء بمئوية تأسيس مدرسة للا مريم..و "رحم"، يُنبّه لعدم افساد هذه اللحظة التاريخية بعلقية تدبير المهرجانات    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده        أخنوش: الحكومة حققت حصيلة إيجابية في سياق دولي مضطرب وفي ظل ظروف مناخية صعبة    مجلس الحكومة يهتم بحماية النباتات    قيوح يدشن محطة قطار مدينة تازة    نهضة بركان أمام الوافد الجديد أولمبيك الدشيرة، وقمة الرجاء ضد الفتح، والوداد يستقبل الكوكب المراكشي .. اليوم تنطلق البطولة الإحترافية بمواجهات تجمع بين خبرة الكبار وحماس الصاعدين    قبل الجمع العام لعصبة الشمال لكرة القدم.. 17 سؤالاً محرجاً ينتظر رئيس عصبة الشمال        قطر: قمة عربية -إسلامية طارئة لبحث الهجوم الإسرائيلي في الدوحة    انطلاق "أسطول الصمود العالمي" من تونس باتجاه غزة وسط حضور جماهيري واسع    السعودية تدعم سوريا بالنفط الخام    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بالأخضر    بوريطة: غزة تسائل الضمير الإنساني.. وإسرائيل تُقوض عقودا من جهود السلام    الدخول الاجتماعي يجدد التنبيهات النقابية للحكومة من تغول الفساد وتنامي منسوب الاحتقان    صلاحيات أوسع لمندوبية حقوق الإنسان    المغرب يطور منصة للذكاء الاصطناعي    يبلغ ثمنها ابتداء من 60 دولارا أمريكيا افتتاح مرحلة ما قبل البيع لتذاكر مونديال 2026    توصية فرنسية بحظر استخدام المنصات الاجتماعية للأطفال دون 15 عاما    ناشط مؤيد لإسرائيل يقتل في جامعة أمريكية    والدة مبابي: "ابني كان يحلم بالجنسية البرتغالية بسبب رونالدو"    72 في المائة من تجار الجملة يتوقعون استقرار المبيعات خلال الفصل الثالث من 2025 (مندوبية)    إدريس الروخ يحذر جمهوره من شخص ينتحل اسمه وصورته    جولة فنية مرتقبة لدنيا بطمة بعدة مدن مغربية    «حسام أمير».. من الإطار البنكي إلى نجم صاعد في سماء العيطة والأغنية الشعبية    التقدم والاشتراكية يطالب وزير الداخلية بالتصدي الحازم لاستعمال المال في الانتخابات    دعوة إلى الكنوبس لمراجعة إجراءاته الخاصة بمرضى السرطان    الكتابة والاستضافة    في أكادير.. سوق الكتب المستعملة متنفس للأسر أمام غلاء مستلزمات الدخول المدرسي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    محكمة فرنسية تفرج عن مهاجرة مغربية رفضت الترحيل رغم وضعها غير القانوني    دي ميستورا يعري عورة الجزائر و ينسف مزاعم الحياد التي يجترها وزير خارجيتها عطاف            بطولة انجلترا: الاصابة تبعد الدولي المصري مرموش عن ديربي مانشستر    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري        188 مليون طفل ومراهق يعانون السمنة .. والأمم المتحدة تحذر    دراسة: أسماك الناظور ملوثة وتهدد صحة الأطفال    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير الإليزيه.. إلى أين؟
بقلم: أسماء بن قادة

أوليفييه روا، أحد المستشرقين الجدد، كما يعدّ إلى جانب جيل كيبل، من المراجع الأبرز للمخابر الاستراتيجية التابعة لدوائر صنع القرار في الإليزيه، وكان قد انتهى بعد دراسات مطوّلة امتدت منذ السبعينيات إلى غاية العقد الأول من القرن الجديد، إلى أن التصاعد القوي للإسلام السياسي قد بلغ أوجه مع الثورة الإيرانية والجهاد في أفغانستان، ثم انحصر متفرعا إلى تيارات متضادة، دخل بعضها في تسويات ديمقراطية، بينما فضّل البعض الآخر العنف والهروب إلى الأمام، من خلال الإرهاب الدولي. وثّق أوليفييه روا هذه المقولات عبر سلسلة من الكتب، أهمها ''فشل الإسلام السياسي''، و''الإسلام المعولم''، و''الجهل المقدس (زمن الدين بلا ثقافة)''. وكنت قد تابعت هذه الكتابات جميعها، وكتبت حينها مقالا مطوّلا تحت عنوان (قراءة في مقولة ما بعد الإسلاموية). وظللت أتطلع إلى ما يمكن أن يكتبه خبيرنا حول ما يجري في دول الحراك، إلى غاية صدور كتابه الجديد تحت عنوان (ماذا حدث للإسلاميين؟)، والذي حاول من خلاله التأكيد على أن ما جرى في دول الحراك، قد أدى إلى تحوّلات في فكر وسلوكيات تيارات الإسلام السياسي الذي بدأ يشهد تغيّرات طارئة أثرت على بنيته، بسبب وجود فاعلين جدد باتوا ينتجون صيغا جديدة في التعامل، أدّت إلى نوع من التماهي على مستوى الممارسة السياسية مع مطالب الشباب بمحاربة الفساد وتطبيق العدالة الاجتماعية، ثم ينتهي أوليفييه روا إلى أن ذلك قد يوحي بوجود قطيعة تاريخية ومعرفية للإسلام السياسي مع خلفياته المركبة.
ابتداء، أقرّ أن من يقرأ لأوليفييه روا، يلاحظ بسرعة ذلك الاجتهاد المضني في الرّصد الدّقيق لأبسط الذبذبات التي تفرزها أدق التفاعلات داخل مجتمعاتنا، ولكن، يبدو أن الكتاب الجديد تم تأليفه على استعجال، لأنه يدخل في إطار وضع استراتيجية للتعامل مع دول الإسلام السياسي التي باتت تمثل دول اعتدال جديدة، اعتمدت سياسة الاسترضاء من أجل التمكين. في حين يسعى خبراء الإليزيه والبيت الأبيض، ومن بينهم ريتشارد هاس، لتبرير مباركة تعامل الولايات المتحدة وأوروبا مع دول الإسلام السياسي، على اعتبار أنها أفضل طريقة لتطبيعهم، وفقا لمعالم خريطة شرق أوسط جديد. في ذات الوقت الذي يجري التعامل فيه على المستوى الفعلي مع الإسلام المتنازل عن قضاياه الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وفي المقابل، لابأس من مشروع مارشال جديد في دول الحراك، والذي بدا وكأنه مشروع استغفال واستغباء للعقل الإسلاموي الذي بدا طفوليا، خاضعا للمسايرة، رادعا لأي عنتريات قد تفسد عليه قروض صندوق النقد أو منح أخرى.
لست أدري وأنا أقرأ كتاب الخبير، لماذا انصرف ذهني إلى ساحة الباستيل في باريس، والتي ظلت شاهدة على أن الحزب الفلسفي كان سابقا للحزب السياسي، وأن الثورة المعرفية كانت سابقة لأي ثورة سياسية في الغرب، وأن مشروع مارشال عندما ساعدت به الولايات المتحدة أوروبا، كان مجرد تفعيل لبنية تحتية اقتصادية قوية، بفعل الثورات المعرفية التي كانت سببا في ثورات أوروبا وأمريكا السياسية. فلماذا يستغفل خبراء أوروبا العالم الإسلامي ويطبعه بمشاريع تعمل في خواء وفراغ؟
إن ما شهدته ساحة الباستيل التي ارتبط اسمها بالثورة الفرنسية، لم يكن إلا نتاجا لتلك الإرهاصات التي كانت تعتصر عقول أعضاء الحزب الفلسفي الذي أحدث القطيعة مع النظام المعرفي الأرسطوطاليسي المدرسي. لقد ارتبطت رمزية الباستيل بمقولات فولتير وعبقريات روسو وإبداعات ديدرو ومونتيسكيو، ولقد كانت رسائل فولتير التاريخية تمهد لثورة 1789 عندما كان يكتب عام 1760 لصديقه هلفيتيوس مبتهجا: (إن هذا العقل الذي طالما اضطهد، يكسب كل يوم موقعا...). ثم يأتي روسو ليصدر عام 1762 العقد الاجتماعي، في الوقت الذي كان يردّد فيه كانط: (ارفعوا الوصاية عن العقل، ذلك هو التنوير)!
أما نيوتن، فإنه كان مشغولا بصياغة المعادلات الرياضية، التي ستكون أساسا للثورة الصناعية. وفي الفلسفة، كان هوبس يؤلف عن المواطن والليفياتان، ولوك يبدع في مقالتيه الشهيرتين ب: ''مقالتين في الحكومة''. وفي نفس الوقت، كان الاقتصاديون الفيزيوقراط يعيشون اجتهادات أخرى، دشّنوها في كتاب الجدول الاقتصادي الصادر .1758 في ذات الوقت الذي كان يتأسس فيه علم النفس وعلم الاجتماع، من خلال توظيف المنهج الوضعي في دراسة الظواهر الاجتماعية.
وحتى في الفن، فقد نشأت المدرسة الكلاسيكية التي عاصرت الثورة الفرنسية وتبنّت شعاراتها، من خلال تكريس البعد العقلاني المجسد للجمال في جوهره الخالص.
إنها الثورة المعرفية أو الحزب الفلسفي الذي رحل مع رأس لويس السادس عشر نظاما معرفيا، واستقبل مع الحاكم الجديد نظاما معرفيا جديدا، كان وسيلة الغرب لبناء حضارة، لازلنا نحاول الإمساك بمخرجاتها ولا نتمكن، في حين أنها تودع اليوم أهلها ليستقبلوا نظاما معرفيا جديدا، بدأ مع آينشتين وبور وهايزنبرغ الذين عاصروا الحرب العالمية الثانية التي جاء إثرها مشروع مارشال، بمعنى أن مشروع مارشال جاء في أوروبا إثر ثورتين معرفيتين، أسستا لبنية تحتية علمية، نتجت عنها بنية تحتية اقتصادية قابلة لإعادة التشغيل في أي وقت.
أما سؤال أوليفييه عما ''حدث للإسلاميين؟'' أو لغيرهم من قبل، فإنه مجرد حمل كاذب، لسبب أساسي، يكمن في أن رصيدهم من رأس المال الفكري والمعرفي كان خاويا فلم يبق غير غثائية كالسيل، لا تنفع سوى للتجييش وملء الميادين!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.