لم يجد بنكيران من حل أمام قضية عوفير برونشاتين، الصهيوني الذي حضر مؤتمر العدالة والتنمية وأقام على نفقة الحزب التي أداها من المال العام، سوى أن يدفع عبد الله باها لإصدار بيان باسم اللجنة التحضيرية ورئاسة المؤتمر للاعتذار من هذه الاستضافة، لكنه عذر أقبح من الزلة كما يقول المثل العربي. لقد قال باها في بيانه/ زلته "لقد تم اقتراح اسم الضيف، يقصد عوفير برونشتاين، من قبل ممثل الحزب بفرنسا والذي أوضح أن المعني بالأمر فرنسي يدافع عن الشعب الفلسطيني ورئيس منتدى السلام العالمي ويتوفر على جواز سفر فرنسي وفلسطيني وإسرائيلي"، لقد كان الحزب يعرف أنه يتوفر على جواز إسرائيلي بل يعرف إنه إسرائيلي ولا يفيد مع هذه الصفة الجنسيات الأخرى إذ أن حوالي 80 في المائة من الإسرائيليين يتوفرون على جنسيات بلدان أخرى لكن بوفاء تام لدولة العدوان الإسرائيلي. وبعد أن تبين للحزب أنه يحمل جوازا إسرائيليا كان عليه أن يتوقف عن استدعائه ولو لفائدة الشك، لكن من استدعاه كان على دراية تامة بخلفيات هذا الاستدعاء، ولا يخرج بنكيران من دائرة من كانوا على علم بالضيف وبجنسيته ووظيفته السابقة واللاحقة. فما الهدف إذن؟ لقد كان بنكيران يسعى إلى تحقيق مجموعة أهداف من خلال استضافة هذا الصهيوني، الذي يمكن أن يتخلص من تبعاته بمجرد الاعتذار كما جرى، ومن بين ما سعى إليه بنكيران بعث رسالة إلى من يهمه الربيع العربي، الذي تحول بمجمله نحو الأمركة، ولقد وصلت الرسالة ولا يهم بعدها الضجة التي أحدثها الاستقبال، لقد فهم المعنيون بالرسالة أن بنكيران وأصحابه لا مشكلة لديهم مع إسرائيل التي تعني كل شيء بالنسبة لأمريكا وحرصت أن تسير الثورات العربية في سياق لا يمس بأمن إسرائيل بل يعزز وجودها بعد أن تتخلص من كل المشاغبين وتضمن سلامتها دون أن تضمن سلامة واستقلال واستقرار الفلسطينيين. لقد وصلت الرسالة من طرف تلامذة كارنيجي إلى من يهمه الأمر وقد وصلت الرسالة على ما يبدو وأصابت هدفها، وهو الذي لا يخرج عن تنصل كل الحركات الإسلامية التي وصلت للحكم للقضية الفلسطينية وهي الحركات التي لم يكن لها شأن بالقضية سوى الاستغلال البشع في نيل تعاطف الشارع، لكن مقابل ذلك لا تجد أن هناك إنتاجا للمعرفة بالقضية الفلسطينية التي هي محورية في كل عملية نضالية. أما الهدف الثاني والذي لا يمكن استبعاد فرضيته، التي بدأت في التأكد، فهو محاولة الحزب الإسلامي لتحقيق السبق والخبطة السياسية من خلال عقد صفقة بين حماس وإسرائيل خصوصا وأن توجهات حماس الأخيرة جنحت للسلم بدل المقاومة. فهل كان بنكيران يرغب في أن ينال شرف عقد صفقة بين إسرائيل وحماس؟ لقد تبين مما سبق أن حزب العدالة والتنمية، وعلى الأقل قيادته كل قيادته، كان على علم بحقيقة الإسرائيلي الذي استضافه في مؤتمره العام وبالتالي لا داعي للاعتذار المقصود منه قاعدة الحزب التي يخشى عليها بنكيران من الانتفاض أما الباقي فلا يهم بنكيران في شيء.