قال حسن بناجح، المعروف ببراح جماعة العدل والإحسان، إن رفض "النظام" مشاركتهم في اللعبة السياسية بشروط الجماعة، لوعيه بطبيعة المعارضة التي تريد الجماعة ممارستها داخل اللعبة السياسية الرسمية موضحا في تصريح لموقع لكم لأننا سنعارض من يحكم فعلا وليس من يلعب دور البارشوك. في هذا التصريح نقرأ قمة الغرور الذي تعيش عليه الجماعة، وهو في الحقيقة هروب إلى الأمام نظرا لعجز الجماعة منذ تأسيسها وإلى الآن عن إنتاج نظريات وأطروحات في العمل السياسي، وقد اختارت أن تعيش على الرومانسية السياسية متطلعة إلى "الخلافة على منهاج النبوة" كما تحدث عنها عبد السلام ياسين مؤسس الجماعة ومرشدها حيا وميتا، وبالتالي فهي لم تتمكن من التفاعل مع الواقع إلا من موقع التشويش فقط. وقمة الغرور الذي تعيشه الجماعة يتمثل في إرادة العمل السياسي بشروط الجماعة. لنتصور أن كل حزب أو تنظيم يريد المشاركة السياسية يفرض شروطا خاصة هل بإمكاننا التوافق على عمل سياسي؟ إذا تشبث كل واحد بشروطه أصبحت المشاركة السياسية مستحيلة، ولكن تتوافق الأمم على أعراف وقوانين لتنظيم المشهد السياسي ويمكن أن تسعى بعض التنظيمات التي لا ترضى عنه إلى تغييره وفق الشروط الديمقراطية. فالجماعة ليست ممنوعة من العمل السياسي كما تزعم وتدعي ولكن ونظرا لنشأتها الملتبسة لم تتمكن من الاندماج في العمل السياسي القانوني، ونظرا لغياب المشروع لديها فإنها خائفة من أن تنكشف لدى المواطن والمتتبع وحتى لدى أتباعها لهذا ليس لها من أداة للاستقطاب ولاستمرار أعضائها سوى أن تتمسك بقشة المظلومية. وأضاف بناجح أن من الأدلة القوية على عدم جدوى ولا تأثير العمل من داخل "لعبة المخزن" هو أن عددا من العاملين من وسطها "طبلوا لخطوات المخزن واعتبروها إنجازا عظيما رغم أنها لم تأت نتيجة تأثيرهم بل جاءت نتيجة ضغط المجتمع، كما أننا نجد بعض أولائك يهددون بعودة الحراك المجتمعي بين الفينة والأخرى وكلما ضاق عليهم الخناق". وفي هذا الكلام خلطة عجيبة. هناك اعتراف بوجود خطوات ومنجزات جاءت تحت ضغط المجتمع. وهذا مناقض لكلامه السابق وكلام الجماعة الدائم بأنه لا شيء تحقق في المغرب. وما هي الغرابة إن كانت الدولة قد استجابت بسرعة لمطالب الشعب. هذه السرعة هي ما أزعج الجماعة التي كانت تعول على الفوضى كي تركب الموجة كما فعلت جماعة الإخوان المسلمين بمصر وحركة النهضة بتونس. وفي القول ذاته هناك همز ولمز في إخوانهم في حزب العدالة والتنمية حيث إن بنكيران زعيم العدالة والتنمية يهدد بين الفينة والأخرى بالعودة إلى الشارع. ونسيت الجماعة كما نسي الحزب أن الشارع ليس ملكا لأحد ولكن ملك للجميع وفق القوانين المرعية، لأن الشارع مخصص كفضاء عام وليس من أجل احتلاله في كل وقت. عن الشروط الواجب توفرها لكي تنضم العدل والإحسان للمشهد السياسي بشكل رسمي، شدد بناجح على أن عدم انضمام الجماعة للعبة السياسية الرسمية، هو طبيعي كون تلك الأخيرة "مزيفة وغير حقيقية وعبثية"، معتبرا في الوقت ذاته أن المؤسسات التي تنتج عن المشهد السياسي هي "مؤسسات مغشوشة". وهذا هو لعب الدراري لأن السؤال كان عن الشروط التي وضعتها الجماعة فتبين أنه ليس لها شروط سوى شرط الانقضاض على السلطة بالعنف بعدما طمعت في الربيع العربي ورعاته.