الجامعة تكرم نجوم المنتخب السابقين بفاس    كان على متنه 14 راكبا.. انقلاب "تريبورتور" يخلف مصرع 6 اشخاص نواحي قلعة سراغنة    انتصار مستحق للمنتخب المغربي للبولو على نظيره الأمريكي للمرة الثانية تواليا (صور)    تجميد مشروع ميناء الحمدانية الجزائري العملاق بسبب موانئ طنجة والناظور    شاحن هاتف يتسبب في اختناق أسرة كاملة بطنجة    التحذير من ارتفاع إصابات كوفيد19 بسبب متحور جديد والدعوة لتشديد إجراءات وقائية    مخابرات إسبانيا ترصد انخراط البوليساريو في الإرهاب بمنطقة الساحل    حموشي يقر تعيين مسؤولين أمنيين    المحامية كوثر جلال تصدر كتابا جديدا يسلط الضوء على الثغرات القانونية والاجتماعية في مدوّنة الأسرة المغربية    توقيف متطرفين من مخيمات تندوف بإسبانيا بتهم إرهابية وتحقيقات إسبانية حول تورط السفير الجديد لبوليساريو بالجزائر    يوم العيد.. صعقة كهربائية تودي بحياة طفلة بضواحي الحسيمة    ترامب يأمر بإرسال قوة عسكرية إلى لوس أنجلوس على خلفية اندلاع الاحتجاجات    مايا تطلق "فحلة".. عمل فني يحتفي بالمرأة التونسية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    التهيئة تستمر بساحة "سور المعكازين"    إسرائيل تمنع وصول سفينة الحرية    النصيري يقترب من الدوري الإنجليزي    عيد لصاحبة القبر    الصحراء المغربية .. دعم دولي واسع للمقترح المغربي    وفاة 7 أشخاص في انقلاب دراجة نارية ثلاثية العجلات بقلعة السراغنة    تشانغشا تستعد لاحتضان الدورة الرابعة من المعرض الصيني-الأفريقي.. تعاون ينبض بالحياة بين القارتين    معلومة مفبركة واتهام باطل.. هشام جيراندو يزيف الحقائق ويورط وزير العدل في حادثة وهمية    سلطات أنتويرب تنفذ حملة تفتيش ضد مقاهي تشغّل مهاجرين بدون أوراق قانونية    زيارة وفد غانا إلى المغرب تثمر عن اتفاقيات استراتيجية تعزز التعاون الثنائي في التعليم والأمن الغذائي والنقل    تحديث جديد في واتساب يغير طريقة استخدام التطبيق    نفاد تذاكر المباراة الودية بين المغرب والبنين التي ستجري مساء الإثنين بفاس    ما حقيقة اهتمام نهضة بركان بخدمات حكيم زياش؟    الصحة العالمية تحذر من ارتفاع إصابات "كوفيد-19" بسبب متحور جديد وتدعو لتشديد الإجراءات الوقائية    رئيس جماعة الداخلة يشارك في مؤتمر نيس للأمم المتحدة حول المحيطات ويدافع عن النموذج المغربي للحماية البيئية    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة        الإيطاليون يصوتون في استفتاء يهدف لتسهيل الحصول على الجنسية وتعديل قوانين العمل    المغرب ضمن أكبر خمسة اقتصادات إفريقية في 2025    اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية تعقد جمعها العام العادي    صادرات المغرب الفلاحية نحو إسبانيا تسجل رقما قياسيا    "واتساب" يختبر ميزة جديدة تمنح مستخدمي "أندرويد" حرية الاختيار    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "الربحة"    نماذج جديدة للذكاء الاصطناعي تتفوق على أنظمة الطقس التقليدية    كولومبيا.. إصابة مرشح رئاسي برصاصتين في الرأس خلال تجمع انتخابي    بعد 114 سنة على تأسيسه.. نادي بريشيا الإيطالي يتجه لإعلان إفلاسه    صحيفة بريطانية: فاس جوهرة خالدة    نيس تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات على خلفية تهديد كائناتها الحية    الصين تخصص حوالي 6,26 مليون دولار لدعم جهود الإغاثة من الكوارث    نابولي يواصل مطاردة إلياس بنصغير    كلب مسعور تسلل من الناظور يستنفر سلطات مليلية المحتلة    هولندا.. اكتشاف مزرعة سرية وحجز أضاحي في ثاني أيام العيد    شركة طيران إسبانية توفر 10 آلاف مقعد عبر خطوطها نحو المغرب    أداء "بورصة البيضاء" يواصل التقدم    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    سجل يا تاريخ !    أطباء مغاربة يحذرون من تزايد حالات الاجتفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة    محمد حماقي ينضم لنجوم الدورة ال20 لمهرجان موازين    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    الأدبُ المُعَاصِر هل هو مُتْرَعٌ ببُذُورَ الإحبَاط والسَّوْدَاوِيَّة والإكتئاب؟    الحجاج ينهون رمي الجمرات في أول أيام العيد    يوميات حاج (8): الهدي ورمي الجمرات .. تطهير النفس وتحرير الروح    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    "يمكن" عمل جديد للفنان زياد جمال – فيديو-    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمر المامونية أم الأبيض اكريم.. جدل لون المدينة يقسم ساكنة بني ملال إلى فئتين
نشر في دوزيم يوم 03 - 03 - 2021

لم تعد بني ملال، اسماً على مسمّىً. فقد كسحها لون جديد اسمه "أحمر المامونية"، الذي أدخل المدينة في جو من الكآبة، عشر سنوات تقريبا، كانت كافية لتتغير هوية مدينة بالكامل، سميت على بياضها، فأملال أو أومليل، هو اسم أمازيغي يعني الأبيض، وبه سميت المدينة، تيمنا بلون الثلوج التي تغطي قمة تاصميت وقمة جبل اغنين، في كل فصل شتاء. بني ملال أي مدينة أبناء اللون الأبيض، بعد أن كانت تسمى أيضا "داي" وهي تحريف لكلمة أوداي أي اليهودي بالأمازيغية، وذلك راجع إلى كون المدينة كانت مستقرا لليهود الأمازيغ.
يكفي لمن يزور مدينة بني ملال، أن يلقي من "قصر عين أسردون" نظرة عامة، ليرى أن المدينة لا تتناسب خضرتها وحقولها الكثيرة، مع سفح المدينة الذي يشبه الصحراء تماما، على امتداد البصر، يغزو أحمر المامونية المدينة، وبالكاد تفرق بين أزقتها ومعالمها، أما ليلا، فتدخل المدينة في ظلام آخر، رغم الإنارة الليلية.
كثرت الأصوات التي بقيت متشبثة بمطالبة السلطات الوصية بالعودة إلى اللون الأصلي للمدينة، وهو "الأبيض اكريم"، كما الشأن هنا لنور الدين لحيمر، تشكيلي ورئيس جمعية منبع للفنون التشكيلية، الذي تحدث إلى موقع القناة الثانية 2m.ma، معبرا عن امتعاضه الشديد من انسلاخ بني ملال من هويتها الأصلية، يقول لحيمر "عندما يتم ذكر اسم مدينة بني ملال، تستحضر لغة الجمال والمياه والخضرة الموشحة باللون الأبيض، كرمز للصفاء ورداءً للقِران والارتباط (العرسان). فهذه هي الصورة الأصيلة، والمتأصلة التي ترسخت منذ القديم في أذهان أهل المدينة وزوارها، وبالتالي فهو يعتبر هوية وتراثا لا ماديا تميزت به بناياتها. إلى أن تفاجأ الجميع على حين غرة، بقرار لم تعرف جل الساكنة دواعيه وحيثياته، الذي يدعوهم إلى طلاء جدران مساكنهم بلون مغاير ودخيل على لون مدينتهم التاريخي والمألوف، الذي لم يستسغه جل المجتمع الملالي، مع قبوله عن مضض، وقد اضفى على المدينة احساسا بالكآبة، وازاح عن مدينتهم خاصية من خصائص هويتهم، باعتبارها ذاكرة مكان وعيش بكل تجلياتهما".
بالكثير من الأسف يسترسل نور الدين "لبني ملال لونها وهوية تخصها، كما لمراكش أو الصويرة وغيرها من المدن، فبني ملال ليست ورشا لتجارب مهنيي الصباغة، اتركوا لعروسة الأطلس لونها، كما ألفناه وألفه الشاعر والمغني والفنان، ولا تجعلوها تنسلخ عن كيانها الذي أتعبه الارتجال".
في اعتقاد أمين التباع، الذي يوثق المدينة بصوره، يجب أن تبنى الدراسة اللونية للمشهد الحضرى، بناء على معرفة دقيقة بعلم الألوان ونظرياتها، وبدلالات الألوان وتأثيراتها الوظيفية والنفسية المختلفة في كل من الشوارع التجارية وعناصرها، وفق رؤية تصميمية تأخذ بالحسبان المستوى الاجتماعي والثقافي والفكري للمجتمع، مع أخذ بعين الاعتبار المواد المستخدمة في التغليف الواجهات ووظيفة المبنى.
ويُرجع أمين، خطورة مشكلة تدني التذوق الجمالي، إلى فقدان الإحساس بالجمال بالدرجة الأولى، وانهيارا للاعتبارات الجمالية، والرضا والقبول بالصور القبيحة وانتشارها بين فئات المجتمع، لتصبح هي القاعدة المستقرة، التي لا تجد من يرفضها أو يسعى لتغييرها، لذا لابد من وجود حملات لتوعية المواطنين وتثقيفهم بيئيا عن طريق وسائل الإعلام، وتحفيزهم على المنافسة في مجال الارتقاء بمظاهر الجمال والذوق والتناسق البيئي، وتنظيم مسابقات وجوائز للشارع المثالي، أو المدينة المثالية، التي تغيب فيها.
أما عن أسباب التلوث البصري، يقول أمين أنها ترجعُ عادة إلى الإهمال، وسوء الاستخدام، وغياب التخطيط السليم، وانخفاض المستوى الفني للتصميم ، فضلا عن السلوكيات الاجتماعية الخاطئة، وتردي مستوى الذوق العام والثقافة.
يعدُّ عبد العزيز هنو، وهو فنان تشكيلي ومدير مؤسسة التفتح للتربية والتكوين، واحدا من الأصوات الشرسة المدافعة عن لون بني ملال الأصلي، قال متحدثا للموقع، إن دفاعه عن لون المدينة، هو دفاع عن هوية المدينة، ودفاع عن لون الأمل، مؤكدا أن "الأبيض اكريم" يساعد ليلا على الرؤيا، كما أن المدينة تظهر للزوار من قصر عين أسردون، وهي تتوسط الخضرة اليانعة، زد على ذلك اللوحات الإشهارية المثبتة على الواجهات والمتاجر تظهر للعيان ومن بعيد، بخلاف اللون البني الذي يحجبها مساء.
أما فؤاد، فيقول أن اللون الحالي، كان لون السجن المحلي "الدار الحمرا"، الذي تم هدمه من أمام مقر العمالة، وقال أنه لون مفروض على مدينتنا، أما اللون الأبيض فقد كان جميلا وأحببناه منذ صغر سننا، لأنه كان متناسقا تماما مع اللون الأخضر للبساتين وخرير جداول مياه عين أسردون المحيطة بالمدينة. أما اليوم فكأننا بمدينة جنوبية صحراوية. شخصيا سأعيد مستقبلا لون منزلي للونه الأصلي الذي كان blanc cassé.
وتعليقا على الموضوع، كتب باسم محمود "عندما كنت أزور مدينة بني ملال، كان يجدبني لون المنازل البيضاء وأبوابها ومنافذها الخضراء المتناسقة ألوانها مع أشجار الليمون المغروسة على طول شوارعها، لكن للأسف؛ أصبحت تضجر الناظرين بلون لا يتناسق وطبيعتها. أرادوا تشبيهها بمراكش لكن هل طبيعة مراكش هي طبيعة بني ملال؟" يتساءل باسم، قبل أن يضيف أن "بني ملال خضراء وبها عيون وسواقي ووديان، وبهذا اللون التعيس الذي دهنت به؛ أصبحت كمدينة قاحلة".
مقابل كل هذه الطروحات المدافعة عن الرجوع والتشبث بلون المدينة الأبيض، توجد مجموعة أخرى تدافع عن لون المدينة الجديد، أحمر المامونية، هؤلاء يبررون دفاعهم بكون اللون الحالي، يكسر من حدة أشعة الشمس خلال الصيف، حيث تصل درجة حرارة المدينة إلى °48 درجة، وبالتالي تم إلزام عدة مقاولات والسكان بالصباغة به، بالإضافة إلى دوره في حجب الأوساخ الناتجة عن التساقطات المطرية.
لا يزال الجدال متواصلا بين من يرى في اللون الحالي مزايا كثيرة، وبين من يتشبث بضرورة العودة إلى لون المدينة الأصلي، في انتظار أن تحسم السلطات الوصية على الشأن الحلي، في الاختيار النهائي للون مدينة بني ملال، بالرغم من أن معظم الساكنة لا تجد في أحمر المامونية سببا جماليا ولا نفسيا في طلائه على واجهات منازلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.