فرض الله الإرث نصيبا مفروضا، مقسما بموازين القسطاس المبين. قاعدة فرضها الحق سبحانه وألزمهم باتباعها . بيد أننا نجد الإنسان في هذا الزمن الأغبر قد شرع لنفسه فريضة قسمة الإرث ، ناسيا أن المالك والمقسم هو الله سبحانه وتعالى . قليلا ما نسمع في هذا الزمن عن ذوي الحقوق العيش لحمة واحدة بعد هلاك صاحب التركة، بسبب القسمة الضيزى التي باتت تفرق أكثر مما تجمع ، فتغيب المودة والألفة شيئا فشيئا ،وتضيع اللحمة الأخوية بوضيع زائل . ومرد ذلك راجع إلى قطبي الرحى في التركة : الهالك وعناصر من ذوي الحقوق . إن أكبر زلة يقع فيها الهالك تنغص عليه حياة البرزخ، أن يميز بين أولاده فيمنح هذا ويمنع ذاك ، وكأنه ينوب عن الحق سبحانه. إنها لكبيرة تلك القسمة الضيزى التي يعدم أصحابها رحمة الله . أما القطب الآخر فيتمثل في الاستبداد الذي يشهره أحد أفراد التركة المتمرسين في اللؤم والخيانة طبعا يكون ذكرا أما الأنثى فغالبا ما تكون الضحية والمجني عليها بسبب طيبوبتها المفرطة والعاطفة تجاه أخيها وسندها بعد الوالد الهالك .، فتلزم الصمت لا تبوح إلا بأنات دفينة مؤلمة ، لا تجرؤ حتى على الهمس بالمطالبة بالحق المغتصب . لقد خبرنا الحياة لأكثر من نصف قرن .عمر اختزل العديد من النماذج الصارخة التي زخر بها امتدادنا الأسري والتي تجمل في تنوعها على الجشع الذي بات يسيطر على قلوب بعض ذوي الحقوق الصماء لحرمان الآخرين.وهو ناموس تسنه العديد من الأسر الوارثة أبا عن جد وكأن لعنة قد لحقت بها وحاق بها غضب من الله . يقال :”الولد سر أبيه”. فيسر لأحدهم بوكالة عامة مفوضة تأتي على الأخضر واليابس ،إلا ما ارتضاه هذا المتسلط من فتات يلقيه للآخرين . وقد يقتحم التركة دون وكالة ، فيفرض الأمر الواقع بين إخوته ، فيستحوذ على حصة الأسد ليبني مملكته من الإرث الذي كان يترصد له ويذر الآخرين جثيا . إن من يذر أخواته من لحمته دون حق قسمه الله لهن خصوصا وقد عشن زمنا من العسرة والضيق لا شك أن ذرة من حنان ورأفة ورحمة وألفة وإحساس لم تتملك فؤاده .فكيف يغمض جفن من تجاهل الأخت وداسها بحوافره وحرمها من حق صانه الحق سبحانه ، إلا أن يكون الجشع والنرجسية قد تملكاه واستوليا على ملكته المتوحشة الطامعة في الاستحواذ والغدر المشين . إن من يتجرأ على الله فتطاوعه نفسه الأمارة التكالب والتجني على حقوق الغير،لا شك أن الله سيقتص منه وسيذيقه عذاب الهون والضنك والعمى يوم العرض على الصراط :”قال رب لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا،قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى” صدق الله العظيم.