بناصر رفيق: المرأة التجمعية شريك أساسي في بناء مغرب الديمقراطية والتنمية    تطوان: تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    وفاة والدة الصحافية والإعلامية قائمة بلعوشي    هومي: جعلنا من قضايا الغابات أولوية استراتيجية لأهميتها في المحافظة على التوازنات البيئية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    بورصة البيضاء تستهل تداولات الأسبوع بأداء سلبي    تحت الرعاية الملكية.. بن جرير تحتضن الدورة الخامسة للمناظرة الوطنية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني    آلاف الهولنديين يطالبون حكومتهم بوضع "خط أحمر" للعلاقة مع إسرائيل    تقارير.. برشلونة يقرر إلغاء إجراء المباراة الودية بالمغرب شهر غشت القادم    الحرائق تتهدد غابات الحسيمة والناظور ومناطق أخرى بالريف    فاس.. توقيف ثلاثيني وإحالته على النيابة العامة بعد تعنيفه لشخص وتخريب سيارته في مشهد وثّقته الكاميرات    نشرة إنذارية.. زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بهبات رياح مرتقبة اليوم الاثنين    موسم حج 1447ه : عملية إجراء القرعة من 23 يونيو الجاري إلى 04 يوليوز المقبل    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد    النفط يرتفع في ظل تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    الاتحاد الدولي لكرة القدم يرد على المشككين في "الموندياليتو"    الرجاء يؤجل انطلاق تداريب الفريق الأول استعدادا للموسم المقبل    الخطوط الملكية المغربية تطلق برنامجا مكثفا للرحلات الجوية بمناسبة حلول موسم صيف 2025        إيران تعلن إعدام "جاسوس" عمل لصالح الموساد الإسرائيلي        تضامنا مع غزة… وقفات احتجاجية تطالب بكسر الحصار ووقف الإبادة        إيران تعلن عدد قتلاها منذ بدء الغارات الإسرائيلية    لليوم الرابع.. تصعيد حاد بين إسرائيل وإيران يرفع من وتيرة النزاع ويثير قلق المجتمع الدولي    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين        مقتل 24 إسرائيليا وإصابة 592 منذ بدء طهران الرد على عدوان تل أبيب    النقابة الوطنية للعاملين بالتعليم العالي تعلن إضرابا وطنيا        رخص "مقهى" و"مأكولات خفيفة" تتحول إلى مطاعم دون شروط السلامة.. فأين لجن المراقبة الصحية بطنجة؟        "نقاش الأحرار" يحط الرحال بسوس    ألكسندر دوغين: إسرائيل قد تلجأ إلى "خيار شمشون" وتستخدم السلاح النووي    8 قتلى في إسرائيل وإصابة 287 آخرين ووسائل إعلام عبرية تتحدث عن دمار هائل في تل أبيب الكبرى    توتنهام الإنجليزي يضم المهاجم الفرنسي ماتيس تيل بشكل نهائي    حملات تضليل رقمية تستهدف حموشي.. وتُراهن على النصاب هشام جيراندو    معين الشعباني يقود نهضة بركان إلى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يكتسح أتلتيكو مدريد برباعية نظيفة في افتتاح مونديال الأندية    نهضة بركان يبلغ نصف نهائي الكأس    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة يحتفي بشخصيات بارزة من عالم الفن السابع    "عبد الحفيظ دين" يناقش أطروحته لنيل الدكتوراه في القانون الخاص بكلية الناظور    المغرب يحتفي بيوم إفريقيا في لاس بالماس على خلفية التعريف بالتراث    حب الملوك بصفرو : 101 سنة من الاحتفاء بالكرز والتراث المغربي الأصيل    عزيزة داودة يكتب: موريتانيا في مواجهة التحديات الأمنية والدبلوماسية وإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في الساحل    التعادل مع إنتر ميامي يحزن الأهلي    بعد غيابه لقرن من الزمان.. كزناية تحتضن مهرجان التبوريدة    ريدوان وبيتبول يبدعان في أغنية مونديال الأندية    فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    فرينش مونتانا يشعل حفل افتتاح مونديال الأندية بأمريكا بإطلالة بقميص المنتخب المغربي بخريطة المغرب كاملة    إيران تقصف معهد وايزمان الإسرائيلي للعلوم    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما    الحج 2025: السوريون يغادرون من دمشق لا المنافي بعد 12 عاماً من الشتات        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    









مدونة الأسرة والقانون الجنائي يكشفان نفاق الإسلاميين
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022


1. الرئيسية
2. آراء
مدونة الأسرة والقانون الجنائي يكشفان نفاق الإسلاميين
سعيد الكحل
الأثنين 25 مارس 2024 - 20:51
شهدت اللحظات التاريخية (1992، 2000، 2023) التي تم فيها إخضاع مدونة الأحوال الشخصية/مدونة الأسرة للمراجعة والتعديل استجابة للمطالب النسائية والحقوقية، تصاعد الأصوات المحذرة من المساس "بأحكام الشريعة الإسلامية" والمهدِّدة بإثارة الفتنة عبر الدعوة "لمسيرات مليونية" استعراضا للقوة الموهومة ومحاولة يائسة لترهيب الأطراف المؤيدة للمراجعة/التعديل حتى لا يتم المساس بالمواد المشرعنة لظلم المرأة والمكرسة للتمييز ضد الإناث. كل تلك الأصوات يجمعها العداء لحقوق النساء وتوحِّدُ مواقفَها مناهضةُ المطالب النسائية والحقوقية بإقرار مدونة عصرية ترقى بأوضاع النساء وتصون كرامتهن. وتتمترس تلك الأصوات بالأعراف الاجتماعية والشاذ من الأحكام الفقهية التي تخدم أهدافهم السياسوية ومشاريعهم الانقلابية وتترجم إستراتيجيتهم لضرب مقومات الديمقراطية وتحديث بنيات الدولة والمجتمع.
المرأة كاشفة عورات الإسلاميين.
خلال المحطات التي عُرضت فيها المدونة للمراجعة والتعديل، اتخذ الإسلاميون مواقف مناهضة لأي مراجعة حقيقية تمس جوهر المدونة المتمثل في الولاية في الزواج، سن الزواج، اقتسام الممتلكات الزوجية، الطلاق، الحضانة، إثبات النسب ثم الإرث. إذ لم يحدث أن وافق الإسلاميون على مطلب واحد من المطالب النسائية والحقوقية المتعلقة بهذه القضايا. بل كل مواقفهم كانت مناهضة لتعديلها باسم الشريعة. ولا يزالون مصرّين على الرفض والمناهضة حتى مع وجود الدستور الذي ينص على جعل المواثيق الدولية، التي صادق عليها المغرب، تسموعلى التشريعات الوطنية. فمنذ 1992 والإسلاميون يحذرون من تفكيك الأسرة وانهيار المجتمع وانتشار الفتنة. لا شيء من هذا حدث، إذ ظلت الأسرة متماسكة رغم منح المرأة حق الولاية على نفسها في الزواج، وظل المجتمع قائما دون أن تنتشر الفتنة بعد إقرار التطليق للشقاق واقتسام الممتلكات؛ ليظهر جليا أن ما يهمّ الإسلاميين ليس الشريعة ولا أحكامها بقدر ما يهمهم الإبقاء على المرأة في وضعية القصور القانوني والحرمان الحقوقي. لهذا لا يكفّون عن مناهضة كل مطلب أو مقترح تعديل يرفع عن المرأة قصورها ويعترف لها بأهليتها القانونية. إنهم يريدون خضوع المرأة وتبعيتها لا حريتها واستقلالها. إنها ثقافة الجواري والإماء هي الثاوية خلف المواقف المناهضة لحقوق النساء.
من أوج النفاق لدى الإسلاميين أنهم لا يرون الشريعة وأحكامها إلا في مدونة الأسرة وكل ما له صلة مباشرة بالنساء. فحين تعلق الأمر بالقانون الجنائي لم نسمع لهم تهديدا ولا وعيدا بالفتنة والمليونيات إذا لم يستمد مشروع القانون الذي تتم صياغته اليوم من طرف وزارة العدل قبل إحالته على البرلمان قصد التعديل والمصادقة عقوباته من الحدود الواردة في القرآن والسنة مثل قطع يد السارق وجلد شارب الخمر ورجم الزاني المحصن. أليست هذه حدود شرعية ثابتة؟ ألم ترِد فيها نصوص قطعية الثبوت والدلالة؟
لا شك أن الإسلاميين يعلمون جيدا أن هذه الحدود باتت متجاوزة ولم تعد تحقق المراد منها دينيا واجتماعيا وسياسيا؛ بل ضررها بات أعظم من نفعها. لهذا لا نجدهم يرمون المشرّع المغربي بمخالفة الشرع و"الحكم بغير ما أنزل الله". كما يدرك الإسلاميون أن بشاعة الجلد والرجم في الساحات العمومية باتت من العقوبات الوحشية التي تجلب على ممارسيها اللعنة والنقمة كما جلبتها على من سبقوهم. ويعود الفضل إلى هيئة الأمم المتحدة التي ألزمت غالبية الدول الإسلامية على تغيير منظومتها القانونية وإلغاء العقوبات التي لا تحترم حقوق الإنسان.
إن الشريعة كل لا يتجزأ، فإما تطبق أحاكمها على كل مناحي الحياة أو يتم تعطيلها كما هو شأن أحكام السبي والعبودية وملك اليمين والجلد والرجم، تبعا لما تقتضيه مصلحة الشعوب وكرامة الإنسان التي لم تعد تسمح بتلك الممارسات التي تتعارض مع قيم وثقافة حقوق الإنسان. بل تتعارض مع مقاصد الشريعة، وفي مقدمتها: العدل، المساواة، التكريم. فكل حكم شرعي لم يعد يحقق العدل للأفراد ويشيعه داخل المجتمع، أو يضمن كرامة المواطنين ذكورا وإناثا، أو يكرّس التمييز بين الأفراد، فإن تجاوزه مطلوب شرعا وعقلا؛ ولنا في تجربة الخليفة عمر بن الخطاب نموذجا في تعطيله العمل بأحكام شرعية ونصوص قطعية لأنها لم تعد تحقق المراد من تشريعها. لهذا شدد جلالة الملك، بصفته أمير المؤمنين، في رسائله إلى أعضاء المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية الإقليمية (على الاجتهاد المقاصدي المبني على جلب المصالح، ودرء المفاسد، ومراعاة متغيرات الواقع)(ماي 2009). ولا يتحقق هذا الهدف إلا (بالإخلاص لثوابت الأمة ومقدساتها، والجمع بين فقه الدين والانفتاح على قضايا العصر)(25 مارس 2013)؛ أو في الرسالة الملكية للسيد وزير العدل في موضوع تشكيل لجنة تعديل مدونة الأسرة التي حددت موجِّهات التعديل (ويتعلق الأمر بمبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام، النابعة من ديننا الإسلامي الحنيف، وكذا القيم الكونية المنبثقة من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب). من هنا يبقى الهدف الأساس من تعديل مدونة الأسرة، وفق ما حددته الرسالة الملكية، هو (مواءمة مقتضياتها مع تطور المجتمع المغربي ومتطلبات التنمية المستدامة، وتأمين انسجامها مع التقدم الحاصل في تشريعنا الوطني). الأمر الذي يثبت بشكل قاطع، أن شطحات الإسلاميين ومناوراتهم إنما هي صيحات في وادي لا يمكنها فرملة تطور المجتمع المغربي وتقدم تشريعاته الوطنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.