1. الرئيسية 2. اقتصاد حجيرة: سنرفع الصادرات المغربية إلى مصر من 755 مليون درهم حالياً إلى 5 مليارات درهم بحلول سنة 2027 الصحيفة - خولة اجعيفري الثلاثاء 13 ماي 2025 - 23:55 بعد أشهر من التوتر الجمركي، الذي كاد يُربك العلاقات الاقتصادية بين الرباطوالقاهرة، أطلّ كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، عمر حجيرة، من منصة مجلس النواب، ليُعلن عن تحول لافت في سياسة المغرب التصديرية نحو مصر، فقد كشف عن خطة تصاعدية تهدف إلى رفع الصادرات المغربية إلى السوق المصري من 755 مليون درهم حالياً إلى 5 مليارات درهم بحلول سنة 2027. وهذا الطموح اللافت يُعتبر جزءا من استراتيجية تصحيحية تعقب سنوات من الاختلال التجاري العميق الذي أخلّ بالتوازن في العلاقة الاقتصادية بين البلدين، كما يأتي في سياق دبلوماسي وتجاري حساس، عقب أزمة جمركية صامتة تفجرت بداية 2024، بسبب تشديد السلطات المصرية لإجراءات ولوج المنتجات المغربية إلى أسواقها، الذي أدى إلى اعتماد السلطات المغربية مبدأ المعاملة بالمثل. وقال حجيرة، في جلسة الأسئلة الشفوية لأمس الإثنين، إن المغرب عازم على تعزيز حضوره الاقتصادي في مصر، ورفع وتيرة صادراته بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مشيرا إلى أن القطاع الصناعي، وخصوصا صناعة السيارات، سيكون في مقدمة القطاعات المستهدفة. وأضاف المسؤول الحكومي، أن صادرات السيارات المغربية نحو مصر شهدت تحسناً واضحاً، حيث انتقلت من 400 سيارة سنويا إلى 3000 وحدة حاليا، مع توقعات ببلوغ 5000 سيارة مع نهاية 2024، ثم 8000 وحدة بحلول سنة 2026. وارتكز حجيرة في مداخلته على معطيات ميدانية، أبرزها المهمة الاقتصادية الرفيعة التي قادها وزير التجارة والصناعة رياض مزور إلى القاهرة في بداية ماي الجاري، والتي ضمت مسؤولي الوزارة إلى جانب أربعين مستثمرا مغربيا، بهدف تقييم اتفاق التبادل الحر مع مصر، الموقّع سنة 2004 في إطار اتفاق أكادير. وهذا التوجه الجديد في العلاقات الاقتصادية المغربية-المصرية لا يمكن فهمه دون التوقف عند الأزمة الجمركية التي اندلعت بهدوء في يناير 2024، حين تفاجأت عشرات الشركات المصرية العاملة في التصدير، خصوصا في قطاعات النسيج، الكيماويات، والمستحضرات، بتعقيد السلطات المغربية لإجراءات الولوج الجمركي، من خلال فرض شروط إضافية على شهادات المنشأ، ورفع رسوم الفحص، وتأخير مساطر الترخيص، وهو ما أدى إلى تكدس عدد من الشحنات المصرية في الموانئ المغربية دون تصريف، وذلك كرد فعل على خفض السلطات المصرية لوارداتها من المغرب سيما في قطاع السيارات. القاهرة، وإن لم تصعّد رسميا حينها، إلا أنها فعّلت قنوات دبلوماسية وتجارية رفيعة لاحتواء التوتر، وتم، وفق مصادر "الصحيفة"، عقد لقاءات مغلقة بين مسؤولين من وزارتي التجارة في البلدين، توّجت بتعهد مصري- مغربي بتبسيط الإجراءات الجمركية وفتح خطوط تواصل فورية لحل أي عراقيل مستجدة. وهذا التعهد أُعيد تأكيده خلال زيارة رياض مزور إلى القاهرة مطلع ماي، حيث تم الاتفاق على مراجعة بعض بنود اتفاق أكادير بما يضمن توازن المصالح بين الطرفين، ويمنع استغلال الفجوات التنظيمية لتعطيل المبادلات. وفي عرضه أمام النواب، لم يُخفِ عمر حجيرة الاختلال الكبير في الميزان التجاري المغربي-المصري، حيث أقرّ بأن صادرات المغرب نحو مصر تراجعت من 2.6 مليار درهم سنة 2016 إلى 755 مليون درهم فقط سنة 2024، مقابل ارتفاع الواردات المصرية نحو المغرب من 4 مليارات إلى 12.5 مليار درهم خلال الفترة نفسها. وهذا العجز المتنامي، الذي بلغ أكثر من 11.7 مليار درهم في سنة واحدة فقط، دفع السلطات المغربية إلى إعادة تقييم الاتفاقيات الثنائية، والتركيز على تحفيز الشركات المغربية على اختراق السوق المصري، خصوصا في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية كالصناعات التحويلية والميكانيكية والإلكترونية. والاتفاق التجاري الذي يحكم العلاقة بين البلدين هو اتفاق أكادير، الذي وقّع سنة 2004 بين المغرب، مصر، تونس، والأردن، وانضمت إليه لاحقا فلسطين ولبنان، بهدف خلق منطقة عربية للتبادل الحر. لكن المؤشرات الاقتصادية طيلة العقدين الماضيين تُظهر أن هذا الاتفاق لم يحقق التوازن المرجو، خصوصا لصالح المغرب، فقد ظل العجز التجاري في ازدياد، كما أن السوق المصري ظل أقل انفتاحا على المنتجات المغربية مقارنة بسوق المغرب تجاه المنتجات المصرية. وقد دعت العديد من الهيئات الاقتصادية المغربية في السنوات الأخيرة إلى إعادة التفاوض حول بنود الاتفاق، أو إدخال آليات حمائية مرنة تسمح بحماية الإنتاج الوطني دون الإخلال بروح الاتفاق. والزيارة الاقتصادية الأخيرة، وتصريحات حجيرة تحت قبة البرلمان، تؤشر إلى نقلة جديدة في المقاربة المغربية، تقوم على زيادة الصادرات بشكل تدريجي إلى 5 مليارات درهم بحلول 2027، ومضاعفة صادرات السيارات وقطاعات صناعية مهيكلة، ومواكبة المستثمرين المغاربة وتشجيعهم على ولوج السوق المصري، مع إحداث آلية دائمة لتتبع وتسهيل الإجراءات الجمركية، فضلا عن تنشيط اتفاق أكادير عبر إدخال أدوات مرونة وتوازن جديدة. وفي ظل الدينامية الإقليمية الجديدة، بات واضحا أن الرباط لا ترغب في تكرار الأخطاء القديمة في علاقاتها التجارية الثنائية، خصوصا مع الدول التي ترتبط بها باتفاقيات تبادل حر غير مفعّلة بشكل متوازن، والواقع أن التجربة المصرية أظهرت أن الاتفاقيات وحدها لا تكفي، بل إن تنفيذها، واحترام روحها، وضمان شروط التنافس العادل، كلها عوامل أساسية لتحويل النصوص إلى منافع اقتصادية حقيقية. وهكذا، فإن رفع صادرات المغرب إلى مصر ليس فقط هدفا تجاريا، بل أيضا رسالة سياسية بأن المملكة قادرة على إعادة التوازن حتى مع الشركاء التقليديين، متى اختلّت قواعد اللعبة.