1. الرئيسية 2. تقارير الأزمة تصل إلى استهداف الدبلوماسيين.. باريس تُلغي الامتيازات الدبلوماسية ل80 شخصية جزائرية والجزائر تتوعد بالرد بالمثل الصحيفة من الرباط الخميس 24 يوليوز 2025 - 22:06 تفاقمت حدة التوتر الدبلوماسي بين الجزائروفرنسا بعد أن أقدمت باريس على إلغاء الامتيازات الدبلوماسية الممنوحة ل80 شخصية جزائرية تقيم وتعمل على الأراضي الفرنسية، في خطوة وصفتها وسائل إعلام فرنسية ب"الرد التدريجي" على سلسلة من الاستفزازات الجزائرية، فيما سارعت الجزائر إلى التلويح بإجراءات مماثلة، معتبرة القرار انتهاكا خطيرا للأعراف الدولية. وكشفت إذاعة "Europe 1" الفرنسية أن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو أمر بإلغاء الامتيازات الخاصة ب80 من المسؤولين الدبلوماسيين الجزائريين في فرنسا، وهو ما يعني حرمانهم من سهولة التنقل والاستفادة من التسهيلات الدبلوماسية، حيث سيكون عليهم من الآن فصاعدا تقديم طلبات لتسوية أوضاعهم مثل بقية المهاجرين. ونقلت الإذاعة عن مصادرها أن هذا القرار يأتي في سياق "ردّ متدرج" على ممارسات اعتبرتها باريس استفزازية من قبل النظام الجزائري، من بينها سجن الكاتب بوعلام صنصال، ورفض السلطات الجزائرية استقبال المرحّلين بموجب قرارات مغادرة التراب الفرنسي (OQTF)، بالإضافة إلى تصريحات معادية لفرنسا صدرت عن مسؤولين جزائريين. وأكدت المصادر ذاتها أن القرار الفرنسي يندرج ضمن خطة أوسع قد تشمل لاحقا إلغاء اتفاقيات 1968 المنظمة لحركة الأشخاص بين البلدين، وهو ما يعد أحد أبرز الملفات الخلافية بين باريسوالجزائر، حيث قال مقربون من الوزير ريتايو وفق إذاعة "أوروبا 1" إن "هذه فقط البداية، ويمكننا الذهاب إلى أبعد من ذلك"، في إشارة إلى إمكانية التصعيد. وقالت الإذاعة المذكورة، إنه ورغم أن الرئاسة الفرنسية لم تتبنَ رسميا هذه الخطوة بعد، إلا أن وزير الداخلية يسعى إلى دفع الرئيس إيمانويل ماكرون إلى حسم موقفه، في ظل انقسام داخل الحكومة بين من يدعو إلى الحزم تجاه الجزائر، وبين من يفضل التهدئة للحفاظ على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. وفي أول رد فعل رسمي، عبّرت وزارة الخارجية الجزائرية، اليوم الخميس، عما وصفته ب"استغرابها الشديد" من الإجراءات الفرنسية، مؤكدة أنها استدعت القائم بأعمال سفارة فرنسا في الجزائر لطلب توضيحات، كما باشرت بعثتها في باريس اتصالات عاجلة مع وزارة الخارجية الفرنسية. وقالت الوزارة في بيان بها إن قرار منع أعوان السفارة الجزائرية من ولوج المناطق المقيّدة داخل المطارات الباريسية لتسلّم الحقائب الدبلوماسية "يمثل انتهاكا صارخا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية"، مشيرة إلى أن القرار صدر عن وزارة الداخلية الفرنسية دون علم وزارة الخارجية، وفي غياب أي إشعار رسمي مسبق. واعتبرت الجزائر أن هذه الخطوة تعرقل بشكل خطير حسن سير عمل بعثتها الدبلوماسية في فرنسا، وتحمل طابعا غير شفاف، مؤكدة أنها "قررت تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل بشكل صارم وفوري" بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات قانونية على المستوى الدولي، بما في ذلك اللجوء إلى الأممالمتحدة، لحماية بعثاتها ومصالحها، مشيرة إلى أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما اعتبرته مساسا بسيادتها وكرامة ممثليها الدبلوماسيين. وتأتي هذه الأزمة في سياق تدهور متواصل للعلاقات بين البلدين، رغم المحاولات المتكررة لإعادة الدفء إليها منذ ولاية الرئيس ماكرون الأخيرة، إذ سبق أن شهدت العلاقات توترات مماثلة خلال السنوات الأخيرة على خلفية قضايا الذاكرة، والهجرة، والتعاون الأمني. ويرى مراقبون أن تصاعد حدة التوتر في هذا التوقيت يُعقّد جهود التهدئة، خاصة في ظل وجود تيارين متباينين داخل الحكومة الفرنسية، أحدهما يدعو إلى تشديد السياسة تجاه الجزائر في ملفات الهجرة والأمن، والآخر يراهن على استقرار العلاقة الثنائية نظرا لتشابك المصالح الاقتصادية والسياسية. وإذا ما قررت باريس بالفعل التراجع عن اتفاقيات 1968، فإن ذلك من شأنه أن يُحدث تحولا جذريا في وضعية آلاف الجزائريين المقيمين في فرنسا، وقد يفتح الباب أمام أزمة دبلوماسية ممتدة تشمل الجاليات والملفات الأمنية والاقتصادية.