1. الرئيسية 2. المغرب فضيحة تناقض حكومي.. وزارة النقل تنسف تسريب رئاسة الحكومة وتكشف حقيقة قرار وقف مذكرة "السبيدومتر" الصحيفة - خولة اجعيفري الخميس 21 غشت 2025 - 17:31 أعلنت وزارة النقل واللوجستيك، أنها قررت إرجاء العمل بمضامين المذكرة الموجهة من طرف الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية إلى المدير العام للأمن الوطني المتعلقة بالمسطرة الجديدة لمعايرة عمليات مراقبة سرعة الدراجات النارية باستعمال جهاز قياس السرعة "سبيدومتر"، والتي كانت قد اعتمدت من طرف لجنة اليقظة التابعة للجنة الدائمة للسلامة الطرقية. الوزارة، وفي بلاغ اطلعت عليه "الصحيفة" أوضحت أن هذا القرار يأتي في سياق مواجهة الارتفاع المقلق في عدد الوفيات ضمن فئة مستعملي الدراجات النارية موردة أنه جرى تسجيل خلال سنة 2024 ما مجموعه 1738 قتيلا في صفوف هذه الفئة، وهو ما يمثل لوحده 43% من مجموع قتلى حوادث السير بالمغرب. وأرجع البلاغ السبب الرئيسي في معظم هذه الحوادث إلى السرعة المفرطة الناتجة عن استعمال دراجات نارية غير مطابقة للمعايير القانونية، مؤكدا أن الظاهرة تشكل أحد التحديات الكبرى أمام السلطات العمومية المختصة بالسلامة الطرقية. وذكرت الوزارة أن تفعيل برنامج العمل الصيفي الخاص بالسلامة الطرقية ساهم في تحقيق انخفاض مهم في عدد الوفيات خلال يوليوز 2025 مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، إذ تراجع عدد القتلى في المجال الحضري بنسبة %25 وخارج المدار الحضري بنسبة %5.2 على المستوى الوطني. غير أن داخل المجال الحضري تم تسجيل ارتفاع بنسبة %4.9 في حوادث السير المميتة، يعود أساسا إلى الحوادث الجسمانية التي تورطت فيها الدراجات النارية. وأضاف البلاغ أن الوزارة، أخذا بعين الاعتبار متطلبات السلامة الطرقية والظروف الاجتماعية والاقتصادية للفئات المعنية، وحرصاً منها على ضمان حقوق مالكي هذه المركبات قررت، بعد الاستشارة والتنسيق مع رئيس الحكومة، اتخاذ مجموعة من التدابير أولها منح مهلة كافية لمالكي الدراجات النارية من أجل تمكينهم من مطابقة مركباتهم للمعايير القانونية، وفي مقدمتها احترام سعة الأسطوانة القانونية التي لا يجب أن تتجاوز 50 سنتيمترا مكعبا وكذلك السرعة القصوى المحددة في 50 كلم/س، مع إعادة ملاءمة المركبات عند الاقتضاء. وخلافا للتسريب الصادر عن رئاسة الحكومة، قالت الوزارة الوصية إنها ستحدد لاحقا المدة الزمنية الكافية المخصصة لهذه الملاءمة، بعد اجتماع للجنة الدائمة للسلامة الطرقية ومشاورات موسعة مع مختلف الفاعلين والمتدخلين المعنيين، على أن تشرف الوزارة على تنفيذ هذه القرارات في الميدان. وأكدت وزارة النقل واللوجستيك أنها ستواصل، بالموازاة مع هذه التدابير، عمليات التوعية والتحسيس عبر مختلف الوسائط التواصلية السمعية البصرية والرقمية والميدانية، في إطار استراتيجية شمولية تهدف إلى إشراك كافة الفئات المستعملة للطريق في تحمل مسؤوليتها والالتزام بقواعد السلامة. ويزداد هذا النقاش حدة بعدما سُرّب للصحافة في وقت سابق خبر يفيد بأن رئيس الحكومة عزيز أخنوش هو من أمر بشكل مباشر بوقف العمل بالمذكرة المرتبطة بمراقبة سرعة الدراجات النارية، قبل أن يخرج بلاغ وزارة النقل ليؤكد أن القرار جاء "بعد الاستشارة والتنسيق مع رئيس الحكومة". وهذا التباين بين التسريبات والبلاغ الرسمي يعكس، خللا واضحا في طريقة تدبير الملف من داخل الجهاز التنفيذي، ويفتح الباب أمام قراءات متعددة حول غياب الانسجام بين مكونات الحكومة أو على الأقل ضعف في آليات التواصل المؤسسي بشأن قضايا تلامس حياة المواطنين بشكل يومي. وقد انفجر الجدل أساسا منذ أن خرجت المذكرة التقنية ل"نارسا" إلى العلن، حيث اعتبرها كثير من المهنيين والمواطنين قراراً متسرعاً يفتقر إلى مقاربة واقعية، لأنه يفرض تطبيق جهاز قياس السرعة "السبيدومتر" في وقت لا تزال فيه آلاف الدراجات النارية المتجولة في شوارع المغرب غير مطابقة أصلاً للمعايير القانونية فبدل أن يُنظر إليه كخطوة لتعزيز السلامة، بدا الإجراء في نظر الرأي العام وكأنه استهداف مباشر للفئات الاجتماعية الهشة التي تعتمد على الدراجة النارية كوسيلة عيش وتنقل. الضغط الشعبي والإعلامي تعزز أكثر حين تسربت أخبار إلى الصحافة تفيد بأن رئيس الحكومة نفسه تدخل لإيقاف القرار، وهو ما منح الانطباع بوجود ارتباك داخل الجهاز التنفيذي في تدبير الملف وبذلك يكون ملف الدراجات النارية قد تجاوز بعده التقني ليصبح مرآة تعكس ارتباكا أكبر في أسلوب تدبير الحكومة، وترسم صورة عن ضعف الانسجام بين مكوناتها في مواجهة واحدة من أكثر القضايا إلحاحا في المجال العمومي وهي سلامة أرواح المغاربة على الطرق. وتجدر الإشارة إلى أن ملف الدراجات النارية ظل على مدى السنوات الأخيرة محط نقاش متكرر داخل اللجان البرلمانية المختصة بالسلامة الطرقية، كما كان موضوعا لتقارير متعددة صادرة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى جانب مذكرات مطلبية رفعتها جمعيات مدنية تشتغل في مجال محاربة آفة حوادث السير وهذه التقارير جميعها شددت على أن الدراجات النارية الصغيرة، خصوصاً غير المطابقة للمعايير القانونية، أضحت تمثل خطراً مضاعفاً على مستعملي الطريق، سواء من حيث السرعة المفرطة أو غياب التجهيزات الوقائية الأساسية ورغم إطلاق المملكة منذ 2017 الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية 2017-2026، التي رفعت شعار "رؤية صفر قتلى على الطرق"، إلا أن الأرقام ظلت بعيدة عن الطموح المعلن، خاصة في الشق المتعلق بمستعملي الدراجات النارية.