حموشي يشارك بروسيا في اجتماع كبار المسؤولين المكلفين بالأمن والاستخبارات    بوريطة يستقبل نظيره المصري حاملا رسالة من الرئيس السيسي إلى الملك محمد السادس    رسمياً.. شباب الريف الحسيمي يحقق الصعود المنتظر إلى القسم الأول هواة    توقيف مشتبه فيه.. النيابة العامة تأمر بفتح تحقيق في حريق غابة هوارة    أكثر من 102 ألف مترشح سيجتازون امتحان البكالوريا بجهة الدار البيضاء-سطات في دورة 2025    اعتقال شاب هدد رئيس الحكومة بتدوينة فايسبوكية    "حماس" تعلن الاتفاق على إطار عام مع أمريكا بشأن وقف حرب غزة    مسؤول فلسطيني في ذكرى النكبة من الرباط: الشعب الفلسطيني يواجه حرب تطهير عرقي منذ 77 عامًا... ولن نرحل    الإعلان عن تنظيم الدورة التاسعة للجائزة الوطنية لأمهر الصناع    الجديدة.. توقيف مواطن أجنبي متهم بالاحتيال على مهاجرين بعقود عمل مزورة    ضعف الاحترام وغياب النظام والنظافة.. استطلاع يسجل عدم رضى المغاربة عن السلوك المدني في الفضاء العام    النيابة العامة بطنجة تفتح تحقيقا في حريق غابة هبّوارة وتوقف مشتبها به بحوزته ولاعات ومخدرات    الأحرار في طنجة بين نيران العائلة ومؤسسات الدولة .. من يطفئ الأزمة ؟    حركة "صحراويون من أجل السلام" بديلا عن جبهة البوليساريو    أخنوش يعطي الانطلاقة الرسمية لخارطة طريق التجارة الخارجية    لقجع: مونديال2030 موعد تاريخي يرسخ جسور التعاون بين ضفتي المتوسط    بين ثقل التاريخ وحدّة الطموح.. تشيلسي وبيتيس وجها لوجه في نهائي المؤتمر الأوروبي    رئيس النيابة العامة يستقبل وفدا كينيا    الرجاء الرياضي يعلن عن تفعيل الشركة الرياضية وقدوم مستثمر مؤسساتي    فاتح ذي الحجة يومه الخميس وعيد الأضحى يوم السبت 7 يونيو 2025    لجنة ال24.. امحمد أبا يبرز دينامية الدعم الدولي لمغربية الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية أذربيجان بالعيد الوطني لبلاده    عمر نجيب يكتب: القنبلة النووية والتجويع آخر الأسلحة لكسب معركة إسرائيل ضد غزة..    ملعب مرتيل الجديد جاهز …    ربع المغاربة يفكرون في الهجرة.. أوروبا الوجهة المفضلة    نجوم الفن ينعون الراحلة نعيمة بوحمالة    "العالم القروي في منظومة الرياضة للجميع" شعار قافلة رياضية بإقليم ميدلت    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    جمعية نسائية تدخل على خط ملف "خديجة مولات 88 غرزة"    أساتذة التعليم الأولي يصعدون ويحتجون أمام وزارة التربية مطالبين بالإدماج الفوري وإنهاء التهميش    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    2 مليون وحدة إنتاجية غير مهيكلة بالمغرب.. والمدن تستحوذ على النصيب الأكبر    وفاة الممثلة المغربية نعيمة بوحمالة عن عمر يناهز 76 عاما    ترامب يخير كندا: الانضمام إلى أمريكا أو دفع 61 مليار دولار للاستفادة من "القبة الذهبية"    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    الممثلة المغربية نعيمة بوحمالة تغادرنا إلى دار البقاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    مدير الأونروا: نظام المساعدات الأمريكي في غزة "إلهاء عن الفظائع"    زيدان يعلن جاهزيته لتدريب منتخب فرنسا بعد مونديال 2026    خبراء يحللون أبعاد وأثر البرنامج الحكومي لدعم الكسابة    البنك الإفريقي للتنمية يتوقع أن يبلغ نمو الاقتصاد المغربي 3.9% سنة 2025    الوداد ينهزم وديا أمام إشبيلية… وتحضيرات حثيثة لمونديال الأندية في أمريكا    وداعا نعيمة بوحمالة… الساحة الفنية تفقد إحدى قاماتها    الصين تطلق ثورة حوسبة فضائية: مشروع "كوكبة الحوسبة ثلاثية الأجسام" يضع الذكاء الاصطناعي في مدار الأرض    موريتانيا تتحرك عسكريًا لحماية حدودها وتوجه رسائل حازمة لبوليساريو والجزائر    إندونيسيا مستعدة للتطبيع مع إسرائيل    فويرتيفينتورا تحتفي بالتنوع الثقافي في الدورة الخامسة من مهرجان "ما بين الثقافتين"    محمد سعد العلمي ضيف برنامج "في حضرة المعتمد" بشفشاون    عبير عزيم في ضيافة الصالون السيميائي بمدينة مكناس    تتويج عبد الحق صابر تيكروين بجائزة "زرياب المهارات" تقديرا لمنجزه الفني في مجال التأليف الموسيقي    كيف تحمون أنفسكم من موجات الحر؟    تزامناً مع موجة الحر.. الدكتور حمضي يكشف عن إجراءات مهمّة لتجنب المخاطر الصحية    دراسة: الموز يساعد على خفض ضغط الدم بشكل طبيعي    التهراوي: تسجيل تراجع بنسبة 80 في المائة في عدد حالات الحصبة بفضل حملة التلقيح    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    بلاغ جديد من وزارة الأوقاف للحجاج المغاربة    









اختر مُستعمرك المفضل!
نشر في الصحيفة يوم 08 - 03 - 2021

لا شك أن من أهم أهداف ثورات الربيع العربي كان تحقيق ما يسميه الرئيس التونسي السابق الدكتور المنصف المرزوقي «الاستقلال الثاني»، خاصة وأن الاستقلال الأول كان صورياً، فقد رحل المستعمر الأجنبي ليترك وراءه عملاءه ووكلاءه من أبناء جلدتنا ليستمروا في استعمار بلادنا لصالح المستعمر الأصلي. لا بل إن الشعوب راحت تتحسر على خروج الاستعمار من أوطاننا بعدما جربت أدوات المستعمر المحلية التي سمت نفسها زوراً وبهتاناً حكومات الوطنية. لقد أثبت وكلاء الاستعمار «الوطنيون» بين قوسين طبعاً أنهم أسوأ من كفيلهم الأجنبي بعشرات المرات. فقط قارنوا ما فعله المستعمر الفرنسي في سوريا، وما فعله المستعمر البعثي الطائفي الفاشي الذي سلطه الاستعمار على سوريا مثلاً.
ولا بد من الإشارة طبعاً إلى أن ما حدث في سوريا حدث في بقية الدول العربية بدرجات متفاوتة على أيدي ما يسمى بالأنظمة الوطنية بعد الاستقلال المزعوم. لهذا السبب وضع الدكتور المنصف المرزوقي كتاباً كاملاً لبحث ما أسماه الاستقلال الثاني، كي يتحقق الاستقلال الحقيقي عن المستعمر. لكن من سوء حظ الشعوب العربية التي ثارت ضد وكلاء المستعمر عادت لتواجه الاستعمار الأصلي وجهاً لوجه بطرق مختلفة بعد أن فشلت أدواته الحاكمة في بلادنا في التصدي للشعوب.
لاحظوا مثلاً ما حصل في بلاد الثورات كسوريا وليبيا واليمن، فعندما فشل العملاء المحليون في قمع ثورات الشعوب وإعادتها إلى حظيرة الطاعة، عاد الاستعمار الأصلي ليتدخل بطرق مختلفة عبر وكلائه وأدواته الجديدة، ففي سوريا مثلاً لاحظنا كيف أوعز ضباع العالم لروسيا وإيران وكل أنواع الميليشيات الإرهابية بالتدخل في سوريا لصالح النظام لمنع مشروع التحرير والاستقلال الحقيقي في سوريا. وفعلاً تمكن المستعمر الروسي وحلفاؤه من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وعادت سوريا عملياً إلى فترة الانتداب. من يقود سوريا اليوم ويقرر مصيرها ويتفاوض باسمها؟ أليست القوى التي تسيطر فعلياً على الساحة كروسيا وإيران وتركيا وإسرائيل وأمريكا وفرنسا وليس النظام؟ فقط انظروا إلى ما يسمى بمسار أستانا وسوتشي الذي يجتمع دورياً لتقرير مصير سوريا والسوريين، وكأن النظام والمعارضة والشعب كلهم تحت الوصاية الدولية والإقليمية.
لقد عاد السوريون عملياً إلى الحقبة الاستعمارية، ولم يعد أمامهم سوى اختيار مستعمرهم المفضل. اختروا إيها السوريون: هل تفضلون المستعمر الروسي، أو الإيراني أو التركي أو الإسرائيلي أو الأمريكي؟
لاحظوا كيف تسيطر تلك القوى الاستعمارية الجديدة وتتقاسم الأراضي السورية، فهذا يسيطر على الساحل، وذاك يسيطر على الشمال وذاك يسيطر على دمشق، وذاك يسيطر على الجنوب، ولم تتردد أمريكا في الإعلان على رؤوس الأشهاد بأنها تريد الاستيلاء على النفط السوري، بينما استأثرت روسيا بثروات الساحل وموانئه ومناطقه الاستراتيجية. ولم يجد السوريون أمامهم فعلاً إلا الانضمام إلى هذا الحلف الاستعماري أو ذاك، فالعلويون في الساحل اختاروا المستعمر الروسي، بينما يفضل السوريون في الشمال الجار التركي ويريدون الانضواء تحت لوائه حتى لو اقتضى ذلك فصل الشمال السوري عن البلاد. ولو سألت السوريين في الجنوب، فهم لا يمانعون سيطرة الشياطين الزرق على مناطقهم بشرط ألا يعودوا إلى سيطرة الأسد وعصابته. لاحظوا كيف دفع النظام بأفعاله المغولية الوحشية الشعب السوري كي يقبل بكل حثالات الأرض، وكأن من مهام العصابة الحاكمة في دمشق دفع السوريين إلى أحضان المستعمرين ثانية بعد أن فشلت هي نفسها في إعادة السوريين إلى زريبة الطاعة نيابة عن كفلائها ومشغليها الأجانب.
وكما حدث في سوريا يحدث الآن في ليبيا التي عاد إليها كل أنواع المستعمرين القدامى والجدد كالضباع المسعورة، وكل طرف يريد حصته من الثروات الليبية. والرسالة الواضحة من ضباع العالم لليبيين: لن نسمح لكم بالاستقلال الحقيقي، فبعد أن سقط الوكيل المحلي، لا بد أن تقبلوا بعودة كفلائه الخارجيين. انظروا الآن كيف ينقسم الليبيون بين هذا الطرف الدولي أو ذاك، وكالسوريين لم يعد أمامهم سوى تفضيل مستعمر على آخر. هل تريدون أن تكونوا تحت سطوة المستعمر الروسي أو الفرنسي أو الإيطالي أو التركي؟ وكما هو واضح فإن البعض يفضل التحالف مع التركي، والبعض الآخر يفضل العودة إلى الحضن الإيطالي أو الفرنسي.
ولا يختلف الوضع المأساوي في اليمن، فقد أبى الساقط علي عبد الله صالح إلا أن يدفع بشعبه إلى أحضان الغزاة والمحتلين للانتقام منه على ثورته ضد نظامه. لم يمانع صالح بدفع اليمنيين إلى هيمنة خصومه القدامى الحوثيين وداعميهم الإيرانيين وبقية الضباع المتصارعة على التراب اليمني. لاحظوا أننا هنا لم نذكر العامل العربي كالسعوديين والإماراتيين والمصريين الذين يتدخلون في ليبيا واليمن وسوريا، ليس لأننا نتجنب ذكرهم، بل لأنهم في واقع الأمر مجرد أدوات في أيدي المستعمرين الحقيقيين وليس لديهم مشاريع عربية إنقاذية لا في سوريا ولا في ليبيا ولا في اليمن. بعبارة أخرى، فالغزاة العرب في اليمن وليبيا أقل مرتبة في القيمة الاستعمارية من الإيراني والتركي، لأن الإيراني على الأقل يأخذ حصته من السمسرة الاستعمارية للأمريكي والإسرائيلي، بينما العربي يقبل العمل بالسخرة، ولا يمانع حتى في تمويل الحملات الاستعمارية الأجنبية من جيبه الخاص. وكل ما يحصل في اليمن وغيره هي بطريقة أو بأخرى عودة مفضوحة للكفيل الاستعماري عبر أدواته العربية والإيرانية وغيرها بعد أن فشل الوكيل المحلي في ضبط الشعوب وإبقائها تحت هيمنة الكفيل الخارجي.
وكما في سوريا وليبيا، فإن اليمنيين باتوا يختارون الآن بين الإيراني والأطراف العربية التي تعمل لصالح القوى الدولية الكبرى. من تفضلون؟ إياه مستعمركم المفضل؟
ومن شدة الوضع المأساوي في بلاد كسوريا واليمن، بات البعض يتحسر حتى على أيام المستعمر الغربي قبل خروجه من بلادنا في منتصف القرن الماضي. وقد سمعت بعض السوريين يقول: حتى نوعية الاستعمار لم تعد جيدة في بلادنا، ففي الماضي استعمرنا الفرنسي، أما اليوم فيستعمرنا الإيراني وهو استعمار درجة عاشرة، أو الروسي فهو درجة خامسة. بعبارة أخرى، فإن المستعمر القديم بات يستخدم أدوات استعمارية مرتزقة كالروسي والإيراني والسعودي والإماراتي للعودة إلى بلادنا، وكأنه يقول لنا: لم تعودوا جديرين حتى بالاستعمار المباشر، فاختاروا من بين أدواتنا الاستعمارية المرتزقة الوكيلة. وسلامتكم!
*المصدر: القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.