نقابة التوجه الديمقراطي تدعم الإضراب الوحدوي للأطر المشتركة بين الوزارات    أزمة دبلوماسية بين إسبانيا والأرجنتين بسبب زوجة سانشيز    توقعات أحوال الطقس ليوم الثلاثاء    بعد 3 سنوات من إغلاقه.. افتتاح الموقع الأثري لشالة أمام الزوار    أمل كلوني تخرج عن صمتها بخصوص حرب الإبادة بغزة    من تبريز إلى مشهد.. كيف ستكون مراسم تشيع الرئيس الإيراني؟    عملية مرحبا 2024 : اجتماع بطنجة للجنة المغربية – الإسبانية المشتركة    "الكاف" يُدين أحداث نهائي كأس الكونفدرالية بين الزمالك وبركان    رغم خسارة لقب الكونفدرالية.. نهضة بركان يحصل على مكافأة مالية    تفاصيل التصريحات السرية بين عبدالمجيد تبون وعمدة مرسيليا    الصومال تسلم المغرب مواطنين محكومين بالإعدام    لقجع: إخضاع صناديق التقاعد لإصلاحات جذرية يقتضي تفعيل مقاربة تشاركية    اجتماع تنسيقي ينزل "تسعيرة البوطا"    الزمالك يرد بقوة على الكاف بعد أزمة النهائي أمام بركان    مرافعة الوكيل العام تثير جدلا قانونيا بين دفاع الأطراف في قضية بودريقة ومن معه    الحكم على أنس اليملاحي مستشار وزير العدل السابق ب10 أشهر حبسا نافذا بتهمة النصب والاحتيال    طقس حار وهبات رياح قوية منتظرة اليوم الثلاثاء بهذه المناطق    أكاديميون يخضعون دعاوى الطاعنين في السنة النبوية لميزان النقد العلمي    استنفار حكومي لتأمين تزويد المواطنين ب"البوطا غاز" مع احترام الأسعار المحددة لبيعها    بعد خسارة لقب الكونفدرالية.. هل يتخلى نهضة بركان عن مدربه التونسي؟    رئيس البرلمان الفنلندي يصف المغرب بالشريك البالغ الأهمية بالنسبة للاتحاد الأوروبي    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم لمبتوري الأطراف (مصر 2024).. المغرب يفتتح مشواره بفوز عريض على أوغندا (9-0)    استعدادا لاستقبال الجالية.. اجتماع للجنة المغربية الإسبانية المشتركة    الأمثال العامية بتطوان... (603)    المغرب يتألق في المنتدى العالمي للماء ويكرم بجائزة الملك الحسن الثاني    وزير الفلاحة يطمئن المغاربة بخصوص أضاحي العيد    انخفاض ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي بجهة الشمال    عسكريون يشيدون بحنكة الجنود المغاربة في مناورات "الأسد الإفريقي 2024"    غياب وزراء يوقف جلسة الأسئلة الشفوية    رئيس الحكومة الفرنسية يزور المغرب في يوليوز لتعزيز العلاقات الثنائية    المغرب يعبر عن تعازيه الصادقة للشعب الإيراني عقب حادث سقوط مروحية أودى بحياة الرئيس الإيراني    بايدن يصف طلب إصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال لقادة إسرائيليين بأنه شائن    تنغير.. سعر بيع الخبز لم يعرف أي تغيير    أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني.. استعراض التجربة المغربية في تدبير التظاهرات الكبرى    اختتام فعاليات الدورة الثانية عشر من المهرجان الدولي لفروسية "ماطا"    تحقيق يتهم سلطات بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوث أودت بنحو 3000 شخص    مبادرة لإعادة تأهيل دور السينما التاريخية المقفلة في بيروت    وزارة الثقافة تضع شكاية لدى اليونسكو ضد سرقة الجزائر ل"القفطان الفاسي"    المغرب يعزي الشعب الإيراني في وفاة إبراهيم رئيسي    جامعات مغربية في وضعية "شبه جمود" بسبب عدم التوصل بميزانية التسيير    السلطات بتنغير تنفي الزيادة في سعر الخبز    اختتام فعاليات الدورة ال29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    الدوري الماسي-لقاء مراكش: البقالي يحسم سباق 3 آلاف موانع    أسعار الذهب والفضة عند أعلى المستويات    صراع الصعود.. صدام مباشر بين "الكوديم" المتصدر والكوكب الوصيف    المغرب يضع رقما هاتفيا رهن إشارة الجالية بالصين    مؤتمر دولي يقارب شمولية الترافع عن مغربية الصحراء    «ذهبنا إلى الصين .. وعدنا من المستقبل»    في لحظة استثنائية كرمت المفكر كمال عبد اللطيف: صراع التأويلات ضرورة, ومغادرة الأزمنة القديمة بوابة الحداثة    إيران تعلن رسميا وفاة رئيسها ووزير خارجيتها وهذه أول صورة لحطام الطائرة    مؤلف "البصمة الموريسكية" يدعو إلى استثمار الأندلس في رؤية مستقبلية    رغم خسارة اللقب.. منحة دسمة من "الكاف" لنهضة بركان    معرفة النفس الإنسانية بين الاستبطان ووسوسة الشيطان    شركة تسحب رقائق البطاطس الحارة بعد فاة مراهق تناوله هذا المنتج    لماذا النسيان مفيد؟    أطعمة غنية بالحديد تناسب الصيف    الأمثال العامية بتطوان... (602)    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تتحول الاستثمارات العصامية بالريف إلى "حقارة" سياسية
نشر في أسيف يوم 19 - 09 - 2012

منذ ما سمي "تجاوزا" بالعهد الجديد، حاول النظام السياسي المغربي تطويع منطقة الريف وتركيع أبناءها بالاعتماد على الأعيان التقليدين من جهة، وعلى بعض رجال المرحلة المخزنية بامتياز (منذ 2005 إلى اليوم) من جهة ثانية، الذين تأتى لهم ذلك بفعل شبكات العلاقات المعقدة مع صديق صديق الملك، حيث تعددت اللقاءات بين هذا الطرف وذاك تهدف إلى نسج علاقات معقدة لأولياء نعمتهم بالرباط، يتداخل فيها السياسي (المشروع السياسي الجديد للدولة "البام") بالإقتصادي (مصادر أموال لتمويل برنامج المخزن الجديد بالريف) بالحقوقي (هيئات تشرعن التجاوزات المخزنية بالريف كيفما كانت طبيعتها)، والنتيجة التي أوصل إليها هؤلاء الريف هي تدمير جزئي لبنية الحركية المدنية والسياسية الريفية التي اتخذت مواقف جد متقدمة فيما يخص المصالحة وجبر الضرر الجماعي / المناطقي...الخ، ليتجه بعد ذلك "الأعيان الجدد" (الذين يسمون أنفسهم بخدام الأعتاب الشريفة في كل تهنئة للجالس على العرش) إلى المجال الاقتصادي، حيث قاموا بمحاولات عديدة لتفكيك بنية المقاولات العصامية والجديرة بالمواطنة وفصلها عن المجتمع وقضاياه المتعددة / المتشابكة، والنتيجة هي "تحول" هذه المقاولات العصامية إلى "أدوات" لتنفيذ مهمة سياسية لصالح رجال المخزن الجديد بالمنطقة.
وقد تمكن رجال المخزن الجديد المكلفون بتنفيذ الخطة المخزنية بالريف (المخزن يلعب بورقة الريف لشرعنة نظامه المتهالك بعد ورقتي اليسار والإسلاميين) من احتواء جزء كبير من النخبة الإقتصادية الريفية، وتم دمجها في حزب الأصالة والمعاصرة إلى جانب رؤوس اليسار السبعيني، والأكثر من هذا نجد نفس النخبة الإقتصادية تحاول قدر المستطاع شرعنة الأعمال السلطوية المخزنية، بل ومحاولة "تأليه" رجل الأعمال القذرة للهمة (حسب كاترين كارسييه وإيريك لوران في كتاب الملك المفترس) من طرف بعض من هذه النخبة، بالأخص إحدى مالكات شركة بيبان للحلويات بالحسيمة التي ظهرت مؤخرا تمجد رجل البام القوي، وهو ما يترك المجال مفتوحا أمام العديد من الأسئلة من قبيل : هل ضحى بعض مالكي الشركة المذكورة برصيدهم التجاري وببنية مقاولتهم العائلية من أجل بعض قياديي حزب البام؟ وما هي طبيعة المُعاملات التي تجمع بين الأطراف المعنية؟ وإلى أية درجة تعمقت واتسعت، بالنظر إلى نوع نشاطاتهم وعلاقاتهم؟ ومَن هم المستفيدون، ومستوياتهم في الدولة المغربية، مِن تلك المُعاملات؟
الواقع، أن الأمر أعقد بكثير، خاصة إذا استحضرنا جدلية السلطة والثروة من جهة، واستحضرنا "التموقع السياسي" للنخبة الاقتصادية بالريف من جهة ثانية، فالمال دائما يتبع السلطة لضمان نوع من الحماية، والتغطية على بعض الأمور الغير قانونية، وجزء لا بأس به من نخبة الريف الإقتصادية منخرطة في صفوف حزب الأصالة والمعاصرة ( بعض مالكي مقاولة بيبان، لبنى وفريد أمغار، شركات عقارية بالريف تابعة لبعض صقور نفس الحزب، شبكات أخطبوطية في مجال التجارة...).
والملاحظة الأساسية في كل هذا، أن كل المعاملات التي يتداخل فيها الاقتصادي بالسياسي بين الأطراف المذكورة ظلت خلف الستار، وتتم في الظلام وبعيدا عن الأضواء، وهو ما يعني أن هذه الكائنات البشرية التي تعيش وتعمل في الظلام تحسب أنه لا وجود لعوالم بشرية أخرى، فيعتقدون أن ما يرونه ويستشعرونه هو سُدرة المنتهى وفي ذلك يستوي عندهم الأعمى والمبصر.
لقد عرفوا كيف تكون التجارة مُربحة تحت جنح الظلام لذا انشغلوا منذ مدة ليست بالقصيرة بالتموقع في الأماكن "المناسبة" التي تجعل "غباءهم" امتيازا بين الذين يستوي عندهم هذا وذاك.
يقول الصحفي "مصطفى حيران" في تلخيصه لهذا الوضع "الشاذ" اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا : "إن من علامات الموت السريري للمجتمعات، حينما تضيع مراتب القيم، أن يُصبح الحقير والوضيع، وكل مشاء بزنيم، عالي الشأن و الهمة، ويتحول أهل "القرية" إلى وضع "مشقلب" فينقلب عاليها سافلها، وأذلة القوم أعزتها، والعكس بالعكس. في أجواء رديئة من هذا القبيل، لا يستغربن المرء، يوما، إذا ما اعتلت إحدى "العاهرات" (والعهارة أصناف وألوان، أهونها في نظري، وضع امرأة تقتات مكرهة من بيع جسدها) منبر الخِطابة، في أحد المساجد، لتخطب في الناس عن "الصلاح، وسبل الخلق القويم"."
إن المتحكمين بزمام الأمور فينا بهذا الريف، والذين عملوا كل ما في وُسعهم لخلط الأوراق ليعم الظلام وبالتالي ازدهار تجارتهم السياسية والاقتصادية، كان سيكون مكانهم الطبيعي لو تواجدنا في دولة عادلة، السجون والمصحات النفسية، وأسعدهم حظا في مراكز إعادة الإدماج.
فكري الأزراق
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.