كشف تقرير للبنك الدولى، حول الوظائف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن أكثر من نصف سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ممن بلغوا سن العمل إما عاطلون عن العمل أو غير ملتحقين بالتعليم، كما أن معدل النساء غير الملتحقات بسوق العمل ومعدل البطالة بين الشباب يعد الأعلى على مستوى العالم. ويناقش التقرير الدولي، «أسباب ارتفاع مستويات البطالة، ويطرح مقترحات لزيادة الديناميكية فى الاقتصاد بغرض خلق مزيد من الوظائف». ويقول البنك الدولي أن تقريره «يتجاوز الروابط التقليدية بين الوظائف والإنتاجية ومستويات العيش ليشمل فهماً لأهمية الوظائف بالنسبة إلى الكرامة والتوقعات الفردية»، ويرى أنه «من الواضح أنه كان مظهراً مركزياً للربيع العربي». المغرب الأعلى في مؤشر عدم الإنصاف في توزيع فرص العمل أشار تقرير البنك الدولي، إلى أن المغرب يعتبر الأعلى في مؤشر عدم الإنصاف في توزيع الوظائف، ويتبين حسب التقرير، من هذا القياس أن نسبة عدم التكافؤ في مخرجات «العمالة الرسمية» و «العمالة في القطاع العام»، وهما مرتبطتان بشكل أو بآخر، تميل إلى الارتفاع في جميع البلدان، بحيث يتأرجح مؤشر الاختلاف بين 0.2 و0.7، غير أنها تبقى دائما الأدنى في الأردن والأعلى في المغرب، حيث تندر هذه الوظائف. وتشمل الوظائف المرغوبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تلك التي توفر الحماية واستقرار العمال و/أو الدخل المرتفع. وتشير الأدلة في كثير من البلدان، إلى أن العملية التي يحصل من خلالها الأفراد على هذه الوظائف لا تعكس في معظم الأحيان أي جهد أو جدارة، كالعلم أو الخبرة، بل تعكس ظروفًا لا سلطة للفرد عليها، كنوع الجنس ومكان الإقامة والروابط العائلية وتعليم الوالدين، ويقدم مؤشر الإختلاف، قياسًا تركيبيًا لعدم التكافؤ في توزيع مخرجات أسواق العمل بين مجموعات ذات ظروف مختلفة. ويذكر التقرير أنه عندما استخدم هذا المؤشر لتفسير المخرجات المسجلة في أوساط الشباب في مصر، والأردن، والمغرب، تبين أن نوع الجنس يلعب دوراً محورياً في تحديد مدى عدم المساواة في مخرجات العمالة بين الأفراد، وهو ما اعتبره نتيجة غير مفاجئة، نظراً إلى انخفاض مشاركة المرأة في القوى العاملة من جهة، وارتفاع معدلات البطالة بين النساء اللواتي يشاركن في سوق العمل من جهة أخرى، أما عدم تكافؤ الفرص بين صفوف الشباب، فيعزى بشكل رئيسي إلى ظروف خارجية خارجة عن سيطرة الفرد. توزيع الوظائف "المرغوبة" ليس متماثلا بين السكان أفاد تقرير البنك الدولي، بأن توزيع «الوظائف المرغوبة» النادرة عمومًا، والتي تفيد 18 في المئة من القوى العاملة في المغرب و 24 في المئة منها في مصر، ليس متماثلاً بين جميع السكان. فبالرغم من الاختلافات الملحوظة بين البلدان، يرى التقرير أن الشباب والنساء والعمال الريفيين وذوي المهارات المتدنية، لا يتمتّعون بشكل ملحوظ بإمكانية الحصول على الوظائف المذكورة، في حين أن العكس صحيح في صفوف الذكور الذين هم في ذروة سن العمل. ويلفت التقرير الانتباه، إلى أن بعض هذه الوظائف المرغوبة، كوظائف القطاع العام، توفر عائدات فردية عالية لكنها لا تعكس بالضرورة مستويات إنتاجية مرتفعة على الصعيد الاجتماعي. وتشير بيانات منظمة «غالوب» حول اتجاهات الشباب إلى أن الأغلبية الساحقة من السكان في بعض الدول تفضّل العمل في القطاع العام، وأن هذا الاتجاه مستمر لدى الأجيال الناشئة بالرغم من تغيّر معدلات التوظيف مع الوقت في القطاع العام في البلدان غير النفطية، لذلك، تؤدي الحوافز الفردية التي تحركّ العمال إلى دفع أسواق العمل في المنطقة نحو نقطة توازن منخفض الإنتاجية، أي أن الشباب، بهدف زيادة فرص حصولهم على وظيفة في القطاع العام، يميلون إلى تحصيل شهادات التعليم العالي التي لا يحتاجها القطاع الخاص بالضرورة. أما من يسمح له وضعه بالانتظار، فينتظر دوره للحصول على الوظيفة، متوقعًا راتبًا مرتفعًا نسبيًا مقابل إنتاجية فعليّة منخفضة. ونظرًا إلى القيود المالية التي تواجهها بلدان المنطقة، يضيف التقرير، «وارتفاع نسبة الحائزين على التعليم العالي، لا يمكن اعتبار هذا النموذج نموذجًا مستدامًا يحتذى به للنجاح في سوق العمل». الرسائل الخمس لتقرير البنك الدولي الرسالة 1: أسواق العمل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تستخدم المواهب والموارد البشرية المتوفرة بصورة جيدة، ما يكبح بالتالي الإمكانية الإقتصادية لدى بلدان المنطقة وشعوبها. الرسالة 2: تغيير القواعد لبناء قطاع خاص ديناميكي يستفيد من المجموعة الكاملة من الإمكانيات البشرية في المنطقة. الرسالة 3: السماح بتدفق المهارات نحو وظائف القطاع الخاص المنتجة من خلال إعادة التوازن بين شروط العمل في القطاع الخاص والقطاع العام وإعادة النظر في لوائح العمل وتخفيض الحواجز التي تقف أمام المرأة التي تريد العمل. الرسالة 4: تعزيز قابلية توظيف الشباب عن طريق سد الفجوات المعلوماتية، وتحسين جودة ومُلاءمة المهارات، وبناء الشراكات مع القطاع الخاص في مجال التدريب. الرسالة 5: اللجوء إلى التدخلات القصيرة الأجل للاستجابة للاحتياجات الفورية، وفي الوقت نفسه، بناء المصداقية وتوافق الآراء من أجل تنفيذ إصلاحات متوسطة المدى. القطاع العام يحتل الأولوية في صفوف الشباب يستمر العمل في القطاع العام باحتلال الأولوية في تفضيل التوظيف بين صفوف الشباب. وترسّخت فكرة العمل في القطاع العام في المجتمع على أنه الطريق الرئيسي نحو الحركية الإجتماعية، بالرغم من أنه لم يعد قاب للحياة كما في السابق. ولا تزال الأفواج الجديدة من الداخلين إلى سوق العمل تتوقع الحصول على وظائف تشبه الوظائف التي تشغلها الأجيال السابقة. ويشير تحليل معدل العائد الداخلي في وظيفة حكومية في المغرب على مدى حياة العامل، حسب تقرير البنك الدولي، إلى أنه بالرغم من الدخل الضائع أثناء البطالة، لا تزال ظروف العمل السخية القائمة في القطاع العام تجعل من الاصطفاف والانتظار للحصول على وظيفة عامة استراتيجية محبطة لكن منطقية بالنسبة للباحثين عن عمل المتعلمين. أين العوائق؟ تستعرض الأقسام التالية بالتفصيل العوائق التي تمنع المنطقة من الانتقال إلى توازن أعلى في الإنتاجية. وتتضمّن هذه العوائق الحواجز الاقتصادية العامة والجزئية التي تحول دون توفير وظائف أكثر وأفضل، والقاعدة التنظيمية السائدة في سوق العمل التي تعزّز الوضع القائم، وظروف العمل في القطاع العام التي تشوّه الحوافز المقدّمة إلى العمّال، ونظم التدريب والتعليم التي تفتقر إلى الحوافز التي تساهم في تطوير مهارات ملائمة وذات جودة عالية، إضافةً إلى نظم الوساطة في العمل غير الفعّالة التي تزيد أكثر من انعدام الفرص المتكافئة أمام المرشّحين المؤهّلين.