ثلاثة مراسيم على طاولة المجلس الحكومي    الرباط.. دعوات دولية متزايدة لوقف "الإبادة" في غزة وتفعيل حل الدولتين    نقل إياب نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم إلى زنجبار    21 حافلة و7 سيارات إسعاف لدعم التعليم والصحة بالرشيدية    إفشال محاولة تهريب 3 كيلوغرامات من الشيرا بلعها شخصان بمعبر بني أنصار    وهبي: رفضنا تعديلات على المسطرة الجنائية لمخالفتها مرجعيات الإصلاح أو لمتطلباتها المادية الضخمة    "البيجيدي" مهاجما "الاتحاد الاشتراكي": يقوم بأدوار مشبوهة تسفه العمل السياسي بالمغرب    تلك الرائحة    بوريطة: دعم المغرب لفلسطين يومي ويمزج بين الدبلوماسية والميدان    كيف تعمل الألعاب الإلكترونية على تمكين الشباب المغربي؟    الناظور.. المقر الجديد للمديرية الإقليمية للضرائب يقترب من الاكتمال    الملك يهنئ رئيس جمهورية الكاميرون    مجلس النواب يقر قانون المفوضين القضائيين الجديد في قراءة ثانية    عصابة المخدرات تفشل في الفرار رغم الرصاص.. والأمن يحجز كمية ضخمة من السموم    جديد محاكمة المتهم بقتل زوج فكري    انقطاع واسع في خدمات الهاتف والإنترنت يضرب إسبانيا    الأبواب المفتوحة للأمن الوطني: رواق مكافحة الجريمة السيبرانية تجسيد للانخراط المتواصل للأمن في حماية الفضاء الرقمي    موريتانيا تقضي نهائيا على مرض الرمد الحبيبي    هذا المساء في برنامج "مدارات" : لمحات عن علماء وأدباء وصلحاء منطقة دكالة    40.1% نسبة ملء السدود في المغرب    رئيس حزب عبري: إسرائيل تقتل الأطفال كهواية.. وفي طريقها لأن تصبح "دولة منبوذة" مثل نظام الفصل العنصري    مسؤولون دوليون يشيدون بريادة المغرب في مجال تعزيز السلامة الطرقية    استئنافية الرباط تؤجل محاكمة الصحافي حميد المهدوي إلى 26 ماي الجاري    الوداد الرياضي يُحدد موعد سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية    دو فيلبان منتقدا أوروبا: لا تكفي بيانات الشجب.. أوقفوا التجارة والأسلحة مع إسرائيل وحاكموا قادتها    "حماة المال العام" يؤكدون غياب الإرادة السياسية لمكافحة الفساد ويحتجون بالرباط على منعهم من التبليغ    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    توقيع مذكرة تفاهم بين شركة موانئ دبي العالمية والهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية    المغرب والإمارات يعلنان شراكات ب14 مليار دولار في مشاريع طاقة ومياه    الاهتمام الثقافي في الصين يتجلى: أكثر من مليار و400 مليون زيارة للمتاحف خلال عام 2024    صلاح رابع لاعب أفريقي يصل إلى 300 مباراة في الدوري الإنجليزي    يوسف العربي يتوج بجائزة هداف الدوري القبرصي لموسم 2024-2025    لهذه الأسباب قلق كبير داخل الوداد … !    مشاركة أعرق تشكيلات المشاة في الجيش الإسرائيلي في مناورات "الأسد الإفريقي" بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    ماكرون وستارمر وكارني يهددون إسرائيل بإجراءات "عقابية" بسبب أفعالها "المشينة" في غزة    العدالة والتنمية يحذر من فساد الدعم وغياب العدالة في تدبير الفلاحة    طقس حار نسبيا في توقعات اليوم الثلاثاء    مكالمة الساعتين: هل يمهّد حوار بوتين وترامب لتحول دراماتيكي في الحرب الأوكرانية؟    الاقتصاد الاجتماعي والتضامني رافعة أساسية لتنمية شاملة ومستدافة" شعار النسخة 6 للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بوجدة    نداء إلى القائمين على الشأن الثقافي: لنخصص يوماً وطنياً للمتاحف في المغرب    مسرح رياض السلطان يواصل مسيرة الامتاع الفني يستضيف عوزري وكسيكس والزيراري وكينطانا والسويسي ورفيدة    "win by inwi" تُتَوَّج بلقب "انتخب منتج العام 2025" للسنة الثالثة على التوالي!    شاطئ رأس الرمل... وجهة سياحية برؤية ضبابية ووسائل نقل "خردة"!    مستشفى صيني ينجح في زرع قلب اصطناعي مغناطيسي لطفل في السابعة من عمره    تفشي إنفلونزا الطيور .. اليابان تعلق استيراد الدواجن من البرازيل    مهرجان "ماطا" للفروسية يحتفي بربع قرن من الازدهار في دورة استثنائية تحت الرعاية الملكية    المهرجان الدولي لفن القفطان يحتفي بعشر سنوات من الإبداع في دورته العاشرة بمدينة طنجة    إيهاب أمير يطلق جديده الفني "انساني"    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    مدرب منتخب أقل من 20 سنة: اللاعبون قدموا كل ما لديهم والتركيز حاليا على كأس العالم المقبل    مرسيليا تحتفي بالثقافة الأمازيغية المغربية في معرض فني غير مسبوق    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المافيا العراقية ومحاربة «الشيطان الأكبر»
نشر في التجديد يوم 28 - 11 - 2014

عادت موجة الاختطاف، بقوة، لترعب المجتمع العراقي، في بغداد خاصة. المليشيات الطائفية تتمدد وتتوسع لتمارس كل انواع الإرهاب ضد المواطنين، وبعض المواطنين أكثر من غيرهم. اذا كانت «داعش» قد فتحت ابواب الجحيم لتستقبل الجميع أما ان يكونوا موالين لها او قتلى، بلا استثناء، فان المليشيات الطائفية، بحماية النظام، تخوض حملة تطهير طائفية، انتقائية بامتياز. تحت ذرائع مختلفة. آخرها انتقاما من جرائم «داعش»، أولها، قبل ولادة داعش بعشر سنوات، تشمل التهجير والقتل والقصف الجوي والعقاب الجماعي. بحماية النظام الطائفي ومواليه (لا تخلو القائمة من أكاديميين)، تضع المليشيات على صدر كل من ترغب بتهجيره والاستيلاء على ممتلكاته او قتله شارة تشبه ما كانت تضعه النازية على صدور اليهود، وما يضعه الصهاينة على بيوت الفلسطينيين قبل تهديمها بالجرافات، وما وضعته داعش على بيوت المسيحيين وكل من يخالفها . مكتوب على الشارة «إرهابي- وهابي – صدامي- قاعدي – داعشي».
موزعو شارات التمييز والقتل هم أفراد مليشيات النظام العراقي التي تكاثرت أعدادها بسبب رواج سوق الجريمة والطائفية الإقليمي، بحيث يتجاوز عددها الثلاثين يوما، ابرزها بين الميليشيات الناشطة، أرضا، هي عصائب اهل الحق (ايرانية) وسرايا السلام (التيار الصدري) وفيلق بدر الذي حارب في صفوف القوات الإيرانية اثناء سنوات الحرب العراقية الإيرانية الثمانية.
وكما هو الحال في جميع الصراعات المسلحة المشابهة، فمن أهم شروط تأسيس وتمويل هذه المليشيات من قبل جهات رسمية أو غير رسمية، ايرانية او لبنانية في الغالب، حق الممولين في تعيين 3 مفوضين للتدريب العسكري، وللتوجيه المعنوي وللعلاقات الخارجية.
ويتجاوز الأمر عند منظمة بدر الى الظهور العلني لزعمائها، وبينهم وزير الداخلية الجديد، إعلاميا، مع قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني في مناطق القتال العراقية. وهذه المليشيات، وليس «الجيش العراقي» الذي إنفضح كونه كيانا ورقيا لا وجود له على الارض، هي التي تتقاسم العراق مع قوات وطائرات أمريكا وثلاثين دولة من الحلف الكوني جوا التي استجدى النظام الحالي، بمباركة ايران، جلبها لاحتلال البلد من جديد. ترى ما الذي جرى شعار «محاربة الشيطان الأكبر» و»الموت الموت لأمريكا»، الذي يواصلون بيعه، بالاطنان، للسذج من العامة او لعميان البصيرة في سوق الشعارات؟
الاختطاف مهنة مربحة جدا لاتحتاج كفاءة او شهادة ولا ساعات عمل طويلة. كل ما تحتاجه المليشيات لنجاح مهنتها ان يكون البلد بلا دولة وبلا قانون وان تتوفر للمليشيات حماية الحكومة او، الافضل، ان تكون المليشيا جزءا لا يتجزأ من تركيبة الحكومة. وهل هناك حماية افضل من حماية وزير الداخلية الذي يحتل مركزا قياديا في مليشيا فيلق بدر؟
من يتابع تركيبة البرلمان العراقي سيلاحظ تفوقه على المافيا الايطالية في عدد النواب الذين يمثلون المليشيات بدلا من الشعب. مما يعني شرعنة عمليات الاختطاف والقتل والتنافس على العقود الحكومية بدءا من عقود السلاح الى الكتب المدرسية والاعلانات التلفزيونية.
واذا كانت المافيا في جنوب ايطاليا قد قامت، في العام الماضي، بتدوير مالي قدره 44 مليار جنيه استرليني، أي مايزيد على تدوير البنك الالماني وماكدونالد سوية، فان نظام المليشيات العراقي يخطو، بسرعة مذهلة، وفي وقت قياسي، نحو منافسة المافيا آخذين بنظر الاعتبار حداثة عهد المليشيات بالمقارنة مع المافيا الصقلية التي ولدت حوالي عام 1800.
فقد أشار مصدر الى حصول المليشيات «على مبلغ يتجاوز ال200 الف دولار كفدية من مجموع حوادث الاختطاف التي نفذتها في اسبوع واحد بمحيط محلة الصليخ في جانب الرصافة من بغداد» فقط. و أن ضحايا الأختطاف «هم طالب جامعي وأستاذ في مدرسة ثانوية واثنان من اصحاب المحال المخصصة بتجارة الأجهزة الكهربائية، بالإضافة إلى طالبة في الدراسة الإعدادية، ودفع لخاطفيها مبلغ 60 ألف دولار مقابل إطلاق سراحها، فيما تراوحت فدية الباقين بين 10 آلاف و40 ألف دولار».
لا تكتفي المليشيات بالاختطاف والابتزاز واستلام الفدية التي يفضل المواطنون بيع بيوتهم وكل ما يملكون لدفعها، انقاذا لافراد عائلتهم، على ان يلجأوا الى الشرطة وجهاز الأمن، بل وصلت وحشية العصابات الى قتل المختطفين من اطفال ونساء ورجال ورمى جثثهم في الطرق بعد استلام الفدية.
واذا كانت مأساة العراق كارثية لتفريغه من تنوعه الديني والعرقي ومحاولة تقسيمه فأن الاستهداف الممنهج للبقية الباقية من عقوله العلمية، سيقود الى اجهاض اي حلم يراودنا عن جيل مستقبلي قادر على التفكير والوعي النقدي وحرية المبادرة، بعيدا عن اصنام التجهيل المتعمد، ونموذج دعاة الأصنام، في دعوة توازي ترسيخ «طاعة ولي الأمر» هو «سماحة الشيخ» جلال الدين الصغير، المحرض في موقعه ومقالاته ( 28 أكتوبر)، على البلادة وحظر الجدال خاصة «في الشعائر الحسينية وبالذات التطبير»، مبديا تعجبه من جرأة البعض، على طرح التساؤلات خاصة بين الشباب، ولم التساؤل والتفكير مادام «كل شخص لديه مرجع وعليه أن يأخذ برأي مرجعه في هذه الشعائر فإذا قال المرجع الذي تقلده: هذه الشعيرة حلال؛ اذهب واعمل الذي تريد فعله من إحياء هذه الشعيرة، وإذا المرجع الذي تقلده قال: حرام هذه الشعيرة اعمل في العمل الذي يتناسب مع المرجع الذي تقلده».
فلا عجب، في اجواء التجهيل الظلامي هذه، ان يتم، خلال اسبوع واحد، اختطاف أربعة اساتذة جامعيين، ببغداد وحدها. من بينهم استاذ الرياضيات الدكتور مجبل الجوعاني، الذي اختطف ابنه اولا ثم قتل بعد ان دفع الفدية على يد مليشيا في منطقة الاعظمية. ولايزال مصير الاستاذ مجهولا على الرغم من حملة التضأمن العالمية التي تقودها منظمة «عمال امريكيون ضد الحرب» وبناء على معلومات وثقتها هيئة الاساتذة الجامعيين العراقيين، بالتزأمن مع محكمة بروكسل لمحاكمة مجرمي الحرب ضد العراق.
المعروف ان «محكمة بروكسل»، هي واحدة من المنظمات الحقوقية العالمية التي توثق، تفصيلا، اسماء الضحايا من الاكاديميين والعلماء والمدرسين العراقيين، موفرة بذلك المعلومات المطلوبة، مستقبلا، لمحاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم.
كما انها المنظمة التي رعت اجراءات محاكمات الضمير العالمية ضد الرئيس الامريكي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير في 11 دولة، في ارجاء العالم. ومثل كل مبادرات التضأمن مع الشعب العراقي، تواجه منظمة محكمة بروكسل حملة تشويه واتهامات، باعتبارها «بعثية وأسلامية – صدامية وداعشية» في آن واحد. مما يجعلها، تقف، بمفارقة مضحكة، وفي ظل قولبة عقلية كونكريتية، في قفص اتهام واحد مع المنظمات الحقوقية الدولية مثل «هيومان رايتس ووتش» و»العفو الدولية» التي لايمر شهر بدون ان تصدر تقريرا عن خروقات حقوق الانسان بالعراق، وحملات التطهير الطائفي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.