صادق المغرب كجل بلدان العالم على اتفاقية الأممالمتحدة المتعلقة بحقوق الطفل، وذلك بموجب الظهير رقم 493.34 المؤرخ في 14 يونيو 1993، إلا أنه وبإيجابية تذكر، قام بإبداع أدوات الانضمام إلى هذه الاتفاقية في 21 يونيو 1993 مع تسجل التحفظ التالي : " إن المملكة المغربية التي يضم دستورها لكل واحد ممارسة شؤونه الدينية، تتحفظ على أحكام المادة الرابعة عشرة التي تعترف للطفل بالحق في حرية الدين، نظرا لأن الإسلام هو دين الدولة". وقد نشرت هذه الاتفاقية بالجريدة الرسمية بتاريخ 21 نونبر 1996. لكن يبقى السؤال المطروح : أين هي خصوصية المجتمع المغربي في هذه الإتفاقية ؟ اقتناعا من الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن الأسرة هي الوحدة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو ورفاهية جميع أفرادها، وبخاصة الأطفال حسب ما جاء في ديباجة الاتفاقية تقربأن الطفل كي تترعرع شخصيته بشكل كامل ومتناسق، يجب على الدول توفير الشروط اللازامة، ابتداءا من حفظ حياته إلى أن يكتمل نموه العقلي والجسمي في ظروف صحية واجتماعية وقانونية. ولتحقيق ذلك سطرت في هذه الاتفاقية 54 مادة منقسمة إلى ثلاثة أجزاء. الجزء 1 : من المادة 15 إلى المادة 41 الجزء 2: من المادة 42 إلى المادة 54 الجزء 3 : من المادة 46 إلى المادة 54 وقد خصصت الجزء الأول للحديث عن حقوق الطفل سواء داخل المجتمع المصغر الذي هو الأسرة، أو داخل المجتمع الموسع، مع محاولة الإحاطة بكل ما يحتاج إليه الطفل للعيش بسلام في مختلف مناحي الحياة سواء المادية أو المعنوية. مفرطة في إعطاء الطفل حقوق لا تتماشى مع خصوصية كل الدول الأطراف. وفي هذا الصدد تقول الأستاذة ثريا غربال المكلفة بالدرسات بالوزارة الأولى " إن نساء اليسار يطالبن برفع التحفضات - تحفظ المغرب على المادة 14 - لأنها حسب رأيهم هي التي تعرقل مسيرة الطفل،كما يرون أن المغرب حينما " ينضم" وهذا مصطلح من داخل الاتفاقية - يجب أن ينضم من غير قيد أو شرط، في حين تضيف الأستاذة غربال أن المواثيق الدولية في حد ذاتها تقول "يجب على جميع الدول أن تطبق هذه الاتفاقية حسب خصوصيتها" وهذا هو المبدأ العام في المواثيق، أي أننا يجب أن نأخذ من هذا الاتفاق ما يتلاءم وخصوصيتنا الدينية وهويتنا وثقافتنا، إلا أن هؤلاء النساء يعارضن التحفظات ويرون ضرورة الانضمام جملة وتفصيلا إلى الإتفاقية بدعوى أن في ديباجة الدستور تطرح قضية حقوق الإنسان، فمن الواجب إذن - حسب رأيهم - أن تعلوا المواثيق فوق أي خصوصية، في حين نحن نقول العكس في أي ميثاق يتعارض مع خصوصيتي ومع هويتي سواء الثقافية أوالحضارية." ومن الملاحظ أن هناك تناقض بين ما جاء في المواثيق الدولية من احترام حصوصية الدول وبين ما جاء في اتفاقية الأممالمتحدة المتعلقة بحقوق الطفل في مادتها رقم51 النقطة الثانية حيث تحضر أي تحفظ ، يتنافى مع هدف الاتفاقية وغرضها. لدى تؤكد ثريا غربال على ضرورة المحافظة على الهوية والدين فتقول " المغرب كدولة من دول العالم، هوأيضا في المجتمع الدولي، فلا يعقل أن ينفصل على العالم، ولكن الانضمام إلى الاتفاقية يجب أن يتماشى مع مسار المغرب سواء الطفل أو المرأة ، فلا بد اذن من المحافظة على هوية وثقافة البلد المغربي المسلم حتى نكون منسجمين مع ذواتنا، كما هو الشأن لمجموعة من الدول، لأنه يستحيل -تضيف غربال- أن أنظم إلى أي اتفاقية بخصوصية الآخر التي تتعارض مع خصوصيتي وبالطبع لن أفرض على الطرف الأخر أن ينظم بخصوصيتي، فهذا مبدأ يعلو ولايعلى عليه. ليبقي الجزء الثاني منفردا بالحديث عن آليات تنفيذ الاتفاقية داخل الدول الأطراف في الاتفاقية وطريقة الانتخابات داخل الهيئة. أما الجزء الثالث فقد خصص للحديث عن طريقة الانضمام ومايتعلق به من الحيثيات. وقد سبقت الإشارة إلى أن المغرب صادق على الاتفاقية في سنة 1993 وقام بإيداع أدوات الانضمام إليها في نفس السنة، ثم نشرت في الجريدة الرسمية بعد ثلاث سنوات أي 1996، والمغرب يشرف على نهاية سنة2002،ومن هنا يأخذ السؤال التالي شرعيته ، ماهي منجزات الهيئات الوصية على مدى ست السنوات من تاريخ الانضمام إلى هذه الاتفاقية،وهل يصح لنا اعتبار التجليات والتمظهرات الملحوظة على مستوى مايعيشه الطفل المغربي نجاح واضح لاتفاقية الأممالمتحدة؟ أكيد أن الجواب هو، إسأل واقع الطفل المغربي فهو الكفيل بالإجابة. فاطمة دعلوش