وهبي يدعو القضاة للاجتهاد في إيجاد بدائل للسجن وتطبيق العقوبات البديلة    "العفو الدولية": تهجير إسرائيل فلسطينيي غزة "جريمة ضد الإنسانية"    السكر العلني وارتكاب حادثة سير يوقف فرنسيين بمراكش    الأطرالصحية ونقابة الجامعة الوطنية للصحة بعمالة المضيق الفنيدق تضع يدها على ملف ساخن وتستنكر تعطيل خدمات تقويم البصر بمصحة النهاري بمرتيل    تعليمات جديدة من لفتيت للأمن والولاة: لا تساهل مع السياقة الاستعراضية والدراجات المعدلة    محاكمة زيان.. النيابة العامة تطالب بتشديد عقوبة السجن 5 سنوات الصادرة ضده    ملاحظة نقدية من طرف ألفونس ويلهانز حول جان بول سارتر والعقل الجدلي    ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    أبو الأسود الدؤلي    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    الخطوط الملكية المغربية و"المبنى رقم 1 الجديد" في مطار JFK بنيويورك يبرمان شراكة استراتيجية لتعزيز تجربة المسافرين    المغرب، الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا (صحيفة جنوب إفريقية)    إسبانيا تمول محطة تحلية عملاقة بالمغرب ب340 مليون يورو    إدانة ستة أشخاص ب48 سنة سجناً في ملف تهريب دولي للمخدرات عبر مطار الحسيمة    يومه الخميس، الذكرى 22 لميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن    سانشيز يُشيد بدور المغرب في استعادة الكهرباء بعد الانهيار "غير المسبوق" لشبكة التوزيع بإسبانيا    منتخب U20 يطمح لحسم تأهله إلى ربع نهائي كأس إفريقيا أمام تونس    ديزي دروس يكتسح "الطوندونس" المغربي بآخر أعماله الفنية    من إنتاج شركة "Monafrique": المخرجة فاطمة بوبكدي تحصد جائزة وطنية عن مسلسل "إيليس ن ووشن"    "قانون بنعيسى" يُقصي الصحافيين من تغطية دورة جماعة أصيلة ويثير الجدل    من هي النقابة التي اتهمها وزير العدل بالكذب وقرر عدم استقبالها؟    التوأمة التربوية بين الرباط وباكو .. جسر لتعزيز الحوار الثقافي والمحافظة على التراث    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    بركة: نعيش سنة الحسم النهائي للوحدة الترابية للمملكة    الزمالك المصري يقيل المدرب بيسيرو    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    "التقدم والاشتراكية": الحكومة فشلت على كافة المستويات.. وخطابها "مستفز" ومخالف للواقع    اختتام الدورة الأولى للمنتدى الدولي للصناعة والخدمات بجهة أكادير    المغرب يحتفي باليوم العالمي لشجرة الأركان كرافعة للتخفيف من آثار التغيرات المناخية    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    بركة: إحداث 52 ألف فرصة شغل بقطاع البناء والأشغال العمومية    قتلى وجرحى في قصف متبادل بين الهند وباكستان    500 مليون دولار خسائر مطار صنعاء    الكرادلة يبدأون عصر الأربعاء أعمال المجمع المغلق لانتخاب بابا جديد    فرنسا تواصل معركتها ضد الحجاب.. هذه المرة داخل الجامعات    دكاترة الصحة يذكرون بمطالب عالقة    "كوكا كولا" تغيّر ملصقات عبواتها بعد اتهامها بتضليل المستهلكين    قمة دوري الأبطال تستنفر أمن باريس    لامين يامال يقدم وعدًا إلى جماهير برشلونة بعد الإقصاء من دوري أبطال أوروبا    صيحة قوية للفاعل الجمعوي افرير عبد العزيز عن وضعية ملاعب القرب بحي العامرية بعين الشق لالدارالبيضاء    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    بورصة الدار البيضاء.. أداء إيجابي في تداولات الافتتاح    بايدن يتهم ترامب باسترضاء روسيا    فليك يتهم الحكم بإقصاء برشلونة ويُخاطب لاعبيه قبل الكلاسيكو    دافيد فراتيزي: اقتربت من فقدان الوعي بعد هدفي في شباك برشلونة    انتر ميلان يتغلب على برشلونة ويمر إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    القوات المسلحة الملكية: ندوة بالرباط تسلط الضوء على المساهمة الاستراتيجية للمغرب خلال الحرب العالمية الثانية    المغرب يستقبل 5.7 ملايين سائح خلال 4 أشهر    السياحة الريفية في الصين... هروب من صخب المدن نحو سحر القرى الهادئة    عاملات الفواكه الحمراء المغربيات يؤسسن أول نقابة في هويلفا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجديد تستطلع أوضاع مدينة خنيفرة بعد الفيضانات المهولة
نشر في التجديد يوم 23 - 12 - 2003

سبعون منزلا مهددة بالسقوط... والأوحال تعيق ذهاب التلاميذ إلى مؤسساتهم

الملف الجهوي لهذا الأسبوع حملنا عبر طريق أزرو إلى مدينة خنيفرة، حيث الطبيعة الخلابة الممتدة عبر الطريق المؤدي إليها، فما إن تطأ قدماك خنيفرة حتى يتبادر إلى ذهنك سؤال حول معايير الفرق بين المدينة والقرية، لأنك لا تكاد تجد طريقا أو شارعا يُشَرِف المنطقة ويغني الراكبين المارين بها عن الحركات الفلكلورية أحيدوس، مدينة تضررت بفعل الفيضانات الأخيرة التي زادت الطين بلة، فتلطخت بالأوحال التي زينت لون جدران بناياتها الحمراء وحملت المياه الملابس والكتب والأجهزة لتترك أبناءها يندبون حظهم التعس على ما فقدوه. التجديد وقفت على بعض مشاكل الجماعة الحضرية لخنيفرة ننقلها للقارئ عبر الاستطلاع التالي:

لو كانت السيارة آدميا لرفعت ضدي دعوى قضائية
شرع المجلس البلدي لمدينة خنيفرة في ترميم شارع محمد الخامس، وهو شارع رئيسي بالمدينة، أطلق عليه السكان اسم شارع موحى والحسين كناية عن الفنان الأمازيغي المنحدر من المدينة، وسبب هذه التسمية لم يكن حب الفنان دافعا لها، ولكن للحركات الفلكلورية التي يقوم بها كل راكب سيارة أو شاحنة مجبرا بفعل تأثير الحفر الموجودة بالشارع، يقول السيد أحمد (تاجر): «الشارع الرئيسي الوحيد بمدينة خنيفرة لم يحظ بالعناية منذ سنوات، فشوارع المدينة تخبر عن حالها وحال أهلها»، وتقول السيدة سعاد (موظفة) ملقية باللوم على المسؤولين الذين لم تحركهم الغيرة على مدينة تمتاز بطبيعتها الخلابة: «نكاد نتقيأ كلما مررنا بأحد الشوارع راكبين، لدرجة أصبحنا نفضل السير على أقدامنا على أن تنهكنا حركات الاهتزاز صعودا وهبوطا داخل السيارة».
وشبه رجل أمن حفر الشوارع بالآبار، مستغربا من أن طرقات مدينة لم تشهد تغيرا منذ أن بدأ عمله بها. ويحكي السيد (ع.ر)، سائق سيارة أجرة، عن معاناته اليومية مع الطريق، متمنيا أن يكون المجلس الجديد فاتحة خير على المدينة التي عانت طويلا: «عندما أروح ليلا إلى بيتي أشعر بالتعب الشديد جراء هذه الطريق المليئة بالحفر، خاصة أنني أستعملها يوميا»، ويضيف سائق الطاكسي مازحا: لو كانت السيارة آدميا لرفعت ضدي دعوى قضائية لدى المحكمة الابتدائية بخنيفرة.
وللصغار رأيهم الخاص في الموضوع، فقد تحدث الطفل أسامة لالتجديد، (12 سنة) موجها حديثه لمن يهمهم الأمر: «ينبغي على المسؤولين إصلاح الطرقات حتى ننعم بمدينة جميلة مستقبلا، ونتذكر عندما نكبر أن مسؤولين مخلصين أعدوا لنا شيئا نذكره لهم بالخير ونطلب لهم الرحمة والمغفرة عند وفاتهم».
ويرى بعض السكان أن المسؤولين لا يحسنون التخطيط الذي يوفر الجهد والمال، تقول السيدة حفيظة، (أستاذة): «مشكلتنا أننا نكرر العمل مرات عديدة، لقد كان على المسؤولين أن يبادروا إلى إصلاح الطرقات مباشرة بعد إتمام إصلاح البنية التحتية منذ سنتين».
يصف لنا التقني الممتاز المعطي عباز حال شوارع المدينة بتعبير يبين عشقه الكبير لمهنته «لم يعرف شارع محمد الخامس ترميما منذ سنة ,1980 وكنت قد أجريت له مراقبة أنذاك، أما باقي الشوارع فما تزال كما هي منذ عهد الحماية الفرنسية مثل زنقة حمرية وتعلالين وغيرها». ويضيف موضحا الطريقة التي ينبغي أن ينهجها المسؤولون لترميم الطرقات «ينبغي مستقبلا ألا تصلح الطرقات أو ترمم قبل تهييء البنية التحتية كاملة، ففي فرنسا مثلا يتم التخطيط وفق الاحتمالات المستقبلية، فقبل الإقدام على تبليط الشوارع يتم إعداد البنية التحتية بشكل جيد ليكون العمل متقنا.
ويرى التقني السعيدي أن مشكل الطرقات الحالي سببه يرجع إلى الانتقال من مجلس إلى آخر، فكل مجلس جديد يبحث عن عيوب تخطيط المجلس السابق ويصبح المقاول بين نارين، مما يؤدي إلى بقاء الحال على ما هو عليه».
وطمأن السيد حدو بومعزة، الخليفة الأول لرئيس المجلس البلدي، السكان على حال الطرقات مصرحا لنا: « شرعنا في ترميم شارع محمد الخامس، وسيكون لبنة وخطوة أولية ليطمئن السكان الذين خسروا الكثيرا بسبب هذا الشارع».

فندق للإنسان أم للحيوان؟
تضم بلدية خنيفرة 11 فنْدَقًا، تقدر ساكنة هذا الأخير، حسب إحصاء للجماعة الحضرية ب 724 فردا، على ساحة إجمالية تقدر ب3 هكتارات، وتتوزع الفنادق بين فنادق سكنية وأخرى تجارية تعود ملكيتها إلى العشائر (ما يصطلح عليه بالعظم) بضواحي المدينة، وهي عبارة عن بيوت قصديرية، كان أفراد كل عشيرة يستخدمونها للراحة عندما يقصدون السوق الأسبوعي بالمدينة، فيعقلون فيها دوابهم ويرتاحون فيها وقت القيلولة قبل أن يعودوا إلى بيوتهم بالبادية مساء، لم يعد مالكي الفنادق يستخدمونها لأن الدواب أصبحت وسيلة نقل متجاوزة، فمنهم من أنجز مشروعا مكانها فأقام سوقا ممتازا أو فندقا، ومنهم من فضل كراء البيوت الصفيحية للفقراء الذين حالت ظروفهم المزرية دون كراء بيوت لائقة.
اخترنا أن نعاين عن كتب حالة هذه الأماكن، عند مدخل فنْدَقْ ديور الشيوخ أو تدارت إزيان بالأمازيغية، تجد قوسا كتب عليه بالفرنسية Izianedar، فيخيل إليك أنك ستلج معلمة تاريخية، وبمجرد دخولك تشد انتباهك مناظر مرعبة، فتشهد حيا صفيحيا تقدر مساحته بهكتار ونصف يض» 104 براكة، حسب إحصاء الجماعة الحضرية.
حي صفيحي محاط بسور عال يخفي مآس اجتماعية، آهات النساء وحسرتهن تدفعك إلى طرح سؤال عريض عن المسؤول عن الفقر المدقع والغنى الفاحش.. وسرعان ما تستفزك وتثير استغرابك طريقة تفكير وزرائنا الذين تهمهم كثيرا السيارات الفارهة وإغداق المال على البرلمانيين... ولا يهمهم أن شريحة عريضة من بني جلدتنا تتضور جوعا ولا تتوفر على سكن لائق يستجيب للمتطلبات الدنيا لحقوق الإنسان.

مشهدنا يغني عن ألف كلمة
فاطمة برعو امرأة في الخمسين من عمرها تسوق عربة تضم قارورات ماء، استوقفناها لتحدثنا عن أحوال العيش بديور الشيوخ، فأجابتنا بصوت مبحوح: «لا نعيش كباقي الناس، لدي خمسة أبناء ونفترش الكارطون ونعيش دون مرحاض ولا ماء ولا كهرباء»، رافقناها لنطلع على بيتها الذي يؤلم منظره كل قلب حي، لم نكد نخرج من براكة فاطمة حتى وجدنا زمرة من النساء، كل واحدة منهن تصر على أن ندخل براكتها ونطلع على حالها، كالسيدة كمي يطو التي أخذت تلقي اللوم على المقدم الذي لم يدرج اسمها ضمن لائحة المستفيدين من إعانة مؤسسة محمد الخامس للتضامن رغم أنها تضررت بفعل التساقطات، فالحالة واحدة ولا توجد براكة أحسن حالا من الأخرى.
بالجانب المحادي لإحدى البراريك يجتمع بعض الشباب يدخنون السجائر ويستمتعون بأشعة الشمس الدافئة، آثروا ألا يصموا آذاننا بشكاويهم فالنساء قمن بالواجب، غير أن أحدهم قال متأسفا: «هذا قدرنا، حالتنا لا تحتاج إلى وصف أو كلام، مشهدنا يغني عن ألف كلمة».
إحدى النساء تكلمت والدمع يكاد ينهمر على خديها: «نحن نعيش مثل الحيوانات، من منا لا يحب أن يعيش في سكن لائق ويشعر بالدفء والكرامة».غادرنا تدارت إزيان ونحن نرثي لحال سكانها البئيس، وكلنا أمل أن تتحسن وضعية هذه الفئة المحرومة، ونجدها يوما تنعم بالعيش الكريم في منازل تستر عوراتها. وعن مستقبل هذه الفئة يرى السيد المعطي عباز أن حوالي مائة أسرة ستستفيد من تجزئة الزهراء، خاصة أن ساكنة الفنادق من الفئة المحرومة، فالدولة وضعت لهم سقاية للاستفادة من الماء بثمن رمزي.

بت صحبة ابني في الشارع
ساكنة خنيفرة ما تزال تدعو بالخير لقائد ممتاز سابق يسمى البارودي لأن له الفضل في بناء الجدار الواقي سنة ,1975 ولولا هذا السور لكانت الفيضانات التي وقعت أكثر هولا. زنقة 20 غشت الموجودة بجانب نهر أم الربيع، ما تزال شاهدة على هذه الفيضانات، فبمجرد بزوغ الشمس تسارع النساء إلى إخراج أمتعتهن (حصير، أغطية...) لتجففها أشعة الشمس، ركام الأوحال الذي ما يزال أمام البيوت يجعل كل والج إليها مضطرا إلى البحث عن ملابس بديلة إن لم يكن حريصا في المرور بحذر شديد حتى لا تنزلق قدماه فيغوص في الوحل.
الكبيرة العمراني (80 سنة)، من سكان هذا الحي، تصيح بصوت عال وكأنها أصيبت بهستيريا: «لا أعرف لماذا لم أستفد من المساعدة (عبارة عن أربعة أغطية وأربعة أفرشة ودقيق وزيت وسكر) التي وزعتها العمالة» وتتابع قولها وهي تسرد واقعة الفيضانات وكأنها وقعت اليوم: «سمعت الناس يصيحون، ولم أكترث رغم أني رأيت الماء يغمر بيتي، فلقد اعتدت ذلك منذ 46 سنة، بيد أنني لم أكن أتصور أن الماء سيصل إلى درجة لم أستطع معها الخروج من المنزل، ولم أجد بدا من إخبار ابني المعتوه الذي خرج مسرعا، فصحت بصوت عال أنادي على رجال الوقاية المدنية، هذه الأخيرة رمت لي سلما لإنقادي عبر سطح بيت الجيران».
وتكمل السيدة العمراني حديثها قائلة: «تعذبت كثيرا في تلك الليلة، بت صحبة ابني في الشارع، لأنني رفضت المبيت عند الجيران بسبب الوضع الصحي لابني»، تتابع والدمع ينهمر على خديها بقولها: سأفني عمري من أجل ابني ولا أتركه للشارع.

مشروع إيجابي على أرضية غير صلبة
ولجنا منزلا بني على مستوى أقل من مستوى نهر أم الربيع صحبة مالكته سعيدة التيجاني ولم نستطع المكوث به طويلا نظرا لشعورنا بالغثيان نتيجة الرائحة الكريهة المنبعثة من إحدى غرفه، فمنزل التيجاني تخترقه قناة الواد الحار، تعلق سعيدة عن وضعية المنزل: «من يستطع العيش في مثل هذا المنزل؟ لقد استغلوا طيبوبة أمي رحمها الله التي سمحت لهم بأن تخترقه قناة الواد الحار».
وعن الحل الذي تراه سعيدة مناسبا لأملاكها المحاذية للنهر تقول جازمة: «لم أعد أرى ضرورة لوجود هذه المنازل هنا، من الأفضل أن تشتريها الدولة».
يشدد بعض السكان على ضرورة الإسراع بحل ما تبقى من مشكل قنوات الصرف الصحي، يقول السيد (م،ع) «المجلس البلدي وذوو الاختصاص تقع عليهم مسؤولية إصلاح ما ينبغي إصلاحه في قنوات الصرف الصحي».
عرفت مدينة خنيفرة توقيع شراكة بين المكتب الوطني للماء الصالح للشرب وبلدية خنيفرة والجماعة القروية لموحى ومحمد الزياني وبنك ألماني، هذا الأخير مكلف بتمويل المشروع عبر ثلاثة أشطر. وقدرت تكاليف الدراسة ب200 مليون سنتيم إضافة إلى 33 مليون سنتيم مازالت في ذمة المجلس البلدي.
ويعتبر السيد حدو بومعزة الخليفة الأول لرئيس المجلس البلدي أن المشروع إيجابي غير أنه لم ينجز على أرضية صلبة، كما أن المسير للشراكة وهو المكتب الوطني للماء الصالح للشرب ليس لديه تخصص في ميدان المياه المستعملة».
واعتبر الخليفة الأول أن من بين العراقل التي أجلت أشغال الطرقات المشاكل التي يعرفها المكتب الوطني للماء الصالح للشرب مع شركة صماترا التي وقع معها الصفقة، وقال إن شارع محمد الخامس الذي تسلمه المكتب الوطني للماء ليمرر منه القنوات الشتوية لم تسلمه له الشركة المذكورة، ليسلمه بدوره إلى المجلس البلدي، غير أن ضغط الشارع جعل المجلس يتحمل على عاتقه تأدية مصاريف إضافية خارج كناش التحملات.

سبعون منزلا تستدعي الإفراغ العاجل
حسب آخر إحصاء، يوجد 300 منزل مشقوق، سبعون منها ينبغي إفرغه عاجلا لأنه آيل للسقوط، سكان هذه البيوت يرفضون التوجه إلى الخيرية، هذه الأخيرة، حسب اعتقادهم، علامة على الذل والتعاسة، منهم من يفضل الموت في بيته تحت تأثير السقوط على أن يصبح عرضة للتشرد نتيجة قلة ذات اليد.
السيدة خديجة البارودي أفرغت بيتها يوم واحد قبل يوم الفيضانات، دخلنا بيتها الذي يطبعه الخراب من كل جانب.. شقوق تشكل لوحة تشكيلية من أثر السنين ورسم ماء المطر والوحل، خرجنا للتو قبل أن نكون أحد ضحايا منزل السيدة خديجة، هذه الأخيرة صرحت لالتجديد بقولها: «بناء على إنذار من السلطات يفيد بضرورة إفراغ بيتي لأنه بات مهددا بالسقوط، آوتني إحدى السيدات بمنزلها، فأعطتني غرفة أقطنها رفقة طفلاي إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، خاصة أنني لا أملك مالا أستطيع به إصلاح البيت، فعملي كخادمة بالبيوت لا يكفي إلا لسد رمق الجوع».
فاطمة أشقير فضلت النوم ببهو المنزل لأن سقف الغرف مهدد بالسقوط، تحكي فاطمة، التي ترفض التوجه إلى الخيرية عن وضعها: "أسعى لإصلاح بيتي جهد الإمكان، رغم أنني سئمت النوم بالبهو خوفا من سقوط سقف إحدى الغرف التي تأثرت بشكل أكبر بفعل التساقطات الأخيرة".

ثكنة القوات المساعدة وفعل التساقطات

المأساة واحدة فزنقة تازة هي الأخرى، شأنها شأن زنقة 20 غشت، تضررت بفعل الفيضانات... أسر ضاع منها كل شيء (كتب الدراسة وأثاث المنزل وكل شيء ذا قيمة، أشياء لا يعوضها فراش ولا غطاء...).
قصدنا تجمعا رجاليا في مرتفع بجانب حي سكني يقطنه المخازنية لنعرف ارتساماتهم حول معاناة جيرانهم بزنقة تازة، فآثروا الحديث عن تضررهم من التساقطات المطرية الأخيرة، فولجنا القشلة التي يعود تاريخها إلى سنة ,1914 حسب ما صرح لنا أحد سكانها، هذه الثكنة شبيهة بالإسطبل في مظهرها الخارجي غير أن منازلها أحسن حالا من الفنادق التي تحدثنا عنها، فهي تتوفر على الماء والكهرباء وقنوات الصرف الصحي، بيد أن بيوتها مبنية بالحجر وسقفها من القصدير، يقول السيد (أ.ح) مخزني متقاعد «نحن ما نزال نعيش في سكن غير لائق، والمسؤولون لم يسمحوا لنا بالبناء لنتفادى أضرار التساقطات مستقبلا». وتقول لبنى العايدي (تلميذة بالتاسعة أساسي): «نضطر أحيانا بفعل التساقطات أن لا نتوجه للدراسة لأن الثكنة تمتلئ بالوحل ويصعب علينا المرور».
أحد سكان القشلة، التي تضم 34 بيتا، أوضح لنا أن خطرا آخر يهددهم، إلى جانب السكن غير اللائق، ويتمثل في الأسلاك الكهربائية المثبتة على مدخل القشلة لأنه يخشى أن «يسقط جزء من جدارالمدخل وتحترق المنازل».
تركنا مدينة خنيفرة ومآسي أهلها وطموحات مسؤوليها، متمنين أن نعود لها مرة أخرى وقد تغيرت ملامحها لترتدي حلة جديدة تناسب جمال طبيعتها الخلابة وخضرة جبال الأطلس الكبير والمتوسط.


أعد الملف: خديجة عليموسى


معطيات حول إقليم خنيفرة

ينتمي إقليم خنيفرة إلى جهة مكناس تافيلالت، ويتميز موقعه الجغرافي بامتداده على الأطلس الكبير والأطلس المتوسط والهضبة الوسطى، وتقدر مساحته ب 1 مليون و341 ألف هكتار. يحده شمالا إقليما مكناس والخميسات، وجنوبا إقليم الرشيدية، وشرقا إقليما إفران وبولمان وغربا إقليما خريبكة وبني ملال.
حسب إحصاء 1994 عدد سكان الإقليم 564 ألف نسمة.
عدد المشتغلين 71300 شخص بنسبة 15%.
أما الجماعة الحضرية لخنيفرة تحدها شمالا الجماعة القروية للبروج، أما جنوبا وشرقا وغربا فتحدها الجماعة القروية للهري، عدد ساكنتها 60835 نسمة (إحصاء 1994).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.