وزارة الشباب والثقافة والتواصل تعلن انطلاق عملية استقبال ملفات طلبات الدعم العمومي لفائدة مؤسسات الصحافة والنشر    الأميرة للا حسناء تزور بباكو المركز الدولي لفن الموغام    حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    مراكش…تسجيل هزة أرضية بقوة 4.6    الرجاء الرياضي يحتج على التحكيم    أخبار الساحة    إفراغات السمك بلغت 1,4 مليون طن خلال العقد الأخير.. والسعر يخضع لمنطق العرض والطلب (كاتبة دولة)    فرنسا وأيرلندا تدينان خطة إسرائيل لاحتلال غزة    وزير خارجية فرنسا: "الوضع عالق" بين باريس والجزائر    مكونات المعارضة النيابية تنادي بتحرير الجماعات الترابية من "سلطة الوصاية"    تقرير: المغرب يحافظ على المركز 120 عالميا في مؤشر التنمية البشرية 2025    توقيف خليفة قائد بعمالة مقاطعات عين السبع الحي المحمدي للاشتباه في تورطه بإحدى جرائم الفساد    ابتداءً من 8 ماي خط بحري جديد يربط المغرب بإسبانيا في أقل من ساعة    العثور على جثة "غريق" في شاطئ رأس الماء بعد يوم من البحث    مداخل تنزيل مبادرة الحكم الذاتي المغربية بالصحراء    نيروبي: افتتاح أشغال مؤتمر دولي لليونيسكو حول التراث الثقافي بإفريقيا بمشاركة المغرب    ارتفاع أسعار الذهب إلى أعلى مستوى    جناح المغرب في معرض باريس يشهد اقبالا كبيرا!    متى كانت الجزائر صوتا للشرعية البرلمانية العربية؟ بقلم // عبده حقي    موسم طانطان ينطلق في 14 ماي.. احتفاء بتقاليد الرحل وبالثقافة الحسانية    "قفطان المغرب" يكرم التراث الصحراوي    وزير إسرائيلي: "غزة ستدمر بالكامل"    بحث وطني يشمل 14 ألف أسرة لفهم تحولات العائلة المغربية    افتتاح فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة    رونار يكشف: هكذا تصالحت مع زياش في 5 دقائق    وجهة غير متوقعة تُهدد انتقال سفيان أمرابط إلى الدوري السعودي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    غوارديولا يكشف اسم أقوى مدرب واجهه في مسيرته    الفريق الاستقلالي يطالب بإحالة محمد أوزين على لجنة الأخلاقيات    حادث اختناق جماعي في مصنع "كابلاج" بالقنيطرة بسبب تسرب غاز    استراتيجية حكومية لضمان تكاثر القطيع الحيواني تغني عن اللجوء للاستيراد    قمة الأبطال.. حلم النهائي يشعل مواجهة برشلونة وإنتر ميلان فى إياب دوري أبطال أوروبا    منطقة الغرب.. توقع إنتاج 691 ألف طن من الزراعات السكرية    العزيز: الحكم الذاتي في الصحراء لن ينجح دون إرساء ديمقراطية حقيقية    جمهور فنربخشة يطلق صافرات استهجان ضد يوسف النصيري    "أونروا": مئات الآلاف في غزة يعيشون على وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة    العصبة تلزم فرق البطولة بحذف جميع إشهارات الشركات المتخصصة في نقل الأشخاص والوساطة في النقل    زوربا اليوناني    الجنون الاستبدادي لقيس سعيّد: رئيس يقوّض أسس الديمقراطية التونسية    المعارضة البرلمانية تؤجل إجراءات حجب الثقة عن حكومة أخنوش    لقجع: الطلب العمومي الأخضر محور أساسي في استراتيجية التنمية المستدامة بالمملكة    مايكروسوفت توقف تطبيق الاتصال عبر الإنترنت "سكايب"    بحث وطني جديد لرصد تحولات الأسرة المغربية بعد ثلاثة عقود    اتفاق مغربي-مصري لرفع وتيرة التبادل التجاري وتعزيز الصادرات الصناعية    الرباط تحتضن ملتقىً دولي حول آلة القانون بمشاركة فنانين وأكاديميين من المغرب والعراق ومصر    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    نقابة تعليمية تحشد لعودة التصعيد    هكذا يستغل بنكيران القضايا العادلة لتلميع صورته وإعادة بناء شعبية حزبه المتهالكة    ارتفاع حالات الإصابة بالحصبة في أوروبا خلال شهر مارس الماضي    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كيف تُنقذ حياة شخص من أزمة قلبية؟.. أخصائي يوضّح    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد إدوعمار رئيس المنتدى الوطني للتعليم العالي والبحث العلمي: القرويين في وضعية نشاز إزاء إصلاح الحقل الديني
نشر في التجديد يوم 28 - 02 - 2009


قال محمد إدوعمار رئيس المنتدى الوطني للتعليم العالي والبحث العلمي إن المخطط الاستعجالي يشكل اعترافا ضمنيا بعدم نجاح الخطط السابقة المعتمدة في تطبيق إصلاح التعليم وخاصة تطبيق الإصلاح الجامعي، مضيفا إن معطيات مختلفة تدل على أن إعداده المخطط تم خارج أسوار الجامعة وبواسطة فريق من التكنوقراط غير الممارسين في التعليم العالي حيث اقتصر في التشخيص على التقارير الرسمية التي ترد من الجامعات في غياب تشخيص ميداني لتحليل الواقع العملي بإشراك عينات تمثيلية من الطلاب والأساتذة والإداريين وغيرهم، مما جعل نظرة المخطط إلى الواقع بعين واحدة، وهذا من شأنه أن يؤثر سلبا على بلورة مقترحات الحلول. وقال ادعومار نسجل باستغراب وضعية الانتظار التي توجد بها جامعة القرويين رغم الحركية التي يعرفها تجديد الحقل الديني الشيء الذي كان من المتوقع أن يجعلها في صلب الحدث على مستوى التكوين والبحث والشراكة والتعاون، إلا أنها تجد نفسها خارج هذه التحولات وهي الجامعة التي ماتزال بدون رئيس منذ بداية تطبيق الإصلاح الجامعي. مرت قرابة عشر سنوات على تطبيق الإصلاح الجامعي، وقبل أن يخضع هذا الإصلاح لتقييم مختلف جوانبه سواء ما تعلق منها بالجانب البيداغوجي أو مستوى البحث العلمي او الجانب المتعلق بالموارد البشرية، جاءت الوزارة بما يسمى البرنامج الاستعجالي، كيف تنظرون إلى مسار هذا الإصلاح؟ في البداية أشكر جريدة >التجديد< على اهتمامها بقضايا الجامعة المغربية ولإعطائها الفرصة لنا في المنتدى الوطني للتعليم العالي والبحث العلمي لنعبر عن وجهة نظرنا كفاعل مهتم ومتبع لمخاض إصلاح التعليم العالي. فانطلاق الإصلاح الجامعي بشموليته كانت مع المصادقة على القانون الإطار00,01 ونحن الآن على وشك نهاية العشرية التي حددت أنداك لاستكمال تثبيت الإصلاح على الأرض وتقييم نتائجه، لكن ما حصل من ارتباكات منهجية وبنيوية وقفنا عليها في حينها من خلال البيانات الموضوعاتية والتقارير التي ننجزها عن مختلف جوانب الحياة الجامعية في بداية كل سنة أكاديمية منذ انطلاق الإصلاح. ومن التحديات الكبرى التي واجهت الإصلاح من الناحية المنهجية هي غياب إستراتيجية واضحة لتدبير الملف حيث كل تعديل على رأس الوزارة الوصية يجعل الملف يرجع إلى مربع الصفر، وهذا ما حدث على وجه الخصوص في عهدي الزروالي والعلوى . أما على مستوى البنيوي، فرغم ما حققه الإصلاح من تغيير في الشكل والتمظهرات: (الهندسة البيداغوجية، تركيبة ووظائف الهياكل ، نمط ا اختيار رؤساء الجامعات والمؤسسات الجامعية، هيكلة البحث العلمي)، فرغم هذه المكاسب التي هي في حاجة لبعض الترميمات، إلا أن الإصلاح الجامعي لم يحقق بعض الأهداف الكبرى التي سطرت له والتي تعتبر من سلبيات النظام القديم، وأذكر منها على سيل المثال لا الحصر ثلاثة نماذج : على مستوى النظام العام لم يستطع الإصلاح إلى الآن حسم ما تنص عليه المــادة 78 للميثاق الوطني للتربية والتكوين من تجميع مختلف مكونات التعليم لما بعد البكالوريا، وأجهزته المتفرقة حاليا في صيغة مؤسسات جامعية، أي ما يصطلح عليه بتوحيد الجامعة. وهذه النقطة تبدو لغير المتتبع بسيطة وقليلة الأهمية، ولكنها في الحقيقة لها محوريتها في بطء عجلة الإصلاح وتفعيله وأجرأته. ففي كل جانب من جوانب الإصلاح لابد من التفكير مليا في الاستثناءات والخصوصيات الغير المبررة أحيانا، للمدارس والمعاهد والمؤسسات العليا الغير التابعة للجامعة. على المستوى البيداغوجي، كان تطوير القدرات المنهجية واللغوية والتواصلية للخريجين هدفا عريضا ذا عناصر ثلاثة ( المنهجية في التحليل والمعالجة، اللغة، ثم القدرة على التواصل) لم يتحقق منها شيء مع تخرج فوجين من مجازي جيل الإصلاح. وهذا ليس مجرد كلام على عواهنه، ولكنه واقع أقرته التقارير الداخلية لبعض اللجان البيداغوجية المختصة، ولا أبالغ إذا قلت أن خريجي المنظومة السابقة أحسن حالا من خريجي المنظومة الحالية. على مستوى الهياكل كان من المنتظر أن يكون التعامل مع نصوص الميثاق الوطني والقانون الإطار 00,01 بنفس إيجابي نحو تعزيز دمقرطة الجامعة، لكن مع الآسف تم تحجيم تلك النصوص وإخراج تطبيقاتها في صيغ جعلتهذا الملف مؤجلا إلى إشعار آخر. فالهياكل الجامعية يغلب عليها طابع العضوية بالصفة أو التعيين، ورؤساء الجامعات والمؤسسات الجامعية تسير في اتجاه التمديد والتجديد وترقية المسؤولين السابقين. عرفت السنة الماضية صدور جملة من التقارير الوطنية والدولية التي ترصد واقع التعليم ببلادنا وعلى رأسها تقرير نصف العشرية الذي أصدرته اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين، وتقرير البنك الدولي، وتقرير المجلس الأعلى للتعليم، والمخطط الاستعجالي. وهي تقارير تتحدث عن مكامن الاختلال في المنظومة التعليمية في المغرب، في نظركم ما هي الثغرات الأساسية التي لم يأخذها الإصلاح بعين الاعتبار؟ صحيح أن التعليم في المغرب حظي باهتمام واسع من حيث التقييم والمتابعة خلال السنة المنصرمة، إلا أنني أشير إلى أن ملف إصلاح التعليم كان مفتوحا في عدد من الدول وبشكل متفاوت كما هو الشأن في الفضاء الأوربي والدول التي لها فيه امتداد كالمغرب وبقية البلدان المغاربية و الإفريقية، أما البلدان الانجلوسكسونية فقد فتحت الملف مبكرا، وقطعت فيه أشواطا في التسعينيات. والتقارير التي ذكرت، سواء منها الداخلية (تقرير اللجنة الوطنية للتعليم بمناسبة نهاية عملها ,2006 تقرير المجلس الأعلى للتعليم 2008 ، والمخطط الاستعجالي، يوليوز 2008) والخارجية تكشف بمنهجية رقمية بأن المجهودات التي تبذل على المستوى المركزي، وعلى مستوى المؤسسات الجامعية، من أجل تدارك مكامن الخلل في تطبيق الإصلاح الجامعي منذ انطلاقته غير كافية وأن هناك ثغرات هيكلية أثرت في نتائج تطبيق الإصلاح الجامعي ويمكن أن نجملها في النقط الآتية: الخصاص المسجل في الموارد البشرية سواء على مستوى التأطير العلمي والبيداغوجي ، أو على مستوى الإدارة، والناتج عن سوء تدبير الموارد البشرية الموجودة، والنقص الحاصل في المناصب المالية المخصصة للتعليم العالي، وعدم ملاءمة توفير أطر متخصصة في كثير من المجالات العلمية والمهام الإدارية التي يتطلبها تنفيذ الإصلاح الجامعي، مما ينعكس، ولا شك، سلبا على جودة ومردودية التكوين والبحث والتدبير . التوجه نحو التركيز على التكوينات المهنية جعل التكوينات الأخرى ترجع إلى الصف الثاني في اهتمام الجامعات مما ينذر بتحويل الجامعة إلى مؤسسات للتكوين المهني، وقد لاحظنا في هذا الصدد تخصيص أكثر من 70 في المائة من المنح إلى التكوينات الممهننة في مقابل ما يقل عن 30 في المائة إلى التكوينات الأخرى، كما سجلنا ارتفاع نسبة التكوينات المتعلقة بترحيل الخدمات (اوفشور مُْوَّننُ) علما بأن المراهنة عليها لا تعد حلا استراتيجيا لمشكلة بطالة الخريجين، كما أننا نعتبر أن السرعة التي تحدث بها مدارس تكوين المهندسين في سياق مسابقة الزمن لتحقيق أهداف مبادرة تكوين 10 آلاف مهندس في أفق 2010 ، وكذا مدارس الإدارة والتدبير وكليات الطب في غياب الشروط العلمية الأساسية والظروف البيداغوجية المناسبة وندرة المعدات المخبرية والوسائط المساعدة، يهدد في العمق مصداقية الشهادات الممنوحة وينعكس سلبا على المردودية العملية للخريجين. وتزداد الخطورة عندما يتعلق الأمر بقطاعات تتطلب التمرس والتطبيق والاختبار مما هو من صميم الاعتناء بتطوير العمران البشري الذي يعتبر قاطرة التطور في المجتمع، كما أننا نسجل ارتباكا كبيرا في تدبير التكوينات التي تحدثها الجامعات والتي تنتهي بالدبلوم الجامعي، إذ أصبحت مجالا خصبا للبحث عن موارد مالية إضافية لميزانية الجامعات دون مراعاة توفير الجودة المطلوبة في التكوين، ويتجلى ذلك في استحالة استيفاء الشروط العلمية والبيداغوجية المنصوص عليها في دفتر التحملات (عدد الوحدات وعدد الساعات المقررة) بالنظر إلى أن بعض هذه التكوينات غالبا ما تتم على هامش التكوينات الجامعية التي تنتهي بشهادات وطنية (أي في الفترات الليلية وأيام السبت والأحد فقط)، كما أن هناك ارتباكا كبيرا في ضبط ومراقبة ساعات العمل الأصلية والإضافية بالنسبة للأساتذة والتأخر الكبير الذي يحصل في أداء المستحقات المالية للأساتذة المشاركين في هذه التكوينات مما يضْعف مشاركتهم ويقلل من جودة عطائهم العلمي والبيداغوجي. النقص الكبير الحاصل في البنيات التحتية والتجهيزات وعدم تلاؤم الموجود منها مع الحاجيات العلمية والبيداغوجية التي يتطلبها الإصلاح الجامعي وخاصة في المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح، وهذا واضح جلي لا يحتاج منا إلى تبرير سواء تعلق الأمر بالقاعات وفضاءات التدريس، أوبالتجهيزات المخبرية والمعلوماتية مما يجعل العملية التعليمية نظريا وتطبيقيا تتم في ظروف غير مناسبة في معظم المؤسسات الجامعية، وهذا ينعكس سلبا على مستوى الخريجين، ولا يوفر مبدأ تكافؤ الفرص، ويفوت على الخريجين جانبا هاما من جودة تكوينهم. استفحال مشكلة الغياب في ظل عدم وجود آلية إدارية وتربوية مرنة لمراقبة الحضور، إذ لم يحسن الإصلاح الجامعي من نسبة حضور الطلبة والذي لا يتعدى 30 في المائة في أحسن الأحوال، وخاصة مع تأخر صرف المنح وهزالتها أو انعدامها، بالإضافة إلى النقص الحاد في السكن الجامعي وظروف النقل وغيرها. ويمكن أن نضيف هنا مسألة الطلبة الموظفين الذين يعملون في أماكن بعيدة عن المواقع الجامعية حيث يستحيل عليهم الحضور المستمر والمواكبة الدائمة للمحاضرات والأعمال التطبيقية والمخبرية ولا حتى متابعة الأنشطة الثقافية والتعليمية التي تنظمها الجامعات والتي يكون لها أثر جيد على تطوير مدارك الطلبة وتوسيع معارفهم. استمرار معاناة الأساتذة من ازدواجية المهام (التربوية والإدارية) أضعف قدرتهم على التكوين وتنشيطهم للبحث العلمي الجامعي. ضعف مستوى الخريجين بالمقارنة مع النظام السابق بسبب غياب ظروف التقويم الجاد والموضوعي وخاصة في المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح. نسجل الانخفاض الحاد في نسب التسجيل في التكوينات النظرية وخاصة في العلوم الإنسانية بحيث أصبحت هذه التكوينات محط رحال من أقفلت في وجوههم التكوينات الأخرى، كما أن هذه التكوينات لم تساير متطلبات الإصلاح الجامعي نظرا لغياب الشروط العلمية والمادية المناسبة وخاصة على مستوى وحدات اللغات والتواصل والمعلوميات، والتي يعرف التكوين فيها تعثرا كبيرا إن لم يكن فاشلا في حالات، مما يتطلب ضرورة العودة إلى تخصيص الستة أشهر الأولى للتأهيل الجامعي وخاصة في المواد الأساسية واللغات، غياب الربط والتنسيق بين التكوين الثانوي الإعدادي والتعليم الجامعي يؤثر لا محالة على توجيه واختيارات الطلبة، وتوحيد لغة تدريس المواد العلمية بين الثانوي التأهيلي والجامعي باعتماد اللغة الوطنية بشكل معقلن ومدروس. النقص في اعتماد مشاريع الماستر في التكوينات المعرفية وفق سياسة ممنهجة تسير في اتجاه تقليص هذه التكوينات عوض ترشيدها وإعادة هيكلتها وتأهيلها، ويعد هذا التقليص من الأسباب التي انعكست سلبا على أعداد المسجلين بالمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح وخاصة في تخصصات العلوم الإنسانية، وإذا ما علمنا أن هذه التخصصات تقوم بدور هام جدا في بناء الأفكار وإنتاج الثقافة وتطوير وترسيخ الهوية ومعالجة الإشكالات الاجتماعية، وهي المهام الرئيسية للجامعات، فإن الخط الذي تسير فيه ينذر باندحار غير مسبوق مما سيؤثر على المدى القريب على النسيج الاجتماعي والثقافي وعلى المنتوج الفكري الذي عرف به المغرب حضارة وتاريخا وعلى قيامه بمهامه في التواصل الفكري والحضاري. وماذا عن جامعة القرويين؟ نسجل هنا باستغراب وضعية الانتظار التي توجد بها جامعة القرويين رغم الحركية التي يعرفها تجديد الحقل الديني، الشيء الذي كان من المتوقع أن يجعلها في صلب الحدث على مستوى التكوين والبحث والشراكة والتعاون، إلا أنها تجد نفسها خارج هذه التحولات، ويتجلى ذلك في التقلص والتقادم المتزايد لأطرها العلمية والتربوية والإدارية (عدد كبير منهم يشتغل بعقدة التمديد بعد بلوغ سن التقاعد) وتقلص عدد الطلبة المسجلين بها بمعدل الثلثين ما بين 2003 و2008 وعدم فتح سلك الماستر والدكتوراه في بعض الكليات التابعة لها منذ ثلاث سنوات، بالإضافة إلى تسيير بعض مؤسساتها بالتكليف بعد بلوغ مسيريها إلى سن التقاعد، وخاتمة ذلك تعتبر القرويين الجامعة الوحيدة التي ليس لها رئيس منذ بداية تطبيق الإصلاح، هذه الوضعية تجعل جامعة القرويين في وضعية نشاز تقلص من إشعاعها وتحد من رسالتها، في وقت يحتاج فيه المغرب إلى إنتاج خلف من العلماء المجتهدين ومفكرين في مجال الفقه والقانون وعلم مقارنة الأديان وحوار الحضارات ومتخصصين في الإعلام والتعليم والإرشاد الاجتماعي والديني ومتخصصين في القضاء الشرعي وغيرها. كما يحتاج المغرب إلى إحياء دوره العلمي والديني تجاه إفريقيا وتجاه الغرب وتأصيل وترسيخ اختياراته الفقهية والعقائدية بهدف خدمة المجتمع المغربي وحل كثير من قضاياه ومشكلاته الأسرية والاجتماعية، ولم لا الاضطلاع بدوره الإشعاعي الإقليمي والدولي. عرفت السنة الجامعية دخول التكوين في مستوى مراكز الدكتوراه حيز التنفيذ بعد صدور المراسيم التطبيقية المتعلقة بها ومن جملة الإشكالات التي تطبع القانون المنظم لسلك الدكتوراه: هيكلته الإدارية، وميثاق الأطروحة ومهام ودور المشرف على أعمال البحث وهي أمور تحتاج لمناخ غير المناخ الجامعي الحالي ليكتب لها النجاح. عرف الدخول الجامعي صدور عدة مراسيم مرتبطة بوضعيات معلقة لإصلاح التعليم العالي، كالمرسوم المتعلق بالدكتوراه الفرنسية أو قانون إلحاق المدارس العليا للأساتذة بالجامعات، أو قانون تمديد مناقشة دكتوراه الدولة، وينتظر أن تصدر مراسيم أخرى خاصة بتصحيح الحيف الذي لحق الأساتذة الجامعيين من جراء هضم حقوقهم في الأقدمية العامة، كيف تنظرون على هذه المراسيم وهل تشكل خطوة في اتجاه التسوية النهائية لوضعية أساتذة الجامعة؟ في البداية نسجل التأخر الكبير في إصدار هذه المراسيم، مما ضيع إمكانات بشرية ومادية هائلة طيلة السنوات الماضية( مأسة 84 يوما من الاضراب عن الطعام من قبل بعض حملة الدكتوراه الفرنسية) ، كما نعتبر أن صدور مرسوم متعلق بالمعاجلة الجزئية لملف حملة الدكتوراة الفرنسية يشكل اعترافا بالحيف الذي عانت منه هذه الفئة من الأساتذة الباحثين، وسيفتح الملف أمام جولة ثانية من الحوار لتسويته نهائيا على منوال حاملي باقي الشواهد الأوروبية و بذ الأمريكية أو الكندية. كما نعتبر أن صدور هذا المرسوم يبني الأساس العملي لرفع الحيف عن الأساتذة حاملي دكتوراه السلك الثالث والذين حذفت (6 إلى 9) سنوات من أقدميتهم بموجب مرسوم .96 ويبقى الحل الأمثل لطي مختلف بؤر الحيف هو اعتماد نظام الإطارين في مختلف أسلاك التعليم العالي وهو أمر لابد من اعتماده يوما ما على غرار جل الدول الأوروبية. أما ملف المدارس العليا للأساتذة، فنثمن قرار إلحاقها بالجامعات ونعتبرها خطوة إيجابية في اتجاه توحيد التعليم العالي. كما نرجو أن تعمل النصوص التطبيقية للإلحاق على توسيع مهام هذه المؤسسات لتقوم بمهام التكوين التربوي على مستوى الإجازة و الماجستير والدكتوراه. وفيما يخص التمديد المتكرر لفترات مناقشة دكتوراه الدولة نعتبره عنصر إرباك دائم للأساتذة الذين لا يزالون يشتغلون في إعداد رسائلهم إسراعا أو تأخيرا، ونعتقد أن فتح السقف الزمني لمناقشة رسائل دكتوراه الدولة، وإعطاء الصلاحية التقديرية للجن العلمية وللأستاذ المشرف يعتبر الحل الأمثل والأنفع للبحث العلمي. يتحدث الإصلاح الجامعي عن نظام التعاقد الذي أعلن البرنامج الاستعجالي عن بداية تطبيقه مع سنة ,2013 في نظركم كيف سيتم تحويل الأستاذ الجامعي إلى مستخدم في الجامعة؟ ألا يمكن أن يكون ذلك مدخلا للتخلي عن خدمات العديد من الأساتذة الجامعيين خاصة في تخصصات مثل العلوم الإنسانية والاجتماعية على اعتبار أنها لا تدر أي مردود مادي؟ ما يتحدث عنه البرنامج الاستعجالي في هذا الصدد هو تدبير الملف في شمولية اللامركزية للموارد البشرية الجامعية، بمعني تحويل الملف من الإدارة المركزية للوظيفة العمومية إلى إدارة الجامعة بشكل تدريجيـي، ومعنى هذا إعطاء خيارات عديدة للموظفين الحاليين ومن ضمن الخيارات فسخ عقد العمل لمن يريد ذالك، والعملية مطروحة للموظفين الجدد الذين سيتم توظيفهم بناء على تعاقد محدد سلفا يكون محل المناقشة عند نهاية كل فترته. في نظركم من أين يبدأ الإصلاح؟ وما هي الشروط التي تضمن انخراطا واسعا لرجال التعليم في الإصلاح؟ في نظري الإصلاح ينبغي أن يكون شموليا من الهياكل والحكامة والتكوينات، وأن يعطى إمكانات مادية لازمة ويحظى بإرادة سياسية تدعمه وتؤطره، أتذاك سنضمن الانخراط الفعال للأساتذة والموظفين أإداريين والتفنين وكذلك الطلبة. مع الأسف فالطالب هو العنصر الحاضر قي العملية، وهتي في استجوابكم هذا ملاحظ هذا، وهذا تأثير سلبي للإعلام. البرنامج الاستعجالي.. خلفيات وأبعاد كثر الحديث مؤخرا عن دواعي البرنامج الاستعجالي وخلفياته وأبعاده، في نظركم هل كان صدور هذا المخطط استدراكا مستعجلا للفرص الضائعة في مسار تطبيق مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين كما تعرب عن ذلك أهدافه المعلنة أم أن صدوره يشكل اعترافا صريحا بفشل خطط إصلاح التعليم وخاصة الإصلاح الجامعي؟ نعم، عرف الدخول الجامعي الحالي 2008ـ2009 صدور البرنامج الاستعجالي على شكل المخطط التقني النجاح 2009ـ2013 وحسب منطوق أهداف المخطط فإنه يعتبر الفرصة الأخيرة لاستدراك بعض هفوات الإصلاح و بوتيرة أسرع وأكثر نجاعة ، وبإمكانيات أوفر كذلك. وهذا لا يدع مجالا للشك بأن المخطط يشكل اعترافا ضمنيا بعدم نجاح الخطط السابقة المعتمدة في تطبيق إصلاح التعليم وخاصة تطبيق الإصلاح الجامعي والذي ما فتئنا ننبه عليه في تقاريرنا السنوية التي ترصد واقع التدريس والبحث بالجامعة ، كما نبه إليه مختلف الفاعلين في التعليم العالي والبحث العلمي. و نتساءل ما المشكل في تسمية الأشياء بمسمياتها، فتقرير 2008 للمجلس الأعلى للتعليم انتبه إلى نقص في مردودية منظومتنا التربوية وعدم ملامسة بعض مكامن الخلل ، ومن ثم كان المخطط الاستعجالي ترجمة عملية للمقترحات التي صاغها المجلس، إلا أننا من خلال قراءتنا للوثائق المنشورة عن المخطط الاستعجالي، وتحليلنا لمحتوياتها ومسايرتنا لمنهجية ووتيرة التنزيل العملي، تجعلنا نعتبر أن المخطط من حيث المبدأ والمحتوى النظري كان مطلبا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في مسار إصلاح نظام التربية والتكوين ببلادنا، ونتوقع أنه في حال تنفيذه وفق الخطة المرسومة له يمكن أن يتدارك بعض مكامن الخلل في التدبير الإداري والتربوي لإصلاح التعليم، وانطلاقا من ذلك يمكننا أن نسجل الملاحظات الآتية: ـ يعتبر مختلف المتتبعين أن الحيز المخصص للتعليم الجامعي في المخطط الاستعجالي ضعيف وهزيل بالمقارنة مع ما خصص للتعليم المدرسي، رغم حجم المشاكل والانتظارات التي يعيشها التعليم العالي، وهذا الاختزال والاختصار جعل المقترحات العملية لتسريع وترشيد وتدارك مكامن الخلل في الإصلاح الجامعي باهتة وغير ملبية للحاجيات الملحة لإنقاذ الجامعة . ـ إذا كان الإصلاح الجامعي يستند إلى القانون الإطار 01/00 والذي كشف تطبيقه عن الكثير من الثغرات لأنه أعد على عجل ولم يناقش في الأجهزة المقررة بالمؤسسات الجامعية بالشكل المطلوب، الشيء الذي جعل مطلب مراجعته مطلبا ملحا حتى في بعض مقترحات البرنامج الاستعجالي ذاته (تركيبة الهياكل الجامعية مثلا) ، فإن المخطط يحظى بالمنهجية ذاتها أي ضعف التشاور وعدم التنسيق والاستعجال غير المدروس من قبل الفاعلين المباشرين في حقل التربية والتكوين. ـ تدل معطيات مختلفة أن إعداد المخطط تم خارج أسوار الجامعة وبواسطة فريق من التكنوقراط غير الممارسين في التعليم العالي الاعتماد في التشخيص على التقارير الرسمية التي ترد من الجامعات في غياب تشخيص ميداني لتحليل الواقع العملي بإشراك عينات تمثيلية من الطلاب والأساتذة والإداريين وغيرهم، مما جعل نظرة المخطط إلى الواقع بعين واحدة، وهذا من شأنه أن يؤثر سلبا على بلورة مقترحات الحلول. ـ اعتماد منهجية التعميم على مختلف المؤسسات الجامعية دون استحضار خصوصيات كل مؤسسة واستحضار اختلاف مشاكلها . ـ سقوط المخطط في نفس خطأ تنزيل الإصلاح الجامعي والمتمثل في ضعف التنسيق بين التعليم المدرسي والجامعي مركزيا وجهويا بالرغم من وجود آليات لذلك في مجالس الجامعات ومجالس الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. ـ تلكم بعض الملاحظات التي سمحت بها المتابعة العملية لإعداد وبداية تنزيل المخطط ، مما نتوقع أن يحد من طموحات المخطط ومن آماله في استدراك جيد لثغرات الإصلاح الجامعي.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.