مطالب بفتح تحقيق حول شبهات فساد وتبديد مال عام في مشاريع "مراكش الحاضرة المتجددة    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    المغربي دريوش يقود أيندهوفن لإذلال ليفربول ومبابي ينقذ الريال من أولمبياكوس    مصرع 44 شخصا اثر حريق مجمع سكني في هونغ كونغ    تفكيك شبكة إجرامية تنشط في الاتجار والتهريب الدولي للمخدرات وحجز حوالي 16 طن من مخدر الشيرا (المكتب المركزي للأبحاث القضائية)    نقابات الطاكسيات بالجديدة تُقفل باب الجدل: ''لن نردّ على المتدخلين... والكلمة الفصل للقضاء!    مرجع لجبايات الجماعات من "ريمالد"    الذكاء الاصطناعي في ألعاب سحرية يبهر جمهور مهرجان الفنون الرقمية    تسريبات تظهر المبعوث الأمريكي ويتكوف يقدم المشورة لروسيا وترامب يعلق    توقيف متطرف موال ل"داعش" كان يعد لمخطط إرهابي خطير بتطوان    المنتخب المغربي يتعرف رسميا على منافسيه في كأس العرب    كربوبي تودع الصفارة وتحرج الجامعة    سيدات المنتخب المغربي تفزن على الجزائر بنتيجة عريضة    هذه تفاصيل الزيادة في مبالغ الدعم الاجتماعي المباشر    قنبلة الدواء تنفجر في وجه التهراوي    التقدم والاشتراكية يستنكر فضيحة التسجيلات المسربة ويطالب بسحب مشروع "مجلس الصحافة"    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    توقعات الأرصاد الجوية لطقس الخميس بالمغرب    وفاة أسرة مغربية اختناقا في مالقة الإسبانية    الرئيس التونسي ينهال "تقريعا" على سفير الاتحاد الأوروبي    اعتقال رئيس غينيا بيساو داخل القصر الرئاسي وسط حديث عن انقلاب    دراسة علمية حديثة: المراهقة تستمر حتى الثلاثينات من العمر    كيف أنقذت كلبة حياة صاحبها بعد إصابته بتوقف قلبي أثناء النوم؟    المديرية الإقليمية للفلاحة بالحسيمة تكشف برنامج مشاريعها لسنة 2026    حموشي يقيم مأدبة عشاء على شرف المشاركين في الجمعية العامة للأنتربول    محكمة النقض الفرنسية تؤكد إدانة ساركوزي    محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تدين بودريقة بالسجن 5 سنوات نافذة    بعد مناورات دامت نصف قرن و24 يوما: فشل الحيلة الجزائرية في تأويل القرارات الأممية    قيوح يبحث التكوين البحري بلندن    بورصة الدار البيضاء تتدثر بالأخضر    دراسة: 60 بالمائة من التونسيات تعرضن لعنف قائم على النوع في الفضاء الرقمي    ندوة الاستثمار تبرز موقع المغرب كفاعل صاعد في ربط البنية التحتية بالتصنيع وجذب الاستثمارات    نمو عدد ليالي المبيت السياحية بطنجة-أصيلة    من نيويورك إلى الرباط .. كيف غير مجلس الأمن قواعد اللعبة في ملف الصحراء ؟    حزب العدالة والتنمية يعارض تشجيع ترشيح الشباب المستقلين في الانتخابات    إيموزار تحتضن الدورة الحادية والعشرون لمهرجان سينما الشعوب    مهرجان اليوسفية لسينما الهواة يعلن عن فتح باب المشاركة في مسابقة الفيلم القصير    654 مليون ورقة نقدية جديدة لتعزيز السيولة بالمغرب    سفيان أمرابط، لاعب أساسي في ريال بيتيس (وسيلة إعلام إسبانية)    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يستقبل 82 فيلماً من 31 بلداً ونجوماً عالميين    بلجيكا.. زكرياء الوحيدي يتوج أفضل لاعب مغاربي في الدوري البلجيكي الممتاز    تقرير: ريال مدريد يتصدر قائمة الأندية الأكثر مبيعا للقمصان على مستوى العالم    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬    علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    دوري الأبطال.. أوسيمين يتصدر قائمة الهدافين بعد مباريات الثلاثاء    وسائل إعلام فرنسية تدعو إلى إطلاق سراح الصحافي كريستوف غليز المسجون في الجزائر    المخرج محمد الإبراهيم: فيلم الغموض والتشويق القطري "سَعّود وينه؟"    فيلم " كوميديا إلهية " بمهرجان الدوحة السينمائي الرقابة السينمائية في إيران لا تنتهي...!    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    مهرجان الدوحة السينمائي يسلّط الضوء على سرديات مؤثرة من المنطقة    الجيش الإسرائيلي يطلق عملية عسكرية    نصائح ذهبية للتسوق الآمن باستخدام الذكاء الاصطناعي    آلام الأذن لدى الأطفال .. متى تستلزم استشارة الطبيب؟    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقة المتبادلة بين العلمانية و الدولة و الدين و المجتمع:.....17

العلمانية في ظل الدولة الحديثة، وعلاقتها بالمجتمع المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان:.....5
7) وانطلاقا مما سبق، فإن الدولة الحديثة، حسب المفهوم الذي حددناه في سياق مناقشة مفهوم الدولة الحديثة، تصير ضامنة لسيادة العلمانية في الواقع.
ولكن ما هي الدولة التي تصير كذلك؟
إن الدولة الرأسمالية التابعة لا تكون كذلك، إلا بالقدر الذي يخدم مصلحة البورجوازية التابعة في علاقتها بالغرب. وإلا فإن ضمان سيادة العلمانية، على أرض الواقع، سيصير في غير مصلحة البورجوازية التابعة، وسيضرب كل الأسس التي تقوم عليها تلك البورجوازية، والتي من جملتها ممارستها لأدلجة الدين، في خطابها الموجه إلى الجماهير الشعبية الكادحة، التي تعتبر البورجوازية التابعة وصية على الدين.
ونفس الشيء نقوله بالنسبة لدولة البورجوازية الليبرالية، التي لا تصير ضامنة لسيادة العلمانية، في الواقع، إلا بالقدر الذي يخدم مصلحة تلك البورجوازية في السيادة، وفي توظيف الواقع لخدمة مصالحها الطبقة. فإذا تعارضت سيادة العلمانية، مع تلك المصلحة، فإن البورجوازية الليبرالية، قد لا تعمل على سيادة العلمانية، خاصة، وإن قيام هذه الدولة، ومن هذا النوع، وبمواصفات البورجوازية الليبرالية في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، سيكون شيئا آخر، وعملا آخر، لابد من إنضاج شروطه، وإذا و جد، فإنه سيصير مراعيا لتمكن أدلجة الدين من تجييش الشعوب العربية، وباقي شعوب المسلمين، مما يرشح دولة، من هذا النوع، إلى التحول في اتجاه صيرورتها دولة البورجوازية التابعة، التي لا تتعامل مع العلمانية، إلا باعتبارها خطابا موجها إلى النظام الرأسمالي العالمي.
أما دولة البورجوازية الصغرى، وفي حال تخلص البورجوازية الصغرى من أمراضها الإيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، فإنها تصير ضامنة لسيادة العلمانية في الواقع. أما إذا لم تتخلص من تلك الأمراض، فإن ضمانها لسيادة العلمانية، سيكون مرتبطا بمدى مساهمة تلك السيادة في تحقيق تطلعاتها الطبقية. وإلا فإن دولة البورجوازية الصغرى ستأخذ بموقف الإقطاع، أو بموقف البورجوازية التابعة، أو بموقف البورجوازية الليبرالية، أو بموقف مؤدلجي الدين من العلمانية. فتصير سيادة العلمانية، أو عدم سيادتها رهينة بمدى ما تستفيده البورجوازية الصغرى لصالح تطلعاتها الطبقية.
والدولة التي تضمن سيادة العلمانية في الواقع، وبامتياز، هي دولة العمال، انطلاقا من إيديولوجيتها، ومن ممارستها السياسية، ومن طبيعة الطبقة التي تمثلها، و انطلاقا كذلك من مصلحة الكادحين، ورغبة في تجسيد الحرية، و الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية على أرض الواقع. وإلا فإن قيادة الدولة التي قد تكون بيروقراطية، ستعمل على سيادة العلمانية بالقدر الذي يخدم مصلحتها كقيادة ذات طبيعة بورجوازية صغرى.
وبذلك يتبين أن الدولة التي تعمل على ضمان سيادة العلمانية، هي الدولة التي تعمل على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وضمان استمرارها. والدولة التي تتوفر على هذه الإمكانية، هي دولة العمال إذا تحررت قيادتها من الممارسة البيروقراطية، التي أساءت كثيرا إلى دولة العمال، التي ليست إلا الدولة الاشتراكية.
8) وإذا كانت دولة العمال هي الضامنة لسيادة العلمانية، فهل تصير سيادة العلمانية في الواقع ضامنة لقيام المجتمع المدني؟
إن سيادة العلمانية في أي مجتمع لا تكون إلا نسبية، بحسب طبيعة المجتمع نفسه، وبحسب طبيعة الدولة، وطبيعة الطبقة التي تتحكم في أجهزة تلك الدولة. ولذلك فكون العلمانية ضامنة لقيام المجتمع المدني، لا يكون أيضا إلا نسبيا، تبعا لنسبية العلمانية.
فوقوف العلمانية وراء قيام مجتمع مدني في الدولة الإقطاعية غير وارد. لأن العلمانية نفسها غير واردة، لتناقضها، ولتناقض المجتمع المدني، مع طبيعة الإقطاع، ومع طبيعة إيديولوجيته، ومع طبيعة المسلكية الإقطاعية، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.
ووقوف العلمانية وراء قيام مجتمع مدني في الدولة الرأسمالية التابعة، يكون مجرد خطاب موجه إلى النظام الرأسمالي العالمي، ويقف وراء قيام علاقات قائمة على ازدواجية المسلكية الفردية، والجماعية، التي تكون مشدودة إلى الماضي، بسبب التفاعل اليومي مع أدلجة الدين، ومشدودة إلى أحدث ما توصل إليه الإنسان الغربي، بواسطة الشركات العابرة للقارات، ووسائل الإعلام المختلفة. و مجتمع مدني، كهذا، الذي تنتجه علمانية الدولة البورجوازية التابعة، يتناقض مع طبيعة المجتمع المدني الحقيقي. لأن المجتمع المدني في مثل هذه الحالة، لا يعرف سيادة القيم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، ولا يساهم في جعل الشعوب تسعى إلى التمتع بحقها في الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، مما يجعل منه مجتمعا لا علمانيا. وهو في الواقع كذلك، لأن المجتمع العلماني، إما أن يكون مجالا لقيم الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، حتى يتحقق في إطاره المجتمع المدني المعني بتلك القيم، أو لا يكون.
أما بالنسبة للدولة الرأسمالية الليبرالية، فإن وقوف العلمانية وراء قيام مجتمع مدني في إطارها، لا يكون إلا منسجما مع التوجهات البورجوازية الليبرالية، ومحققا لأهدافها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي تكون محكومة بالقيم الليبرالية، التي أريد لها أن تصير قيما مدنية. والديمقراطية في إطار المجتمع المدني الليبرالي، هي أيضا ليبرالية. ونفس الشيء بالنسبة للحرية، فإذا أعطي لهذا المجتمع المدني مضمون تحرري ديمقراطي عادل، فإن البورجوازية الليبرالية ستحاربه، وستعرقل أي تحرر، وأي عدالة بمنطقها الذي يستحضر قوتها، وسيادتها. ولذلك فالعلمانية الليبرالية، لا تضمن قيام مجتمع مدني كما حددناه، بمقدر ما تضمن قيام هذا المجتمع المدني وفق ما تسعى إلى تحقيقه البورجوازية الليبرالية.
وفي ظل دولة البورجوازية الصغرى، نجد أن وقوف العلمانية، وراء قيام مجتمع مدني يبقى حاضرا في الواقع، إذا تخلصت البورجوازية الصغرى من أمراضها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والإيديولوجية، والسياسية. لأن مصلحة البورجوازية الصغرى في قيام مجتمع مدني حر، وديمقراطي، وعادل. أما إذا لم تتحرر من تلك الأمراض، فإنها إما أن تعادي قيام مجتمع مدني تبعا لمعاداتها للعلمانية، وإما أن تعتمد قيام مجتمع مدني وفق التصور الذي يتكون عند البورجوازية التابعة، أو عند البورجوازية الليبرالية. أو أنها تعمل على قيام مجتمع تختلط فيه الرؤى، والتصورات الطبقية، والمتناقضة، مساهمة منها في تضليل الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة بالخصوص، تبعا لطبيعة إيديولوجيتها المضللة.
وبذلك نصل إلى أن وقوف العلمانية وراء قيام مجتمع مدني، له علاقة بطبيعة الدولة التي تأخذ بعلمانية معينة، وبطبيعة الطبقة التي تتحكم في تلك الدولة، وبالفهم المختلف للحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وأن الدولة الوحيدة التي يمكن أن تكون علمانيتها علمية، ومجتمعها مدني فعلا، لتمتع الناس فيه بالحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، هي دولة العمال التي تنتفي في قيادتها المسلكية البيروقراطية.
9) وكما رأينا في الفقرات السابقة، فإن الدولة الحديثة كذلك يختلف مفهومها ، حسب الطبقة التي تتحكم في أجهزة تلك الدولة، وأن الدولة التي يمكن اعتبارها دولة حديثة بامتياز هي دولة العمال، إذا تحررت كذلك قيادتها من المسلكية البيروقراطية.
فكيف تكون علاقة العلمانية بالمجتمع المدني في ظل الدولة الحديثة؟
إن علاقة العلمانية بالمجتمع المدني – في نظرنا- تختلف باختلاف فهم الطبقة الحاكمة في الدولة الحديثة، أو في الدولة التي تدعي أنها كذلك، هي في عمقها علاقة جدلية، لأنه بقدر ما تعمل العلمانية على قيام المجتمع المدني، يصير المجتمع المدني مجالا لإشاعة العلمانية. ولكن بالقدر الذي تسمح به الطبقة المتحكمة في أجهزة الدولة، وبالقدر الذي يخدم مصلحتها الطبقية، فإذا تجاوز الحد التي تسمح به، فإنها تحرك أجهزتها للتصدي له.
ولذلك نجد أنه لا تفاعل أبدا بين العلمانية، والمجتمع المدني، في ظل الدولة الإقطاعية، لانتفائهما مع ذلك الواقع، ولعدم صلاحيتهما للمجتمع الإقطاعي، المعتمد بالدرجة الأولى على أدلجة الدين، وعلى الفكر الخرافي، و لا يرقى أبدا إلى فهم ماذا تعني العلمانية؟ ولا ماذا يعني المجتمع المدني؟ ولا فهم العلاقة التي يجب أن تقوم بينهما.
ولكن بالنسبة للدولة الرأسمالية التابعة، التي تسمح بقيام مجتمع مدني في حدود معينة، انطلاقا من فهم معين للعلمانية، فإننا نجد أن العلاقة القائمة بين العلمانية، والمجتمع المدني هي علاقة تبعية، كذلك، لما تريده الطبقة البورجوازية التابعة، وأن تطور العلمانية، والمجتمع المدني كنتيجة للعلاقة الجدلية بينهما، لا يحصل إلا بالقدر الذي تسمح به تلك الطبقة، حتى تحافظ على ازدواجيتها المتمثلة في ارتباطها بالماضي، الذي يلزمها بأدلجة الدين، وبالغرب، الذي يرغمها على الأخذ بمظاهر الحداثة الرأسمالية الهمجية.
وعندما يتعلق الأمر بالدولة الرأسمالية الليبرالية، فإن هذه الدولة تسمح بقيام علاقة جدلية فعلية بين العلمانية، والمجتمع المدني. ولكن تلك الجدلية تأخذ بعدا مثاليا، لإبعاد حدوثها عن الواقع، حسب ما تقتضيه الإيديولوجية البورجوازية، وحتى نتائج العلاقة الجدلية مثالية كذلك، حتى تخدم مصلحة الطبقة البورجوازية الليبرالية؛ أي أن منطق التحكم في فهم العلمانية، وفي أجرأتها، وفي قيام المجتمع المدني، و ، في التفاعل بينهما، يصير هو الهاجس الذي يحكم الطبقة البورجوازية الليبرالية، تجنبا لأي منزلق، قد يقود إلى حدوث تطور معين، في الاتجاه الذي لا تريده البورجوازية الليبرالية.
وبالنسبة لدولة البورجوازية الصغرى، نجد أنها تسمح ببلوغ التفاعل بين العلمانية، والمجتمع المدني مداه، إذا تحررت البورجوازية الصغرى من أمراضها التي لها علاقة بحرصها على تحقيق تطلعاتها الطبقية.
أما إذا لم تتحرر البورجوازية الصغرى من أمراضها، فإنها تقوم بنفي العلمانية، والمجتمع المدني، لتنتفي بذلك العلاقة بينهما، لانعدامهما، لأخذها بأيديولوجية الإقطاع، أو بأدلجة الدين، أو بالتحكم فيها، تبعا لموقف البورجوازية التابعة، أو بتوسيع دائرتها، بالقدر الذي يخدم مصلحتها، تبعا لموقف البورجوازية الليبرالية من العلمانية، ومن المجتمع المدني.
وبالنسبة لدولة العمال، فإن العلاقة بين العلمانية، والمجتمع المدني، لا تكون إلا علاقة جدلية. وتلك العلاقة لا تقيد لا بحدود ما تسمح به الطبقة العاملة، ولا بحدود الزمان، ولا بحدود المكان، مادامت علاقة منتجة للتطور الفاعل في الواقع، والمطور له، ومن أجل انتقال التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية إلى الأعلى، وحياة الإنسان إلى الأحسن. وهذا النوع من العلاقة لا يتحقق إلا عندما تتحرر قيادة الطبقة العاملة من المسلكية البيروقراطية. فإذا لم تتحرر هذه القيادة من تلك المسلكية، فإن العلاقة بين العلمانية، وبين المجتمع المدني تبقى محكومة بما يخدم مصلحة تلك القيادة، حتى تزداد استفادة على حساب العمال، و سائر الكادحين. وبالتالي فإن علاقة موجهة من هذا النوع، تصير معرقلة لكل أشكال التطور المؤدية إلى الانتقال إلى المرحلة الأعلى.
وهكذا يتبين أن العلاقة الجدلية بين العلمانية، وبين المجتمع المدني تبقى حاضرة، ولكن بمستويات تتناسب مع مصلحة الطبقة، أو الطبقات المتحكمة في أجهزة الدولة. وأن الطبقة الوحيدة التي تجعل العلاقة في خدمة، وفي مصلحة مجموع أفراد المجتمع، هي الطبقة العاملة. ولذلك كانت، ولازالت محاربة وصول الطبقة العاملة إلى السلطة، وإلى التحكم في أجهزة الدولة لها دلالتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.