في دورته الرابعة، بصم مهرجان صيف طنجة الدولي، على حفل كرنفالي مبهر، والذي جاب عددا من أهم شوارع وأحياء المدينة، وخلق مشاعر عريضة من الإعجاب والحبور. وفي لحظات استثنائية من مساء أمس الاثنين 28 يوليوز 2025، وعلى إيقاع الطبول والأنغام النحاسية، انطلقت فعاليات الكرنفال الاستعراضي الافتتاحي لمهرجان "صيف طنجة الكبرى الدولي" في نسخته الرابعة، وسط حضور جماهيري غفير خطفته الألوان والإيقاعات، احتفاء بالذكرى ال26 لعيد العرش المجيد. وبدأت مسيرة الكرنفال من دار الشباب حسنونة بشارع الحسن الثاني، حيث تجمعت الفرق المشاركة، وانطلق الموكب الاحتفالي في اتجاه ساحة فارو، مرورًا بساحة 9 أبريل، ثم المدينة العتيقة، قبل أن تحط الرحال في قلب الفضاء البحري عند باب المرسى، حيث نصبت المنصة الرسمية للمهرجان، الذي تنظمه مؤسسة طنجة الكبرى للعمل التربوي والثقافي والاجتماعي والرياضي. وكان طريق الكرنفال مكتظا بعشرات الآلاف من المواطنين، بينهم عدد كبير من الزوار والسياح، والذين اصطفوا على جانبي الشارع يستعيدون مشهدًا غائبًا عن الذاكرة، لكنه حاضرٌ في الحنين من خلال استعادة ذكريات طنجة أيام كانت تشهد احتفالات شعبية باذخة وراقية. وكانت بطولة الكرنفال للجوق النحاسي الملكي لمدينة طنجة، الذي قاد الموكب بكثير من الفخامة والاحترافية، مقدماً وصلات موسيقية أضفت على المشهد طابعًا رسميًا وشعبيًا في آن واحد. إلى جانبه، برزت جمعية "دارنا" بتعبيراتها الفنية الجسدية والموسيقية، بينما أضفت الفرق الفلكلورية الكناوية والعيطة الجبلية والحصادة إيقاعًا تراثيًا أخاذًا، نسج لوحات فنية نابضة من عمق الهوية المغربية. كما ساهمت جمعيات المجتمع المدني بدورها في إغناء المشهد الكرنفالي، من خلال عروض استعراضية تمزج بين التراث المحلي والاحتفاء بالوحدة الوطنية، مستعرضة أزياء تقليدية من مختلف ربوع المملكة، وأهازيج موروثة تناقلتها الأجيال. وما جعل هذا الكرنفال مميزًا واستثنائيًا، ليس فقط ثراءه البصري والموسيقي، بل الحمولة الرمزية التي حملها، حيث أعاد إلى الأذهان تلك الاستعراضات الجميلة التي كانت تزين شوارع طنجة في "الزمن الجميل"، وكان المشهد بمثابة استدعاء جماعي للذاكرة الطنجاوية، ودفعة قوية نحو إحياء هذا التقليد الثقافي المبهج الذي يعيد للمدينة وهجها الحضاري. ويحسب الفضل في هذا النجاح إلى مؤسسة طنجة الكبرى للعمل التربوي والثقافي والاجتماعي والرياضي، التي أبدعت في تنظيم هذه التظاهرة وجعلت من الكرنفال رسالة حب للمدينة وتاريخها، ودعوة مفتوحة للاعتزاز بالهوية المغربية الأصيلة المتجذرة في عمق التاريخ. ولم يكن كرنفال افتتاح مهرجان "صيف طنجة الكبرى الدولي" مجرد استعراض، بل كان عرضًا بصريًا وشعوريًا ضخّ الحياة في الشوارع، وأشعل الحنين في القلوب، وجعل من طنجة مسرحًا مفتوحًا للفرح والفن والانتماء. وفي جزئها الثاني من ليلة الافتتاح، احتضنت منصة المهرجان في ساحة باب المرصى عشرات الآلاف من الحاضرين، في الحفل الذي أحياه مغني الراب الشهير علي الصامد، و الذي قدم وصلات من أشهر أغانيه. وتميز الحفل بتقديم عدد من الوجوه الشابة والمتميزة في هذا الفن الغنائي، وهي بادرة ملفتة للرابور علي الصامد، الذي ما فتئ يقدم يد المساعدة للفنانين الصاعدين في هذا الصنف الغنائي الذي يحظى بشعبية واسعة. وشهد الحفل تكريم الرابور الصامد، وأيضا كل المشاركين فيه، كما شهد تكريم وجوه حققت إنجازات ملفتة، من بينهم رئيس فريق اتحاد طنجة للكرة الطائرة، الذي فاز بلقب كأس العرش مؤخرا. وتتواصل فعاليات مهرجان صيف طنجة الكبرى الدولي إلى غاية 31 من يوليوز الحالي، عبر سهرات تحتضن يوميا أسماء شهيرة من عالم الفن والموسيقى.