الخط : إستمع للمقال في فيديو نُشر على قناته "Tahadi" بتاريخ 30 يونيو 2025، واصل الإرهابي الهارب من العدالة هشام جيراندو، انزلاقه نحو تبني خطاب متطرف خطير ينهل من أجندة النظام الإيراني، المصنّف رسميا من طرف الدولة الكندية ك "دولة راعية للإرهاب". هذه المرة، لم يكتف جيراندو بالترويج لمواقف تحريضية بنزعة إرهابية ضد عدد من الدول الشقيقة والصديقة، بل ذهب أبعد من ذلك، عندما أشاد صراحة بالنظام الإيراني، مع تقديم طهران كقوة محرِّرة في المنطقة، وكبديل ملهم للعرب والمسلمين. المثير في تصريحات جيراندو أنها تتماهى مع دعاية النظام الإيراني في لحظة حرجة، حيث تزداد المخاوف في كندا من تمدد نفوذ هذا النظام عبر الفضاء الرقمي وعمليات التأثير الخفي. ويأتي ذلك في وقتٍ تؤكد فيه السلطات الكندية، من خلال مواقف متواترة، أن طهران ترعى الإرهاب وتموّل جماعات مسلحة كحزب الله، المتورطة في أعمال إرهابية وتخريبية حول العالم. ويزداد خطورة هذا التماهي عندما نستحضر أن النظام الإيراني، بتنسيق مع حزب الله وتحت رعاية مباشرة من النظام الجزائري، لعب دورا مركزيا في تسليح وتدريب مقاتلين من البوليساريو،وهو ما دفع الرباط إلى قطع علاقاتها مع طهران منذ سنة 2018. وعليه، فإن إشادة جيراندو بالدور الإيراني، وتقديمه لطهران كقوة، بل كبطل في المنطقة، لا يمكن قراءته إلا في إطار التحاقه الرمزي بسردية دولة معادية لكل من كندا والمغرب. ما يثير القلق بشكل خاص في تصريحات جيراندو، ليس فقط تمجيده لطهران، بل أيضا سقوطه في خطاب عنصري فج ومعادٍ للسامية، يُعيد إنتاج بعض أكثر السرديات تطرفا في الدعاية الإيرانية. ففي معرض تبريره لرفض ما أسماه ب "الكيان الصهيوني"، وصف جيراندو الجماعات اليهودية القادمة من أوروبا الشرقية بأنها "أوساخ" و"عصابات"، قائلا بالحرف: "ديك الأوساخ كلها اللي تجمعت باش كونت واحد الكيان غاصب".هذا النوع من الخطاب يتجاوز النقد السياسي، ويصل إلى مستوى التحريض الصريح على أساس ديني وعرقي، مما يندرج قانونيا تحت طائلة المادة 319 من القانون الجنائي الكندي، المتعلقة بخطاب الكراهية العلني، ناهيك عن مواد أخرى تتعلق بالتحريض على العنف. وبالنظر إلى أن هذه التصريحات بُثت على منصة YouTube من داخل التراب الكندي، فإنها تستدعي مساءلة فورية، ليس فقط بسبب إساءتها لليهود، بل لأنها تتغذى على أدبيات أنظمة معادية للمنظومة الكندية برمتها. الأخطر أن هذا الخطاب لا يأتي في فراغ، بل يتقاطع بشكل واضح مع اللغة المعتمدة من طرف إعلام الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله، والمجموعات التابعة لهما، والتي اعتادت على خلط نقد إسرائيل بخطاب معادٍ للسامية شامل.ومن ثم، لا يُمكن فصل تمجيد جيراندو لطهران عن هذا الانزلاق الخطابي الخطير، خصوصا في ظل تاريخ طويل لإيران في توظيف معاداة السامية كأداة سياسية، سواء عبر منابرها الإعلامية أو وكلائها الإقليميين. ومن منظور كندي، لا تتعلق خطورة ما قاله جيراندو فقط بإسرائيل كدولة ولا باليهود الذين وجه إليهم مجموعة من السِباب العنصرية الخطيرة، بل في طريقة إعادة إنتاجه للسردية العسكرية الإيرانية، القائمة على المواجهة والصراع الشامل، وتقديمها كخيار شرعي أمام الشباب المسلم. وهذا ما يجعل خطابه، يُصنّف ضمن التحريض الرمزي الذي سبق أن حذّر منه جهاز الاستخبارات الكندية (CSIS) في تقاريره الأخيرة، خصوصا فيما يتعلق ب "التطرف المُلهم عن بعد" (inspired radicalization). كما يُثير هذا الخطاب القلق بالنظر إلى سجل إيران في استخدام أدوات رقمية لمحاولة اختراق الديمقراطيات الغربية، بما فيها حملات التأثير عبر مواقع التواصل ومنصات الفيديو. جدير بالذكر أن الصفحة الرسمية لجيراندو على فيسبوك، المعنونة ب "Tahadi.info"، كانت تُدار جزئيا من إيران خلال فترة سابقة، قبل أن يُسجل تغيّر مفاجئ في التموقع الجغرافي للحساب نحو كندا، وفق ما أشارت إليه بيانات مفتوحة المصدر وهو كشفناه في مقال سابق. هذا المعطى، الذي لم يُنكر جيراندو صحته، يعزز الشكوك بشأن وجود تقاطعات وظيفية أو لوجستية بين منصته وبعض الجهات الإيرانية أو المتعاطفة معها. لا يمكن التساهل مع هذا الانزلاق في خطاب مواطن كندي يستخدم منصات محمية بحرية التعبير لتبييض نظام مُدرج ضمن قوائم الإرهاب، ويشكل خطرا حقيقيا على أمن الحلفاء واستقرار المنطقة المغاربية. السؤال الجوهري الذي يجب أن يُطرح اليوم في كندا:إلى أي حدّ يمكن التسامح مع هذا الشكل من الخطاب المتواطئ ضمنيا مع دعاية دولة راعية للإرهاب ومع الإرهاب عموما؟ هذا الملف يستحق المتابعة عن كثب من قبل الجهات الأمنية والقضائية والسياسية، لأن الأمر يتعلق بتقاطع مقلق بين منصات رقمية كندية ودعاية نظام أجنبي معادٍ. الوسوم إيران بوغطاط المغربي جيراندو