الخط : إستمع للمقال كشف تقرير صادر عن مجلة "داون" أعدته الصحفية رينا نيتجيس ونشر بتاريخ 14 غشت 2025، أن وجود مقاتلين تابعين لجبهة البوليساريو في سوريا يثير تساؤلات خطيرة حول مسار العدالة الانتقالية في بلد أنهكته الحرب منذ أكثر من عقد. وأشار التقرير إلى أن إيران، التي دعمت على مدى سنوات جماعات مسلحة عديدة بينها حزب الله اللبناني والحوثيون والميليشيات العراقية و"فاطميون" و"زينبيون"، فتحت الباب أمام حضور عناصر من البوليساريو في المشهد السوري، بدعم وتسهيل جزائري. ووفق ما أكده التقرير نقلا عن صحيفة واشنطن بوست في أبريل الماضي عن مسؤولين إقليميين وأوروبيين، فقد تأكدت مشاركة مقاتلين من البوليساريو في الحرب السورية وتلقّيهم تدريبات عسكرية من إيران، حيث اعتُقل المئات منهم لاحقا على يد القوات الأمنية السورية الجديدة. إذ في ماي، بثت قناة "دويتشه فيله عربية" صورا نادرة لمقاتلين من الحركة داخل سوريا، وأبرزت وثيقة تعود إلى عام 2012 من فرع الأمن 279 السوري تؤكد وجود 120 مقاتلا صحراويا موزعين على أربع كتائب ملحقة بالجيش السوري، إلى جانب إشارات عن لقاءات بين قيادة البوليساريو وحزب الله في بيروت مطلع 2011. وفي هذا السياق، ذكّر التقرير أيضا بتصريحات وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة سنة 2018، حين اتهم إيران وحزب الله بتزويد البوليساريو بالسلاح والتدريب عبر السفارة الإيرانية في الجزائر. فيما أضافت مصادر بحثية سورية للصحفية أن مقاتلين من البوليساريو توجهوا إلى جنوبلبنان حيث تلقوا تدريبات على يد حزب الله في وادي البقاع. ومع انهيار النظام السوري في دجنبر الماضي، فرّ بعض هؤلاء المقاتلين مع عناصر الحزب إلى لبنان، فيما انسحبت ميليشيات أخرى مثل "فاطميون" و"زينبيون" إلى العراق رفقة جنرالات سوريين سلّمتهم بغداد لاحقا إلى دمشق. ونقل التقرير عن الخبير العسكري السوري محمد ياسين، العضو السابق في الائتلاف الوطني، أنه لا يعرف مكان وجود مقاتلي البوليساريو حاليا، مشيرا إلى أن القضية ليست أولوية بالنسبة للسوريين مقارنة بملفات أكثر إلحاحا. بينما أوضح وائل أولوان، مدير قسم البحوث في مركز "جسور للدراسات" بدمشق، أن نظام الأسد اعتاد استخدام جماعات انفصالية كورقة ضغط على الدول، مستشهدا بدعمه حزب العمال الكردستاني ضد تركيا والحوثيين ضد السعودية والبوليساريو ضد المغرب، في وقت كانت فيه الجزائر تدعم الأسد والمغرب يعارضه. وبحسب ما أورده التقرير، فإن مكتب البوليساريو في دمشق كان يُعد قاعدة أساسية للحركة في الشرق الأوسط، غير أن وجودها العسكري الفعلي تركز في معسكرات حزب الله بلبنان. وفي هذا الصدد، أكد الباحث السوري عباس شريفة أن المكتب في سوريا كان سياسيا بالأساس، لكن ارتباط الحركة بإيران جرى عبر حزب الله. كما نقل التقرير عن مصادر مستقلة أن قوات النظام السوري اعتقلت العشرات من مقاتلي البوليساريو وعناصر من الجيش الجزائري خلال معارك جنوب حلب أواخر العام الماضي، وأن التحقيقات معهم أظهرت تورطهم في جرائم حرب ضد مدنيين سوريين وارتباطهم بالحرس الثوري الإيراني وأجهزة استخبارات جزائرية. ويخلص تقرير المحللة السياسية رينا نيتجيس إلى أن وجود مقاتلي البوليساريو وسط آلاف المقاتلين الأجانب في سوريا يعمّق أزمة العدالة الانتقالية، إذ أكد عبد الباسط عبد اللطيف، رئيس اللجنة السورية للعدالة الانتقالية، في تصريحات لقناة "العربية" يوم 5 غشت، أن اللجنة تسعى للتعاون مع الإنتربول لملاحقة بشار الأسد وكبار رموز نظامه، دون استبعاد مسؤولية الميليشيات العابرة للحدود كحزب الله والبوليساريو. غير أن التقرير شدّد على أن غياب محاكمات شفافة وتعويضات للضحايا، واستمرار الغموض بشأن ملف المقاتلين الأجانب، يكشف الفراغ الكبير الذي يواجه مسار العدالة الانتقالية في سوريا ما بعد الحرب، ويترك الشعب السوري مثقلا بجرائم نظامه وأجندات خارجية متشابكة. الوسوم تقرير سوريا مقاتلي البوليساريو