كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2018، أنه بالرغم من التحولات العميقة التي شهدها صندوق الإيداع والتدبير، واتساع نطاق أنشطته ليشمل قطاعات تنافسية جديدة، وتزايد عدد شركاته الفرعية ومساهماته المالية، فإن حكامة الصندوق لم تشهد أي تطور يذكر، حيث ظل يفتقر لمجلس إدارة يحظى بكامل الاختصاصات ويعمل كهيئة فعلية تمتلك سلطات اتخاذ القرار والتدبير والمراقبة على مختلف المرافق التابعة له. وأكد التقرير أن الاستثمارات في مجال المساهمات المالية المباشرة تعاني من عدة نقائص أبرزها: “عدم الخضوع لإذن مسبق بخصوص كل المساهمات في رأسمال الشركات، وإحداث أخرى فرعية، وغياب قواعد رسمية تؤطر تدبير محفظة “المساهمات المالية المباشرة”، وتركيز المجهود الاستثماري على عدد محدود من الشركات الفرعية والمساهمات المالية، وتراجع مردودية المحفظة، بالإضافة إلى تفاقم وضع بعض المساهمات المالية”. وبخصوص خلق الشركات الفرعية، أورد التقرير أن هذا التطور المتسارع للاستثمارات أدى إلى ارتفاع عدد الشركات الفرعية والمساهمات، حيث انتقل من 80 فرعا ومساهمة سنة 2007 إلى 143 فرعا ومساهمة سنة 2017، غير أن سياسة تنويع الأنشطة التي انتهجها الصندوق وما واكبها من خلق للشركات الفرعية كانت تفتقر إلى الضبط والتأطير اللازمين. ولاحظ التقرير أن تموضع الصندوق في أنشطة “البنك والمالية والتأمين” لا يرتكز غالبا على رؤية استراتيجية، مضيفا أنه يتبين في الواقع أن الصندوق مارس العديد من الأنشطة، إما بسبب دوره التاريخي في القطاع المالي من خلال مختلف مراحل التطور التي مر بها المغرب، أو بسبب مساهمته في إعادة تنشيط هيكلة بعض المؤسسات من خلال مشاركته كمساهم مرجعي، ممثلا بالقرض العقاري والسياحي، وصوفاك، وفينيا، وماروك ليزينك، والصندوق الوطني للإنماء الإقتصادي. ورأى التقرير أن المساهمات المالية لصندوق الإيداع والتدبير، على المستوى الدولي تعاني من بعض النقائص، أهمها غياب رؤية استراتيجية، ووضع مالي مثقل بتكاليف الفوائد المرتفعة، بالإضافة إلى وضعية صافية متدهورة نتيجة تراكم الخسائر تعرض كبير للمخاطر، وأرباح ضعيفة وغير منتظمة، وتراجع مستمر في قيم المساهمات المالية على المستوى الدولي، وتفويت بعض المساهمات مع تسجيل خسائر. وأشارالتقرير إلى أن النتائج المحققة في قطاع التنمية الترابية والتهيئة الحضرية التي يقوم بها الصندوق، قد اتسمت بكونها متفاوتة، موضحا أن الأمر يتعلق بتدخله في الأنشطة المرتبطة بميدان الخشب، وشركات التنمية المحلية والسياحة، والسكن الاقتصادي والاجتماعي، مضيفا أن الصندوق يستثمر في مختلف أنواع الأصول (أسهم مدرجة وغير مدرجة بالبورصة، وسندات وأصول عقارية وسكنية، وقروض وسلفات للفروع والمساهمات المالية التابعة…)، وذلك في غياب تخصيص ملائم. وأوصى المجلس السلطات العمومية بإعادة صياغة الإطار القانوني والمؤسساتي لصندوق الإيداع والتدبير من أجل ملاءمته مع الممارسات الفضلى لحكامة الشركات، داعيا الصندوق لتعزيز نظام الرقابة الداخلية وإعداد نظام إدارة المخاطر للمجموعة بأكملها، وتدارك العجز المسجل في تتبع بعض الشركات الفرعية، مع تعزيز آليات القيادة لضمان مراقبة الشركات الفرعية والممتلكات عن كثب، وتعزيز نظام الرقابة الداخلية وإعداد نظام إدارة المخاطر للمجموعة بأكملها. وطالب “قضاة جطو” الصندوق بإعادة التركيز على مهامه الأساسية، والتي تتمحور أساسا حول حفظ ورعاية وتدبير الإدخار الذي يعهد إليه، ودراسة إمكانية الانسحاب من قطاع “الخشب” وشركات الخدمات لفائدة المقاولات وشركات التنمية المحلية، وإعادة تنظيم قطاع السياحة، وإمكانية التخلي عن التسيير الفندقي، والتخلي عن قطاع “السكن الاقتصادي والاجتماعي”، ووضع سياسة توضح القواعد الخاصة بتوزيع الأرباح من قبل الشركات والمساهمات ومراجعة وضعية الشركات التي لا تقوم بذلك.