أرباب المصحات الخاصة ينفون استفادتهم من أي دعم حكومي ويطالبون وزير الصحة بنشر لائحة المستفيدين    التهراوي ينبه إلى "ممارسات مخالفة" في نقل وتحويل المرضى بالمستشفيات    في ختام تصفيات إفريقيا.. 7 منتخبات على أعتاب حسم التأهل إلى كأس العالم    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب            باها يعلن عن القائمة المستدعاة للمنتخب الوطني لأقل من 17 سنة لمباراتي السنغال    ضحايا زلزال الحوز يخرجون مجددا للاحتجاج ويتهمون الحكومة بتجاهل معاناتهم منذ عامين    مصيبة.. جماعة الرباط تعتزم تفويت بقعة أرضية كانت مخصصة لبناء دار للشباب ودار للنساء لفائدة البنك الدولي    جماعة الدار البيضاء تطلق مرحلة جديدة من برنامج مدارس خضراء    وزارة الصحة تحيل ملف وفيات مستشفى أكادير على القضاء وتوقف المعنيين مؤقتاً    "أكديطال" تنفي استفادتها من أي دعم حكومي للاستثمار وتدعو وزير الصحة إلى نشر قائمة المستفيدين    أحزاب يسارية وتنظيمات نقابية وحقوقية تطالب بالإفراج عن معتقلي احتجاجات "الجيل Z" وفتح تحقيق في مقتل ثلاثة متظاهرين    منح جائزة نوبل في الطب لثلاثة علماء عن أبحاثهم في مجال التحكم في الجهاز المناعي    "فيدرالية اليسار" يستنكر الصمت الرسمي إزاء قرصنة أسطول الصمود واحتجاز مواطنين مغاربة    توقيع اتفاقية بين الجامعة الملكية المغربية والاتحاد الكوري للتايكواندو    تنديد حقوقي باحتجاز عزيز غالي ومطالب بتحرك فوري لحمايته    أصداء السودان تتردد في مهرجان الدوحة السينمائي 2025    حين تنحسر حرية التعبير... يسهل قلب المفاهيم    12 عرضا مسرحيا من 10 دول في الدورة الثالثة لمهرجان "جسد" بالرباط    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    "أشبال الأطلس" يصطدمون بكوريا الجنوبية في ثمن نهائي المونديال    الذهب يتجاوز 3900 دولار للأوقية    منظمة "تجمعية" تشيد بإصلاح الصحة    مدرب آيندهوفن: "أنس صلاح الدين لاعب ممتاز ويقدم أداءً رائعا"    جيل "Z212" المغربي يرفع صوته: حب للملك ورفض للفساد في رسالة وطنية تهزّ مواقع التواصل        من أصول مغربية.. نعيمة موتشو تتولى وزارة التحول والوظيفة العمومية في فرنسا    مناورات شرقي 2025.. تعاون عسكري مغربي فرنسي لتعزيز الأمن الإقليمي ومواجهة التهديدات العابرة للحدود    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    نقلة ‬نوعية ‬حقيقية ‬في ‬الترسانة ‬القانونية ‬المغربية ‬لمكافحة ‬الاتجار ‬بالبشر        الصين تفعل استجابة طارئة بعد اجتياح الإعصار "ماتمو" لمقاطعتين جنوبيتين    محمد أوجار: احتجاجات الشباب تمرين ديمقراطي يؤكد نضج الأجيال الجديدة بالمغرب    المغرب ‬ينتصر ‬في ‬بروكسيل ‬ويكرس ‬الاعتراف ‬الأوروبي ‬بمغربية ‬الصحراء    التصعيد ‬يشتد ‬بين ‬الصيادلة.. ‬ الكونفدرالية ‬تهدد ‬الفيدرالية ‬باللجوء ‬للقضاء ‬    حزب التقدم والاشتراكية.. أطول إقامة في وزارة الصحة وأقصر مسافة نحو الإصلاح    الزلزولي يقود بيتيس للفوز على إسبانيول (2-1)        عملية إطلاق نار في سيدني تسفر عن سقوط 20 جريحاً                    منصة "إنستغرام" تمنح المستخدمين تحكما أكبر في المحتوى المقترح    البطولة: الجيش الملكي يلتحق بركب المقدمة بانتصاره على أولمبيك آسفي            العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا ثار العرب ضد نخبهم السياسية الحاكمة؟
نشر في بيان اليوم يوم 30 - 10 - 2019

ما سماه البعض بالموجة الثانية من الربيع العربي، قد تختلف في بعض التفاصيل من حالة وطنية لأخرى، كسبب اندلاعه المباشر ومدى أهمية العوامل المحركة له، التي ليس هناك إجماع حولها، هل هي اقتصادية أم سياسية أم الاثنان معا؟
رغم هذه الاختلافات البسيطة ما يجمع حراك العرب الحالي، هو جذرية شعاراته التي تطالب برفض النخب السياسية الحاكمة، كل النخب، وحتى ما تبقى من معارضة على قلتها. زيادة على قوة تجنيده الشعبي، التي فاجأت الجميع، بما فيه المتظاهرون أنفسهم. كما عبرت عنه شعارات العراقيين «شلع قلع»، أو«كلكن» اللبنانية، أو «قاع» الجزائرية.
رفض جذري للنخب بمختلف أطيافها، وصل الى التشكيك في المؤسسات السياسية المركزية للدولة الوطنية، كالبرلمانات والأحزاب السياسية، والحكومات وآليات العمل السياسي، كالانتخابات التي يرفض هذا الحراك العودة لها، في ظل الشروط القائمة نفسها والإطار القانوني البالي نفسه، كما هو واضح في لبنان والجزائر. نخب حاكمة تتهمها شعوبها بالفساد بكل أشكاله، التي يمكن تصورها بالبينة، في علاقة واضحة بدورها الاجتماعي كنخب سياسية. استفردت بمؤسسات الدولة الوطنية، وحولتها إلى مرتع لإنتاج سيطرتها الطبقية، العائلية والمناطقية. أصبح أمامها تغيير الحكومات والانتخابات، مسرحية سخيفة، لم تعد تصدقها الشعوب. رفض لهذه النخب التي سيطرت على مؤسسات الدولة الوطنية، شمل هذه المرة كل أنواع النخب، بما فيها تلك التي تلبست بالإسلام الإخواني السني، كما كان الحال في السودان، لتصل موجة هذا الرفض إلى أخواتها غير الشقيقات الشيعيات، كما هو الأمر في العراق ولبنان مرورا بتلك النخب الوطنية التي فقدت بريقها مع الوقت، كما هو حال الجزائر.
نخب سياسية وصلت في المدة الأخيرة، كما عبرت عنه الحالة العراقية، وما يمكن أن تعبر عنه الحالة اللبنانية لاحقا، إلى التكشير عن أنيابها كنخب مُتغولة على شعوبها، قد لا تتورع عن التنكيل بالمواطنين المتظاهرين، الذين خرجوا للمطالبة بحقوقهم السياسية والاقتصادية، على غرار التوزيع العادل للثروة ورفض الفساد المستشري، الذي طورته هذه النخب، بما فيها تلك التي وصلت الى الحكم حديثا، الى مستويات خرافية في وقت قصير، كما حصل في العراق.
نخب تمكنت مع الوقت من الاستحواذ على مقاليد الدولة، بكل مفاصلها السياسية والعسكرية، عن طريق تكوين مليشيات شبه عسكرية، أو الاستقواء بالجيش وتحويله إلى ما يشبه المليشيا، كما حصل في السودان بشكل لافت، يجعل الحراك الشعبي في هذه الدول أمام معضلة حقيقية. تصبح فيه آليات التغيير السياسي مثل الانتخابات من دون معنى، من دون اللجوء إلى إشكال راديكالية في المطالبة كالاعتصامات واحتلال الساحات العامة والإضرابات المفتوحة، التي تحولت إلى أسلوب النضال الرئيسي، ضمن هذه الموجة الثانية من الربيع العربي، من دون انتظار دعوة حزب أو نقابة، لم يعد التساؤل عن غيابها مطروحا، كما كان الحال خلال الموجة الأولى 2011.
أشكال نضال راديكالية، عرفت كيف تحافظ على سلميتها حتى الآن، استطاع فيها الحراك الشعبي بنجاح كبير، تجاوز كل شروخ المجتمعات الدينية والإثنية، التي تحاول هذه المرة الأنظمة، ومن ورائها النخب السياسية الحاكمة، استغلالها والتلويح بها في وجه المواطنين، كما يحصل في لبنان أو العراق، أو حتى الجزائر جزئيا، رغم تميزها كحالة بمستوى تجانس مجتمعي وديني كبير. نخب سياسية كانت قد تمرست مع الوقت على استغلال هذه الشروخ المجتمعية، لتحولها إلى آلية لإعادة إنتاج سيطرتها، لا تريد أن تتخلى عنها على حساب مشاريع بناء دولة وطنية مدنية، كما يطالب به الحراك الشعبي في لبنان والعراق والجزائر. وهو ما يزيد من صعوبة تحديات الموجة الثانية، التي تطرح بشكل واضح مسألة الدولة الوطنية ذاتها وعلاقتها بالمواطنين.
نخب سياسية سيكون من الصعب حسم الصراع معها بسهولة وسلمية، خاصة بعد ان بنت لنفسها حضورا اقتصاديا، استقل عن المجتمع وعن الحالة الوطنية ككل، لتدخل في تحالفات إقليمية أصبح التعويل عليها في حسم الصراع وطنيا حاضرا بقوة، كما يظهر في الحالة العراقية، ويمكن ان يبرز بسرعة في الحالة اللبنانية المشابهة جزئيا لها، يمكن ان تعيد لبنان إلى المربع الأول، الذي يريد الحراك الشعبي الابتعاد عنه نهائيا، بشكل سلمي، فرض نفسه حتى الآن. حراك شعبي فرض نفسه بسلمتيه الكبيرة وطابعه الشعبي والوطني العابر لانقسامية المجتمع، يتظاهر فيه يوميا، في الليل والنهار، كل افراد العائلة بصغيرها وكبيرها، نسائها ورجالها، كعربون سلمية لمجتمع عصري جديد، لا يمكن أن يخطأ في قراءته أي عاقل، داخل مجتمعات تعلمت أكثر، زالت فيها الأمية أو انخفضت إلى ادنى مستوياها، وانفتحت أكثر على العالم حتى في الحالات العربية الأقل انفتاحا، في وقت انغلقت فيه النخب السياسية الحاكمة أكثر على مصالحها الاقتصادية الفئوية بشكل جعلها تعود الى الانتماءات ما قبل الوطنية، لتحفيزها وفرضها على مؤسسات الدولة الوطنية، التي أفرغت من محتواها. نخب فشلت، بشكل رهيب في بناء اقتصادات وطنية متطورة، كان يمكن أن تشفع لها أمام فشلها السياسي الدرامي. كما حصل في تجارب دولية أخرى. يمكن ان تبني على نجاحها الاقتصادي تحولا سياسيا يمكن ان يكون طريقه أسهل أمام شعوبها عكس ما يمكن توقعه في الحالة العربية، التي يصعب التنبؤ بسيناريوهاتها الممكنة، على الأقل عل المدى القصير والمتوسط.
شعوب عربية استطاعت، رغم كل ما يميز كل حالة وطنية داخلها من الاستفادة من الموجة الأولى للربيع العربي وهي تطلق حراكها الشعبي السلمي الحالي الذي وضع السقف عاليا، لحل إشكالات تاريخية، طال زمن طرحها منذ عقود. تتعلق أساسا بالحريات الفردية والجماعية والمواطنة بما تفترضه من بناء للدولة الوطنية المدنية. كحلم للشعوب منذ وقت طويل، لا تريد مقايضته بتغيير حكومات أو وجوه سياسية مستهلكة، أو إصلاحات اقتصادية واجتماعية مؤقتة لأشباه المواطنين والرعايا، يصرون على التعامل معهم هذه المرة، كمواطنين كاملي الحقوق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.