سجلت مؤشرات التضخم في المغرب ارتفاعا غير مسبوق الشهر الماضي جراء التكاليف الباهظة للغذاء والنقل في بلد يسعى إلى تلمس طريقه للخروج من أزمته الاقتصادية جراء تبعات الوباء ثم الحرب في شرق أوروبا. وذكرت المندوبية السامية للتخطيط في نشرتها الشهرية الجمعة أن "مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع إلى 7.7 في المئة على أساس سنوي في يوليو". وارتفعت أسعار المواد الغذائية 12 في المئة بينما زاد التضخم في السلع غير الغذائية خمسة في المئة، كما زادت أسعار المواصلات بواقع 18.5 في المئة بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة. وارتفع المؤشر 0.9 في المئة على أساس شهري. وصعد مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستثني السلع الخاضعة لتقلب الأسعار، بنسبة 6.5 في المئة على أساس سنوي و0.5 في المئة على أساس شهري. وتختلف الأسعار في السوق المحلية حسب المصدر، فالمنتجات الغذائية المحلية أسعارها مستقرة أو منخفضة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما تشهد السلع المستوردة أو المعتمدة في إنتاجها على مواد أولية مستوردة تقلبات في الأسعار. وتحولت موجة الغلاء في المغرب إلى واحد من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة في ظل حالة التذمر التي تسود بين المواطنين وخاصة الفئات الاجتماعية الهشة. وشنت الأوساط الاقتصادية حملة انتقادات للسلطات جراء تراجع قدرتها الشرائية إذ ترى أنه قد يتفاقم إن لم تعجل السلطات بتدارك الوضع سريعا لتعديل بوصلة الأسواق التجارية. ويبدي المغاربة حساسية مفرطة إزاء غلاء الأسعار، والذي يعني بالنسبة إليهم مؤشرا على اتساع الفجوة بين الفئات الاجتماعية رغم تعهدات حكومة عزيز أخنوش بمعالجة هذه القضية. وتجد السلطات نفسها أمام اختبار ضبط غليان الأسعار في الفترة المقبلة ببلد يضم قرابة 38 مليون نسمة، خاصة وأنه مقبل على عملية إصلاح اقتصادي كبيرة ستشمل كل القطاعات لإعادة تحريك عجلات النمو. وفي يوليو الماضي، خَّفض المغرب، توقعه لنسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.5 في المئة خلال هذا العام، نزولا من توقع سابق بنحو 3.2 في المئة في موازنة العام الحالي. وجاء ذلك خلال عرض لوزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي أمام لجنة المالية في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) بشأن "التوقعات الختامية لتنفيذ موازنة 2022". وأوضحت العلوي أن "خفض توقع نسبة نمو الاقتصاد المحلي يأتي في ظل تباطؤ الطلب الأجنبي الموجه إلى المغرب، لاسيما من قبل منطقة اليورو". وأضافت أن "الاقتصاد المحلي تأثر من تداعيات الأزمة الأوكرانية وضعف محصول الحبوب". وتقول وزارة الزراعة إنها تتوقع حصاد 3.2 مليون طن من الحبوب في 2022، بانخفاض 69 في المئة عن العام الماضي، بسبب الجفاف. وذكرت الوزارة في بيان مؤخرا أن محصول القمح اللين سيبلغ 1.76 مليون طن، والصلد 750 ألف طن، والشعير 690 ألف طن. وحددت السلطات في مايو الماضي إجراءات لحماية القدرة الشرائية للمواطنين من خلال الرفع من مداخيل المواطنين عبر مراجعة عدد من الأجور ووضع سياسة ضريبية ملائمة، والحفاظ على استقرار الأسعار.