صدر حديثاً في بغداد، وضمن منشورات دار الشؤون الثقافية العامة لعام 2023م، مجموعةٌ قصصيةٌ جديدةٌ للقاص العراقي علي السباعي، موسومة بعنوان " مدوَّناتُ أرملةِ جندي مجهول ". تقع في 112 صفحة من القطع المتوسط، موزعة على 84 نصاً قصيراً، حيث أكتفى القاص في كل قصة من المجموعة بتصوير جانب من جوانب حياة المهمشين في بلاد ما بين النهرين، صور في كل نص موقفاً إنسانياً واحداً من المواقف الكثيرة التي مرت بإنسان وادي الرافدين في سنوات الحروب والحصارات والاحتلالات تصويراً مكثفاً ودقيقاً نابعا من رحم المعاناة ليواكب بقصصه القصار روح العصر، ومن القصص الماتعة حقّا في هذه المجموعة: "عازفٌ نسيَ عُودَه"، "أرملة"، "جنوبية"، "تجار ميزوبوتاميا"، "غاسل الأموات"، "حياة فرس"، "مهرب"، "لص"، "وفاء"، "خرساء"، "صُفّارة"، "صور سندريلا"، "غنوة"، "غزل"، "مساعدة"، "ليزا"، "عسل مغشوش"، "متفائل الفردوس"، "احتراف"… كتبت تلك النصوص بروح العصر العراقي حيث كتب القاص العراقي علي السباعي ما رآه من مظاهر البؤس والحرمان والتخلف والأمية بلسان أرملة جندي مجهول، وما أكثرهن في بلاد ما بين القهرين، كتبت بألم رغم تعدد مشاربها، وتعدد غِناها الإنساني، وتعدد تقنياتها وأساليب توظيفه للتهكم المؤلم في نسْج خيوطها، محاولة منه لمناقشة أسباب التخلف، والظلم، والجور، والجوع، والانكسار في الأسئلة التي حملها ظهر غلاف المجموعة: "واجهتُ نَفسي بالأسئلةِ ماذا تعني القصةُ وهي تترسَّمُ آثار الحرب والحصارِ والحب والتيه؟ وماذا تعني القصةُ وهي تترسمُ بصماتِ الإنسانِ عندما ينسَحبُ أمام ذاتهِ؟ سؤالٌ كوني؟ يحملُ طعمَ كل المراراتِ التي لا تفارقُ نسغَ حياتنا إن كان هُنالك في الحياة من وجود".. لقد أتقن علي السباعي كتابة القصة القصيرة جداً لأنه أجاد في إبداع الاختزال والتكثيف. وبالنظر إلى واقعه القاسي، وتبِعاته الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية والثقافية، ولاسيما على أولئك الذين يعيشون على هامش الحياة، هكذا آمن علي السباعي بضرورة أنْ يرتبط الإبداعُ الحقيقي بالواقع، وينخرطَ في المجتمع، معبِّراً عن آلام الناس وتطلعاتهم؛ فكان من المتوقع أنْ تتجه بوصلة قصص علي السباعي على الأقلّ، إلى ملامسة قضايا عيشنا الحالي. يذكر أن القاص علي السباعي (53 ) عاماً، من القصاصين الذين أخلصوا للقصة القصيرة، وحظي بعديد من الجوائز داخل وخارج العراق، منها الجائزة الأولى في مسابقة بيت الشعر العربي للأعوام 1996 و1997 و 1998على التوالي، عن القصص: "مدينة حلمت بحكاياتها"، "إيقاعات الزمن الراقص"، "عرسُ في مقبرة". وجائزة ناجي نعمان، في بيروت عام 2006م، عن مجموعته القصصية: "احتراق مملكة الزا.. ماما". و(الجائزة الأولى في مسابقة أور الإبداعية لعام 2006م، العراق، عن قصة: "فرائس بثياب الفرح". وحصل أيضا على الجائزة الأولى في مسابقة برنامج سحر البيان، الذي أطلقته الفضائية العراقية عام 2006م، حصل فيها على درع الإبداع الذهبي في القصة، وسمي ب "قاص العراقية".. كما نال درع الدولة العراقية، درع إبداع خارج الوطن، لما حققه للعراق من إنجازات وجوائز أدبية، عام 2011م.. وعدد كبير من الجوائز والتقديرات في مختلف المحافل الأدبية والثقافية بالعراق والعالم العربي.