انكب فاعلون سينمائيون، من باحثين ونقاد ومهنيين، مؤخرا بالرباط، على طرح أسئلة النقد السينمائي بالمغرب وآفاقه في خضم تحولات الصناعة السينمائية وطنيا ودوليا. وتحولت الندوة التي برمجها منظمو مهرجان سينما المؤلف بالرباط في سياق الأنشطة الفكرية الموازية للعروض، تحت عنوان «النقد الأدبي والنقد السينمائي.. أية علاقة» إلى فضاء لمحاكمة التجربة النقدية في المغرب، ومساءلة قدرتها على مواكبة التطور الكمي والنوعي الذي تعرفه السينما المغربية، وإنتاج خطاب سينمائي رصين يمهد لتأسيس ذوق فني عام. تعددت زوايا النظر إلى النقد السينمائي بين رؤى من داخل الممارسة لنقاد من قبيل حمادي كيروم وخليل الدمون ومحمد شويكة وعز الدين الوافي وفؤاد السويبة، وأخرى من مواقع محاذية أو متقاطعة مع الإنتاج النقدي من قبيل المخرجين حسن بنجلون وعز العرب العلوي فضلا عن الناقد الأدبي سعيد يقطين الذي قارب خصوصيات الممارسة النقدية بين ساحتي الأدبي والسينما. حذر حمادي كيروم من تفشي الرداءة والاستسهال والخلط بين العمل النقدي المسلح بعدة منهجية وعلمية ثابتة و«الخفة الصحافية» التي تنتج خطابا متفككا وسطحيا. تناول سعيد يقطين مناطق التشابك بين النقد الأدبي والسينمائي ، تخييلا وسردا وكتابة. دعا عز العرب العلوي إلى الانفتاح على آفاق جديدة في الخطاب النقدي من خلال الاشتغال بالصورة على الصورة، بحيث يكون الخطاب النقدي خطابا بصريا هو الآخر. أفق لم يجد حماسا لدى بعض النقاد الذين اعتبروا أن الأكثر إلحاحا في اللحظة الراهنة هو تأسيس كتابة نقدية علمية تتجاوز «التذوق» إلى «المعرفة». أما حسن بنجلون فاستعاد تجربة «غير سعيدة» مع النقد المغربي ، وإن شكلت له مورد استفادة هامة أثرت تجربته السينمائية ومكنته من شحذ تقنياته وأدواته الفنية. تباينت وجهات النظر وزوايا المقاربة لكن الإجماع تحقق على ضرورة بناء منجز نقدي على أساس جهاز مفاهيمي متجدد وقيم معرفية مشتركة تنخرط في دينامية التفكير في وظيفة الفن والأدب ضمن الحاجيات التنموية والنهضوية للمجتمع.