اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الخميس، بقمع السلطات الجزائرية للمظاهرات السلمية التي تشهدها البلاد، مبرزة أن النظام لم يعد يكتفي بإغلاق الدخول إلى العاصمة، بل يلجأ من خلال استراتيجية "للدفاع المتقدم" إلى إرجاع أو ايقاف المتظاهرين المحتملين داخل مدنهم. واعتبرت صحيفة (الوطن)، في هذا الصدد، أنه يتعين على الحكومة أن تتراجع عن هذا النهج المتمثل في رغبتها في الحفاظ على السلم الاجتماعي بالقمع وتطويق المدن، وهو ما يمثل أرضية ملائمة لانفجار لا يتمناه أي أحد.
وكتبت في افتتاحيتها بعنوان "المفارقات الأخيرة" أن الجزائريين يدركون أنه في فترة الأزمة، لا يتعلق الأمر بالمطالبة بالمزيد من "المكتسبات"، وإنما بإنتاج المزيد من الثروات، مبرزة أن الفاعلين الاقتصاديين يدركون أكثر فأكثر أن التصدي للأزمة والحد من الواردات لا يتمثل في التخوف من الإفلاس، وإنما في المزيد من الانتاج، فالخطر الذي يتهددهم ليس هو البيروقراطية أو نقص المواد الأولية، بل هو آفة قطع الطرق واستحالة الولوج إلى المدن يوما واحدا في كل ثلاثة أيام.
وكشف صاحب الافتتاحية أنه في انتظار النجاح في الانتقال إلى اقتصاد منتج والخروج من نمط الريع النفطي، يمكن إزالة المفارقات وتكريس، دون تكاليف و لا آجال، المبادئ الدستورية لحرية التعبير والتظاهر والتنقل.
وقال إن كافة المجتمعات مسالمة وإن الحروب تحركها أنظمة أو منظمات دينية، فليس هناك مواطن جزائري يريد الدخول في حرب مع بلده ولا مع جيرانه.
من جهتها، أفادت صحيفة (الفجر) بأن حوالي 2000 طبيب مقيم من جميع التخصصات قدموا من مختلف أنحاء البلاد شاركوا في تجمع داخل المركز الاستشفائي الجامعي مصطفى باشا بالجزائر العاصمة للتنديد بظروف إقامتهم السيئة والمطالبة، على الخصوص، بإلغاء نظام الخدمة المدنية أو مراجعته.
وذكرت أنه تم نشر أفراد الشرطة بأعداد كبيرة من قبل السلطات لمنع الأطباء المقيمين من اجتياز بوابات المركز الاستشفائي الجامعي والخروج منه، مشيرة إلى أن أفراد الشرطة وأعوان الأمن طوقوا هذا التحرك، ومنعوا الوصول إلى الشوارع القريبة، التي شهدت هي الأخرى نصب متاريس لعرقلة أي مسيرة وانتشر فيها أفراد الشرطة مدججين بالهراوات.
وأضافت أن المحتجين رددوا شعارات مناوئة لتهديدات الوزارة الوصية المتمثلة في المذكرات الموجهة إلى مختلف مدراء الصحة العمومية والمتعلقة باقتطاعات من أجورهم، وهو إجراء ليس من شأنه أن يثني الأطباء المقيمين الذين جددوا عزمهم على مواصلة الإضراب، الذي يستمر منذ نونبر الماضي.
من جانبها، كتبت صحيفة (ليكسبريسيون) أن هؤلاء الأطباء الشباب الذين قدموا من مختلف البنيات الاستشفائية عبروا عن "محنتهم" إزاء غياب وسائل العمل "مما يجعل التكفل بالمرضى أمرا مستحيلا"، مبرزة أن تنسيقية الأطباء المقيمين عبرت عن تنديدها بمنع أطباء مقيمين من الالتحاق بالعاصمة واستنكارها لتصرفات قوات الأمن التي احتجزت زملاء لهم، مساء أمس، دون سبب يذكر لمجرد أنهم تنقلوا من بعيد لحضور الاعتصام الوطني، وأن أطباء مقيمين آخرين منعوا من ركوب القطار الرابط بين عنابة والجزائر العاصمة.
بدورها، أوضحت صحيفة (ليبيرتي) أنه عندما يتعلق الأمر بقمع محاولات التظاهر في العاصمة، فإن النظام يتساهل إلى حد ما مع الأعمال الاحتجاجية على مستوى المناطق، ملاحظة أن كل شيء يمر وكأن النظام اختار لنفسه فضاء حيويا يحظر فيه أي نوع من الاحتجاج، وحيث يمكن لممثلية أن يشتغلوا دون أن يتعرضوا لخطر الازعاج من قبل بعض الأصوات المتفرقة.
وأضافت أنه "داخل هذه المحمية، يمكن للأجانب و الدبلوماسيين والصحفيين وحتى السياح أن يلاحظوا الانسجام الشعبي الذي يسود حول قادتنا والهدوء الذي يطبع الحفلات الدبلوماسية والملتقيات بمختلف أنواعها، والذي تريد السلطات إظهاره".
أما صحيفة (الحياة)، فكتبت أن الممارسة القمعية، التي تتحكم في تدبير النظام العام بالجزائر العاصمة، تشكل التعبير المرضي لخيار أوسع لإسكات التعبير الديمقراطي بالجزائر، وفي الوقت نفسه إقرارا بفقدان الشعبية.