لجنة تؤطر النموذج الجديد للصيدليات    آلاف المغاربة يتظاهرون ضد الحرب على غزة والتطبيع... والدولة تواصل تعزيز علاقاتها مع إسرائيل    طقس السبت: أجواء حارة وزخات رعدية بعدة مناطق بالمملكة    "اعتصام ليلي أمام محكمة بالراشيدية للمطالبة بكشف الحقيقة في مقتل الطفل الراعي محمد بويسلخن    الإطاحة بشبكة تبيع الهواتف المسروقة من إسبانيا في المغرب    الركراكي: التأهل للمونديال تحقق وأشرف حكيمي يستحق الكرة الذهبية    كأس العالم 2026 .. المغرب القوة الصاعدة في سماء كرة القدم العالمية    حموشي يؤشر على تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بالمصالح اللاممركزة للأمن الوطني في عدد من المدن    ترامب يقول إن أمريكا تجري مفاوضات متعمقة مع حماس    المفوضية الأوروبية تغرم "غوغل" 3,5 مليار دولار لانتهاكها قواعد المنافسة        وزارة الحرب.. عودة إلى تاريخ أمريكا    ألمانيا تدشن الحاسوب الفائق "جوبيتر" لتعزيز قدرتها في الذكاء الاصطناعي    عدد مستخدمي "شات جي بي تي" يتجاوز 20 مليونا في غشت    تلميذة تنال شهادة الباكالوريا الفرنسية في سن التاسعة    سمكة قرش تقتل رجلا قبالة شاطئ سيدني    تصفيات مونديال 2026: الخسارة أمام المغرب "نتيجة عادية" (بادو الزاكي)        طنجة.. الدرك الملكي يوقف شابًا متورطًا في ترويج المخدرات وحبوب الهلوسة    ساكنة مدينة الجديدة تخرج لتجديد العهد على نصرة ف.ل.سطين    موهوزي كاينيروغابا .. جنرال أوغندي مثير للجدل يقود المعارك عبر "إكس"    الزلزولي يتدرب منفردا مع ريال بيتيس    مسعد بولس يلتقي دي ميستورا في واشنطن ويؤكد أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو "الحل الوحيد"    سبتة المحتلة .. البحر يلفظ جثتين لطفلين مغربيين والمأساة تكشف أزمة الهجرة القاتلة    نقد مقال الريسوني    الذهب يحطم سقف 3600 دولار للأوقية لأول مرة في تاريخه    في لقاء مع دي ميستورا .. مستشار ترامب يجدد دعم الحكم الذاتي بالصحراء    المغرب أول منتخب إفريقي يحجز بطاقة التأهل لمونديال 2026    حموشي يتفقد ترتيبات الأمن بملعب مولاي عبد الله قبل مواجهة المغرب والنيجر    مجعيط: الناظور يتصدر الاستثمار بجهة الشرق ولعامل الإقليم دور مهم في ذلك    العقوبات البديلة تسجل 80 قرارا قضائيا    ذي ايكونوميست: المغرب بقيادة الملك محمد السادس يرسخ مكانته كقوة تجارية وصناعية    المغرب... إحداث 56.611 مقاولة إلى متم يونيو 2025    ماذا كان وراء زيارة حموشي لملعب الأمير مولاي عبد الله؟    هذه تشكيلة الأسود أمام منتخب النيجر    الصحة العالمية تقرر رفع حالة الطوارئ بخصوص جدري القردة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    وزير الأوقاف: الذكاء الاصطناعي يجمع على إيجابية خطط تسديد التبليغ    حينما يتحدث جاد المالح، ينثر الابتسامات، يؤجج العواطف، ويؤكد ارتباطه العميق بالمغرب    سكان الدول منخفضة الدخل أكثر عرضة للظواهر المناخية القصوى مقارنة بسكان الدول الغنية    بعد سنوات من الرفض.. أوروبا وأمريكا تعتمدان علاج مبتكر ضد ألزهايمر    10 مليارات درهم عمولات سنويّة.. "الأوليغوبول البنكي" قد يعرقل دخول بنك "رفولي" الرقمي بخدماته المجانية السوق المغربية    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس        رضوان برحيل يعلن موعد إصدار جديده الفني    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا            الرباط تستقبل صحافيين وصناع محتوى    سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    «سحر الشرق وغوايته».. عز الدين بوركة يواصل البحث في فن الاستشراق بالشرق والمغرب    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري    غاستون باشلار: لهيب شمعة    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"سعار الأسعار" في رمضان و مسؤولية الدولة في حماية المستهلك "مسحوق" القدرة الشرائية
نشر في شورى بريس يوم 16 - 05 - 2018


عبد الإله الوزاني التهامي
كل شيئ مقلوب في المغرب رأسا ، فمع حلول شهر رمضان الأبرك ترتفع أثمنة جميع المواد الغذائية الأكثر استهلاكا من طرف المواطنين ، و يتم أيضا التهافت عليها و كأنها لم توجد من قبل و لن توجد بعد الشهر الفضيل ، أكيد أن هناك أسبابا عدة لانتشار و استمرار هذه الظاهرة ، منها الاحتكار من طرف التجار و إشاعة ثقافة الاستهلاك غير المعقلن و غيرها .
كل المواطنين مستاؤون من شعارات الدولة القاضية بأن تراقب الأسعار بواسطة لجنة مختصة ، بحيث لم يروا تفعيلا لها لهذا المراقبة لتنظيم السوق و الحد من الأسعار التي ترتفع على هوى التجار ، من هنا نستحضر الدور البارز لمجلس المنافسة الذي لم تر أعماله النور منذ سنوات ، ليبقى المتضرر الأوحد و المباشر هو المواطن المغربي الذي يكدح إن وجد عملا طوال النهار ليفرغ جيبه مساء نفس اليوم ، كدليل على ضعف قدرته الشرائية .
من المعقول أن يشهر التجار لائحة أثمنة كل المواد المعروضة للبيع ، و هذا من شأنه أيضا الحد من التلاعب اليومي في رفع الأسعار الممارس على هوى كل تاجر و بائع ، و سيجعل من الاسعار شانا مشورا معروفا لدى الجميع ، بل و الأجدر أن يعلن عن أثمنة جميع المواد الغذائية في المنابر الإعلامية و القنوات التلفزية ليكون أمر المواطن شفافا أكثر .
من جانب آخر يستغرب الكثيرون مما بات يعرف بظاهرة التباهي و الافتخار من طرف فئة عريضة من المستهلكين ن حيث يقبلون على اقتناء كل المواد الغذائية و لو كان سعرها مرتفع جدا فقط تباهيا و عجرفة و تكبرا و تفاخرا ، و الشاهد على ذلك أنه حسب استطلاع ميداني فإن قمامات الأزبال تمتلئ بمواد غذائية لا تزال صالحة للأكل و الاستطلاع تكرر مرارا فعثر على أن ثلثي القمامات توجد بها أطعمة مختلفة لم تفسد بعد ، ما يدل على أن عملية تبضع المستهلك لا تخضع لا إلى نظام و لا إلى ذوق و لا إلى حاجة معقولة ، مع الأسف فإن أفراد ما يسمى بالطبقة المتوسطة فضلا عن العليا هي التي تشيع عمليا ثقافة الاستهلاك التفاخري الشره .
هنا يمكن أن نتهم المستهلك في تشجيع التجار على الزيادة في الأسعار ، لأنه لو عقلن هذا المستهلك طريقة اقتنائه للمواد الغذائية لما ارتفعت الأثمنة بهذا الشكل الجشع المستنزف لجيوب الشرائح الاجتماعية الواسعة .
لكن هذا لا يعفي الدولة على الإطلاق في قيامها باللآزم ، بمواقبة عملية توزيع المواد الغذائية و عملية تحديد أسعارها و مدى صلاحيتها للاستهلاك بواسطة أجهزتها الخاصة .
و يجب ان يواكب ذلك تعبئة المستهلكين بعدم الاستهلاك المفرط مع تبيان أضراه المادية و المعنوية ، و التأكيد على أن التوازن في المعيشة مطلوب ، أي انه ليس الأكل و الشرب فقط هما سبب العيش و الحياة ن و إنما تقوم الحياة على جوانب عدة تضمن للإنسان توازنه المادي و الروحي و النفسي ن و بهذا ستكون للمواطن المناعة الكافية لعقلة مصاريفه و نفقاته دون أن يسقط في أحضان تناقضات السوق و فتنه و تلاعباته في البضائع شكلا و نوعا و تسعيرا .
و مهما كانت حرية التجار في تسعير بضائعهم و تحديد أثمنتها ، فإن هذه الحرية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون مفتوحة بلا قيد أخلاقي و قانوني ، و إلا فالرد عليها سيكون سريعا من طرف المستهلكين بمقاطعتها أو النقص في استهلاكها و من ثم سيضطر التجار إلى خفظ أثمنتها رغما عنهم ، لأن المستهلك هو محور عملية التجارة ، كلما ارتفع وعيه الاستهلاكي إلا و هبط السوق إلى المستويات المعقولة التي تناسب جيوب الغالبية العظمى من الطبقات الشعبية .
و فضلا عن قفة رمضان و مستلزماته المختلفة المكلفة ، فإنه أمام المواطن فصل الصيف و مصاريفه و عيد الاضحة و كبشه و الدخول المدرسي الجديد و محفظته و ملابسه و ميزانيته ، و عليه فإن الوضعية العامة التي يعيشها المغاربة تبعث على القلق الكبير جراء المخاطر التي تتهددهم المغاربة على مستوى قوتهم اليومي ، مما أفرز ظواهر خطيرة مست الجانب الأخلاقي و القيمي لهذه الفئات المتضررة و هي السواد الأعظم من المغاربة ، فمن غير المستبعد إن طغت الأسعار من جديد فوق طاقتهم من جديد فسوف يكون ذلك بمثابة صب الزيت على النار ، و ممكن أن نرى تجاوز مقاطعة بعض المواد الغذائية كشكل احتجاجي معروف ، إلى أشكال احتجاجية أخرى قد لا يتنبأ بها أحد لأنها ستكون من وحي الواقع المر المخبئ للقنابل الموقوتة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.