بينما يتفنن المسؤولون في رسم المخططات وتزيين الفضاءات والمساحات الخضراء ساحة افريقيا فلوريدو فتح طريق الى كورنيش موروبييخو ، لكن يغيب عن أذهانهم أهم ما يحتاجه الإنسان حين تضيق به الأحشاء: مرحاض عمومي محترم! في مدينة الحسيمة، ليس من الغريب أن ترى طوابير من الزوار والمواطنين قرب المقاهي والمطاعم، لا ينتظرون قهوة ولا وجبة، بل يتوسلون دخول دورة المياه، وكأنهم يطلبون اللجوء الإنساني. مشهد يتكرر بشكل مهين، وخصوصًا في المقاهي القريبة من ساحة محمد السادس مقاهي مراكش ،النجمة ،استريا ،المنظر الجميل ،وجولدنهوس ، حيث يقف البعض متألمًا، يتحرك بتوتر، وآخرون يرقصون رقصة "اقتراب الانفجار"، في انتظار خلاص مؤقت. لكن المأساة لا تنتهي عند الباب، فالدخول إلى بعض المراحيض يشبه اقتحام ساحة معركة بعد انفجار قنبلة مياه على الأرض، رائحة تزكم الأنوف، غياب أدوات النظافة، وكل من يدخل يتحول تلقائيًا إلى عامل نظافة اضطراري، مُطالب بتنظيف ما لم يُوسخ، وإلا فالتهمة جاهزة: "أنت من فعلها!". السؤال الذي يحير العقول: أين هم المسؤولين ؟ أين هي مشاريع "منارة المتوسط"؟ اين المراحيض ؟ كيف تم إنجاز الأرصفة الفضاءات دون التفكير في حاجة بشرية أولى؟ أليس المرحاض العمومي من أبسط ما يمكن توفيره في الفضاءات العامة، خصوصًا في مدينة سياحية؟ أما على مستوى كورنيش المدينة وشواطئها، فحدث ولا حرج، فالمراحيض العمومية منعدمة تمامًا، مما يدفع بعض المصطافين، تحت ضغط الحاجة، إلى اتخاذ البحر ملجأ اضطراريًا لقضاء حاجاتهم. والنتيجة؟ مياه السباحة تتحول أحيانًا إلى مساحات ملوّثة، احيانا تجد مخلفات بشرية لا تخطر على البال، في مشهد صادم يسيء للبيئة ويخدش صورة المدينة السياحية. ولا عجب، بعد كل هذا، أن تفشل شواطئ الحسيمة في الحصول على اللواء الأزرق، تلك الشهادة البيئية التي لا تُمنح إلا للشواطئ النظيفة والمجهزة. ثم لماذا لا يتم إنشاء مراحيض نظيفة، مؤدى عنها، تُشغّل منظفين (ات) محليين، وتحفظ كرامة الناس بدل أن تكون مرتعًا للأمراض والروائح والحشرات؟ الحقيقة المرة أن غياب المراحيض العمومية ليس مجرد تقصير في النظافة، بل عنوان لفشل فكري وإداري عميق... مسؤولون لا يرون من المواطن سوى أرقام في تقارير رسمية، يخططون من مكاتبهم المعقّمة وينسون أن للناس حاجات يومية لا تحتمل .