تعيش هولندا على وقع موجة غير مسبوقة من الانفجارات الليلية، إذ سجلت الشرطة خلال النصف الأول من عام 2025 نحو 678 حادثة تفجير أو محاولة تفجير، في تصاعد مقلق مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث تم تسجيل 644 واقعة مشابهة. وتستهدف هذه الأعمال غالباً منازل ومحال تجارية ومدخلات عمارات، وتحدث في ساعات الليل بهدف الانتقام أو تصفية حسابات تتعلق بالديون أو الخلافات الشخصية. آخر هذه الحوادث وقع فجر اليوم الأربعاء في مدينة بابندريخت، حيث انفجر جسم مشبوه قرب منزل بشارع "فينسنت فان خوخ"، متسبباً في حريق ضخم بعد تضرر أنبوب غاز. وأسفر الحريق عن تدمير كامل للمنزل، كما تضررت منزلان مجاوران لدرجة أصبح من المستحيل السكن فيها مجدداً، إلا أن الشرطة أكدت عدم وقوع ضحايا في الأرواح. الشرطة الهولندية كشفت أن أغلب المتورطين في هذه الهجمات هم من القُصر الذين يُستقطبون عبر تطبيقات التواصل مثل "تيليغرام" و"سناب شات" من قبل شبكات إجرامية منظمة. وقال الضابط "يوس فان دير ستاب"، المكلف بملف الجرائم ذات الأثر البالغ، إن هذه الظاهرة معقدة، مضيفاً: "نوقف أحدهم اليوم، ويظهر آخر في اليوم التالي"، مشيراً إلى أن الدوافع في كثير من الحالات لا تكون إجرامية بحتة، بل ترتبط أحياناً بخلافات شخصية أو عائلية. ومن أبرز الوسائل المستخدمة في التفجيرات مواد متفجرة محلية الصنع أو مفرقعات نارية قوية من نوع "كوبرا"، بالإضافة إلى سوائل قابلة للاشتعال. هذا العام فقط، اعتقلت السلطات 163 مشتبهاً به على خلفية هذه الحوادث، وتتوقع أن يزداد عددها خلال الخريف مع قصر مدة النهار. في محاولة للحد من هذه الظاهرة، أطلقت السلطات حملة توعوية تحت عنوان "أنت فقط من يحدد من تكون"، تستهدف المراهقين المعرضين للتجنيد من قبل المجرمين، كما قررت تكثيف مواكبة الموقوفين من القُصر بعد تنفيذهم للعقوبة. ويأمل المسؤولون أن يُساهم الحظر الجديد على المفرقعات في تقليص تدفق المواد المتفجرة غير القانونية. ورغم هذه الإجراءات، تؤكد الشرطة أن التعامل مع موجة الانفجارات يتطلب "نَفَساً طويلاً" واستراتيجية شاملة لمعالجة جذور الظاهرة التي تؤرق المجتمع الهولندي.