ولد الرشيد يلتقي رئيس الجمعية الفيتنامية    توقيف أشخاص بطنجة يشتبه في ترويجهم لخطابات متطرفة وتمجد الفكر التكفيري    المغرب يدخل عصر "الجيل الخامس (5G)" باستثمارات تصل 80 مليار درهم    تقرير رسمي يفضح أرباح شركات المحروقات في المغرب    المادة الجنائية أمام تسونامي الذكاء الاصطناعي    فيلدا: المنتخب المغربي جاهز لكتابة التاريخ في نهائي كأس إفريقيا للسيدات    العقوبات البديلة بالمغرب .. إرادة واعية تنشد عدالة إصلاحية    انطلاق خدمات 200 مركز صحي بالمغرب    سوء الأحوال الجوية يغلق ميناء الحسيمة ويحول رحلات بحرية إلى الناظور    الحرس المدني الإسباني يجهض عملية تهريب ذهب إلى المغرب    السلطات الأمنية تشدّد المراقبة بالفنيدق للتصدي لمحاولات الهجرة السرية    تنقيبات سجلماسة تكشف عن أقدم مسجد مؤرخ وكنوز أثرية في المغرب    بعوض النمر ينتشر في مليلية ومخاوف من تسلله إلى الناظور    بورصة الدار البيضاء تعزز أرباحها عند الإغلاق    اجتماع المكتب السياسي للأحرار: تهنئة للملك، دعم للوحدة الترابية، إدانة عدوان غزة، وتنويه بالمنجز الحكومي        رئيس الحكومة يترأس اجتماع مجلس إدارة الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات الذي عرف إعطاء انطلاقة تكنولوجيا الجيل الخامس G5    تراجع مبيعات شركات توزيع الوقود في المغرب خلال 2024 وتوسع شبكة المحطات            زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جنوب المحيط الهادئ    2298 شكاية من زبناء مؤسسات الائتمان خلال سنة 2024        بلال ولد الشيخ: اللعب في بلدي كان حلما.. وسعيد بالانضمام لعائلة الرجاء    تطوير الطاقة الاستيعابية لمطارات مراكش وأكادير وطنجة وفاس ومدرج طيران جديد في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء بكلفة 25 مليار درهم.    مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة تجري أولى عملياتها الجراحية الباطنية بمساعدة روبوت بنجاح    الحسيمة .. حادث سير خطير بالنكور يُرسل شخصين إلى المستعجلات    "البيجيدي" يرفض المشاركة في المهمة الاستطلاعية حول "الفراقشية" لأن تشكيلها مخالف لقانون مجلس النواب    إعادة تعيين السفير محمد بلعيش ممثلا خاصا لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    انعقاد الجمعية العامة للغرفة الفلاحية لجهة طنجة    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    "باكاسو بانكا" يلتحق بمكونات الوداد    مهرجان إفران الدولي يوصل برنامجه المتنوع.. فنانون يبدعون في منصة التاج بحضور جماهيري قياسي    كانكا إفريقيا.. روح كناوية تحتفي بجذور الانتماء الإفريقي    المغاربة وسؤال التقدم.. حين تركض البنية التحتية ويترنّح الوعي الجماعي    تنظيم طواف الصحراء الدولي النسوي    بعد فشل تجربته مع الرجاء.. بنعمر يوقع في صفوف نادي سيسكا صوفيا البلغاري    فيلدا قبل نهائي "الكان": "سنبذل قصارى جهدنا غدا للظفر باللقب"    نادي الفتح السعودي يخطف الأنظار بفيلم وثائقي    وزير إسرائيلي: نسابق الزمن لمحو غزة وستصبح كلها يهودية    "كان" السيدات: تحكيم ناميبي للمباراة النهائية بين المغرب ونيجيريا    مهرجان الراي يضيء سماء وجدة بعد غياب أربع سنوات    رؤية من أمريكا اللاتينية : منجزات المغرب تحت قيادة الملك تحظى بإشادة دولية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    تقرير: شركات المحروقات حققت في الربع الأول من 2025 هوامش متوسطة للربح بلغت مستويات تصاعدية بين يناير وفبراير    هذا المساء في برنامج "مدارات":جلسة أدبية مع الشاعر الزجال مراد القادري    ندوة بالقصر الكبير تسلط الضوء على معركة أنوال: قراءة متعددة الزوايا في الذاكرة والتاريخ والقانون    وزير الخارجية البريطاني: الوضع المتدهور في غزة لا يمكن الدفاع عنه    الجزائر والتطبيع الصامت... حين تنطق البيانات بما لا تقوله الشعارات: تبون يعترف ضمنيا بإسرائيل    لماذا لا تصل إلى الغزيين مساعدات يحتاجون إليها بشدة؟    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟    هذه عوامل تسبب زيادة خطر الإصابة بالخرف        الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العروي:تخلفت عن الحفل حتى لا ألبس الجلباب بالبلغة والشاشية احتراما لنفسي
نشر في فبراير يوم 01 - 09 - 2012

مناسبة العودة إلى هذه القولة التي تسبر أغوارها الأستاذة خديجة الصبار نبشها في طقوس العنف الرمزي في مغرب مغرب الألفية الثالثة وهي تتصفح كتاب "مؤسسة المخزن" لصاحبه الدكتور مجمد جادور 2/3.الأستاذة الصبار تخص "فبراير.كوم" بهذا التحليل.
إنها دراسة قراءة لكتاب "مؤسسة المحزن" للدكتور محمد جادور الذي صدر مؤخرا عن مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، والكتاب الأطروحة كما تقول صاحبة الدراسة خديجة صبار عن مختبر المغرب والعوالم الغربية كلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك بالدار البيضاء، حفريات في التاريخ المقارن لمخزن سلطانين من أعظم سلاطين المغرب، استحوذت قوة شخصيتها في الكتابات المحلية والأجنبية، وشكلت حجر الزاوية الذي احتلاه فيها من حيث حجمه وطبيعته التي جمعت بين ما هو واقعي وما هو أسطوري: يتعلق الأمر بالسلطان أحمد المنصور والسلطان المولى إسماعيل وتجارب حكمهما كنماذج متميزة لتحديث المؤسسة المخزنية وبنيانا على أساسه شيد المغرب الحديث. وربطت أغلب التحليلات والتأويلات ذلك بمؤهلاتهما الشخصية وحسن تدبيرهما واحتكاكهما بالمستجدات الدولية، لاسيما وأن الأستاذ جادور اختار فترة تزامنت مع نشوء مفهوم الدولة الأمة في أوربا وبداية الثورة الصناعية من جهة، وانطلاق الفكر الليبرالي من جهة أخرى،وفي الحلقة الثانية تناقش الأستاذة صبار طقوس العنف الرمزي في مغرب مغرب الألفية الثالثة
.
ما السر في استمرار طقوس العنف الرمزي في مخزن الألفية الثالثة والذي يسم نفسه بالحداثة، علما أنها تعبر عن رؤية ما للعالم تربط الأحداث بزمن مطلق ولا تاريخي، يطغى فيه الميتوس (muthos) على اللوغوس (logos)، التخيل على التفسير والإقناع، ويقف عائقا والرؤية الموضوعية إلى كل شيء، في الطبيعة وفي الكون، في المجتمع وفي الذات. والتعامل مع الدين كظاهرة اجتماعية خاضعة للصيرورة التاريخية؟
إشكالية هذه الأفكار التقليدية المناهضة للتطور والتجديد والابتكار لم يتوقف الأستاذ عبد الله العروي عن طرحها قصد عقلنتها لتلائم منطق العصر منذ باكورته الإبداعية الأولى في سبعينيات القرن الماضي "الغربة" التي يقول فيها "أولادنا الذكور خاصة هم الغراب نريد أن نضمن لأنفسنا من يتولى الغسل والكفن والدفن، ومن يحمل النعش ويرعى القبر". ليعيد طرحها في الثمانينيات، ويخضعها لنقد تحليلي تأويلي في "خواطر الصباح" يقول "مراسيم الغسل والكفن والدفن من أقرها جيلا بعد جيل؟ لا شك في نطاق الأسرة أو الزاوية أو الحومة أو القبيلة! إذ لا توجد سلطة عامة معترف بها لتلغي أو تثبت، تزيد أو تحذف مع أن الحاجة إلى الإصلاح واضحة".
فالوفاء للماضي يكون عن طريق عملية الجهد والتفكر لا عن طريق النقل والاستحضار ف" ما ترثه عن أبيك اكتسبه لتمتلكه" كما يقول جوته في فاوست. "الطقوس ضرورة لأن فيها سلوى، وهي أيا كانت، بدعة، وبما أنها كذلك، في كل حال لماذا لا تنظم، لا تحدد، لا تقنن، لكي توافق ذوق العصر؟ أي سلطة تكلف بالتجديد والتنظيم؟ وإذا لم يكن فالاعتماد على وصية من يهمه الأمر: انعدام هيئة شرعية تفصل في قضايا العقيدة، عالمة حرة مستقلة بعيدة عن كل تطرف ومزايدة. وقاطع العروي المتسق في الفكر والسلوك وفد الأكاديمية المغربية الذي استضافته الأكاديمية الفرنسية سنة 1987، ومعلوم أن أعضاء الأكاديمية الفرنسية يرتدون أثناء الحفلات الرسمية "الزي الأخضر" الشبيه بالعسكري. فجاء الأمر أن يمثل المغاربة بالجلباب، بالبلغة والشاشية ، (زي بابا يوشي) يقول "تخلفت عن الحفل احتراما لنفسي ولباريس عاصمة الوجدان، لم أود تلطيخ الذكريات، أغلى ما أملك، ولم أرض أن أحيي مشهد القرن الماضي، أن ألعب دور السفير الزبيدي في أوراقه زامبوييه"
نفس الإشكالية سيعود إليها في تحليله وتعليقه على الكيفية التي أعلن عبرها عن وفاة الحسن الثاني، وهو "رجل دولة عظيم"، والأسلوب الذي كتب به عقد البيعة والجهة التي قامت بتلاوته، ومراسم التشيع والدفن، في سياق مغرب الانتقال الديمقراطي. ويقارنها بمراسم جنازة ملك الأردن المنحدر هو نفسه من السلالة الشريفة. إذ بقدر ما يرى البعض في جنازة الحسن الثاني صورة للبساطة يرى فيها البعض الآخر صورة لعقلية قدرية تقليدية، قد تتناسب ومنطق الأسرة أو القبلية والعشيرة، إلا أنها لا تتناسب قطعا ومنطق الدولة، ليخلص إلى أن الحسن الثاني اتبع التقليد في جميع أطوار حياته، وشيع طبقا لطباع فكر الأسلاف والعادات والطقوس المنحدرة منهم والتي لا تتلاءم أبدا وروح عالم الحداثة.
من هذه الزاوية لا يختلف الأمر راهنيا في استحضار الطقوس من المرجعية الماضوية والاهتمام بالشكل لا بالمضمون "الجسد حديث والدماغ تقليدي" بعبارة العروي، إذ نلاحظ تغلب الطقوس حتى على العبادات، وعلى كاريزما القيادة وجاذبيتها. فحاضر المراسم والطقوس المخزنية مخلص لماضي الحقبة التي درسها بنجاح الأستاذ محمد جادور، يصطنع فقط بثقافة حداثية تمنحه صفة الهجانة، وهذا هو الخلل الكبير في أس مشروع الحداثة في مغربنا.
فالمخزن يحتكر المجال السياسي بتمامه، ويترصد أية مبادرة للمجتمع المدني عبر منهجه الاستباقي، تحت ذريعة تفادي أي اضطراب أو كل ما من شأنه أن يدفع لإعادة النظر في أسس السياسة الأبوية، لدرجة يبدو معها المخزن المعاصر وكأنه الوحيد القادر على بلورة الأهداف الشمولية، وعلى تنسيق وسائل عمله، لدرجة أن التشكيلة الاجتماعية المغربية تعيد إنتاج ذاتها عبر اقتران جد دقيق لتغيرات (لا استمرارية) بثوابت سياسية استمرارية.
يتحدث بيسر يورديو عن "الملكة الاجتماعية" habitus عن العادات والطقوس التي تنجح مع مرور الزمن في أن تجد أرضها في وعي البشر! حيث تتغلغل في الذات كحقائق ثابتة تشكل السلوك وردود الفعل فهي ناتج جدل عمل المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والرمزية في زمن طويل لدرجة تبدو "طبيعية أو بديهية" وهو ما يشكل أسطوريتها في نقد رولان بارت. والبداهة شكل من أشكال التقديس، لأنها مطلق، والعلم لا يعرف المطلق. البداهة قبول وطاعة وتسويغ، لذا جعل الأستاذ العروي بينه وبينها قطيعة منذ كتاب الإيديولوجية العربية المعاصرة "نودع نهائيا المطلقات جميعها ، نكف عن الاعتقاد أن النموذج الإنساني وراءنا لا أمامنا، وأن كل تقدم هو في جوهره تجسيد لأشباح الماضي... إلى أن يقول صيرورة الواقع الاجتماعي، نسبية الحقيقة المجردة، إبداع التاريخ جدلية السياسة، هذه هي معالم الفكر العصري وقوام المجتمع العصري".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.