سيارة مسرعة تدهس شابًا وامرأة بعد خروجهما من حفل زفاف بمنطقة العوامة بطنجة    توقيف 6 أشخاص في شجار عنيف بشاطئ طنجة وإصابة قاصر    مغاربة يعتصمون ليلا أمام البرلمان ضدّ الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة    السكتيوي: الروح القتالية وعزيمة اللاعبين كلمة السر في الفوز على تنزانيا    بلاغ: المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعبر عن ارتياحه لدخول قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ    الإعدام للرئيس السابق للكونغو الديمقراطية مطلب النيابة العامة    أول إعلان أممي من نوعه: غزة تعيش المجاعة.. و"حماس" تطالب بوقف الابادة    ترامب يحدد موعد قرعة مونديال 2026    عجز قياسي جديد يثير المخاوف بشأن متانة التوازنات المالية بالمغرب    المنتخب المغربي يهزم تنزانيا ويتأهل إلى نصف نهائي الشان    "بوكو حرام" تنفي مقتل زعيمها باكورا    مدغشقر تتأهل إلى نصف نهائي "الشان"    تشكيلة المنتخب المحلي أمام تنزانيا    دليل استرشادي من رئاسة النيابة العامة إلى قضاة النيابة العامة حول تنفيذ العقوبات البديلة    شبهة تضارب المصالح تضع منتخبين أمام مسطرة العزل بجهة الدار البيضاء    استفحال ظاهرة اغتصاب الأطفال!    فلوس الغرامة.. فلوس المهرجان    للمرة الثالثة: عودة الفنانة شيرين عبد الوهاب لطليقها حسام حبيب يشعل أزمة جديدة    طنجة : باشا يتعرض لاعتداء خطير وسرقة وسط المدينة    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    احتفاء خاص بالباحث اليزيد الدريوش في حفل ثقافي بالناظور    بعد تعليق حملة المراقبة.. ما مآل الدرجات النارية المحجوزة؟    بوريطة يجري اتصالا هاتفيا مع نظيره المصري    الإجهاد الحراري يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية ويهدد صحة العمال    مهرجان الشواطئ يحتفي بعيد الشباب وثورة الملك والشعب بمشاركة نجوم مغاربة وعرب    حماس تطالب بوقف الحرب وفتح المعابر بعد إعلان الأمم المتحدة المجاعة في غزة    بولتون بين أيدي الFBI.. سقوط ورقة ضغط طالما راهن عليها نظام الجزائر والبوليساريو    مداهمة منزل جون بولتون المستشار السابق لترامب الذي يشتغل مع الجزائر من طرف الFBI    لاعب بفريق المغرب التطواني يتسلل سباحة إلى سبتة المحتلة        بطولة إنجلترا .. مانشستر سيتي يجدد عقد مدافعه روبن دياز حتى صيف 2029    "تيكاد-9" يفضح محاولات انفصاليي "البوليساريو" ويؤكد دعم اليابان للحكم الذاتي المغربي    رسميا .. دخول العقوبات البديلة حيز التنفيذ لتخفيف الاكتظاظ السجني        السعودية تعزز خدمات العمرة: منصة إلكترونية متكاملة للمعتمرين دون الحاجة لوكالات أو وسطاء    فلاحو سهل صبرة بزايو يرفعون نداء استعجالي لإنقاذ محاصيلهم المهددة بالجفاف            بمناسبة عيد الشباب.. فرقة "المسيرة الخضراء" تبهر الجمهور بعرض جوي مذهل فوق سماء المضيق ومرتيل    إجراءات ضريبية محفزة لمغاربة العالم لا يعرفها الكثيرون    ضبط زورق محمل بطنين من الشيرا وتوقيف سبعة أشخاص    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    بعد التدخل المفاجئ لأخنوش: من يحمي حياة المواطنين وسط تغوّل الحسابات السياسية والمالية؟    الاصابة تبعد الهولندي فريمبونغ عن ليفربول ثلاثة أسابيع    المغرب يتصدر مستوردي الغاز الإسباني    تركيا تستعد لإطلاق شبكة الجيل الخامس ابتداء من سنة 2026    إعادة برمجة خلايا الدم إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات يفتح آفاقا واسعة في مجال العلاج الشخصي والبحث العلمي (صابر بوطيب)    دراسة: عدم شرب كمية كافية من الماء يسبب استجابة أكبر للإجهاد        وفاة القاضي الرحيم عن 88 عاما.. صوت العدالة الذي أنصف المهاجرين    انطلاق فعاليات مهرجان الرمى والطلبة والخيالة بمركز صخور الرحامنة مبادرات راائدة في التضامن الترابي (صور)    ابتكار جهاز من الماس يرصد انتشار السرطان دون مواد مشعة        "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العروي:تخلفت عن الحفل حتى لا ألبس الجلباب بالبلغة والشاشية احتراما لنفسي
نشر في فبراير يوم 01 - 09 - 2012

مناسبة العودة إلى هذه القولة التي تسبر أغوارها الأستاذة خديجة الصبار نبشها في طقوس العنف الرمزي في مغرب مغرب الألفية الثالثة وهي تتصفح كتاب "مؤسسة المخزن" لصاحبه الدكتور مجمد جادور 2/3.الأستاذة الصبار تخص "فبراير.كوم" بهذا التحليل.
إنها دراسة قراءة لكتاب "مؤسسة المحزن" للدكتور محمد جادور الذي صدر مؤخرا عن مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، والكتاب الأطروحة كما تقول صاحبة الدراسة خديجة صبار عن مختبر المغرب والعوالم الغربية كلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك بالدار البيضاء، حفريات في التاريخ المقارن لمخزن سلطانين من أعظم سلاطين المغرب، استحوذت قوة شخصيتها في الكتابات المحلية والأجنبية، وشكلت حجر الزاوية الذي احتلاه فيها من حيث حجمه وطبيعته التي جمعت بين ما هو واقعي وما هو أسطوري: يتعلق الأمر بالسلطان أحمد المنصور والسلطان المولى إسماعيل وتجارب حكمهما كنماذج متميزة لتحديث المؤسسة المخزنية وبنيانا على أساسه شيد المغرب الحديث. وربطت أغلب التحليلات والتأويلات ذلك بمؤهلاتهما الشخصية وحسن تدبيرهما واحتكاكهما بالمستجدات الدولية، لاسيما وأن الأستاذ جادور اختار فترة تزامنت مع نشوء مفهوم الدولة الأمة في أوربا وبداية الثورة الصناعية من جهة، وانطلاق الفكر الليبرالي من جهة أخرى،وفي الحلقة الثانية تناقش الأستاذة صبار طقوس العنف الرمزي في مغرب مغرب الألفية الثالثة
.
ما السر في استمرار طقوس العنف الرمزي في مخزن الألفية الثالثة والذي يسم نفسه بالحداثة، علما أنها تعبر عن رؤية ما للعالم تربط الأحداث بزمن مطلق ولا تاريخي، يطغى فيه الميتوس (muthos) على اللوغوس (logos)، التخيل على التفسير والإقناع، ويقف عائقا والرؤية الموضوعية إلى كل شيء، في الطبيعة وفي الكون، في المجتمع وفي الذات. والتعامل مع الدين كظاهرة اجتماعية خاضعة للصيرورة التاريخية؟
إشكالية هذه الأفكار التقليدية المناهضة للتطور والتجديد والابتكار لم يتوقف الأستاذ عبد الله العروي عن طرحها قصد عقلنتها لتلائم منطق العصر منذ باكورته الإبداعية الأولى في سبعينيات القرن الماضي "الغربة" التي يقول فيها "أولادنا الذكور خاصة هم الغراب نريد أن نضمن لأنفسنا من يتولى الغسل والكفن والدفن، ومن يحمل النعش ويرعى القبر". ليعيد طرحها في الثمانينيات، ويخضعها لنقد تحليلي تأويلي في "خواطر الصباح" يقول "مراسيم الغسل والكفن والدفن من أقرها جيلا بعد جيل؟ لا شك في نطاق الأسرة أو الزاوية أو الحومة أو القبيلة! إذ لا توجد سلطة عامة معترف بها لتلغي أو تثبت، تزيد أو تحذف مع أن الحاجة إلى الإصلاح واضحة".
فالوفاء للماضي يكون عن طريق عملية الجهد والتفكر لا عن طريق النقل والاستحضار ف" ما ترثه عن أبيك اكتسبه لتمتلكه" كما يقول جوته في فاوست. "الطقوس ضرورة لأن فيها سلوى، وهي أيا كانت، بدعة، وبما أنها كذلك، في كل حال لماذا لا تنظم، لا تحدد، لا تقنن، لكي توافق ذوق العصر؟ أي سلطة تكلف بالتجديد والتنظيم؟ وإذا لم يكن فالاعتماد على وصية من يهمه الأمر: انعدام هيئة شرعية تفصل في قضايا العقيدة، عالمة حرة مستقلة بعيدة عن كل تطرف ومزايدة. وقاطع العروي المتسق في الفكر والسلوك وفد الأكاديمية المغربية الذي استضافته الأكاديمية الفرنسية سنة 1987، ومعلوم أن أعضاء الأكاديمية الفرنسية يرتدون أثناء الحفلات الرسمية "الزي الأخضر" الشبيه بالعسكري. فجاء الأمر أن يمثل المغاربة بالجلباب، بالبلغة والشاشية ، (زي بابا يوشي) يقول "تخلفت عن الحفل احتراما لنفسي ولباريس عاصمة الوجدان، لم أود تلطيخ الذكريات، أغلى ما أملك، ولم أرض أن أحيي مشهد القرن الماضي، أن ألعب دور السفير الزبيدي في أوراقه زامبوييه"
نفس الإشكالية سيعود إليها في تحليله وتعليقه على الكيفية التي أعلن عبرها عن وفاة الحسن الثاني، وهو "رجل دولة عظيم"، والأسلوب الذي كتب به عقد البيعة والجهة التي قامت بتلاوته، ومراسم التشيع والدفن، في سياق مغرب الانتقال الديمقراطي. ويقارنها بمراسم جنازة ملك الأردن المنحدر هو نفسه من السلالة الشريفة. إذ بقدر ما يرى البعض في جنازة الحسن الثاني صورة للبساطة يرى فيها البعض الآخر صورة لعقلية قدرية تقليدية، قد تتناسب ومنطق الأسرة أو القبلية والعشيرة، إلا أنها لا تتناسب قطعا ومنطق الدولة، ليخلص إلى أن الحسن الثاني اتبع التقليد في جميع أطوار حياته، وشيع طبقا لطباع فكر الأسلاف والعادات والطقوس المنحدرة منهم والتي لا تتلاءم أبدا وروح عالم الحداثة.
من هذه الزاوية لا يختلف الأمر راهنيا في استحضار الطقوس من المرجعية الماضوية والاهتمام بالشكل لا بالمضمون "الجسد حديث والدماغ تقليدي" بعبارة العروي، إذ نلاحظ تغلب الطقوس حتى على العبادات، وعلى كاريزما القيادة وجاذبيتها. فحاضر المراسم والطقوس المخزنية مخلص لماضي الحقبة التي درسها بنجاح الأستاذ محمد جادور، يصطنع فقط بثقافة حداثية تمنحه صفة الهجانة، وهذا هو الخلل الكبير في أس مشروع الحداثة في مغربنا.
فالمخزن يحتكر المجال السياسي بتمامه، ويترصد أية مبادرة للمجتمع المدني عبر منهجه الاستباقي، تحت ذريعة تفادي أي اضطراب أو كل ما من شأنه أن يدفع لإعادة النظر في أسس السياسة الأبوية، لدرجة يبدو معها المخزن المعاصر وكأنه الوحيد القادر على بلورة الأهداف الشمولية، وعلى تنسيق وسائل عمله، لدرجة أن التشكيلة الاجتماعية المغربية تعيد إنتاج ذاتها عبر اقتران جد دقيق لتغيرات (لا استمرارية) بثوابت سياسية استمرارية.
يتحدث بيسر يورديو عن "الملكة الاجتماعية" habitus عن العادات والطقوس التي تنجح مع مرور الزمن في أن تجد أرضها في وعي البشر! حيث تتغلغل في الذات كحقائق ثابتة تشكل السلوك وردود الفعل فهي ناتج جدل عمل المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والرمزية في زمن طويل لدرجة تبدو "طبيعية أو بديهية" وهو ما يشكل أسطوريتها في نقد رولان بارت. والبداهة شكل من أشكال التقديس، لأنها مطلق، والعلم لا يعرف المطلق. البداهة قبول وطاعة وتسويغ، لذا جعل الأستاذ العروي بينه وبينها قطيعة منذ كتاب الإيديولوجية العربية المعاصرة "نودع نهائيا المطلقات جميعها ، نكف عن الاعتقاد أن النموذج الإنساني وراءنا لا أمامنا، وأن كل تقدم هو في جوهره تجسيد لأشباح الماضي... إلى أن يقول صيرورة الواقع الاجتماعي، نسبية الحقيقة المجردة، إبداع التاريخ جدلية السياسة، هذه هي معالم الفكر العصري وقوام المجتمع العصري".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.