بنما.. الاستثمار الأجنبي المباشر يتراجع بأزيد من 30 بالمائة منذ بداية العام    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    ماذا نعرف عن كتيبة "نيتسح يهودا" العسكرية الإسرائيلية المُهددة بعقوبات أمريكية؟    انعقاد المؤتمر الوزاري الرابع لمبادرة تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية بمكناس على هامش الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    طقس حار نسبيا مرتقب اليوم الثلاثاء    ادعاء نيويورك كيتهم ترامب بإفساد الانتخابات ديال 2016    بطولة إيطاليا-كرة القدم.. "إنتر ميلان" يتوج بلقبه ال20    ثمة خلل ما.. المعرض المغاربي للكتاب يحتفي بالأديبة الناظورية آمنة برواضي    هل يمكن لفيزياء الكم أن تقضي على الشيخوخة وأمراض السرطان؟        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    أسامة العزوزي يسجل في مرمى روما    ولي العهد يسلم شهادات اعتراف بالعلامات المميزة لمجموعة من المنتجين    ندوة دولية بطنجة بعنوان "الثقافة والدبلوماسية الناعمة"    إطلاق دعم إضافي لفائدة مهنيي النقل الطرقي    الحركة يكشف مبررات تنازله عن لجنة العدل وينادي بإبعاد البرلمان عن تصفية الحسابات    المؤتمر الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش ينتخب ممثليه بالمجلس الوطني    حفل استقبال على شرف المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة بطل إفريقيا    الحسيمة.. حفل ثقافي لإبراز التفاعل الوجداني بين الموسيقى والشعر    طقس الثلاثاء: حرارة مرتفعة وقطرات مطرية بهذه المناطق    الحكومة تدرس نظام الضمان الاجتماعي    فرنسا تشيد بأداء الشرطة المغربية .. تصور واقعي وخبرة في مكافحة الجريمة    الإنفاق العسكري في مرمى التوتر الجزائري المغربي!    بطولة إيطاليا.. إنتر يتوج بلقبه ال 20 بفوزه على ميلان في عقر داره    فاس.. قتل شخص وإضرام النار في جسده لإخفاء معالم الجريمة    ها امتى غيحكم الكاف فحادث ماتش بركان و USMA والعقوبة كتسنا الفريق الجزائري بسبب تعنت الكابرانات    الرباط تحتضن أشغال محاكاة القمة الإسلامية للطفولة من أجل القدس    "النواب" يستكمل هيكلته والتوافق يحسم انتخاب رؤساء اللجن الدائمة    أقمصة نادي بركان.. بنتوك: النظام الجزائري يستغل أي مناسبة لإظهار عداوته للمغرب    الأمثال العامية بتطوان... (579)    الطالبي العلمي يستقبل وفدا عن لجنة الفلاحة بالجمعية الوطنية لجمهورية زامبيا    كرة القدم داخل القاعة .. بعد التربع على القمة إفريقيا، أنظار أسود الأطلس تتجه صوب كأس العالم    تقوى الآباء تأمين على الأبناء    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    مقابر جماعية في مستشفى ناصر بغزة    ميراوي يتباحث مع نظيرته الفرنسية    الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة يستنكر منع مسيرته السلمية بالرباط    بورصة الدار البيضاء.. تداولات الإغلاق على وقع الأحمر    لقجع احتفل بأسود الفوتسال وقال لهم: سيدنا والمغاربة كيتسناو منكم كاس العالم خاصنا تخرجو من مونديال أوزبكستان أبطال    مرصد العمل الحكومي يرصد جهود الحكومة لمواجهة ارتفاع معدلات البطالة    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    مشاركة متميزة للسينما المغربية في مهرجان موسكو    تقديم المساعدة لمرشحين للهجرة غير النظامية ينحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء    أسعار النفط تنخفض متأثرة بتجدد التركيز على أساسيات السوق    نصف المواليد الجدد يعانون من فقر الدم والمولدات يقمن بأدوار محورية في حماية صحة الأم والطفل    ارتفاع أسعار الفواكه والخضر واللحوم بالمغرب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة    الجيش الإسرئيلي علن على استقالة رئيس المخابرات العسكرية وها علاش    إصابة فنان فرنسي شهير بطلق ناري في الصدر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    إسبانيا ضيف شرف معرض الفلاحة بالمغرب وبلاناس أكد أن هاد الشي كيشهد على العلاقات الزوينة بين الرباط ومدريد    يوتيوب "يعاقب" سعد لمجرد بسبب متابعته في قضية "الاغتصاب"    السعودية تعلن شروط أداء مناسك الحج لهذا العام    على غفلة.. تايلور سويفت خرجات ألبوم جديد فيه 31 أغنية    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    المغرب.. الأسبوع الوطني لتلقيح الأطفال من 22 إلى 26 أبريل الجاري    دراسة تكشف فوائد نظام غذائي متوازن للحفاظ على صحة الجسم    الأمثال العامية بتطوان... (577)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحث عمر أمرير في كتاب جديد حول الديمقراطية بالمغرب : ألواح قبيلة آيت عبد الله السوسية

انخرط الباحث والإعلامي عمر أمرير مُبكرا في بحوث علمية وأخرى ميدانية اهتمت أساسا بالثقافة الشعبية المغربية بكل أبعادها العربية والأمازيغية والإفريقية والمتوسطية ، وغاص في تفاصيلها الصغرى والدقيقة ، سواء باعتباره باحثا وأستاذا جامعيا مبرزا في الأدب الأمازيغي والحضارة المغربية أو إعلاميا ومثقفا يمتلك رؤية واضحة وأسلوبا مُجددا في بناء معرفة يتقاطع فيها الأدب الشعبي الأمازيغي والعربي المنسي ، الشفاهي والمكتوب لمُبدعين كبار عاشوا في حرارة الظل .
وعلى مدى أزيد من خمسة عقود حافلة بالعطاء الأكاديمي والإعلامي ، جعلته من رواد الباحثين في مجال الكلمات المفقودة في ثقافتنا ، انطلاقا من اهتمامات بالتاريخ والإنسان والمكان واللغة والإبداع ، أصدر د/ عمر أمرير مؤخرا كتابا جديدا بعنوان ( جذور الديموقراطية في المغرب : ديموقراطية قبيلة أيت عبد الله نموذجا 1914 1934) وهي الدراسة التي سلك فيها منهجا ثقافيا يؤرخ من خلاله للأحداث والذهنيات والأثر الاجتماعي والسياسي والثقافي لإبراز ممارسة نسميها اليوم الديموقراطية وهي التجلي الثقافي في سلوك المغاربة ، تنظيما وأخلاقا .إنها نوع من التشريع الوضعي الذي يستمد جوهره من التشريع الإسلامي ومن الوعي القبلي المغربي بأعرافه وتقاليده الحاملة لكل قيم العدل والحرية.
وقد جاءت مقاربة هذا الموضوع من خلال أربعة مداخل كبرى للإحاطة به ؛ ففي الباب الأول بعد مقدمة مهد بها مبرزا الأسباب والدواعي سعى عمر أمرير إلى التعريف التاريخي والمجالي لقبيلة أيت عبد الله الكائنة بعمق المنطقة الوسطى من الأطلس الصغير جهة الجنوب الشرقي لمدينة تارودانت.كما حدد أقسامها وعدد قراها والنواة الأصلية للسكان ، بدءا من اسم جدهم عبد الله ، ليتوقف في نهاية هذا الجزء عند أهم مركز تجاري وعلمي في أيت عبد الله ... وأخبار مدينة صارت اليوم دشرا صغيرا بعدما كانت في عصور ازدهارها إحدى أهم المدن المغربية التي زارها من السلاطين أبو يعقوب الموحدي في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي ، كما حل بها السلطان السعدي احمد المنصور الذهبي1580 م ، سنتين بعد انتصار المغاربة في معركة وادي المخازن.
ثم ينتقل د/ أمرير إلى الباب الثاني ، وفي خمسة فصول، ينقب عن جذور الديمقراطية وعراقتها عبر أنواع المجالس واللجن الديموقراطية وشروط العضوية في كل لجنة أو مجلس وقواعد التعيين وكيفية إنهاء العضوية ، ثم أجرة النواب ومصادر التمويل.
ولعل أهمية هذا التأليف تزداد والباحث يحفر في الجذور للممارسة الديمقراطية من خلال اللوح وهو دستور محلي مكتوب ، ويذكر الباحث أنه تم العثور على أقدم لوح بقبيلة أيت عبد الله يعود إلى القرن الخامس عشر ، وهو ما قاد إلى البحث في مفاهيم أخرى ، مثل المخازن ، أكادير، الموجودة منذ القرن الثالث عشر الميلادي وان كل أكادير في قرى أيت عبد الله بناية تعتبر هي وحدودها ومرافقها أماكن مقدسة وأن ساحتها الأمامية من أهم الأماكن التي يجتمع فيها نواب مالكي غرف الخزن .
مصطلح آخر توقف عنده الباحث وهو تارامَيْتْ وهو مصطلح أمازيغي يعني قواعد تكوين حربي يجعل من كل ذكور القبيلة سواسية في تعلم الرماية وحمل السلاح للدفاع عن حمى القبيلة .
إن تارامَيت هي نوع من التربية المكتوبة في كنانيش نسخت عن مخطوط أصلي قديم ، وأن الشيخ الأكبر لتلك التربية في المغرب هو شيخ الرمى سيدي أحمد أو موسى السملالي (ق 15م).
يعود الباحث في الباب الثالث إلى المرحلة في فترة دخول الاستعمار الفرنسي ،والمقاومة البطولية لقبيلة أيت عبد الله بالاعتماد على ذاكرة شاهد وافق ميلاده بداية اندلاع المقاومة ونشأ في سعير حروبها ومجاعاتها إلى أن أهلته عصاميته لينال ثقة زعيم مقاومة قبيلة أيت عبد الله عبد الله زاكور ، فيُعينه أمين مفاتيح داره ، إنه السيد همو نصيح والذي سيروي للباحث الكثير من خفايا تلك الفترة المبكرة والتي لم يكتبها التاريخ ، وتوثيق الصراع الشرس بين المقاومة والاستعمار وخصوصا في سنة 1920، معركة الغنائم التي كانت نتيجة تخطيط ذكي وتكتيك حربي عالي الدقة ، وهو ما جعل المستعمر ، وخلال ست سنوات (1921 1927) يَقدم على ارتكاب مجازر وحشية لم تمر ببال أحد هناك في تاريخ حروب تلك القبيلة : فخلال انعقاد الموسم السنوي الكبير لسيدي لحسن أوعبد الله الذي تؤم إليه الآلاف ، ستهجم طائرات حربية فرنسية وتحصد أرواح المئات من الشهداء بقذائف ضخمة ، كأن الأمر صورة مُصغرة من الحرب الكونية .. هذا ولم يستطع الاستعمار ، رغم كل هذا، تركيع المجاهدين من القبيلة . وستأتي الست سنوات اللاحقة من 1928 على 1934 ليخوض الجيش الفرنسي حرب إبادة برا وجوا أمام مقاومة أسطورية لم تشهدها المنطقة من قبل .. غير أن تاريخ 29 فبراير 1934 سيُحكم فيه الاستعمار الفرنسي سيطرته على قرية أساكا المركزية وينفي زعيم المقاومة عبد الله زاكور وبذلك يتم نزع السلاح من السكان ويجري إعلان احتلال القبيلة وتعطيل آلياتها الديمقراطية والتي كانت سببا مباشرا في مقاومة دامت 22 سنة أمام الجيش الفرنسي .
وسيعتمد الباحث د/ عمر أمرير على شاهد ثان هو أحمد العمراني لإضاءة جوانب جديدة حول منطقة أيت عبد الله ويختتم هذا البحث في تاريخ الديمقراطية المحلية كما شهدتها إحدى القبائل السوسية العريقة في الممارسة الاجتماعية ، بين تدبير الحياة اليومية والدفاع عن الحرية والكرامة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.